الصمت للتغطية
الصمت للتغطية
يعاني الرعاة والمرشدون والقادة الدينيون, خلال الخدمة الخاصة بالمنتهكين جنسيا, ينتابهم التوتر والصراع بسبب التأرجح بين مؤازرة الضحايا, مع استمرار وخز الآلام في الخفاء, وبين الموقف الإيجابي الشافي وهو كشف الجناة, وتحميلهم مسئولية الجرم الذي ارتكبوه, وبين قواعد وأعراف وثقافة المجتمع المحيط التي تملي سلوكا أقرب للتواطؤ من النجاة, سلوك يعتمد علي الصمت والمطالبة المبكرة بالغفران وما زال الجرح مفتوحا, لم يشف بعد, ولم يطب, وتزداد الأمور سوءا كلما انخفض عمر الضحية, لذلك إن لم يكن أولئك الرعاة محصنين من الناحية النفسية لهذه الخدمة, تكون الحصيلة سلبية علي المخدوم والخادم, فبالرغم من أنها نوع شديد الحساسية من الخدمة الرعوية, لمساعدة الناجين. إلا أنها تحتاج إلي حصانة نفسية, واستنارة روحية نقية من شوائب الأعراف المجتمعية حتي تتم الخدمة الرعوية في إطار المنظور المسيحي الكتابي ودعم الضحايا, مع تنحية أي اعتبار آخر يرد في ذهن الطرفين, وبعيدا عن الثقافات التي تم تشويهها منذ الأزل حول ماهية الإفصاح عن الجاني التي تلحق الضرر بالمجني عليه, بينما تكمن الحقيقة في كونها ثقافة انتشرت خصيصا لحماية الجناة. وبالتالي فإن خدمة المنتهكين جنسيا يجب أن تكون بعيدة عن اللجوء للصمت من أجل التغطية علي فضيحة, فهنا يصبح الصمت الحكيم, خرسا مقدسا, يسلب الضحية ثقتها في حوائط الدعم التي تلجأ إليها, حتي لو كانت النظرة للجاني أنه يرتكب خطية لا تحدث باختيار حر بقدر ما هي ارتباك روحي للشخص, فالضحية لا ذنب لها لتدفع كلفة خطايا الآخرين, وتشتد الأمور سوءا فيما يتعلق بانتهاك الأطفال, والمراهقين, وزنا الأقارب, وزنا الأشقاء وصمت الأسرة عنه, واغتصاب الزوجات وتحميل الضحية مسئولية هدم حماية النظام الأسري كله وفقا لإفصاحها أو كتمانها.
إن مسئولية الرعاة هي دعم الناجين, أما فكرة الصمت المقدس, أو بالأحري الخرس المقدس, التي تصيب الرعاة والضحايا من أجل حماية المجتمع المحيط من صدمة الإعلان, تحول الرعاة لعقبة بدلا من أن يكونوا وسيلة للنجاة, لأن الصمت يزيد من إحساس الناجين بالصراع بين حقيقتين متنافرتين, هما أن الله الذي يحبهم هو ملجأ الضعفاء, وبين حقيقة الانتهاك الذي حدث لهم علي يد شخص محل ثقة, أو صمت محل الثقة في تواطؤ مع الجاني الأصلي, فالسؤال الأزلي الذي ينهش رأس الناجين, لماذا تركني الله بلا حماية؟ لماذا تركني وحيدا ضعيفا, ينهش الخزي ما تبقي من قوة في جسدي وروحي؟ حينها لن يكون أمام الراعي أن يختار ما بين الهروب من الإجابة أم تقديم الدعم بلا قيد أو شرط فأيهما أنت؟