بات المغرب على مفترق تحديات معقدة في المجال السيبراني، الأمر الذي يتطلب تحليلاً استراتيجياً عميقاً لفهم بدقة الجهات والدوافع المحيطة بالتحديات، حيث أصبح معرضا لتهديدات حقيقية ومتكررة تتصدى لها بكل حزم المديرية العامة لأمن نظم المعلومات.
وحسب معطيات رسمية صادرة عن وزارة الدفاع الوطني، تم إصدار حوالي 464 نشرة ومذكرة أمنية، من بينها 133 نشرة ذات طبيعة حرجة خلال سنة 2023، حيث تعمل المديرية العامة لأمن نظم المعلومات على رصد وتصدي للهجمات الإلكترونية من أجل الحد من خطورتها المستمرة.
في هذا الصدد، قال جمال جسور، رئيس منتدى الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية، إن “الهجمات الرقمية ضد المغرب تتجلى من خلال مجموعة متنوعة من الجهات، كل منها يحمل دوافع معقدة. يستغل المجرمون السيبرانيون الذين يسعون بشكل رئيسي لتحقيق مكاسب مالية الثغرات بشكل منهجي لاختراق البيانات الحساسة وتعكير أوضاع حرجة”.
وأكد جسور على أنه “في الوقت نفسه، تهدف أنشطة التجسس السيبراني، التي يُنسبها إلى كيانات حكومية أو مجموعات تتبع، إلى الحصول على معلومات استراتيجية، غالبًا في سياق المنافسة الاقتصادية أو المراقبة السياسية”.
وأضاف جمال جسور، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “تظهر البنى الحيوية، مثل الطاقة والاتصالات والخدمات المالية، كأهداف رئيسية لهذه الهجمات المتطورة. يمكن أن يؤدي نجاح هذه الاقتحامات إلى اضطرابات خطيرة، من تعطل الخدمات إلى عواقب اقتصادية كبيرة”، مشيرا إلى أن “القطاع العام، المعرض لهجمات تستهدف النيل من سرية البيانات الحكومية، إلى جانب المؤسسات التعليمية والبحثية، التي تكون عرضة لمحاولات الوصول إلى معلومات حساسة، تظل مجالات ضعيفة”.
وتابع المتحدث عينه أن “التصدي لهذه التهديدات المتطورة للغاية، يجب التعاون بين القطاعين العام والخاص، وعلى الهيئات الحكومية والشركات وخبراء السيبرانية دمج جهودهم لتعزيز التماسك في المغرب أمام الهجمات عبر الإنترنت”، مبينا أنه “تأتي الاستثمارات في التدريب والتوعية دورًا أساسيًا، حيث تسهم في رفع مستوى مهارات المستخدمين وتعزيز وضعية الأمان العامة للبلد”.
وأشار رئيس منتدى الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية إلى أن “السيبرانية تظل تحدياً ديناميكياً يتطلب نهجاً شاملاً ومبتكراً. يجب على المغرب، الذي يدرك هذه التحديات، الاستمرار في استثماراته لإقامة بنية تحتية آمنة، وتعزيز البحث والابتكار في مجال السيبرانية، وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التهديدات التي لا تعرف حدوداً”.
وخلص جسور حديثه بالقول: “الحفاظ على الأمن السيبراني المغربي يفرض يقظة دائمة والاستعداد لمواجهة التحديات التي تطرأ على تكتلات الأطراف الخبيثة على الإنترنت من خلال تنسيق دقيق، يمكن للمغرب بناء مستقبل رقمي محمي ومتين، يظهر قوة المقاومة في وجه أي تحدي”.
