أطفال غزة الخُدّج.. هل ينتج العدوان الإسرائيلي جيلا جديدا من المقاومين؟


الدار/ افتتاحية

صور الأطفال الخُدّج الذين أُخرجوا قسرا من الحضانات في مستشفى الشفاء بسبب انقطاع التيار الكهربائي نتيجة الحصار الإسرائيلي تمثل أقسى نماذج جرائم الحرب التي يمكن أن يتورط فيها أيّ جيس من جيوش الدنيا. والظاهر أنه لا يوجد جيش غير الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يفعل ذلك. إنها جريمة تاريخية بكل المقاييس، تُظهر أن إسرائيل لم تعد تعبأ نهائيا بأي معيار من معايير الأخلاق والقوانين والقيم الإنسانية. الجيش الإسرائيلي ماضٍ في حربه الشعواء ضد سكان قطاع غزة بدعوى القضاء على حركة حماس ووسط هذه الحرب التي تزهق فيها الأرواح تولد جبال من الأحقاد والعواطف السوداء الجارفة.

لقد كان الملياردير ورائد الأعمال إيلون ماسك صادقا للغاية عندما تساءل في إحدى المقابلات التي أجريت معه مؤخرا عن عدد أعضاء حركة حماس الذين سيولدون في خضم هذه الحرب مع إمعان إسرائيل في عمليات القتل العشوائي ضد المدنيين. يقول ماسك إن كل شخص تقتله إسرائيل يعني انضمام شخص آخر لحركة حماس. وهو يقصد أن الرغبة في الانتقام والثأر تسكن اليوم مئات الآلاف من الشباب الفلسطينيين الذين عاشوا ويعيشون هذه المأساة سواء في غزة أو في الضفة الغربية. لقد اكتشف الصغار منهم على الأقل معنى الشتات الفلسطيني مع هذه النكبة الجديدة ومعنى الغطرسة الإسرائيلية مع هذه الجرائم التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية دون هوادة.

هل تأثرت إسرائيل كثيرا بعملية 7 أكتوبر وبأعداد القتلى؟ هل تذوقت ما تعتبره مرارة الإرهاب؟ وهل تدرك أنها تعيد إنتاج دورة القتل والخراب والتدمير ذاتها؟ الأطفال الخُدج الذين أُخرجوا من صندوق الحياة الوحيد الذي كان من الممكن أن ينقذهم، لن يتذكروا ما حدث إذا كتب لهم العيش والبقاء، لكن الصور ومقاطع الفيديو المتداولة ستحيي في أذهانهم هذه المأساة التي يتابعها العالم العاجز والمتواطئ مع إسرائيل. يعتقد الإسرائيليون أن الإمعان في القتل والوحشية يمكن أن يدفع المدنيين في قطاع غزة إلى الانتفاض ضد حماس وكشف ظهرها بحثا عن الأمان. الحاضنة الشعبية التي تمثل سندا ضروريا لأي حركة مقاومة هي نفسها القادرة بمرور السنوات على إنتاج خلَف المقاومة.

من المؤكد أن عملية 7 أكتوبر التي هزت كيان إسرائيل ستشكل مصدر إلهام لأجيال صاعدة من حاملي همّ القضية الفلسطينية وتحرير الأراضي المحتلة، لكن ردّ الفعل الإسرائيلي الذي تجاوز كل الحدود المتوقعة من حيث الدموية والدمار سيشكل دافعا أكثر قوة لفئات واسعة من الأطفال والشباب الفلسطينيين الذين خسر بعضهم الآباء والأمهات والشعور بالأمان والثقة في المستقبل وإمكانية تحقق السلام. العدوان الإسرائيلي الذي لم يحقق إلى اليوم أيّ أهداف معتبرة سينعكس بالضرورة في المستقبل على استقرار الدولة العبرية وإمكانية استمرارها وانفتاحها على محيطها العربي والإقليمي. هذا العنف والإرهاب الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين لا يمكن أبدا أن يضمن لها السلام والأمن بل لن يزيد إلا من القلق الوجودي الذي يسيطر على الشخصية الإسرائيلية.

أطفال غزة الذين رآهم العالم يختنقون خارج الحضانات أو أولئك الذين أحرقتهم القنابل الفوسفورية المحرمة أو قضوا تحت أنقاض البنايات المدمرة هم الذين يشكلون اليوم وقودا لجيل آخر من أعداء الدولة العبرية. بعبارة أخرى تصر إسرائيل على صناعة الخطر والتهديد الذي سيداهمها لا محالة عاجلا أم آجلا اعتقادا منها أن لغة العنف والترهيب هي السبيل الوحيد الذي يمكن أن تتواصل من خلاله مع أصحاب الحق والمطالبين به من الشعب الفلسطيني. هذه اللغة الدموية لم تعد مجدية والذي يرى صمود الشعب الفلسطيني تحت حِمم القصف الحارقة وكميات القذائف والذخائر غير المسبوقة يدرك أن ما تفعله إسرائيل اليوم مجرد صبّ للزيت على نار الثأر الفلسطيني.

تاريخ الخبر: 2023-11-17 09:26:09
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٨)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-08 06:21:41
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

قطع المياه 8 ساعات عن بعض مناطق بالجيزة في هذا التوقيت - أي خدمة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-08 06:21:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية