رمطان لعمامرة في السودان.. من يزرع الانفصال والفرقة لا يزرع ورود السلام


الدار/ افتتاحية

من الغريب أن تضع هيئة الأمم المتحدة ثقتها في وزير جزائري يفتقد كل مقومات العمل السلمي وكفاءات الوساطة وتعيّنه مبعوثا شخصيا للأمين العالم للأمم المتحدة إلى السودان. رمطان لعمامرة الذي اختير لهذا المنصب يمتلك سجلا حافلا معاديا للسلام والأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، ويمثل نموذجا حيا للمسؤول الجزائري الفاشل الذي فشل في إدارة كل المهام التي أنيطت له داخل البلاد وعلى رأسها مسؤوليته كوزير للخارجية. صحيح أنه كان مبعوثا سابقا للأمم المتحدة في عدة مناطق منها ليبيريا مثلا لكن تاريخه كسفير للجزائر في هيئة الأمم المتحدة ومختلف ملفات الوساطة التي كُلف بها كان دليلا ساطعا على أن الفشل رديف لمساره الشخصي والدبلوماسي.

وبغض النظر عن مسألة انعدام الكفاءة وتاريخ الفشل هناك نقطة أهم بكثير لم ينتبه إليها ربما مسؤولو هيئة الأمم المتحدة الذين قرروا تكليف الرجل بمهمة الوساطة في ملف حساس ومعقد كالملف السوداني. فكما هو معروف الحرب في السودان هي تطاحن أهلي لكنه أخذ أبعادا دولية وتحوّل إلى صراع بالوكالة بين قوى دولية وعربية وإقليمية. وبلغ الأمر حد تورط ميليشيات من روسيا وأوكرانيا في الوقت نفسه في هذه الحرب. ومن المعروف أيضا أن الجزائر التي ينتمي إليها السيد رمطان لعمامرة تصطف إلى جانب حلفاء موسكو في السودان وتتبنى وجهة نظرها. هل ضمن الأمين العام للأمم المتحدة إذاً عندما قرر تعيين لعمامرة في هذه المهمة التزامه بالقدر الكافي من الحياد الذي تفرضه الأعراف الدبلوماسية؟

ثم كيف نسي غوتيريش بسرعة أن رمطان لعمامرة الذي عيّنه وسيطا أمميا في السودان هو نفسه الذي رفضته غالبية الدولة الأعضاء في الأمم المتحدة سفيرا للأمين العام في ليبيا!! لقد وافق الرجل في البداية على هذا المقترح ثم دفعه الرفض الجارف الذي عبّرت عنه العديد من الدول إلى التراجع، فما الذي اختلف بين مقترح التعيين في ليبيا ومقترح التعيين في السودان؟ من اللازم أن يحظى الوسطاء الأمميون بالإجماع ولا مجال للمغامرة بتعيين وسيط غير موثوق لدى جميع الأطراف. من الضروري أيضا أن يكون الوسيط الأممي بعيدا كل البعد عن الحسابات السياسية التي ترتبط أساسا بمصلحة بلاده. وهذه هي الورطة التي يمكن أن يقع فيها بسهولة رجل مثل رمطان لعمامرة كان إلى الأمس القريب يتكلم باسم الجزائر عن دعم الانفصال والصراعات في القارة في الإفريقية.

بل إننا نكاد نجزم أن المسؤولين الجزائريين الذين تلطخت أيديهم بقذارة الترويج للانفصال ودعمه في الصحراء المغربية لا يصلحون أبدا للقيام بأدوار الوساطة فمن يزرع الفرقة والخلافات لا يمكن أبدا أن يزرع يوما ما ورود السلام والوئام. لعمامرة الذي تولى منصب وزير خارجية الجزائر في مناسبتين سنة 2013 و2021 كان مدافعا شرسا عن تقسيم المغرب وهدم وحدته الترابية ولم يتخلف أبدا عن الدفاع عن الأطروحة الانفصالية في مختلف المنتديات الدولية والقارية والعربية على الرغم من أنه خرج في النهاية من وزارة الخارجية خروجا مذلا ومهينا في مواجهة وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة.

هناك إذاً تناقض واضح وسذاجة صارخة أظهرها الأمين العام للأمم المتحدة من خلال اختيار هذا الرجل لهذا المنصب الحساس في ظرفية حساسة جدا. أُطُر الخارجية الجزائرية ليسوا في النهاية سوى ضباط مخابرات يأتمرون بأوامر السلطات في بلادهم ولا يستطيعون أبدا أداء مهاهم بالحياد والتجرد اللازمين. والاعتراض إذن على شخصية رمطان لعمامرة يأتي لاعتبارات شخصية وسياسية وتاريخية في الوقت نفسه. لعمامرة مرفوض لأنه غير كفء ولم يحصد نجاحا يذكر في تاريخه الدبلوماسي، ومرفوض لأنه يمثل نظاما متورطا وحليفا للمتورطين في الصراع السوداني، ومرفوض أيضا لأنه كان يفعل كل ما بوسعه لإذكاء نزاع مفتعل في دولة عربية وإفريقية جارة. وما دام فاقد الشيء لا يعطيه، فمن أين سيأتي لعمامرة بالسلام وقد اعتاد النفخ في أبواق الحرب؟

تاريخ الخبر: 2023-11-19 09:27:06
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية