واصل حادث تصادم المنيا المروع، الذي وقع مساء الأحد، وخلف 14 متوفي ومصابين اثنين، ترديد صداه المؤلم كاشفًا عما خلفه من مآسي، وفي قرية “بني محمد سلطان”، شرق مركز المنيا، احتشد أهالي القرية في عزاء شابين شقيقين، تشاركا دائمًا في قصة الكفاح العائلي ورحلا سويًا في حادث “ميكروباص الموت”، ليشيعهما محبوهما في جناز واحد ويقام عزائهما في سرادق واحد.

ووسط أصوات “عديد النساء” وبكاء الأصدقاء، جلس المعزون يروون قصص الشهامة ونوادر “الجدعنة”، في صفات الشقيقين الراحلين ثروت وشقيقه وجدي صلاح بشري، وهما ضمن المتوفين في الحادث، وكانا في طريقهما لمعاودة أحد أساتذة طب العظام، بمحافظة أسيوط المجاورة، لعلاج الشقيق الأصغر وجدي، الذي كان يعاني من آلام غضروف مزمن بالعمود الفقري.

يقول عاطف مرقس، نسيب الشقيقين الراحلين ثروت ووجدي صلاح بشري، أن ثروت هو الشقيق الأكبروعمره 42 عاما، والأصغر هو وجدي 33 عاما، ويعملا سائقين. و كان وجدي مصابًا بإنزلاق غضروفي بالظهر، تنامت آلامه مع الوقت، وكان يُعد لإجراء جراحة لإزالة الغضروف الزائد، وأصر شقيقه الأكبر ثروت علي مرافقته في رحلة معاودة الطبيب المعالج بمدينة أسيوط.

ويُضيف مرقس أن ثروت كان مرتبط بمواعيد عمل، إلا أنه أجلّها ليذهب مع شقيقه، ليطمئن عليه، وحتي يشجعه علي معاودة الطبيب خشية أن يتكاسل شقيقه، قائلا :”أنا رايح مع أخويا” و هو ما لباه القدر بالفعل و ذهب مع شقيقه.

ويتابع “عاطف”، أن الجنازة التي خرجت من كنيسة القديس الانبا برسوم بعزبة الابعادية ببني محمد سلطان، في ساعة متأخرة من مساء الاحد، تشهد علي سيرة ومحبة أهالي القرية مسلمين وأقباط للشقيقين، كاشفًا أن والدهم مزارع بسيط ووالدتهم سيدة بسيطة، وحالتهم النفسية صعبة، حيث أصيب كلاهما بصدمة نفسية شديدة.

وأوضح مرقس سبب شدة الصدمة، بأن العائلة مكلومة لفقدها 3 أبناء في عام واحد، حيث توفت شقيقة ثروت ووجدي قبل نحو عام، ولم تكد بعض نساء العائلة تشرع في التخلي عن ملابس الحداد السوداء حتي اختطف القدر الشقيقين المحبوبين بالأمس.

وقال رزق جمال، أحد أصدقاء وجيران الشقيقان”ثروت ووجدي”، كانا الفقيدين عنوان الشهامة مع الكل يخدمون كل أهالي البلدة بكل “جدعنة”، لافتا الي أنهم تركا ابناءًا صغار وزوجتيهما ربات منزل لا تعملان، حيث ترك وجدي طفلين هما: هيلانة وعمرها 5 سنوات، وبولا عمره سبعة أشهر فقط، وترك ثروت 4 أبناء هم توأمين في مراحل اعدادي وابتدائي.