أسرى الحرب حلقة وصل بين القانون الدولي الإنساني و الحضارات القديمة


الأمين العام للهلال الأحمر المصري بالسويس

تُصنّف قضية أسرى الحرب في القانون الدولي ضمن القضايا الإنسانية، حيث تنظمها معاهدة لاهاي لعام 1907 م واتفاقية جنيف لعام 1929 م المتعلقتين بمعاملة أسرى الحرب والمرضى والجرحى في الميدان العسكري أثناء الحروب، فضلاً عن الاتفاقات الدولية الأخرى الملحقة والمكملة لها.

وعبر تاريخ الحروب والنزاعات التي تنشب بين الأمم ظلت هذه القضية موضع احترام بين الشعوب والدول التي تتحلى بالقيم والرقي وتحترم نفسها.

وقد سجل التاريخ حروبا ضروسا طاحنة بين
كافة الحضارات الأولى، اتسمت بالوحشية والقسوة المصحوبة بالنزعة الثأرية، ومن الأهمية بمكان تتبع جذور حماية الأسرى منذ العصور القديمة لبيان الأسباب الـتي أدت إلى نموهـا
والعوامل التي ساهمت في تطويرها ابتداء بالأنظمة القانونية القديمة والتي اختلفت مواقفهـا
حول أسير الحرب، ثم بيان دور الديانات السماوية في ترسيخ القيم الإنسانية في التعامل مع
أسرى الحرب إلى غاية ظهور المواثيق الدولية الخاصة بحماية هذه الفئة.

“الحضارة المصرية القديمة”
حيـث امتـاز المصريون قديما بالخصال الحميدة وبالإنسانية في حروبهم، ويكفي في هذا المقام أن أذكر «الأعمال السبعة للرحمة الحقيقية » التي تشكَلت في صورة مبادئ قامت عليها هذه الحضارة
ومارستها خلال حروبها مع غيرها من الحضارات الأخرى، وهذه الأعمال السـبعة هـي :
إطعام الجياع، إرواء العطشى، كساء العراة، إيواء الغرباء، تحرير الأسرى، العناية بالمرضى،
دفن الموتى ولو كانوا من الأعداء

“الحضارة الهندية”
تم تجريم الأفعال التي تمس بحقه في الحياة أو بسلامة جسده وبكرامته، ونذكر
في ذلك قانون مانو الذي وضع مبادئ أساسية للمقاتل الشريف الذي لا يجهز على مقاتـل
نائم أو فار أو بدون سلاح، أما الأسير فكان يحسن إليه ويعالج إذا كان مصابا أو مريض

“الحضارة الصينية”
سلوك الصينيين القدماء في القتال بالمثل والقـيم الإنسـانية ممـا
جعلهم رحماء بالأسرى، ويعد كونفوشيوس من الفلاسفة الصينيين الذين نادى بضـرورة
نشر السلام في العالم، والاندفاع نحوى الخير ومقاومة الشر وتطبيق العدالة.

“الديانه المسيحيه”

قامت على فكرة السلام الخالصة، فنهي الإنجيل فيها عن القتل وأن االله هـو
رب السلام والمحبة، ونبذ المسيح الحرب فلم يتكلم عن إدارتها ولا عن معاملة ضحاياها، وحث
على محبة العدو والمبغضين والإحسان إليهم فجاء في إنجيل متى عن المسيح أنه قـال : (طـوبي
لصانعي السلام لأم أبناء الله)، وقال (سمعتم أنه قيل للقدماء عين بعين وسن بسن أما أنا فأقول
لكم: لا تقاوموا الشر ولا تقاوموا من يتصدى لكم بالأذى بل إذا صفعك أحد علـى خـدك
.
الأيمن فأدر له خدك الأخر، وإذا خاصمك أحد ظلما في ردائك فأترك له ردائك أيضا)

“الديانه الإسلامية”

وبالرجوع إلى تعاليم ديننا الحنيف نجدها تحث على الرفق بالأسرى وتـوفير الطعـام
والشراب لهم وجعل االله تعالى ذلك من سبل التقرب إليه و من صفات الأبرار قال الله تعالى

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا
أي يطعمون الطعام وهم في حاجة إليه وشغف به مما يعني أنهم جائعون جوعا شديدا
ومع ذلك يبدؤون هؤلاء الضعفاء كما قال رسول االله صلى االله عليه وسلم لأصـحابه في
ثمامة ابن أثال لما وقع أسيرا (أحسنوا إساره) وقال: (اجمعوا ما عندكم من طعام فابعثوا بـه
إليه ) فكانوا يقدمون إليه لبن اللقحة أي ناقة حلوب رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوا
ويروي أبو عزيزة بن عمير وكان من أسرى بدر ( كنت في رهط من الأنصار
ورواحا)
حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غذاءهم أو عشاءهم خصوني بالخبز وكلو التمـر
. فقد قال أبو بكر الصديق، أول الخلفاء الراشدين، في وصيته الشهيرة لأحد قادة جيوشه: “يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عنى: لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تدمروا مناطق مأهولة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تغلل (على سبيل المثال لا اختلاس لغنائم الحرب)، ولا تجبن …وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له”.

“حقوق الأسير في القانون الدولي الإنساني”

الأسر ليس بالعقوبة أو الانتقام، وإنما هو إجراء للوقاية يتخذ في مواجهة خصم مجرد
من السلاح لمنعه من مواصلة القتال، ولتجنب مخاطره التي يمكن أن يحدثها لو بقي طليقًـا،
والأسير لا يخضع للجنود الذين أسروه وإنما لسلطة دولتهم والتي يقع عليها الالتزام بحمايته
.
ومعاملته معاملة إنسانية
وقد نصت اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 المتعلقة بأسرى الحرب على مجموعة مـن
الحقوق والضمانات القضائية الواجب توفيرها للأسير على عاتق الدولة الحاجزة، وذلك منذ
لحظة وقوعه في الأسر إلى غاية الإفراج عنه وعودته إلى وطنه،
ويواجه الأسرى الفلسطينيون لدى سلطات الإحتلال الإسرائيلية ظروف معيشية صعبة، حيث يتعرضون لأبشع صور التعذيب والعزل والاحتجاز في أماكن نائية لا تتوفر فيها الشروط المحددة في القانون الدولي الإنساني .

حيث يوجد بالسجون الإسرائيلية الآلاف من الأسرى الفلسطينيين، من شباب وكهول بل وحتى الأطفال والنساء، يمارس بحقهم من قبل إدارة السجون الإسرائيلية شتى أشكال التعذيب.

فتعذيب الأسرى الفلسطينيين جريمة انتهجتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في سجونها رغم توقيعها وتصديقها على العديد من المواثيق الدولية التي تحرم التعذيب.

هذا على مستوى التعذيب الجسدي والنفسي إبان الاستجواب، أما بخصوص أماكن الأسر التي من المفترض أن تتوفر فيها كل مناحي الإنسانية، فإن الأسرى الفلسطينيين يقبعون في أماكن لا تتوفر فيها أدنى المتطلبات الإنسانية، حيث الاكتظاظ التام، وسوء الطعام وقلة النظافة وسوء مجاري الصرف الصحي وانتشار الرطوبة والبرد الشديد، وقلة الأغطية إضافة إلى قلة التهوية وعدم دخول الشمس والهواء النقي إلى الغرف، مما نتج عنه الإصابة بمشاكل صحية خطيرة.

تاريخ الخبر: 2023-12-03 09:21:33
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

المالكي يستقبلون المعزين في فقيدهم - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:23:59
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

"ماتقيش ولدي" تدخل على خط استغلال مدير لتلميذة جنسيا بمولاي يعقوب

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:23:22
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 81%

الشيبي يمثل للتحقيق أمام لجنة الانضباط

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 21:23:19
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 77%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية