تخيل أنك ترى شخصًا يعطس أو يبدو مريضًا ثم تشعر بأن جسدك يبدأ في التفاعل كما لو كنت مريضًا أيضًا.

وهذا لا يدور في رأسك فحسب، بل إنه استجابة بيولوجية حقيقية، كما أظهر بحث حديث أجرته، الدكتورة باتريشيا لوبيز، أستاذة علم الأحياء في جامعة تشابمان.

عادة، عندما نفكر في المرض، فإننا نركز على الشخص المريض، لكن دراسة الدكتور لوبيز، التي نشرت في مجلة علم البيئة الوظيفية، وتمت مناقشتها بشكل أكبر في اتجاهات البيئة والتطور، تكشف أن العدوى تؤثر على أكثر من مجرد الشخص المريض، يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في أجسام وسلوكيات الآخرين من حولهم، حتى لو لم يكونوا مرضى بالفعل.

استجابة أجسامنا للعدوى

عندما يصاب شخص ما بالعدوى، فإن جهاز المناعة لديه يعمل بأقصى سرعة، إنه مثل جيش جاهز لمحاربة الغزاة، هذه الاستجابة المناعية يمكن أن تسبب تغييرات ليس فقط في موقع العدوى، ولكن في جميع أنحاء الجسم بأكمله، وهذه التغيرات لا تؤثر فقط على الشخص المريض؛ يمكنهم التأثير على الآخرين أيضًا.

إحدى النتائج الأكثر إثارة للدهشة في هذا البحث تتعلق بالحيوانات الحامل، وكيف يمكن أن تؤثر استجابتها المناعية للمرض على أطفالها، على سبيل المثال، إذا مرضت الأم أثناء الحمل، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير الجهاز المناعي للطفل وحتى سلوكه. وينطبق هذا أيضًا على الحيوانات التي تضع البيض، حيث يمكن للأم نقل الدفاعات إلى بيضها.

تعد أجسامنا موطنًا للعديد من الكائنات الحية الصغيرة، مثل البكتيريا، والتي تشكل مجتمعات تعرف باسم الميكروبيوم، عندما يصاب شخص ما، خاصة بأمراض خطيرة مثل فيروس نقص المناعة البشرية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعطيل هذه المجتمعات، هذا التغيير يمكن أن يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الأخرى، بل ويؤثر على صحته العامة.

وضع الحماية

تُظهر دراسة الدكتورة لوبيز شيئًا أكثر إثارة للاهتمام، فمجرد رؤية شخص مريض يمكن أن يؤدي إلى استجابة وقائية في أجسامنا، هذه الاستجابة هي طريقة أجسامنا للاستعداد لمحاربة التهديدات المحتملة، الحيوانات التي تفاعلت مع الأفراد المرضى قامت بتنشيط أجهزتها المناعية، وحتى إنها غيرت طريقة إنتاج البيض، يبدو الأمر كما لو أن أجسادنا تحاول حمايتنا قبل أن نمرض.

إن فهم ردود الفعل هذه مهم للجميع، وليس للعلماء فقط، إنه يوضح مدى ترابطنا، وكيف يمكن أن تتأثر صحتنا بمن حولنا، يسلط عمل الدكتورة لوبيز الضوء على هذا التفاعل المعقد، ويساعدنا على فهم أن الصحة ليست مجرد مسألة فردية، بل هي مسألة مجتمعية.

تقول لوبيز في مقال: «لقد ساعد هذا البحث في الكشف عن مستوى آخر من التأثيرات الخفية للعدوى، حيث أظهر أنه عندما يصاب شخص ما بالمرض، فإن هذه ليست مشكلته فقط، إنها قصة معقدة يمكن أن تؤثر على صحة وسلوك العديد من الآخرين».

ويهدف بحثها المستمر، المدعوم بمنحة من مؤسسة العلوم الوطنية إلى استكشاف مدة استمرار هذه الاستجابات الوقائية، وما إذا كانت تساعد حقًا في حمايتنا من العدوى.