تقدمت مختلف الأحزاب السياسية منها المشكلة لمضمار الأغلبية أو المتموقعة في خانة المعارضة، مقترحاتها المتعلقة بتعديل مدونة الأسرة أمام الهيئة المكلفة بإعادة النظر في مقتضيات القانون الأسري، للمساهمة بشكل “تشاركي” في مراجعة نصوص المدونة، التي أبانت على اختلالات واسعة في تطبيقها العملي.
ولم تكن المرة الأولى التي تتقدم فيها الأحزاب السياسية بمختلف ألوانها “الايديولوجية” وتياراتها بمقترحات تهم تعديل قانون معين، حيث سبق وأن عملت في سنة 2011 بمشاركة مع المجتمع المدني والهيئات الحكومية وغير الحكومية على تقديم مذكرات إلى اللجنة الإستشارية التي عينها الملك محمد السادس لمراجعة الدستور المغربي، تضم مقترحات تهم الإصلاح الدستوري الحاصل آنذاك.
لكن وفق تصريحات أحد أعضاء اللجنة التي عينها الملك محمد السادس “لصياغة الدستور”، فإن “النخبة السياسية في المغرب مازالت غير مؤهلة للعمل السياسي في ظل ملكية برلمانية، نظراً لأن معظم المذكرات الإصلاحية كانت “خجولة” و”مترددة” لم تصل إلى سقف الخطاب الذي جاء به الملك محمد السادس في التاسع من مارس 2011″. الأمر الذي فتح باب التساؤلات من جديد حول مدى قدرة الأحزاب والقوى السياسية على تقديم مقترحات إصلاحية تليق بتطور المجتمع الأسري المغربي.
للإجابة على هذا السؤال، قال محمد الغوتي، المحلل السياسي، إن “جلسات الإستماع لتصور الأحزاب السياسية تندرج في إطار الاستشارات وجلسات الإستماع التي تعقدها الهيئة المكلفة بإعادة النظر في مدونة الأسرة تنزيلا لمضامين الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة”، مشيرا إلى أن هذا “الورش يتعلق أساسا بإعادة النظر في نص ينظم العلاقة الأسرية وله ارتباط بمرحعية وهوية المغاربة”.
وأضاف محمد الغوتي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “كل التنظيمات السياسية والمجتمعية قدمت تصورها أمام هذه اللجنة، وأن اللجنة بعد إنتهاء مرحلة المشاورات ستضع توصيات ستتولى الجهة التي أوكل لها المشرع الدستوري صلاحية التشريع المصادقة عليه”.
وتابع المتحدث عينه أن “المشاورات التي تجري اليوم، تندرج في إطار المشاورات التي تنطلق قبل البث في أي تحول يتعلق بنصوص قانونية مهمة بالنسبة للمجتمع، حيث لاحظنا ذلك إبان المشاورات التي سبقت تبني المغرب لنظام الجهوية الموسعة على سبيل المثال هو ما يميز بلادنا كون القانون تعبير عن رغبة جماعية تسبق مرحلة المصادقة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن ذلك “لا يعني أن المدونة الجديدة ستكون نصا أبديا، بل بالعكس بعد سنوات عديدة مقبلة سيكون النص الجديد بدوره قابلا للتعديل لكون القانون له خاصية تتميز بكونه قاعدة إجتماعية كل ما كانت حاجة لتعديله فإنه يعدل تبعا لهذه الخاصية”.
“المدونة بعيدة عن أي توجه سياسي لأي حزب سياسي، لكن الهيئة مهمتها الإستماع للتصورات التي تقدمها هذه الأحزاب السياسية، والأحزاب من واجبها تقديم مقترحاتها لكونها تنظيمات لها مسؤولية في تأطير المواطنين وتمثيلهم”، يقول المتحدث.
وخلص الغوتي حديثه قائلا: “وظيفة الأحزاب السياسية تتمثل في مجال تمثيل المواطنين وتأطيرهم، وهي تجعل من إمكانية الترافع عن قضايا المجتمع الأساسية في صلب وظيفتها التأطيرية، كما أن البرلمان الذي سيتولى فيما بعد إعتماد التعديلات على هذه المدونة يضم في عضويته أعضاء ينتمون لمختلف الأحزاب السياسية”.
