التعاون المغربي الإسباني.. قصّة نجاح ستُبهر العالم


الدار/ افتتاحية

بات لدى الجار الإسباني وعي هائل بأهمية العلاقات الاقتصادية والتجارية مع المغرب. إسبانيا أول زبون للمغرب، والمغرب ثالث مورّد عالمي لإسبانيا. هذه المكانة وحدها تكفي للدلالة إلى قيمة التعاون المغربي الإسباني في ميادين الاستثمار والتعمير والبناء وغيرها من ساحات التنمية والتطوير. بلدان يتمتعان بموقعين جغرافيين مميّزين: أحدهما بوابّة أوربا والثاني بوابة إفريقيا. بينهما مضيق من أكثر مضايق العالم استراتيجية وخطورة. وبينهما أهم من ذلك: مشترك تاريخي وثقافي ما يزال يمهّد سبل التعايش والحوار ويسهّل عمليات التفاهم والتبادل بين الأمّتين المغربية والإسبانية. هذه المقوّمات تؤهل العلاقات المغربية الإسبانية اليوم كي تكون نموذجا يُحتذى به في العالم.

ما يزيد تميّز هذه التجربة أيضاً هو المشاريع المستقبلية المشتركة. هناك وعي كبير لدى قيادة البلدين بأهمية التركيز على المستقبل، وتجاوز كل الخلافات السابقة والراهنة لأن ما أفسدته السياسة والدبلوماسية في وقت من الأوقات لا يمكن أن تصلحه إلا المنفعة المتبادلة والربح والنمو والمال والأعمال. وهذا ما يسير نحوه البَلدان بخطىً ثابتة. كأس العالم 2030 واحد من هذه المشاريع المستقبلية التي يوليها المغرب وإسبانيا أهمية بالغة ويراهنان على استثمارها من أجل تعزيز العلاقات وتمتين صلات التعاون والأوراش المشتركة. أحد هذه الأوراش المشتركة التي يمكن أن تُبهر العالم في المستقبل مشروع الربط القارّ الذي سيمهّد السبيل بين أوربا وإفريقيا ويفتح آفاقا هائلة أمام كل أشكال التبادل.

لا أحد يمكن أن يتجاهل اليوم الدور الفاعل للمغرب في القارة الإفريقية سواء في مجال التنمية الاقتصادية أو في ميادين تثبيت أسس الأمن والاستقرار. وإسبانيا تدرك ذلك جيدا، وتفهم أن مصالحها في القارة السمراء تمرّ بالضرورة عبر تعزيز أواصر التعاون مع المغرب. ما يمكن أن ينجزه البلدان من خلال هذا العمل المشترك هائل ومثمر ويتجاوز كل التوقعات. فهما معاً يمتلكان خبرة المقاولات والنسيج الاقتصادي والمالي وشبكة العلاقات الممتدة من أجل اغتنام الفرص الواعدة التي تزخر بها القارة الإفريقية. ولعلّ هذا الامتياز الذي يتمتع بها البلدان هو الذي يقف اليوم وراء الطموح الكبير الذي يحركهما معاً من أجل الإقدام على اقتحام مشاريع كبرى مثل الربط القارّ.

قدَر التعاون وحتمية العمل المشترك تتجاوز أيّ خلافات أو نزاعات يمكن أن تنشب بين البلدين. يُحسب للحكومة الإسبانية الحالية التي يقودها الزعيم الاشتراكي بيدرو سانشيز أنها فهمت في لحظة تاريخية عصيبة أن مصالحها مع المغرب وعلاقاتها مع المغاربة أكبر من التوجهات الإيديولوجية والسياسوية والشعبوية العابرة. ومن ثمّ كان قرار المصالحة التاريخي في أبريل من العام الماضي، والرسالة الشجاعة التي وجّهها سانشيز إلى جلالة الملك محمد السادس ليعترف فيها بسيادة المغرب على صحرائه ويعلن استعداده للتوقف عن كل الإجراءات الأحادية الجانب التي يمكن أن تهدد مستقبل هذه العلاقات. والمغاربة لن ينسوا أبدا لبيدرو سانشيز هذه الشجاعة السياسية المنقطعة النظير.

في تجارب العلاقات الدولية قد يكفي أحياناً اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب كي تتساقط الكثير من الأوهام والخرافات الإيديولوجية التي لا دور لها سوى التشويش وتعطيل النماء والتطور والتعاون. سيادة المغرب على صحرائه أمر واقع لا يمكن أبدا التشويش عليه بحملات دبلوماسية متجاوزة كتلك التي تقوم بها الجزائر باستمرار، ومصالح إسبانيا مع بلادنا أكبر بكثير من بعض الأطنان من الغاز الطبيعي التي تحصل عليها من الجيران. كما أن مصالح المقاولات الإسبانية الهائلة في السوق المغربية لا يمكن مقارنتها أبدا بما تحقّقه من أرباح في السوق الجزائرية. هذا يعني أن منطق العقل الذي حكّمته النخبة الحاكمة في إسبانيا هو الذي انتصر في النهاية وهو نفسه الذي يقودنا معاً نحو مستقبل زاهر وواعد.

تاريخ الخبر: 2023-12-15 18:26:02
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية