أحمد البوحساني
شهد المملكة المغربية خلال عام 2023 سلسلة من الأحداث التي ستبقى حية في ذاكرة المغاربة خلال السنوات القادمة ، من بينها الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز، متسببا في خسائر كبيرة في الأرواح والبنية التحتية. كما تميز العام باعلان احتضان المغرب لكأس العالم واستضافته لفعاليات البنك الدولي العالمي ، وانطلاق ورش الدعم الاجتماعي .
زلزال الحوز :
سيبقى تاريخ 8 من شتنبر 2023 عالقا في أذهان كافة المغاربة لمدة طويلة من الزمن ، حيث تعرضت المملكة المغربية لزلزال خطير في منطقة الأطلس الكبير بقوة 7.2 درجات على مقياس ريختر، على عمق 8 كيلومترات، وهو الأقوى في تاريخ البلاد.
زلزال فاجئ علماء الجيولوجيا ، لأن بؤرته كانت قرية إيغيل، التي تقع داخل الصفيحة التكتونية وليس عند أطرافها أو حدودها مع صفيحة أخرى كما هو معتاد في كافة الزلازل ، وتضرر منه ساكنة في سبعة أقاليم، وهي الحوز و مراكش و ورزازات و أزيلال و تارودانت و شيشاوة، فيما شعر بالاهتزازات، كذلك كل من سكان الرباط والدار البيضاء الذين يبعدون عن مركز الزلزال بنحو 400 و300 كلم على التوالي.
وفقًا لآخر إحصائيات هذا الزلزال ، فقد بلغ عدد الوفيات حوالي 2946 شخصًا، غي حين وصل الجرحى إلى 5674 شخصًا ، في وقت قدرت فيه الحكومة المغربية، عدد المتضررين بحوالي 2.8 مليون نسمة، وبلغ عدد القرى التي طالها الدمار 2939 قرية، كما أن ما لا يقل عن 59 ألفا و674 منزلا انهارت جراء الزلزال، 32 في المئة منها انهارت بالكامل.
إثر ذلك أعلن جلالة الملك محمد السادس عن إنشاء صندوق خاص لدعم ضحايا الزلزال بتمويل يصل إلى إلى 120 مليار درهم (12 مليار دولار)، بمساهمات من المواطنين والشركات والدولة و المساعدات الأجنبية. وتقرر توجيه مساعدات مباشرة للأسر المتضررة وإعادة بناء المساكن المتضررة في المناطق القروية.
الدعم الاجتماعي :
بين أهم القرارات التاريخية التي اتخذها الملك محمد السادس خلال عام 2023، كان قرار تخصيص دعم مالي مباشر للأسر الفقيرة، وهو الأول من نوعه من حيث عدد الأسر المستفيدة الذي يبلغ أكثر من 4 ملايين أسرة، ومن حيث قيمته الإجمالية التي تصل إلى نحو 25 مليار درهم سنوياً.
وجاء الإعلان عن هذا القرار في بيان صدر عن اجتماع وزاري برئاسة الملك في 19 أكتوبر الماضي، حيث تم تخصيص ميزانية في قانون المالية لعام 2024 لدعم الأسر الفقيرة، وربط هذا الدعم بالأطفال في سن التمدرس والأطفال ذوي الإعاقة والأطفال الحديثي الولادة، بالإضافة إلى الأسر الفقيرة و الهشة.
ووفقًا لبيان الديوان الملكي، يتوقع أن يبلغ حجم الدعم لا يقل عن 500 درهم شهرياً ابتداءً من نهاية هذه السنة. في سياق آخر، يتضمن مشروع قانون المالية لعام 2024 دعمًا إضافيًا للأسر الفقيرة يتمثل في تكفل الدولة بتغطية نحو 4 ملايين أسرة في نظام التأمين الصحي، بتكلفة تقدر بحوالي 9.5 مليار درهم .
دعم شراء السكن لفائدة المغاربة:
خلال هذه السنة ، اعلنت الحكومة المغربية و لأول مرة، تخصيص دعم مادي بقيمة 9.5 مليارات درهم، من أجل دعم شراء المواطنين للسكن الرئيسي، وذلك بمبلغ يتراوح بين 100 ألف درهم بالنسبة للشقق الاقتصادية التي يقل سعرها عن 300 ألف درهم ، و70 ألف درهم بالنسبة للشقق التي يتراوح سعرها بين 300 ألف و700 ألف درهم .
مدونة الأسرة
يعتبر تعديل مدونة الأسرة في المغرب من أحد أبرز أحداث هذا العام، حيث وجّه الملك محمد السادس رسالة إلى رئيس الحكومة، داعيًا إلى تعزيز قضايا المرأة والأسرة بشكل شامل، وفقًا لبيان من الديوان الملكي.
وفي هذا السياق كلف جلالة الملك وزارة العدل ووالمجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة من أجل الإشراف على إعداد هذا الإصلاح بشكل جماعي و تشاركي، بمشاركة المجلس العلمي الأعلى و المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة التضامن و الإدماج الاجتماعي والأسرة.
وأجرت هذهاللجنة سلسلة من جلسات استماع مع مختلف الهيئات والمؤسسات، في انتظار رفع مقترحات التعديلات التي ستنبثق عن هذه المشاورات الشاملة، لتقديمها أمام أنظار الملك محمد السادس خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر، وقبل أن تعد الحكومة مشروع قانون في هذا الشأن، و تقوم بعرضه على البرلمان للمصادقة.
وتتناول اللجنة في مناقشتها قضايا حساسة مثل منع زواج الفتيات دون سن 18 او ما يعرف بزواج القاصرات ، و موضوع الولاية السرعية وتعدد الزوجات و نظام الإرث.
احتضان مؤتمر البنك الدولي :
رغم وقوع الزلزال المدمر في منطقة الأطلس الكبير، لم يتم إلغاء اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية في مدينة مراكش، والتي عقدت بين 9 و15 أكتوبر من نغس السنة . حيث عمل خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتنسيق مع السلطات المغربية على تقييم قدرة المغرب على استضافة اجتماعات عام 2023، وقررت الإدارة العليا للبنك الدولي و صندوق النقد الدولي و السلطات المغربية استمرار عقد الاجتماعات في مراكش.
وشكل انعقاد هذه الاجتماعات أحد اهم الأحداث البارزة عالمية، حيث اتجهت أنظار العالم و المؤسسات المالية إلى مدينة مراكش، حيث انعقدت هذه الاجتماعات بمشاركة أكثر من 14 ألف مشارك عالي المستوى، من بينهم وزراء مالية و محافظو البنوك المركزية في 189 دولة، و تناولت مواضيع هامة كالشمول المالي و الرقمنة، والتنمية المستدامة، و إصلاحات المؤسسات المالية الدولية، و ريادة الأعمال و الابتكار، و شبكات الأمان الاجتماعي، والتسامح والتعايش.
احتضان كأس العالم 2030 :
من بين أبرز الأحداث التي عاشها المغرب خلال السنة التي نودعها، هو إعلان اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، يوم الأربعاء 4 أكتوبر الماضي، عن إقامة كأس العالم 2030 في كل من المغرب و إسبانيا والبرتغال.
حيث أعلن بلتغ للديوان الملكي، أن “هذا القرار من اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم يعتبر إشادة و اعترافا بالمكانة المرموقة للمغرب بين الأمم الكبيرة”.
وكانت الفيفا قررت اعتماد الملف المشترك بين المغرب والبرتغال وإسبانيا كملف وحيد لاستضافة البطولة العالمية. فيما ستقام أول 3 مباريات في أوروغواي و الأرجنتين و باراغواي للاحتفال بمئوية المسابقة.
