سجلت المديرية العامة للأمن الوطني، في تقريرها السنوي الأخير، أرقاما تشير إلى إنخفاض نسبة الجريمة داخل المجتمع المغربي، بنسبة 10 بالمائة، كما هو الحال لدى الجرائم العنيفة التي عرفت انخفاضا بنسبة 25 بالمائة.
وحسب التقرير السنوي للمديرية فقد تراجعت جرائم الاعتداءات الجنسية بنسبة 4 في المائة، أما سرقة السيارات فتراجعت هي الأخرى بنسبة 19 بالمائة، والسرقات الموصوفة وكذا بالعنف بنسبة 9 بالمائة.
ووفق أرقام المدريرية تم تسجيل ما يفوق 783 ألف قضية، مع ضبط وتقديم 723 ألفا و874 شخصا أمام مختلف النيابات العامة، خلال سنة 2023.
تعليقا على الموضوع، قالت ليلى عسراوي، باحثة سوسيولوجية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إنه “يمكن التمييز بين أربعة عوامل مفسرة لانخفاض الجريمة بالمغرب حسب الأرقام و الاحصائيات المعلن عنها من لدن المديرية العامة للأمن”.
وأضافت ليلى عسراوي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “العامل الإعلامي المرتبط بارتفاع مستوى الوعي الأمني من خلال سلسلة من البرامج الإعلامية التي تبت في القنوات التلفزية المغربية، إذ تكشف عن أساليب الجريمة بالمجتمع المغربي، يذكر على سبيل المثال لا الحصر، برامج مثل “مداولة ” “مسرح الجريمة” “هدي و التوبة”، مشيرة إلى أن “هذه البرامج من خلال كشفها عن كافة التفاصيل المرتبطة بسلسلة من الجرائم التي وقعت بالفعل و أحيانا على لسان مرتكبيها، بالإضافة إلى تحليلات و تفسيرات رجال الشرطة و الخبراء. كل هذا ساهم في الرفع من درجة الوعي الأمني و جعل عدد كبير من المغاربة يتجنبون الأماكن و المواقف التي يمكنها أن تجعل منهم ضحايا لمختلف أشكال الجريمة”.
وأشارت الباحثة إلى أنه هناك “عامل تقني مرتبط باستعمال و انتشار العدد الهائل من الكاميرات (كاميرات المراقبة، الكاميرات الخفية) في المؤسسات العمومية و الخاصة، حيث إن انخفاض ثمن إقتناء هذه التجهيزات تشجع العديد من المواطنين من أصحاب المحلات التجارية و الشركات و حتى أرباب المنازل في استعمال هذه الكاميرات التي ليست فقط تسجل كل الأحداث، و إنما تردع المجرمين من ارتكاب جرائمهم خوفا من اكتشاف أمرهم”.
وتابعت المتحدثة ذاتها أن “العامل الثالت مرتبط بمجهودات الأجهزة الأمنية بالمغرب لمحاصرة ظاهرة الجريمة بالمجتمع المغربي، و ذلك من خلال تفعيل البعد الاستباقي الذي يعتمد بالأساس على قاعدة استعلامية قوية ومتينة”.
وأردفت أيضا أن العامل الرابع له “علاقة بمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تسجل و تتدوال عدد كبير من الجرائم، فعلى سبيل المثال، يجد المتصفح اليوم أعدادا هائلة من الفيديوهات القصيرة التي تصور ظاهرة الانتشال التي يرتكبها في الغالب شخصان يمتطيان دراجة نارية مما يسمح بالتعرف على هويتهم و هذا يؤذي إلى اعتقالهما من طرف الشرطة.يمكن القول الآن أن مواقع التواصل الاجتماعي بصيغة مباشرة او غير مباشرة تعمل على تكريس السلوك المدني و الوعي الأمني لدى المغاربة، و هذه كلها عوامل متداخلة و مرتبطة ببعضها البعض في انخفاض نسبة الجريمة في المغرب”.
