ومسئولية بناء الحب.. والسلام
ومسئولية بناء الحب.. والسلام
في هذا الوقت الذي تحتفل فيه الملايين من أبناء العالم بذكري مولد عيسي عليه السلام ـ أري أن الاحتفال بهذه الذكري ليس مقصورا علي هذه الملايين من إخوتنا النصاري أتباع المسيح, بل أننا نحن المسلمين, وقد وسع إيماننا كل من أرسله الله من رسل, تمتلئ قلوبنا حبا للمسيح, وتقديرا لرسالته ودعوته وجهاده.
وهذه الرؤية نابعة في قلوبنا من إعزاز لمقام ا لأنبياء ورسالتهم الخالدة لهداية البشر واستمساك بحبله, وبذا يرتبط بكل كريم من الأخلاق وقويم من السلوك.
ولقد كان عيسي ابن مريم آية عظيمة من آيات الله, ونقطة وضاءة في تاريخ البشرية كان آية في حمل أمه به, وآية في مولده, وآية في رسالته. يقول ربنا تبارك وتعالي في كتابه الكريم: وجعلنا ابن مريم وأمه آية وأويناهما إلي ربوة ذات قرار ومعين!
وعندما تتساءل مريم عن حمل لم تتوافر أسبابه, فتقول: {أني يكون لي غلام, ولم يمسسني بشر ولم أك بغية} ويأتي الرد عليها {كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا}. ثم تحس بالحمل فتخلو بنفسها في مكان بعيد لتسلم من ألسنة لا تفكر ولا ترحم.
إن عيسي هو كلمة من الله, وإرادة أرادها, ليكون آية للناس, وابتلاء لأمته, ورحمة وسلاما للبشرية, ليستنقذها بدعوته إلي الله من أهواء غالبة, وقلوب حاقدة, وصراعات باغية لم يسلم منها الذين أوتوا الكتاب من قبله.
هذه الرسالة التي جاءت لتعيد بني إسرائيل إلي التوراة, ولتطهر أحقاد القلوب بنداء السلام, أيليق بنا أن يحتفل بها بالرقصات الماجنة, والحفلات الصاخبة, ليلة المولد الكريم!!
أنحيي ذكري رسول السلام والحب علي موائد الخمر, وفي مراتع اللهو حيث تهرب الفضيلة, وتتردي الأخلاق!
إن ذكري ميلاد رسول الحب والسلام تحمل المؤمنين به ـ ونحن في مقدمة المؤمنين به ـ مسئولية كبيرة, مسئولية بناء الحب, وبناء السلام..
بناء الحب في داخل النفس, فيبدد الحقد, ويمحو الكراهية. ويذهب عن النفوس البغي وحماقة التعصب, بحيث لا يدفع أختلاف العقيدة إلي أختلاق الضغينة, فالعقيدة يقين النفس, وهي مسئولية من يفتقدها: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} ونحن في المجتمع المسلم مسالمون ومرجع الناس أخيرا إلي الله رب العالمين, فيحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.
وبناء السلام عبء ضخم, وهو أسمي ما يقدمه البشر في ذكري من حدثنا الله عنه فقال: {والسلام علي يوم ولدت, ويوم أموت ويوم أبعث حيا. ذلك عيسي بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون}.
إن عالمنا الذي يملأه التطاحن, ويستبد به الصراع المادي الشرس, ومع ذلك يزعم أنه يحيي ذكري ميلاد رسول السلام لهو في أمس الحاجة إلي الصدق فيما يأتيه من أسباب وأساليب, فلا ينبغي أن يكون الاحتفاء يمثل هذا الميلاد العظيم إلا بأن تعيش فينا القيم العظيمة التي أرسل بها رسول المحبة العظيم, لأنها محك عظمته, وسر البهاء والرونق الذي أحاط بيوم مولده. أما أحداث الولادة فهي قاسم مشترك بين كل وليد في هذا الوجود.
وسلام علي رسول الحب, رسول السلام, رسول البشارة بمقدم النبي محمد عليه الصلاة والسلام. سلام عليه في الأولي وفي الآخرة.
========
يوم الميلاد..
ومسئولية بناء الحب.. والسلام..
.. نشرت الزميلة الأخبار مقالا بمناسبة عيد الميلاد المجيد كتبه السيد الدكتور السيد الطويل
رئيس جماعة دعوة الحق الإسلامية ومدرس بجامعة الأزهر.. وقد رأت (وطني) نشر المقال القيم حتي يتسني لقراء وطني قراءته.. والإطلاع عليه..