منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، تولدت للمملكة المغربية إرادة سياسية قوية لوضع حد للمعاملات المالية الفاسدة، وذلك باحالة حوالي 30 نائبا برلمانيا على جلسات المحاكمة بتهم مختلفة تتعلق ب”اختلاس الأموال العمومية وتبديدها واستغلال النفوذ والارتشاء والتزوير في وثائق عرفية وتجارية ورسمية”، حيث يوجد ضمن قائمة الموقوفين برلمانيين تمت نزكيتهم من أحزاب سياسية توجد داخل الأغلبية الحكومية.
لكن بعدما طفت فوق سطح الحياة السياسية والاجتماعية قضية “إسكوبار الصحراء”، والرواج الإعلامي الذي حدث بعدما تم اعتقال كل من رئيس مجلس جهة الشرق، عبد النبي البعيوي، وزميله في حزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصري، رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء، نظراً لاختلاط ألوان المعتقلين ما بين السياسية والمال والرياضة، تجدد النقاش حول ضرورة صدور قانون “الإثراء بلا سبب” بشكل مستقل، لتطهير الذمم المالية للسياسيين والبرلمانيين وموظفي الإدارات العمومية.
تعليقا على هذا الموضوع، قال عمر الشرقاوي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني، إنه “لم يسبق للدولة المغربية أن وضعت قانونا يتعلق ب”الإثراء غير المشروع”، لكن كان هناك بند في تعديل القانون الجنائي الأخير ينص على ذلك، قبل أن يقوم وزير العدل بسحب مشروع القانون الجنائي بأكمله”.
وأضاف عمر الشرقاوي، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذا البند لا يمكن أن يحارب بشكل شامل الفساد والاغتناء بلا سبب، لكن عملية تطهير الحياة السياسية التي تقوم بها الدولة وتنقيتها من مختلف مظاهر الفساد، هي فرصة لتنزيل قانون مستقل يتعلق بهذا الشق”.
وتابع المتحدث عينه أنه “هناك عدد من السياسيين يواجهون تهم ثقيلة وقضايا صعبة متعلقة بجرائم الأموال، لذلك يمكن اعتبار هذه المرحلة هي مفيدة وصحية لإعداد مشروع قانون وتنزيله في أقرب وقت ممكن”.
وأكد المحلل السياسي على أن “النصوص لا تقضي على اللصوص، لكن تحارب المعاملات المالية غير المشروعة والممارسات المشبوهة، رغم أنها غير كافية لكن مهمة”.
وختم الشرقاوي حديثه قائلا: “أي إصلاح من هذا القبيل ستجد هناك مقاومين، عدد من القوانين لم يتم تنزيلها بسبب وجود فئات ولوبيات ليست في مصلحتها إخراج مثل هذا القوانين، وهذا يدل على غياب الجرئة والجدية في التعامل مع مثل هذه القضايا”.
