اختار الناخبون في تايوان وليام لاي تشينغ تي رئيساً لهم في انتخابات تاريخية، الأمر الذي عزز مساراً يتباعد عن الصين على نحو متزايد.

وأثارت هذه الخطوة غضب بكين، التي أصدرت بياناً بعد وقت قصير من ظهور النتائج، أصرت فيه على أن "تايوان جزء من الصين".

وعلى الرغم من أن بكين دعت إلى "إعادة التوحيد سلميا"، إلا أنها لم تستبعد أيضاً استخدام القوة، مصورة الانتخابات التايوانية على أنها خيار بين "الحرب والسلام".

وعززت الصين وجودها العسكري حول الجزيرة في الأشهر الأخيرة، ما زاد المخاوف من صراع محتمل.

وتنتقد الحكومة الشيوعية في بكين، الحزب التقدمي الديمقراطي الذي يتزعمه لاي والمؤيد للسيادة، والذي يحكم تايوان منذ ثماني سنوات.

وبالفوز بولاية رئاسية ثالثة على التوالي بشكل غير مسبوق لحزبه، يفتح لاي آفاقا جديدة، مشيراً في تصريحاته الأولى بعد اعتراف خصميه بالهزيمة، إلى أن هذا مسار لا رجعة فيه.

وقال لوسائل الإعلام العالمية في مؤتمر صحفي إن "البلاد ستواصل المضيّ قدماً على الطريق الصحيح. ولن نلتفت أو ننظر إلى الوراء".

من هم المرشحون في الانتخابات الرئاسية في تايوان ولماذا يهتم العالم بمن سيفوز؟

الصين وتايوان: ما أصل الخلاف بين البلدين؟

في وقت لاحق، وبينما كان يخاطب عشرات الآلاف من المؤيدين في شوارع تايبيه، وصف لاي فوزه بأنه انتصار للديمقراطية.

وقال "لقد فعلناها. ولم نسمح لقوى خارجية بالتأثير على انتخاباتنا؛ وذلك لأننا قررنا أننا وحدنا من نستطيع اختيار رئيسنا". وكانت تايوان في الفترة التي سبقت الانتخابات، قد اتهمت الصين بمحاولة التدخل في سير العملية الانتخابية.

ومع ذلك، وجه لاي أيضاً رسالة للصين.

وقال للصحفيين إنه يفضل المزيد من عمليات التبادل والحوار، بدلاً من العرقلة والصراع، داعياً إلى السلام والاستقرار مع بكين.

وأضاف أنه في الوقت نفسه "سيحافظ على الوضع الراهن عبر المضيق"، ولن يسعى إلى الاستقلال أو الاتحاد مع الصين، وتعهد "بحماية تايوان من التهديدات الصينية".

ووصفت بكين لاي بأنه "انفصالي" و"مثير للمشكلات" بسبب تصريحات أدلى بها في الماضي تدعم استقلال تايوان، وهو ما تعده الصين خطاً أحمر.

لكنه أشار في الأشهر الأخيرة إلى أنه لن يسعى إلى الاستقلال الرسمي.

وفي يوم السبت، أصر بيان صادر عن مكتب شؤون تايوان التابع لمجلس الدولة الصيني، على أن انتخابات تايوان "لا يمكن أن توقف الاتجاه الذي لا يمكن وقفه لإعادة توحيدها في نهاية المطاف مع الوطن الأم" وأن الحزب الديمقراطي التقدمي "لا يمكنه تمثيل الرأي العام السائد" في تايوان.

وسارعت الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لتايوان، إلى تهنئة لاي على فوزه، كما أشاد وزير الخارجية أنتوني بلينكن بـ"النظام الديمقراطي القوي والعملية الانتخابية" في الجزيرة.

وقال في بيان إن واشنطن "ملتزمة بالحفاظ على السلام والاستقرار عبر المضيق". وفي وقت سابق، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن للصحفيين إن الولايات المتحدة "لا تدعم استقلال" تايوان.

الصين والولايات المتحدة: هل تنجو تايوان من لعبة توازنات البلدين؟

الصين وتايوان: الولايات المتحدة تقول إن بكين تريد توحيد تايوان ضمن جدول زمني أسرع بكثير من السابق

خارج مقر الحزب الديمقراطي التقدمي في تايبيه يوم السبت، احتفل المؤيدون بالنتيجة.

وقال تشنغ يو تساي: "أنا سعيد للغاية الآن. فمعظم التايوانيين يريدون حماية نمط حياتنا الديمقراطي".

وعلق وي يي تساي على رد فعل الصين قائلاً: "لا يهمني. علينا أن نتمسك بقيمنا وأن نُصرّ على ما نعتقد أنه صحيح ونمضي قدما".

وساعد حصول لاي على 40 في المئة من الأصوات، على التقدم بشكل مريح على هو يو-إيه من حزب الكومينتانغ المعارض الرئيسي.

ومنذ عام 2000، تناوب على حكم تايوان الحزب الديمقراطي التقدمي، والحزب القومي الصيني "الكومينتانغ" الأكثر صداقة مع بكين.

وحصل على ربع الأصوات، السياسي المنشق كو وين جي من حزب الشعب التايواني، وهو حزب جديد على المشهد السياسي التايواني، ويتمتع بشعبية بين الناخبين الشباب.

واختار الناخبون يوم السبت أيضاً مجلسهم التشريعي، وفقد الحزب الديمقراطي التقدمي أغلبيته مع اكتساب المعارضة المزيد من الأرض، على الرغم من عدم حصول أي حزب على مقاعد كافية للسيطرة على البرلمان، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام التايوانية.

ويقول المراقبون إن وجود هيئة تشريعية تهيمن عليها المعارضة، مع رئيس من الحزب الديمقراطي التقدمي، قد يعني أن عملية حكم تايوان ستصبح أكثر صعوبة.