جاء المسيح يبشر بالحب والروحانية والسلام
جاء المسيح يبشر بالحب والروحانية والسلام
نحتفل اليوم بعيد الميلاد المجيد وهو عيد من أمجد أعيادنا الدينية نتبادل فيه التهاني في فرح وابتهاج وسرور, ذلك لأن مولد المسيح له المجد بالطريقة التي تمت وبالرسالة الإلهية التي دعي إليها يعتبر أعظم حدث في تاريخ البشرية, ونقطة تحول في المسيرة الإنسانية:
فقبل مولد السيد المسيح له المجد كانت البشرية متفرقة في دهاليز الأنانية, متعمقة في مغاور الشهوة وأغلال المادة وكان العالم أجمعه في ذلك الحين ينتظر خلاصا من ذلك كله.. وكانت النبوءات تبشر بقرب مجيء المخلص.. بل كانت تحدد الزمان والمكان.. ثم جاء ملاك الرب يقول للرعاة ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب.. إنه ولد لكم اليوم مخلص.
وبزغ نور من مغازة, نور سطعت ضياؤه علي جميع أنحاء العالم فطرد الظلام من جنباته, وصحح للإنسانية مسيرتها وبدد الضلال من عقولها, جاعلا من الحق سلطانا, ومن القيم الروحية هدفا, ومن الإيمان حياة.. جاء المسيح معلما إلهيا وقائدا سماويا يقود موكب التاريخ صوب الحق والخير والجمال.. جاء يبشر بفجر جديد يحمل في ثناياه الحب والروحانية والسلام, فلا سلطان للسيف, ولا فتح بالقوة ولا مكان للعنف.. تلك كانت رسالة السماء التي أنشدتها الملائكة المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة.
وهكذا فكلما احتفلنا بعيد الميلاد المجيد أشرق علينا النور وتفتحت آمامنا آفاق الحب والسلام, وعلينا في هذه المناسبة السعيدة أن نستعرض المبادئ السامية التي دعي إليها السيد المسيح له المجد في رسالته الإلهية الخالدة:
* جاء ميلاده في مذود للبقر في قرية صغيرة في بيت لحم, وعاش صباه في بيت نجار ولم ينعم طوال حياته بالاستقرار أو رفاهية العيش وكان مولده وحياته هو الدرس الأول.. التواضع والتقشف والبعد عن مظاهر الحياة الدنيوية الفانية.
* ونادي بالمحبة والتسامح والمساواة.. فلا كراهية أو أحقاد ولا دسائس أو ضغائن.. ولا تميز بسبب جنس أو لون أو طبقة.. الكل سواسيه, أما صاحب العرش السماوي الإنسان يحاسب بقدر صلاحه وتقواه لا بقدر ماله وغناه, يحاسب بقدر إيمانه ونقاء سريرته لا بقدر طغيانه وجبروته..
* أوضح للعالم أن الظلم لا يجدي ولا يفيد, ومهما طال الظلم ساعة فلابد للحق أن ينتصر في النهاية لأن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلي قيام الساعة.. إن الظلام يعقبه دائما انبلاج نور فجر جديد.
* وحارب الرق والعبودية وطالب بالحرية للجميع.
* وبث في الناس روح الأمل لأن الله يقبل التوبة الصادقة ويقبل مغفرة الخطايا لأنه يعلم ضعف البشر.
* وكان مولده إيذانا بالسلام وعاش طوال حياته يدعو للسلام ـ السلام بين الإنسان وغيره من الناس, بينه وبين نفسه, بينه وبين الرب خالقه.
هذه بعض المبادئ التي دعي إليها السيد المسيح وعلينا جميعا أن نتمسك بها وندعو إليها.
** إننا أيها الإخوة الأحباب نعيش أسعد أوقاتنا في هذه الأيام.. حينما نري حاكما مصريا صميما ورئيسا محبوبا وقائدا مظفرا وزعيما بطلا هو الرئيس محمد أنور السادات يدعو بقوة إلي تطبيق تلك المبادئ الخالدة.
ألا نراه في كل لحظة وفي كل يوم وفي كل خطاب يلقيه أو رسالة يوجهها إلي شعبه يدعو إلي الحب وإلي نبذ الحقد, ألا يطالبنا بالوفاء والأخاء والتسامح.. ألا ينادي بدولة الإيمان إلي جانب دولة العلم!.
* ألا يسعي بكل طاقته إلي تدعيم الوحدة الوطنية بين عنصري الأمه مسلمين وأقباطا.. ويذكر علي الدوام ضرورة التآخي والمحبة بينهما وانهما متساويان في الحقوق والواجبات؟.
* ألا يطالب بكل قوة وبأعلي صوت بالسلام, السلام القائم علي العدل؟ هل يمكن أن ننسي مبادرته الشجاعة نحو السلام في نوفمبر 1977 عندما قام بزيارته للقدس وتحدث في الكنيست الإسرائيلي داعيا للسلام مذهلا العالم بأسره.. إن الرئيس يعلم ـ كما يجب أن يعلم ويفهم باقي جبهة الرفض من العرب ـ أن الحرب ليست هدفا في حدا ذاتها وإنما هي وسيلة قد نضطر للجوء إليها أحيانا لاسترجاع حق مسلوب.. أما وقد انتصرنا في حرب أكتوبر المجيدة فيمكن أن نسعي للسلام من منطلق القوة وهذا ما فعله تماما..
إن الرئيس بطل الحرب اعتبره العالم بحق أنه أيضا رائد السلام, ومنحه جائزة نوبل للسلام وهو أعلي وسام يمكن أن يظفر به إنسان.
ندعو الرب أن يكلل مساعي السيد الرئيس وأعوانه بالتوفيق من أجل استكمال النجاح الذي تحقق في كامب ديفيد حيث تم توقيع اتفاقيتي سلام لوضع إطار السلام الشامل القائم علي العدل, ونأمل أن تغير إسرائيل من موقفها الذي كان سببا في تعثر المفاوضات بينها وبين مصر, ونرجو أن تدرك إسرائيل أن مصلحتها ومصلحة شعوب المنطقة جميعا أن يرفرف السلام الدائم بأجنحته الوارفة علي ربوع وبلدان الشرق الأوسط بعد أن قاست من ويلات سلسلة من الحروب التي دامت ثلاثين عاما دون أن ينتصر طرف علي آخر نصرا حاسما.
ختاما فإني أتوجه من أعماق القلب بالتهنئة الصادقة لقداسة البابا المعظم والأحبار الأجلاء رجال الكنيسة ولجميع إخوتي الأقباط راجيا أن يجيء احتفالنا بالعيد القادم وقد تحررت الأرض المغتصبة بأكملها وتحقق السلام العادل الشامل حتي نسعد بزيارة مهد المسيح في بيت لحم ونزور قبره الطاهر في القدس الحبيبة وذلك بفضل القيادة الرشيدة لرئيسنا المحبوب محمد أنور السادات.
له المجد آمين