كيف تحوّل الإعلام الرياضي الجزائري إلى ماكينة حقد وكراهية؟


الدار/ افتتاحية

تحوّلت بلاتوهات القنوات التلفزيونية والرقمية الجزائرية مع بداية أطوار بطولة كأس إفريقيا للأمم مجددا إلى ساحة لتفريغ مشاعر الحقد والضغينة والكراهية والعنصرية ضد المغرب والمغاربة. من يتابع الحوارات التي تدور في البرامج الرياضية اليومية في الجزائر قد يخيّل إليه لأول وهلة أن الأمر يتعلق ببرامج تحليل حرب أو عملية عسكرية جارية في الوقت الراهن بين البلدين. يكاد الأمر يتحوّل إلى جنون حقيقي ويبدو المشاركون في هذه البرامج سواء أتعلق الأمر بالمحللين أو الصحافيين وكأنهم زمرة من الحمقى والموتورين الذين أُطلق سراحهم فجأة وسُمح لهم بالتعبير عن كل ما يختلج في صدورهم دون قيود أو ضوابط. إذا كانت هناك هيئة عليا مشرفة على الإعلام السمعي البصري في هذا البلد فمن المفترض أن تعاقب جلّ هذه البرامج إن لم نقل كلّها.

والغريب أن هؤلاء المشاركين في هذه البرامج يتناسون أن الأمر لا يعدو أن يكون منافسة في كرة القدم لا أقلّ ولا أكثر. كيف يحلو لهم أن يحوّلوا منافسة رياضية خالصة إلى منافسة سياسية أو تاريخية أو حتّى نفسية يبثون فيها هذا القدر الهائل من الكراهية والحقد؟ ما تلقّاه رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم فوزي لقجع وحده من سباب وقذف وتشهير يكفي لملء سجون كاملة بالمُدانين بسبب هذه الممارسات والإساءات اللفظية التي لا تليق بصحافيين أو محللين يُفترض فيهم أن يتمتعوا بحد أدنى من القواعد المهنية وأخلاقيات الممارسة الصحفية. لقد تحوّل لقجع مرة أخرى إلى كابوس حقيقي يكاد يطارد كلّ الجالسين في بلاتوهات الرياضة في الإعلام الجزائري.

ما دخل فوزي لقجع بتراجع نتائج المنتخب الجزائري المتعثّر في مباراتين خاضهما في ساحل العاج؟ ما دخله في برمجة مواعيد المباريات التي تنطبق عليها معايير واضحة يحترم فيها الاتحاد الإفريقي تكافؤ الفرص بحيث تتمكن كل المنتخبات من اللعب في أوقات مريحة وأوقات ذات مناخ ساخن؟ هل هناك عاقل في الجزائر يمكن أن يوقف هذه الدوامة من التخريف والهرطقات الإعلامية الخطيرة؟ لا نريد أن نسيء للشعب الجزائري الذي ما زلنا نعتبره شعبا شقيقا ولصيقا بتاريخنا وثقافتنا والمشترك الذي يجمعنا للأبد، لكننا نرى فعلا كلّ يوم ما يدفعنا إلى التشكيك في السلامة العقلية لهؤلاء الموتورين.

لقد تحوّل الإعلام الرياضي الجزائري مرة أخرى إلى ماكينة حقد وكراهية لا تكاد تتوقف على مدار الساعة. وبدلا من أن يكرّس الأشقاء الجزائريون جهودهم التحليلية لمتابعة أداء منتخبهم الوطني وتصويب اختلالاته ومناقشة ما ينقصه يستنزف هؤلاء الكثير من الجهد والوقت والطاقة في محاولات يائسة لتبرير نظرية المؤامرة، وتعليق تعثرات المنتخب الجزائري على شماعة فوزي لقجع والمغرب. ولعلّ ما نتابعه كلّ يوم من مشاهد مخزية يصوّرها مؤثرون وإعلاميون جزائريون في دولة ساحل العاج الشقيقة يؤكد بالملموس أن هؤلاء لا يشاركون في كأس إفريقيا للأمم بل يشاركون في بطولة أخرى للتنافس حول كأس الإساءة للمغرب.

هوسٌ مرَضيّ يكاد يتحوّل إلى رُهاب حقيقي من كل ما يمتّ إلى بلادنا بصلة، وحسدٍ تّجاه السمعة الطيبة التي يتمتع بها المغاربة في ساحل العاج وفي جلّ الدول الإفريقية. ليس ذنب المغرب والمغاربة أنهم نجحوا في بناء علاقات ودية وأخوية عالية مع الأشقاء الأفارقة واستطاعوا بتواضعهم ودماثة أخلاقهم وحسّهم التضامنيّ الرفيع أن ينالوا احترام إفريقيا والأفارقة ويحظوا بمكانة خاصة في دولة ساحل العاج على سبيل المثال. ليس ذنبنا أن إفريقيا تحبّنا وتحبّ ملكنا وتاريخنا وحضارتنا، وليس ذنبنا أن إفريقيا تكره المتكبّرين والعنصريين الذين يسافرون إلى بلدان الآخرين للإساءة إليها والتقليل من شأنها والتركيز على مساوئها. فهل من عاقل يغلق مجاري الإعلام الموتور التي انفتحت على مصراعيها في الجزائر؟

تاريخ الخبر: 2024-01-21 09:26:37
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:15
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية