الدار/ فردوس الزعيم
في عالم تتلاقى فيه الحياة والتغيرات المستمرة في البيئة، تستمر الأنواع في التكيف بأشكال متعددة، تشمل كل من تكبير وتصغير الأجسام. في القرن التاسع عشر، قاد عالم الحفريات الأمريكي “إدوارد كوب” رحلة اكتشاف مثيرة، حيث اكتشف ما يقرب من ألف نوع من الكائنات الفقارية المنقرضة. ومن هذه الرحلة نشأت “قاعدة كوب”، التي تشير إلى أن أحجام الكائنات الحية تتجه نحو الزيادة على مر الآلاف وربما الملايين من السنين، استجابة لتغيرات البيئة.
ومع ذلك، كشفت دراسة حديثة عن تغيير مثير، حيث يميل حجم الحيوانات إلى التقلص بمرور الوقت، باستخدام نماذج حاسوبية تحاكي عمليات التطور، حيث خلص الباحثون إلى أن هناك عوامل بيئية أخرى تتحكم في حجم الحيوانات، فالمناطق ذات المنافسة الشديدة على الطعام والمأوى تظهر اتجاهًا نحو تقليص حجم الحيوانات.
فلنلقِ نظرة على تاريخ تطور حيوان مثل الخيل، الذي كانت أحجام أسلافه تقارب حجم الكلب في القرن التاسع عشر، ثم زادت أحجامها تدريجيًا حتى ظهرت بالشكل الذي نعرفه اليوم.
الزيادة في الحجم تكون غالبًا عندما تكون المنافسة مرتبطة بالحجم، ويعد ذلك تكيفًا للبقاء في بيئة تفضل الأحجام الكبيرة.
ومع ذلك، تظهر التقلبات في البيئة تأثيرًا كبيرًا على حياة الكائنات، فالحيوانات الصغيرة يمكن أن تتطور لتكون الأكثر قدرة على البقاء في بيئة تشهد تنافسًا شديدًا. على سبيل المثال، شهدت الخيول الصغيرة في ألاسكا، التي عاشت في عصر الجليد، تقلصًا في الحجم بسرعة نتيجة للتغيرات المناخية والغطاء النباتي.
تتجلى حاجة الكائنات الحية إلى التكيف مع البيئة في ظل تغيرات المناخ وتحديات البقاء. يستخدم العلماء نماذج حاسوبية لمحاكاة استجابة الحيوانات للضغط التطوري، وقد ظهرت ثلاثة أنماط مميزة للحجم في ظل ظروف مختلفة. إما زيادة في الحجم نتيجة لتفوق المنافسة على أساس الحجم، أو زيادة في الحجم تليها انقراض، أو حتى تقليص في الحجم نتيجة لارتفاع مستوى التنافس في البيئة.
تلخّص هذه التطورات التي تشهدها الكائنات الحية، حيث تتحول الأجسام لتلائم ظروف البيئة وضغوط البقاء، ورغم أن بعض هذه الكائنات قد دخلت إلى قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، إلا أن الجهود البشرية قد تلعب دورًا في الحفاظ على تنوع الحياة والكائنات الحية في وجه التحديات المتزايدة.
