تفاصيل العلاقة بين القمص ميخائيل جرجس وقداسة البابا تواضروس في حوار خاص لوطني
تفاصيل العلاقة بين القمص ميخائيل جرجس وقداسة البابا تواضروس في حوار خاص لوطني
القمص ميخائيل جرجس أب اعتراف قداسة البابا تواضروس الثاني في شبابه في حوار خاص ل ” وطني” :
– فخور و ممتن أن كنيستنا بدمنهور أثمرت و أفرخت الخادم الأمين لقيادة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأكملها
– تباركت أن أكون أب اعتراف قداسة البابا تواضروس لمدة عشر سنوات .. و كان معترفا مثاليا مدققا في حياته الروحية
– كنت مطمئنا حينما صارحني برغبته في الرهبنة.. و فرحت بمباركة الوالدة
– أذكر أن الخادم “وجيه صبحي” كان شعلة نشاط مبتكر و سابق عصره .. و خدمته قائمة على المحبة
– دعيت للكهنوت بتدبير إلهي .. و لولا البابا كيرلس السادس ما كانت البركة
– أسرة قداسة البابا تواضروس من بدايتها مبروكة .. عالمها الكنيسة و الخدمة و محبة الله
– تكريمي في يوم الصحافة القبطية يرجع لقداسة البابا.. و لا أنسى اشتراكه معنا في تحرير مجلة رسالة الكنيسة
– أشعر أننا في قلب و ذاكرة البابا كلما زار كنيسة تحمل اسم الملاك و يسترجع خدمته الأولى بكنيسته بدمنهور
دُعيَّ للكهنوت بتدبير إلهي من فم أبينا القديس رجل الصلاة قداسة البابا كيرلس السادس كاهنا على كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور ، لتتم السيامة في عام 1963 بشكل عجيب على درجة القمصية و ليست القسيسية كما هو متعارف عليه في التدرج الكهنوتي.
كانت دعوته من الله لهدف و رسالة لكى يقدم لنا بمحبته و أبوته و رعايته ، عطية السماء راعى و مدبر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ” قداسة البابا تواضروس الثاني”، ففى مشواره الكهنوتي الحافل الذي امتد ل 60 عاما دبرت العناية الإلهية ان يتعرف أبينا المحبوب القمص ميخائيل جرجس راعى كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور على أسرة قداسة البابا تواضروس و الأبن ” وجيه صبحي ” في صغره و مرحلة شبابه و يكون أب الاعتراف و المرشد الروحى للأسرة و له ليتتلمذ على يديه و يخدم معه حتى آخر يوم قبل التحاقه بالدير كطالب رهبنة.
لم يكن القمص ميخائيل جرجس مجرد أب اعتراف لقداسة البابا بقدر ما كان السند و المعين و القائد الحكيم الذي جاهد لكي يربط قلبه و حبه و طاعته لله , و ما كان منه إلا أن يختفي لكي يظهر الله فيه .. حمل قداسة البابا على كتفيه , يرشده بالحكمة و الافراز في كل صغيرة و كبيرة , و ها هو اليوم قداسة البابا تواضروس الثاني يحمل شعبه على كتفيه و يرعاهم بكل الحكمة و الافراز و يقود أمور الكنيسة القبطية الأرثوذكسية .
للوقوف حول طبيعة العلاقة التي تجمع قداسة البابا تواضروس الثاني بالقمص ميخائيل جرجس .. متى بدأت و ما الظروف التي جمعتهما ؟ و لأي مدى يتمتع أبينا المحبوب بمعزة خاصة فى قلب قداسة البابا , و كيف اثمرت خدمته لتعد لنا راعي الكنيسة القبطية الارثوذكسية .. كان ل ” وطني” هذا اللقاء مع القمص ميخائيل جرجس راعي كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور و أب اعتراف قداسة البابا تواضروس الثاني قبل التحاقه بالدير , فكان هذا الحوار …
+ نود معرفة بداية علاقتك بأسرة قداسة البابا تواضروس الثاني.. متى بدأت و ما الظروف التي جمعتكما؟
++ كانت لأسرة وجيه صبحي ( قداسة البابا تواضروس ) ظروف خاصة , جعلتهم يتنقلون في المعيشة من مكان لآخر و من محافظة لأخرى نظرا لطبيعة عمل الوالد مهندس مساحة إلى أن استقر بهم الحال للعيش في دمنهورعام 1961 و تكون كنيستهم بترتيب إلهي هي كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور , و كانت أسرة مميزة مترابطة يواظبون على الصلاة في الكنيسة و الاهتمام بحضور الأبناء مدارس الأحد , فكانت بحق أسرة عالمها الكنيسة و الخدمة و محبة الله و الكتاب المقدس .
بدأت العلاقة تتوطد مع الأسرة حينما توفي رب الأسرة المرحوم صبحي باقي عام 1967 وقتها افتقدنا الأسرة و قررنا الاهتمام بهم و تخصيص خدام لمتابعة أحوال الأم و ثلاثة أبناء.
و كان ” وجيه ” في ذلك الوقت في المرحلة الاعدادية و حدث انتقال والده فى صباح أول يوم امتحان الإعدادية و قبل الحرب بيومين .. و لكونها أسرة مبروكة تجاوزت المحنة بمعونة الله و العيش في مخافته و داوموا على الحضور الى الكنيسة , و انضم ” وجيه ” الى الخدمة فى المرحلة الثانوية عام 1968 و ظل يخدم حتى تخرجه من الجامعة و حصوله على بكالوريوس الصيدلة في جامعة الاسكندرية عام 1975 و حصوله على بكالوريوس الكلية الاكليريكية بالاسكندرية عام 1983 و ايضا خلال فترة عمله كصيدلي تابع لمؤسسات وزارة الصحة وصولا لتوليه منصب مدير أحدى مصانع الأدوية بدمنهور , و نظرا لأمانته تم اختياره ليكون أمين الخدمة .
+ كثيرًا ما تحدث قداسة البابا تواضروس عن أبوتك و ما قدمته من محبة و احتواء لأسرته بعد انتقال والده للسماء.. حدثنا أكثر عن تلك الفترة؟
++ بالتأكيد كانت الأسرة متألمة بانتقال الوالد و رحيله بوجود أم و ثلاثة ابناء صغار , و كان من الطبيعي و الواجب على الكنيسة ان تقوم بدورها في مساندة الأسرة فى تلك الظروف و الاهتمام بها و محاولة تعزيتها و التخفيف عنها و الالتفاف حولها و الوقوف بجانبها من منطلق أن جميعنا أعضاء في جسد المسيح .
و لا أنسى الوالدة و دورها الكبير في احتواء أبنائها و تجاوز المحنة بمحبتها و اهتمامها و تركيزها مع ابنائها , فكانت سيدة تقية قادت الأسرة فى هذه الفترة بكل نجاح لأنها كانت تتكل على الله في كل شىء , فربيت الأولاد في مخافة الله لكون هدفها كان واضحًا في ربط الأبناء بالكنيسة .
+ قدسك تتمتع بمعزة خاصة في قلب قداسة البابا.. و دائما ما يذكرك في أحاديثه.. ما شعورك بذلك الفخر و الامتنان؟
++ من محبة قداسة البابا تواضروس و اتضاعه أن يكون ممتن لشخصي و أنا غير المستحق و لم أقدم شيئا يستحق كل ذلك الحب و الاهتمام و التقدير , و لكن لى البركة الكبيرة أن يمتعنى قداسته بمحبته الفائقة و يذكرني في أحاديثه , و لعله أمر ليس بجديد أو غريب عليه , فدائما لم ينسى أبدا أحباؤه و شعب كنيسته رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور فردا فردا و يخصنى بمحبة خاصة لكوني كنت أب اعترافه لفترة من حياته، و حقيقة غير مستحق لهذه المحبة الفياضة.
و لعل ما يسعدني كثيرا و أشعر أننا في قلبه و في ذاكرته أينما كان و كلما ذهب , حينما يزور أي كنيسة تحمل اسم رئيس الملائكة ميخائيل و وقتها يفصح عن ذكرياته و خدمته الأولى داخل كنيسته المحبوبة بدمنهور .. هنا اشعر بالفخر و الامتنان أن كنيستنا الغالية على قلوبنا أثمرت و افرخت الخادم الأمين و المعين لقيادة الكنيسة القبطية الارثوذكسية بأكملها .
+ جاء تكريم قداسة البابا لك في يوم الصحافة القبطية يوم 2 ديسمبر الماضي عرفانا و تقديرًا لما قدمته له من أبوة روحية.. ماذا يعنى لك ذلك التكريم؟
++ الكلمات تعجز عن وصف شكرى و امتناني لقداسة البابا لهذا التكريم، فقداسته لم ينسى أحد , كما أنه لم ينسَ أنه اشترك معنا فى تحرير مجلة رسالة الكنيسة القبطية التي تصدرها كنيستنا بدمنهور حينما كان طالبا و خادما بكنيسة رئيس الملائكة .. فقد كان يصمم أغلفة لبعض المجلات، و يكتبها بخط يده المباركة , بالإضافة الى كتابة بعض المقالات الروحية بالمجلة , ومن ثم فالتكريم يرجع إلى قداسته أولا و أخيرا .
+ بالفعل كان تكريمكم أيضا عن دورك بمجلة رسالة الكنيسة.. نود لمحة عن المجلة و بداية تأسيسها و طبيعتها و الغرض منها؟
++ منذ بداية سيامتي كاهنا بكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور فى 14 يونيو عام 1963 , فكرت أن أصدر مجلة شهرية دينية تخدم أبناء الكنيسة لقلة عدد المجلات القبطية في ذلك الوقت و التي كان عددها لا يتجاوز المجلتين أو الثلاثة و كانوا غير منتظمين فى الصدور , و وقتها كان يشغلني إشراك ابناء الكنيسة أنفسهم في إعداد المجلة بحيث تكون آراؤهم غنية و حية للجميع و معبرة عن الواقع بشكل كبير و من وحي الشباب و كان من بينهم قداسة البابا حينما كان طالبا و خادما بالكنيسة.
و بالفعل صدر العدد الأول في شهر أغسطس عام 1963 , و كانت مجلة غنية شاملة و متنوعة في محتواها تقدم صلاة الشهر , كلمة الافتتاح , دراسة في الكتاب المقدس , شخصية العدد , ” التقويم القبطي” من تاريخ الكنيسة القبطية , اعرف كنيستك ” مريم العذراء , أضف الى معلوماتك , قصة العدد , أخبار الكنيسة , إليك يا سيدتي , الطفولة , فوازير ” هل تعرف أنا مين ؟ ” , اجتماعيات , أخبار أنشطة الكنيسة , تعزيات قلبية , فقرة مع الأمثال ” مثل عربى , ايطالى , تركى , روسي , يوناني , انجليزي , فرنسي و ياباني.
اشترك في الكتابة حوالى 15 شخصا من ابناء الكنيسة و نمت المجلة و صار يكتب فيها حوالي 200 شخص على مدى سنوات من مختلف الشخصيات من آباء بطاركة و اساقفة وكهنة و شمامسة و علمانيين و شخصيات كثيرة مثل المتنيح قداسة البابا شنوده الثالث , و حاليا قداسة البابا تواضروس الثانى و المطارنة مثل نيافة الأنبا باخوميوس و الأنبا بنيامين و الأنبا بيشوى و غيرهم كثيرون . و حاليا يشترك معى كرئيس للتحرير الآباء القمص جرجس توفيق و القمص ثاؤفيلس نسيم و القس طوبيا اسكندر و القس قسطنطين سنيوت و آخرين .
+ ما الذي لمسته في شخص قداسة البابا و هو في مرحلة الشباب ؟
++ لمست فيه الالتزام و الدقة و النظام , فكان من الخدام الملتزمين فى كل شىء و المحبوب للغاية من جميع الخدام .. كانت شخصيته هادئة متزنة يحب الجميع و يلتف حوله كل الخدام لوداعته و روحانيته .
ايضا كان من الشخصيات المبتكرة لأساليب الخدمة , كان سابق لعصره يسعى لتطوير الخدمة دائما و البحث عن وسائل ايضاح جديدة و مبتكرة ومشوقة للأطفال باعتباره خادم المرحلة الابتدائية و ما يهمه توصيل الايمان للمخدومين بطريقة سهلة و بسيطة و مشوقة .
+ كيف كانت خدمة ” وجيه صبحي” وقت أن كان علمانيًا؟
++ كان شعلة نشاط و خدمته ناجحة بكل المقاييس و الحق يقال اننا يمكنا ان نقول عنه انه ” الخادم المثالي ” لحبه الشديد للخدمة , فكان هدفه واضح من البداية بان يخدم الله من قلبه و بكل طاقته مقدما حياته ذبيحة حب لله , رغم مسئولياته العائلية باعتباره المسئول عن اسرته حيث والدته و اخواته البنات و رغم مشغولياته الدراسية الا ان العالم لم يحول نظره عن مناله الحقيقي في تبعية المسيح أو ينجح فى ان يشغله عن الخدمة , فقد كان كان مهموما بأمور الخدمة و يقدم الكثير من وقته و فكره لتدبير الخدمة فى احسن صورة .. كان طاقة و نشاط تتبارك من خلاله كل عمل خدمي يقوم به.
أما عن تعامله مع الخدام , فالكل يشهد عن مدى محبته و تواضعه و طول أناته .
+ ماذا كانت تتميز خدمته؟
++ كانت خدمته قائمة على المحبة , محبة لله و لكل من حوله , فكان قلبه المحب يفيض على هيئة خدمة مشتاق ان يصل بجميع من يتعامل معهم لله على قدر ما يستطيع و بخاصة الذين اؤتمن على خدمتهم .. فكان يعلم جيدا مفهوم الخدمة واهمية المحبة العاملة فيها , و انه اذا خلت الخدمة من الحب تصبح خدمة جافة و عملا روتينيا أو عملا آليا خاليا من الروح تتحول إلى مجرد تدريس معلومات أو إلى نشاط علمي أو اجتماعي يضيع من خلاله الهدف .. فكانت محبته للخدمة تسرى في قلبه و في كيانه.
كما تميز فى كل نشاط خدمته انه لا يركز على ذاته لكى يبدو خادما صالحا و أمينا فى الخدمة سواء أمام نفسه أو لمن حوله ، و انما ما كان يشغله هو مخدومينه لذا حينما كان يحضر درسا كان كل همه أن يعطى مخدومينه كل ما لديه و من ثم يبحث عن القصص التى يسرون لسماعها و يجمع كل الافكار النافعة لهم و كل المعلومات المشوقة ليس من اجل ان يكون الدرس مثاليا أو ممتازا بقدر ما هو المحبة العامل فيه و طبيعتها فى اسعاد مخدومينه و توصيل المعلومة بطريقة مشوقة و من ثم التعب فى الخدمة و البذل من اجلهم .
و لا انسى ان خدمته ايضا كانت تتميز بالصدق و الوضوح و الاستقامة , و الابتكار و البحث عن كل ما هو جديد لتجديد روح الخدمة و تطويرها بشكل أفضل .
+ مجلة ” ايريني ” رسالة شهرية كانت تصدر بكنيسة الملاك بدمنهور و مؤسسها الشماس الدكتور وجيه صبحي.. حدثنا عن المجلة ؟
++ بالفعل أسس الدكتور وجيه صبحى ( قداسة البابا تواضروس ) مجلة ” ايرينى ” و كانت رسالة شهرية تصدر اول كل شهر قبطى عن التربية الكنسية بكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور , و صدر العدد الأول منها فى فبراير 1987 و كان الغرض منها هو اعداد مجلة للأطفال تناسب مرحلتهم العمرية و كان يحررها بخطه الجميل , فكان مهتما بالأطفال و بالاجيال الناشئئة و غرس الفكر الروحى الكنسى و القيم المسيحية و الانسانية فى نفوسهم من خلال قصص مشوقة و معلومات جذابة باعتبارهم نصف الحاضر و كل المستقبل .
كما أهتم قداسته ايضا خلال فترة خدمته وقت ان كان علمانيا باصدار مجلة أخرى باسم ” ايرينى باسى ” خاصة بالشباب عندما كان أمينا للشباب بالكنيسة و لكن للأسف هاتين المجلتين لم تداوما الصدور لاسباب لا اعلمها .
+ كنت أب اعتراف قداسة البابا تواضروس في فترة شبابه.. ما الذي لمسته في شخصه ؟
++ بركة كبيرة حيث دبرت العناية الالهية ان اكون أب اعتراف الأسرة و ظللت أب اعتراف الدكتور ” وجيه ” لمدة عشر سنوات بدء من المرحلة الاعدادية و حتى آخر يوم قبل التحاقه بالدير كطالب رهبنة , و كان حقيقة معترف مثالى مدقق فى حياته الروحية و كان يواظب على الاعتراف بصفة دائمة ، و الى الآن العلاقة بيننا علاقة طيبة و مستمرة , علاقة الأب بابنه المحبوب .
+ بالتأكيد صارح بنيته و رغبته في الرهبنة.. كيف أرشدته و بماذا نصحته؟
++ كانت نيته الرهبنة من بداية حياته ، و نجاحه الدراسى و العملى لم يثنيه عن و رغبته فى التكريس و اشتياقه للذهاب للدير ، و ان كان قد تأخر هدفه لفترة ربما لعشر سنوات بعد التخرج لارتباطات عائلية و بمجرد اطمئنانه عن حال الأسرة ، افصح عن نيته و صارحنى برغبته فى الرهبنة و وقتها شجعته لشعورى بأن له ميل للرهبنة , و انه مواظب على مقومات الحياة الروحية من صلاة و صوم وتناول و قراءة فى الكتاب المقدس ، و كونه خادم أمين و من أسرة عالمها حب الله و الكنيسة ، فكنت فرح لرغبته و مطمئن من داخلى عليه .
+ بطبيعة الحال كان قداسة البابا هو الابن الوحيد لأسرته و السند لوالدته و أخواته البنات.. كيف كان موقفك و دورك مع الأسرة لقبولهم فكرة الرهبنة لعل المهمة كانت صعبة ؟
++ حينما صارحنى برغبته فى الذهاب للدير و الرهبنة ، سألته سؤالا واضحا ” هل والدتك موافقة على ذهابك للدير ؟ ” فكان رده بالايجاب , فكان موقفى ما هو الا مباركة تلك الموافقة و عليه كانت المهمة سهلة بموافقة الوالدة على قرار رهبنته و دخوله الدير و تكريس حياته للمسيح .. و فرحت كثيرا بموافقتها رغم كونه الابن الوحيد و السند لها و لاخواته البنات الا انها لم تفكر فى حياتها من منظور أرضى دنيوى ، فكانت حقا أم تقية ربت ابنائها فى مخافة الله و محبة الكنيسة , ففرحت لمباركتها و فرح معى جميع الخدام زملاؤه بهذا الخبر .
و بالفعل ذهب لدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون يوم 20 أغسطس عام 1986 .
+ خطاب التزكية للدير.. ماذا دونت فيه ؟
++ لم يأخذ منى خطاب تزكية لكونه كان معروفا لدير الأنبا بيشوى نظرا لتردده كثيرا عليه عدة مرات مسبقة و ربما قد يكون قد حصل على خطاب تزكية من نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة و توابعها و الخمس مدن الغربية , أنا لا اعلم .
لكنه سرعان ما تقدم باستقالته من عمله الحكومى الذى استمر فيه طيلة 10 سنوات و 10 أشهر و 10 أيام ، و ذلك بعد سماح من نيافة الأنبا صرابامون أسقف و رئيس دير الأنبا بيشوى بتقديم استقالته كطالب رهبنة و تحديدا فى يوم 25 سبتمبر عام 1986 .
+ بعد التحاق ” وجيه صبحي” بالدير.. لأي مدى كانت العلاقة بينكما موصولة أثناء فترة الرهبنة ؟
++ كانت العلاقة موصولة و طيبة لكونه خادم من كنيستنا , لذلك قمنا بزيارته عدة مرات و هو لايزال بالملابس البيضاء كطالب رهبنة و فى فترة اختبار لمدة عامين كان خلالها يخدم فى المطبخ و المضيفة و تقديم الطعام للزوار كما كان مسئول عن صيدلية الدير ، ثم اعقبها زيارات بعد رهبنته فى يوم 31 يوليو عام 1988 و سيامته باسم الراهب ثيؤدور الأنبا بيشوى – و جاء اسمه باختيار من قداسة البابا شنوده الثالث – ليصبح مسئولا عن استقبال الزوار و تعريفهم بالدير و تاريخه ، و فى كل زيارة كان معنا بعض الخدام من كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور لرؤيته و اخذ بعض الصور التذكارية معه .
و بعد عام من سيامته راهبا ، رسم قسا فى يوم 23 ديسمبر عام 1989 .
+ اختير الراهب ثيؤدور بعد فترة أسقفا عاما للبحيرة لمساعدة نيافة الأنبا باخوميوس.. حدثنا أكثر عن تلك الفترة و نزوله للعالم من جديد و الخدمة معا ثانية ؟
++ بالفعل بعد فترة من رهبنته و شهرين من سيامته قسا ، استدعاه نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة و توابعها و الخمس مدن الغربية للخدمة معه فى ايبارشية البحيرة و توابعها باعتباره احد تلاميذه و عليه انتقل للخدمة بدمنهور يوم 15 فبراير عام 1990 , و امتدت خدمته و هو لايزال راهبا و سافر للخارج وقتها 3 مرات ، مرتين لقبرص لحضور لقاءات مسكونية فى مجلس كنائس الشرق الأوسط حول ” الكنيسة و التنمية ” و المرة الثالثة الى ليبيا لمساعدة الآباء المشاركين فى الخدمة بطرابلس و بنى غازى .
كما كانت خدمته شاملة من اقامة قداسات و القاء عظات و الاشراف على اجتماعات المطرانية من شبان و شابات , فضلا عن ايفاده لمهام رئيسية تؤكل اليه بناء على رغبة نيافة الأنبا باخوميوس للقيام بها .
و بعد فترة رشح للأسقفية و تمت سيامته فى 15 يونيو عام 1997 ” فى عيد العنصرة ” كأسقف عام لمساعدة الأنبا باخوميوس فى مهام ايبارشية البحيرة و مطروح و الخمس مدن الغربية لتزداد مسئوليته الرعوية و تفقد احوال الرعية و زيارة عائلات متناثرة عن بعضها على حدود القطاع الصحراوى الملاصق للمدن و التابع للايبارشية فى حدود 500 كيلو متر مربع . الى جانب انتدابه لالقاء محاضرات بالكلية الاكليريكية ايضا اهتمامه بالتعمير و بناء خمس مبانى لاغراض متنوعة للخدمة داخل كينج مريوط ، فضلا عن مشاركة نيافة الأنبا باخوميوس فى سيامة الكهنة و تدشين المذابح و اخذ الآراء فى المشكلات التي تواجه المطرانية , و الصلاة بالكنائس داخل انحاء الايبارشية و السفر للخارج لحضور بعض المؤتمرات و زيارة كنائسنا بالمهجر .. كانت خدمته مباركة شاملة و متسعة .
+ بترتيب الهى تم اختيار الأنبا تواضروس بابا للإسكندرية و بطريركا للكرازة المرقسية يوم 4 نوفمبر عام 2012.. كيف كان شعورك حينما صار الأبن – أبا ؟
++ كانت فرحتنا لا تقدر , و علمنا أن الله هو الذى يختار خدامه بعناية فائقة .. هو يفحص القلوب من الداخل بخلاف الانسان الذي ينظر الى الخارج .
و يومها فور اعلان نتيجة الاختيار الالهى من خلال القرعة الهيكلية ” جرينا ” الى دير الأنبا بيشوى لتهنئته , داعين الله أن يبارك خدمته و مسئوليته الكبيرة و ان يعطيه من مواهب الروح القدس ليرعى شعبه بحكمة و تدبير حسن .
أما شعورنا بعد تنصيبه بطريركا للكرازة المرقسية , فهو شعور ممتلىء بالفخر و السعادة .. نفرح بأن لنا أبا حنونا نعرفه تمام المعرفة و نضرب له مطانية حب و طاعة و امتنان , و نخضع له تمام الخضوع اللائق برئيس الأساقفة طول الأيام .
+ بعد تنصيبه بابا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.. هل جمعكما لقاء أو اتصال.. و ماذا دار من حديث ؟
++ كان لقاءنا الأول في دير الأنبا بيشوي حينما ذهبنا لتهنئته بمجرد الإعلان عن اختياره لتولى مسئولية الكنيسة القبطية الارثوذكسية بارجاء المسكونة ، و كانت كلماتنا للتهنئة و الفرح و الابتهاج و نقول ” هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنفرح و نبتهج فيه ” أيضا ” سر قلبي و تهلل لسانى ” بهذا الخبر المفرح لنا جميعا .
+ كيف ترى قداسة البابا تواضروس اليوم و المسئولية الكبيرة التي أوكل إليها من الله.. و ماذا تقول له ؟
++ أجدها مسئولية كبيرة و حمل ثقيل لذا أصلى الى الله من اجله كى يساعده و يسنده فى مسئوليته التى اوكل اليها من قبل الله لأنها مسئولية عظيمة و ممتدة ، و ان يدبر و يسدد له كل أموره في كل ما تمتد إليه يده و ان يرعى شعبه بكل الحكمة .. و دائما اتابع خدمته و مقابلاته و عظاته و نشاطه فى مجلة الكرازة و أقول ” الروح القدس يهبك مواهب عظيمة للخدمة و الرعاية , و ربنا يحفظ لنا حياتك سنينا كثيرة و أزمنة سلامية مديدة ” .
+ نود التعرف على قدس أبونا ميخائيل جرجس و تفاصيل عن حياته وقت أن كنت علمانيًا ؟
++ اسمى بالميلاد ديوسقورس جرجس صليب و محل الميلاد السويس و حصلت على بكالوريوس العلوم الزراعية عام 1960 و دبلوم الدراسات العليا عام 1962 و بكالوريوس الكلية الاكليريكية عام 1968 و ماجيستير فى العلوم اللاهوتية عام 1972 , و الدكتوراه فى العلوم اللاهوتية عام 2012 .
اشتغلت لفترة قبل اختيارى للكهنوت ، مفتش تموين بمديرية تموين الاسكندرية و تزوجت و عمرى 25 سنة و لدى 4 أبناء ( سوزان ، انجيل ، جرجس ، و فيبى ) و لدى 10 أحفاد .
+ كيف كانت دعوتك و اختيارك للكهنوت.. و موقف الأسرة؟
++ توفى والدي القمص جرجس صليب راعى كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور فى 30 نوفمبر عام 1962 , فأبدى أعضاء الكنيسة رغبتهم في ترشيحى كاهنا للكنيسة , فاعتذرت ، و ظلت المحاولات من قبل البعض للموافقة و قبول السيامة و منهم بعض الشمامسة و على رأسهم المعلم جرجس بانوب لدرجة انه سافر و قابل البابا كيرلس السادس باكيا تحت قدميه طالبا منه سيامتي كاهنا , فوعده البابا بذلك .
و بالفعل اتصل قداسة البابا كيرلس بعمى الدكتور كمال صليب (صيدلى ) لصلته الكبيرة به , طالبا منه ان يستدعينى لمقابلته ، و بعدما ابلغى عمي برغبة قداسة البابا في مقابلتي قمت بتجهيز اجابات للرد على تساؤلات البابا التى ربما يطرحها على خلال المقابلة ، الا ان امرا عجيبا قد حدث خلال المقابلة فبمجرد ان وضع قداسة البابا كيرلس يديه على رأسى و صلى وجدت ان ما رتبته فى ذهنى للاعتذار قد محى تماما , و لم استطع الرد عليه بكلمة واحدة ! غير ان فى نهاية صلاته قال لى ” يا ابنى ان تركت خدمة الكهنوت ، ستتعب و تصبح مرفوضا من الله ، و بعدين كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور مبروكة و أنا صليت فيها كذا مرات ، فلا تتركها ” .. و في نهاية المقابلة وجدت كل الحاضرين يقولون لي مبروك !
+ يقال إن اختيار الاسم الكهنوتي كان له قصة ؟
++ حلم قرابنى الكنيسة ” عم شاكر ميخائيل ” بأن كاهنا كبير في السن قصير القامة جاء و معه حفنة من الدقيق و قال له ” اخبز دي للحمل ” و قالوا له أن عددها 8 فقال له حاضر , و لما استيقظ من الحلم و في الصباح قال لمجلس الكنيسة الحاضرين يومها القداس تفاصيل الحلم .. فقالوا له الكاهن الذي حلمت به هو الجد الاكبر القمص ميخائيل الكبير و اعطاك دقيق لخبز الحمل و يقول انه رقم 8 يعنى انه سيتم سيامة كاهن في سلسلة كهنوت الاب الاكبر القمص ميخائيل و سيأتي من يحمل اسمه ، و ها هو تحقق الحلم بسيامتى كاهنا على كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بدمنهور و اكون واحد من سلسلة الكهنوت ، فيعرف أننى من عائلة كهنوتية أبا عن جد لاكون الكاهن رقم 8 في سلسلة الكهنوت على نفس الكنيسة و تمت سيامتى في يوم 14 يونيو عام 1963 بيد المتنيح مثلث الرحمات الأنبا ايساك مطران الغربية و البحيرة و كفر الشيخ .
+ بداية خدمتك و تحديات واجهتها و كيف تغلبت عليها ؟
++ عدو الخير له أساليبه و طرقه و بالتالي طبيعي يكون في تحديات لاسيما في بداية الخدمة و لكن بمعونة الله تغلبنا عليها بالصلاة و الصوم ، و بدأت خدمتي و وقتها حضرت اجتماع الكهنة في طنطا و قد ألقى خلاله نيافة الأنبا شنوده اسقف التعليم عظة عن روحانية الكاهن و كانت مؤثرة جدا لدرجة أن معظم الكهنة الحاضرين بكوا ، أما انا فجعلت هذه المحاضرة نبراسا لحياتى الكهنوتية و منهج حياة و جعلت أنشطة الكنيسة متنوعة , فاهتميت بالناحية الروحية القداسات و العظات , و النهضات الروحية , و ممارسة الاعتراف و حث الشعب على الحضور إلى الكنيسة و التناول و المواظبة على قراءة الكتاب المقدس .
كما اهتميت بالناحية الرياضية للشباب , فنظمت المهرجان الصيفى و شجعت الشباب على التمثيل في المسرحيات الدينية بمساعدة الخدام، فضلًا عن تكوين كورال للكنيسة.
أما عن الناحية الثقافية فقد كونت موسوعة تاريخية للكنيسة و حوالي 25 كتاب حول اللاهوت و تاريخ الكنيسة , و غيرها .