عدم الانحياز في عُرف الكابرانات هو الانحياز عينُه!!


الدار/ افتتاحية

أن تستغلَّ قمةً لدول عدم الانحياز من أجل الترويج لأطروحة الانفصال والدعوة إلى إنشاء دويلة جديدة والتدخل في السيادة الوطنية لجارك فهذه مهزلة لا يقدر عليها إلا نظام الكابرانات الجزائري الذي اعتاد على المبادرات والمواقف السياسية الغبية. في القمة التي التأمت بأوغندا قبل أيام بمناسبة الدورة التاسعة عشرة لحركة عدم الانحياز أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هذه المفارقة التي يتحول فيها عدم الانحياز إلى انحياز تام في عُرف الكابرانات. كيف يعقل أن يدعو الرئيس الجزائري في الكلمة التي تلاها نيابة عنه وزيره الأول نذير العرباوي إلى دعم ما أسماه “حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير” بما يعنيه ذلك من انحياز تام إلى طرف ضد طرف؟!

ينص ميثاق دول عدم الانحياز على تجنّب كل ما من شأنه تأجيج الخلافات وتشجيع النزاعات بين الدول، ويؤكد على ضرورة احترام السيادة الوطنية لمختلف الدول دون حاجة إلى الاصطفاف في هذا التحالف أو ذاك، أو التموقع ضمن هذا المعسكر أو ذاك. وقد كانت نشأة حركة عدم الانحياز جوابا فعليا على الانقسام الذي شهده العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية بين المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. هذا يعني أن توجّه عدم الانحياز كان ردا أيضا على اصطناع الدويلات والنزاعات الحدودية والحركات الانفصالية التي شهدها العالم في إطار الصراع بين التيارات اليسارية والأنظمة السياسية الموالية للتيار الليبرالي الغربي. ولعلّ جبهة البوليساريو هي آخر نماذج الحركات التي نتجت عن هذا الصراع المعروف بالحرب الباردة.

من المفروض إذاً أن تطرح الدول المشاركة في قمة أوغندا كل المقترحات التي تدافع عن سيادة الدول ووحدتها الترابية وتدعو إلى تصفية تركة الحرب الباردة التي خلّفت وراءها نزاعات مفتعلة في عدد من المناطق لا سيما في القارة السمراء، التي ما تزال تدفع ثمن هذا الصراع السياسي من استقرارها وأمنها ونمائها. ولأن لهذه التركة الانفصالية عرّابون كانت لهم المسؤولية التاريخية في اختلاقها ودعمها وتأجيجها فإن النظام العسكري في الجزائر حريص على أن يسجّل ذلك في صحيفته السوداء وعلى مرأى ومسمع من دول العالم. من المفروض أن يخجل قادة نظام الكابرانات من أنفسهم بدلا من الدعوة علانية في إطار حركة سلمية واسعة مثل دول عدم الانحياز إلى دعم الانفصال وحمل السلاح واستمرار الصراع في منطقة مثقلة بماضٍ مرهِق من الحروب والاقتتال.

كل المفاهيم مقلوبة في عُرف الكابرانات وهذا ما يفسر هذا النوع من المواقف السياسية الشاذة التي تصدر عن الجزائر في مختلف المنتديات والمؤتمرات الإقليمية والدولية، والتي يوحدها خيط ناظم هو العداء تجاه المغرب، والسعي بكل الإمكانيات نحو النيل من وحدته واستقراره ومحاولة التأثير على صورته. لكن هيهات أن يحقّق نظام الكابرانات المجنون شيئا من وراء ذلك، ربّما تناسى قادة هذا النظام أن المغرب كان من بين الدول المؤسِّسة لحركة عدم الانحياز في شخص الملك الراحل الحسن الثاني عندما كانت الجزائر ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي، وأن المغرب كان أول الدول المطالبة للأسف باستقلال الجزائر خلال مؤتمرات هذه الحركة، وإذا لم يتذكر هؤلاء دور الحسن الثاني فلن يستطيعوا إنكار الدور الذي لعبه الزعيم الراحل المهدي بنبركة في مسار هذه الحركة على الصعيد العالمي إلى جانب قادة من طينة الكبار أمثال تشي غيفارا وفيديل كاسترو وجواهر لال نهرو وجمال عبد الناصر.

وقد كان المغرب وفياً فعلاً للمعنى الحقيقي لعدم الانحياز. لقد رفضت بلادنا عبر عقود طويلة من العداء المجاني أن تتدخل في الشؤون الداخلية للجزائر أو تتورط في صراعاتها المحلية على الرغم أن هذا النظام شهد لحظات من التوتر والضعف الداخلي التي كان بالإمكان استغلالها من طرف أيّ دولة أو نظام مجاور لتحقيق أهداف استراتيجية على المدى البعيد. كان بإمكان المغرب عندما كانت الجزائر غارقة في عُشرية الحرب الأهلية السوداء أن يتخلى عن حياده وينحاز إلى طرف من أطراف الصراع ويدعمه مقابل الحصول على مكاسب سياسية وأمنية وتحقيق أهداف ومصالح معينة بما في ذلك حسم مشكلة النزاع المفتعل في الصحراء المغربية. لكنّ بلادنا رفضت أن تلعب هذا الدور الذي يمارسه للأسف نظام الكابرانات بكل خسّة ونذالة ولا يخجل اليوم من تقديم دروس في قِيم لا يحترمها أبدا.

تاريخ الخبر: 2024-01-23 09:26:35
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية