محور “فلادلفيا” .. أداة لتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين لسيناء



_ السيطرة على المحور خرق لاتفاقية السلام ومصر تحذر: السيادة المصرية على اراضينا خط احمر.

– مصر تحذر اسرائيل من السيطرة على محور فلادلفيا وتنفي تسليح “حماس”وتؤكد انه تهديد خطير للعلاقات المصرية – الإسرائيلية.

– مصر قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين.

– التضامن مع القضية الفلسطينية، لا يتعارض مع تأمين حدودنا ومنع التهريب منها وإليها.

تخبط سياسي وعسكري، اسرائيلي، يضع المنطقة كلها على صفيح ساخن، منذ شهور، امتصته مصر بسياستها الحكيمة وقدرتها على ضبط النفس والالتزام بالقانون الدولي وعدم الانجرار إلى مواقف استفزازية، مع ثبات موقفها من القضية الفلسطينية، واستعدادها لتأمين حدودها الدولية ضد أي اعتداء أو تجاوز. لكن يبدو ان الاستفزازات الاسرائيلية لن تتوقف، فرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتنياهو اغمض عينيه إلا عن مصلحته الشخصية التي تتلخص في القضاء على “حماس” للوفاء بعهده امام الشعب الاسرائيلي وإسكات الاصوات الغاضبة، المطالبة برحيله، بسببب عدم استعادة الرهائن الاسرائيلية المختطفة لدى “حماس” منذ بدء عملية “طوفان الاقصى” في السابع من اكتوب الماضي، و يبدو ان الشره الدموي لنيتنياهو لم يتوقف عند اسقاط ما يتجاوز 25 الف شهيد وتخطي عتبة الاثنان وستون الف جريح فلسطيني،ذلك بخلاف الخسائر على الجانب الاسرائيلي، بل تخطت شهوته الجامحة في البقاء في منصبه شلال الدم الجاري في غزة، وقفزت لاختراق وتهديد حدود دول الجوار وتحديداً مصر.

فالصلف الاسرائيلي يدفع قادتها للاعلان عن عملية قريبة على محور فلادليفيا- طريق صلاح الدين- “، والمحور هو الشريط الحدودي الممتد بين مصر وقطاع غزة، وهو منطقة عازلة بموجب اتفاق السلام المبرم بين مصر وإسرائيل عام 1979، ويبلغ طوله 14 كلم. وكانت غزة محتلة، لكن في العام 2005. تم انسحاب إسرائيل من غزة، وصارت خاضعة لادارة “حماس”، وهي الطريق البري الوحيد بين مصر وغزة.

_ لماذا فيلادلفيا؟

ورغم القصف الاسرائيلي المتوالي على القطاع منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، يليه، التوغل البري في القطاع، في 27 أكتوبر الماضي، إلا ان الهوس الاسرائيلي بالسيطرة على كل المنافذ الى غزة حتى لو حساب احترام حدود دول الجوار،يدفعها لخرق اتفاقية السلام مع مصر، ومع نزيف الخسائر الاسرائيلية لا تتورع اسرائيل عن رشق خناجر جديدة في جذور السلام بالمنطقة، لانها بالرغم من اعلانها عن مقتل الآلاف (من المسلحين) وتدمير العديد من الأنفاق. إلا أن أبرز قادة حماس لا يزالون بعيدا عن قبضة إسرائيل.وبالرغم من وحشية الهجوم على غزة إلا انها لم تنجح في استعادة الرهائن، وبالرغم من تقديم ملف ابادتها لاهل غزة امام محكمة العدل الدولية إلا انها مستمرة في التوغل البري، وتتكبد الخسائر على كل المستويات، فالسفن التجارية التابعة لاسرائيل والغرب وامريكا يتم ضربها في البحر الاحمر، وتخسر معدات وافراد بشكل يومي، وتخسر حركة الملاحة في البجر الاحمر ، والجيش الاسرائيل يتكبد خسائر يومية، وصار مشتتاً لأنه يحارب على عدة جبهات، إذ يقف في محور فلادلفيا امام مصر، والحوثيين في اليمن يضربون سفنه،والأرن تهدد بالحرب، وحزب الله يقصفه بالصواريح، وسوريا تقصف قواته في هضبة الجولان، خمس جبهات مفتوحة.

لكن ما الفائدة التي تعود من حصار غزة عبر السيطرة على محور فلادلفيا، وسط هذا الحجم الهائل من الخسائر، كيف تفكر اسرائيل؟ الاجابة توضحها الخرائط، فالمحور او طريق صلاح الدين هو اخر خطوة على الحدود المصرية مع غزة، من ناحية الجنوب، واسرائيل بعد ان اعلنت انها تضرب الشمال من قطاع غزة فقط، ثم هجرت الفلسطينيين للجنوب،باعتباره امن بدأت تضرب الجنوب ايضاً، فازاحت المهجرين الى محور فلادلفيا، وباتوا على طريق صلاح الدين حفاة عراة جوعى في العراء على بعد خطويتن من الحدود المصرية عند معبر كرم ابو سالم، في مخيمات للنازحين، وحينما تطوق اسرائيل المحور نفسه وتبدأ عملية عسكرية فيه كما اعلنت منذ ايام، فلن يتبقى امام النازحين من غزة والهاربين من القصف الا الاندفاع نحو المعبر واللجوء الى مصر فرارا من الموت المحقق والسحق الاسرائيلي، اذا اسرائيل تريد السيطرة على المحور ليس لتطويق غزة والقضاء على حماس ولكن لتنفيذ خطة التهجير حتى لو كلفها الامر حربا جديدة لانها بالفعل مفتوحة الجبهات على اي حال، وبالتالي تبسط نفوذها البري على رفح والأحياء المتاخمة للحدود الجنوبية، وهو انتهاك للسيادة المصرية.

_ اتهام مصر بتسليح حماس:

ولفشل اسرائيل في القضاء على حماس وللخروج من مازقها السياسي والعسكري، قررت تطويق غزة واحكام السيطرة عليها بالسيطرة على هذا الطريق، ولان نشر قوات اسرائيلية على هذا الطريق يعد خرقاً لاتفاقية السلام بين مصر واسرائيل، ادعت الأخيرة كذبا على مصر واتهمتها بتهريب السلاح لغزة عبر هذا الطريق، ربما تعتقد اسرائيل ان مصر سوف تخشى الاتهام ، او ان اسرائيل تستطيع تشويه سمعة مصر امام العالم بوضعها في خانة ممولة جماعة مصنفة ارهابية على القوائم الامريكية. حيث اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتينياهو، إن المنطقة المعروفة باسم “محور فيلادلفيا” أو طريق صلاح الدين،الحدودية بين مصر وقطاع غزة، يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية، لضمان عدم دخول أسلحة إلى غزة، ونزع السلاح من المنطقة كما يسعي.

ووجهت وسائل إعلام إسرائيلية اتهامات مباشرة لمصر بتسليح حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، زاعمة أن معظم الأسلحة التي حصلت عليها الحركة جاءت عبر الأنفاق من سيناء.، حيث صرح مسؤولون اسرائيليون، بإن “معظم ترسانة “حماس” ضد إسرائيل جاءت من مصر.، وأن “حماس” تمتلك اليوم أسلحة متطورة، تم تهريب العديد من الأسلحة المضادة للدبابات إلى غزة عبر الأنفاق من سيناء في مصر إلى قطاع غزة، وعبر الشاحنات التي تتحرك بين مصر وغزة”. ونقلت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان)، أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا مصر، الأسبوع الماضي، بأنهم يخططون لعملية عسكرية في منطقة محور فيلادلفيا، مضيفة أنه “على الرغم من أنه لم يُذكر متى ستتم مثل هذه العملية، إلا أنها إذا حدثت، فإنها ستتطلب إقالة المسؤولين الفلسطينيين الرسميين في المنطقة الحدودية واستبدالهم بقوات إسرائيلية”.

ونشر موقع “بحدري حرديم” المحسوب على التيار المتشدد في إسرائيل نفس التصريحات مضيفاً:” انه قبل سنوات، واجهت القوات الإسرائيلية الحجارة والزجاجات الحارقة التي ألقاها الفلسطينيون، أما هذه الأيام فيواجه الجيش الإسرائيلي أسلحة مثل الصواريخ الموجهة بالليزر والأسلحة المضادة للدبابات في غزة.”… يبدو ان نيتنياهو يريد إرضاء اليمين الإسرائيلي ايضاً، برغم التصدعات الحادثة على كافة المستويات الاسرائيلية، عسكرياً وسياسياً وشعبياً، لكن رئيس وزرائهم يوسع دائرة الحرب، ويزيد التوترات على الحدود، ولا ينصاع لأية ضغوط دولية يمليها عليه القانون الدولي والاتفاقات الأممية.

_مصر تنفي وتحذر:

ورغم ان مصر التزمت بسياسة ضبط النفس طويلاً، إلا ان خروج نية اسرائيل في السيطرة على طريق صلاح الدين للعلن صار يمثل تهديداً للأمن المصري، وهو ما دفع مصر للرد الحازم عبر بيان اصدره ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات للرد على تصريحات المسؤولين إسرائيليين، التي أشاروا فيها لوجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها، إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية…. وقال رشوان: “الفترة الأخيرة شهدت عدة تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تحمل مزاعم وادعاءات باطلة حول وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها، إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية بعدة طرق”. مؤكداً انها مجرد مزاعم تفندها الأمور التالية:

• تعرف كل دول العالم جيدا حجم الجهود التي قامت بها مصر في آخر 10 سنوات، لتحقيق الأمن والاستقرار في سيناء وتعزيز الأمن على الحدود بين رفح المصرية وقطاع غزة، حيث كانت مصر نفسها قد عانت كثيرا من هذه الأنفاق خلال المواجهة الشرسة مع المجموعات الإرهابية في سيناء، فهي كانت تمثل وسيلة لتهريب المقاتلين والأسلحة إلى سيناء لتنفيذ عمليات إرهابية.

• دفع هذا الوضع الإدارة المصرية لاتخاذ خطوات أوسع للقضاء على هذه الأنفاق بشكل نهائي، فتم عمل منطقة عازلة بطول 5 كيلو متر من مدينة رفح المصرية وحتى الحدود مع غزة، وتم تدمير أكثر من 1500 نفق، كما قامت مصر بتقوية الجدار الحدودي مع القطاع الممتد لـ14 كيلو متر، عبر تعزيزه بجدار خرساني طوله 6 متر فوق الأرض و6 متر تحت الأرض، فأصبح هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحت الأرض.

• من الملفت والمستغرب أن تتحدث إسرائيل بهذه الطريقة غير الموثقة عن ادعاءات تهريب الأسلحة من مصر لغزة، وهي الدولة المسيطرة عسكريا على القطاع وتملك أحدث وأدق وسائل الاستطلاع والرصد، وقواتها ومستوطناتها وقواتها البحرية تحاصر القطاع صغير المساحة من ثلاثة جوانب، وتكتفي بالاتهامات المرسلة لمصر دون أي دليل عليها.

_دليل كذب اسرائيل:

• أي ادعاء بأن عمليات التهريب تتم عبر الشاحنات التي تحمل المساعدات والبضائع لقطاع غزة من الجانب المصري لمعبر رفح، هو لغو فارغ ومثير للسخرية، لأن أي شاحنة تدخل قطاع غزة من هذا المعبر، يجب أولا أن تمر على معبر كرم أبو سالم، التابع للسلطات الإسرائيلية، والتي تقوم بتفتيش جميع الشاحنات التي تدخل إلى القطاع. كذلك، فإن من يتسلم هذه المساعدات هو الهلال الأحمر الفلسطيني والمنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة كالأونروا، وهو ما يضيف دليلا آخر على كذب المزاعم الإسرائيلية.

• الجوهر الحقيقي لادعاءات إسرائيل، هو تبرير استمرارها في عملية العقاب الجماعي والقتل والتجويع لأكثر من 2 مليون فلسطيني داخل القطاع، وهو ما مارسته طوال 17 عاما.

_شرعنة الاحتلال:

• إمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين، في قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر. وهنا يجب التأكيد الصارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية، فمصر فضلا عن أنها دولة تحترم التزاماتها الدولية، فهي قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار.

• ينضم هذا الخط المصري الأحمر إلى سابقه والذي أعلنته مصر مرارا، وهو الرفض القاطع لتهجير أشقائنا الفلسطينيين قسرا أو طوعا إلى سيناء، وهو ما لن تسمح لإسرائيل بتخطيه.

• مصر كانت المبادرة وقامت بالاتفاق مع إسرائيل عامي 2005 و2021، على زيادة حجم قوات وإمكانيات حرس الحدود في هذه المنطقة الحدودية من أجل تأمين الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، واحتراما لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وحتى لا تتخذ الأخيرة من جانبها أي خطوة انفرادية.

_الفساد في الداخل:

• على الحكومة الإسرائيلية أن تجري تحقيقات جادة بداخل جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، للبحث عن المتورطين الحقيقيين في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من بينهم بهدف التربح. فالعديد من الأسلحة الموجودة داخل القطاع حاليا هي نتيجة التهريب من داخل إسرائيل.

• هل يمكن للمسؤولين الإسرائيليين مروجي الأكاذيب ضد مصر، أن يفسروا مصدر الكميات الكبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات المنتشرة في مختلف مناطق الضفة الغربية حسب بياناتهم الرسمية، في ظل السيطرة الكاملة عليها، وأنه ليس لها أي نوع من الحدود مع مصر، ولن يجدوا حينها سوى نفس المتورطين من جيشهم وأجهزة دولتهم وقطاعات مجتمعهم، في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بهدف التربح.

• توضح المعلومات أن معظم عمليات تهريب الأسلحة الثقيلة لقطاع غزة، تتم عبر البحر المتوسط، حيث تسيطر على شواطئه مع غزة بصورة تامة القوات الإسرائيلية البحرية والجوية، مما يشير إلى نفس النوعية من المتورطين في إسرائيل من جيشها وأجهزة دولتها وقطاعات مجتمعها، في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة بهدف التربح.

_السلاح مصنع محلياً:

• تجدر الإشارة إلى ما تتجاهله التصريحات الإسرائيلية، وهو ما كشفت عنه بيانات الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الجارية، خاصة المصورة منها، عن ضبط العديد من ورش تصنيع الأسلحة والصواريخ والمتفجرات داخل الأنفاق بغزة، مما يعني أن هناك احتمالا كبيرا لأن يكون جزءا كبيرا من تسليح حماس والفصائل الفلسطينية تصنيعا محليا وليس عبر التهريب.

• هذه الادعاءات والأكاذيب هي استمرار لسياسة الهروب للأمام التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية بسبب إخفاقاتها المتوالية في تحقيق أهدافها المعلنة للحرب على غزة، فهي تبحث عن مسؤول خارجها لهذه الإخفاقات، كما فعلت أيضا نفس الشيء مؤخرا باتهام مصر في محكمة العدل الدولية بأنها هي التي تمنع وتعوق دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، على الرغم من علمها التام بأن مصر لم تغلق معبر رفح من جانبها ولو للحظة واحدة.

• دعم وتضامن الشعب المصري الكامل مع القضية الفلسطينية، أمر مؤكد وواقعي دون أدنى شك، ويتماشى مع الموقف الرسمي لمصر من دعم حقوق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الـ 4 من يونيو 1967. لكن هذا التضامن والدعم الشعبي والرسمي للقضية الفلسطينية، لا يتعارض مع تأمين حدودنا ومنع التهريب منها وإليها، وأن دعم القضية الفلسطينية له الكثير من الطرق السياسية التي تأتي بثمارها وصولا لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، والتي تقوم بها مصر بشكل علني منذ بدء الأزمة الأخيرة، وقبلها طوال الوقت دعما للشعب الفلسطيني الشقيق.

• لا شك أن مثل هذه الادعاءات الكاذبة لا تخدم الجهود المصرية الإيجابية المبذولة لحل الأزمة في غزة، والتي أثرت على كل المنطقة وجعلتها مهيأة لتوسيع دائرة الصراع، الأمر الذي حذر منه الرئيس عبد الفتاح السيسي وسعى إليه مرارا وتكرارا.

• الخلاصة هي أن هذه الادعاءات الكاذبة لا تخدم معاهدة السلام التي تحترمها مصر، وتطالب الجانب الإسرائيلي بأن يظهر احترامه لها ويتوقف عن إطلاق التصريحات التي من شأنها توتير العلاقات الثنائية في ظل الأوضاع الحالية الملتهبة. وتطالب مصر كل من يتحدث عن عدم قيامها بحماية حدودها أن يتوقف عن هذه الادعاءات، في ظل حقيقة أن لها جيشا قويا قادرا على حماية حدودها بكل الكفاءة والانضباط. وستظل مصر تواصل دورها الإيجابي الطبيعي من أجل حل كافة مشكلات المنطقة، ولن تنجح هذه الادعاءات الكاذبة في إثناء مصر عن القيام بمسؤولياتها الداخلية والإقليمية والدولية.

_كيف يمكن لإسرائيل السيطرة على المحور؟

رغم صرامة الموقف المصري تجاه اتهامات اسرائيل ومحاولتها لشرعنة احتلال ممر فلادلفيا، إلا أن البعض يهون من العواقب التي يمكن ان تترتب على ما تنوي اسرائيل فعله، فوفقاً لسيد غنيم الأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، أنه حال “قررت إسرائيل اجتياح خط فيلادلفيا، ستقوم بعمليات تمشيط على الشريط الحدودي مع مصر، وستواصل القصف النيراني الجوي والبحري والمدفعي والصاروخي على مدينة رفح والأحياء المتاخمة للحدود الجنوبية، وستركز على الأهداف المشكوك فيها على الشريط الحدودي داخل قطاع غزة”. وتلك الخطوة تتم عبر عناصر القوات الخاصة، والجرافات التي تحمل رشاشات إلكترونية، والعربات المدرعة، والدبابات وسيتم تفتيش وفحص المنازل والأماكن المشكوك فيها للبحث عن الأنفاق، وستسعى إسرائيل للسيطرة على تلك المناطق لتأمينها وإنشاء سواتر ترابية على طول خط الحدود مع مصر داخل القطاع، وتقوم بتأمينها كما لو كانت جزءا من إسرائيل”.

اذا حدث ذلك سيكون تعدياً على السيادة المصرية، والامن القومي المصري، لا يمكن تمريره او الموافقة عليه او قبوله، تحت اي حجة، فمصر تدعم اهل غزة، وتدعم التوفيق بين وجهات نظر الاطراف المتصارعة لكنها لا تدعم الارهاب ولا التسليح، ولا تضحي بسيادتها، لاجل خاطر اي طرف مهما كانت الاسباب، لكنها ايضاً وبالرغم من قدرتها العسكرية المتميزة،لا تدعم فكرة التصعيد العسكري، وربما تجد الاطراف الوسيطة سبلا للضغط على اسرائيل للتوقف عن فكرة تطويق غزة عبر طريق صلاح الدين. حرصا على اتفاقية السلام مع مصر.

_هل يتأثر التنسيق الأمني؟

وحتى يحدث ويجد الوسطاء سبلا للصغط، قد يكون الرد العملي المناسب هو التوقف عن التنسيق الأمني بين مصر واسرائيل كما يرى د. عمرو الشوبكي، الباحث السياسي، عضو مجلس النواب المصري السابق، والذي يقول أن التحذير المصري الأخير يأتي في إطار “سياسة التصريحات القوية، التي تتبادلها كلا الدولتين منذ بدء الحديث عن أزمة محور فيلادلفيا، وان تأثير ما يحدث سيكون بشكل أساسي على التنسيق الأمني، ومن غير المتوقع أن يتخذ أبعادا أخرى كتصعيد عسكري أو قطع للعلاقات وهكذا سيظل كل طرف يمارس الضغوط على الطرف الآخر بشكل سياسي.

لا احد رابح في الحرب، كل الاطراف خاسرة، حتى المدنيين الاسرائيليين، الكل يدفع الثمن، لذلك تدفع بعض الاصوات نحو التعقل وضبط النفس، حتى من الداخل الاسرائيلي المنقسم على استمرار الحرب من عدمه، فظهرت اصوات لمحللين اسرائيليين منهم يوآف شتيرن،. الذي لفت إلى أن “كل الأزمات بين إسرائيل ومصر في السابق تم احتواؤها وفق مصالح البلدين، ويمكن احتواء الخلافات الحالية بطريقة تحترم مصالح الأمن القومي للطرفين”، لأن العلاقات بين البلدين مهمة جدا للمنطقة والأطراف المنخرطة في هذه المسألة. والضرر هنا سيكون له دلالات سلبية جدا على المنطقة ككل، ولن يكون لأي طرف مصلحة سوى إيران”.

_ماذا تقول اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل؟

تسمح اتفاقية كامب ديفيد لإسرائيل ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات على ذلك المحور، وذلك بهدف القيام بدوريات على جانب المحور المصري، لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الإجرامية الأخرى.، وتتيح الاتفاقية تواجدا إسرائيليا ضمن هذا الشريط العازل “محور فيلادلفيا”، وهو يقع ضمن المنطقة “د” بموجب الملحق الأول، البروتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلي وترتيبات الأمن، والتي تتيح تواجد قوة عسكرية إسرائيلية محدودة من 4 كتائب مشاة وتحصينات ميدانية ومراقبين من الأمم المتحدة.، ولا تتضمن القوة الإسرائيلية أي تواجد للدبابات أو المدفعيات أو الصواريخ، ما عدا الصواريخ الفردية “أرض-جو”.

كانت القوات الإسرائيلية تسيطر على هذه المنطقة “د” بما يتضمن محور فيلادلفيا، حتى انسحابها منها وتسليمها للسلطة الفلسطينية عام 2005، ولترتيب تواجد مصري لقوات حرس الحدود، تم توقيع اتفاقية جديدة عرفت باسم “اتفاقية فيلادلفيا” والتي تتماشي مع اتفاقية “المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية” التي تم التوقيع عليها في العام ذاته.،ووقعت إسرائيل مع مصر على اتفاقية فيلادلفيا باعتبارها تابعة لاتفاقية كامب ديفيد، والتي حددت مسافة 14 كم كشريط عازل على طول الحدود بين مصر وغزة.

وجاءت الاتفاقية بعدما أقر “الكنيسيت” السلطة التشريعية للحكومة الإسرائيلية عام 2004، قرارا بسحب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، والذي دخل حيز التنفيذ في أغسطس 2005.،وسمحت الاتفاقية بتنسيق أمني إسرائيلي مصري، وتواجد أمني مصري من قوات حرس الحدود على طول شريط فيلادلفيا، والقيام بدوريات من كلا الطرفين.،ونصت على أن التواجد المصري في هذه المنطقة هو “لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود” وليس مخصصا لأي غرض عسكري، وأن هذه الاتفاقية لن تغير أو تعدل في اتفاقية السلام الرئيسية مع مصر بالحفاظ على المنطقة “ج” منزوعة السلاح، واعتبار اتفاقية فيلادلفيا على أنها “بروتوكول أمني” لضمان عدم وجود عسكري مصري قريب من الحدود الإسرائيلية.

وبموجب اتفاق مع إسرائيل، يقوم 750 جنديا (من قوة ليست عسكرية وإنما شرطية)، بدوريات على طول الحدود، مسلحين بأسلحة خفيفة وعربات مدرعة، إضافة إلى عدد غير محدد من عناصر الشرطة غير المسلحين. وقبل عامين من انسحابهم، أقام الإسرائيليون جدارا من الإسمنت والمعدن بطول 7 كيلومترات وبعلو 8 أمتار لعزل قسمي مدينة رفح، التي قُسّمت لشطرين عقب اتفاقية كامب ديفيد، بين مصر وغزة.

_تاريخ من الجهود:

من المدهش ان تجد في موقف مصر ثباتا على مدار عقود، من القضيةالفلسطينية، والوقوف على مسافة تحمي ابنائها من تداعيات الصراع في الاراضي الفلسطينية، وان تدفع مصر ثمناً غالياً عبر سنوات مكافحة الارهاب، ثم تجد نفسها محط اتهامات من كل الاطراف بسبب الحدود الجغرافية، وتنسى بعض الاطراف الجهود التي بذلتها مصر على مدار عقود طويلة في مسألة الانفاق بين سينا وغزة، ففي مارس 2014 نشر مركز الزيتونة الفلسطيني بنشرته اليومية تقريراً عن أن مصر تفرض حصاراً على حماس وغزة وانها تمنع عمليات التهريب اللازمة لدعم حماس بالسلاح و المال باعتبارها حركة مقاومة ضد اسرائيل! وهو عكس الاتهام الحالي.

في 27 ديسمبر 2008، وفي محاولة لوضع حد لإطلاق الصواريخ المستمر على إسرائيل من غزة، أطلقت إسرائيل عملية “الرصاص المصبوب” هي عملية عسكرية ممتدة شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في فلسطين من يوم 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009. وجاء وقف إطلاق النار الإسرائيلي من جانب واحد بعد أن وافقت إسرائيل والولايات المتحدة على مذكرة تفاهم تنص على تعزيز التعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة والحكومات الإقليمية لمنع تهريب الأسلحة. كما وعدت المذكرة بزيادة المساعدات الأمريكية لمصر في جهودها لمكافحة التهريب. ودعا الاتفاق إلى إنشاء قوة مراقبة دولية بالقرب من الحدود بين مصر وغزة ـ وهي الفكرة التي رفضتها الحكومة المصرية.

منذ توقف عملية الرصاص المصبوب،.كان الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يتحرك بحذر. في مسألة فتح معبر رفح الذي تم فتحه في يناير 2008 بعد احتجاجات شعبية.، وبذلت مصر جهوداً حثيثة لتأمين الحدود، على مدار السنوات الماضية، ومنعت تهريب السلاح، وهدمت الانفاق خاصة وان ذلك لا يتعارض مع المصالح المصرية؛ فاخر ما تريده مصر على عتبة بابها هو وجود كيان متطرف مدجج بالسلاح تديره “حماس” التي تتمتع بعلاقات وثيقة للغاية مع جماعة الإخوان المسلمين التي ازاحها المصريون عن الحكم في عام 2013. فكيف يمكن ان تمدها بالسلاح؟!أن أي مشاكل في تهريب الأسلحة تنبع من الحصار الإسرائيلي لغزة.

ليس ذلك كل شىء، ولكن بحلول أوائل شهر مارس من العام 2008 أرسلت مصر فرقة من القوات المصرية إلى تكساس للتدريب على يد فيلق المهندسين بالجيش الأمريكي على كيفية اكتشاف الأنفاق وتدميرها. وبالمثل، رحب الجيش المصري بمساعدة الفنيين من سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي للعمل “كمستشارين” لدوريات الحدود المصرية على طول جزء من الحدود المعروف باسم ممر فيلادلفيا للمساعدة في تحديد مواقع الأنفاق وتدميرها.، حتى ان مصر أرسلت قوات إلى حدودها مع السودان لاعتراض مهربي الأسلحة وفقاً لمصادر استخباراتية ودفاعية إسرائيلية آنذاك.

تاريخ الخبر: 2024-01-26 12:22:43
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

لوكا مودريتش يحطم رقما قياسيا في أبطال أوروبا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:26:02
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 68%

الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة أكبر من أوكرانيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:25:51
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 70%

الوكالة العالمية للمنشطات تفرض عقوبات على تونس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:26:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 70%

لوكا مودريتش يحطم رقما قياسيا في أبطال أوروبا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:25:54
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 64%

في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:26:22
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

الوكالة العالمية للمنشطات تفرض عقوبات على تونس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:26:19
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

حماس تطلب توضيحا بشأن "شرط غير مفهوم" في اقتراح الهدنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:26:12
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 55%

حماس تطلب توضيحا بشأن "شرط غير مفهوم" في اقتراح الهدنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:26:06
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 15:26:27
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية