كيف نجحت حكومة أخنوش في أوسع إصلاح للمنظومة التربوية؟


الدار/ افتتاحية

من المؤكد أن ما أنجزته حكومة عزيز أخنوش في ملف التعليم يعدّ أحد أهم الإنجازات التي تحقّقت منذ سنوات في هذا القطاع. لقد شكّل النظام الأساسي الجديد الذي تقترب الحكومة من تقديم صيغته النهائية سياقا مناسبا لمقاربة العديد من المطالب التي كان رجال ونساء التعليم يرفعونها منذ سنوات ولم تكن تلقى آذانا صاغية من طرف الحكومات السابقة. تكمن أهمية العمل الذي أنجزته حكومة أخنوش في عدم اقتصاره على إصلاح جزئي يهم الجوانب التشريعية والتنظيمية فقط، بل كان عملا شاملا امتدّ أيضا إلى الاستجابة للمطالب المادية والإدارية للعديد من الفئات العاملة في هذا القطاع.

ليس من السهل أبدا التعامل مع مطالب أكبر قطاع من قطاعات الوظيفة العمومية يُشغّل ما يناهز 300 ألف موظف، وتتطلب إدارته أكبر ميزانية عمومية تناهز ربع الميزانية العامة. صحيح أن موجة الإضرابات التي خاضها رجال ونساء التعليم كانت طويلة وغير مسبوقة، لكنّ طريقة تعامل الحكومة معها أظهرت أيضا نضجا سياسيا كبيرا كان هاجسه الأساسي هو مراعاة المصلحة العامة القائمة بالأساس على الحفاظ على حق المتعلّمين في الحصول على خدمة تعليمية وفقاً لما ينص عليه الدستور. وهذا النضج ظهر أيضا في النفَس الطويل الذي أظهرته الحكومة في عملية الحوار الاجتماعي علما أنها لم تكن تتعامل مع النقابات الأكثر تمثيلية فقط بل كانت مضطرة أيضا للتعامل مع التنسيقيات التي تأسست على هامش هذه الأزمة.

سيتذكّر رجال ونساء التعليم جيدا أن حكومة عزيز أخنوش كانت أول حكومة في العقود الأخيرة تمنحهم زيادة في الأجور تصل دفعة واحدة إلى مبلغ 1500 درهم. يستحق المربّون والأساتذة والمعلمون أكثر من ذلك بالتأكيد، لكن ما حصلوا عليه لم يكن أصلا في حسبان مطالب التمثيليات النقابية قبل الإعلان عن مناقشة النظام الأساسي الجديد. زيادة 500 درهم أخرى فيما يتعلق بالتعويضات كانت مكسبا آخر انضاف إلى المكاسب الكثيرة التي حقّقها العاملون في هذا القطاع. ماذا يعني تقديم حكومة عزيز أخنوش لهذه الزيادات التي لم تكن أصلا من بين المطالب الأساسية؟ هذا لا يعني إلا شيئا واحدا وهو حسن النية الذي كان يحرك الحكومة ويقف وراء سعيها إلى إصلاح قطاع التربية الوطنية.

لقد كان هذا القطاع باستمرار مجال خلافات وموضوع إصلاحات مثيرة للجدل دائما، بل لم تتردد بعض التيارات والأحزاب في لحظة من اللحظات في توظيفه توظيفا سياسيا. وهنا لا بد أيضا من التنويه إلى أن مقاربة حكومة أخنوش لهذا الملف لم تكن أبدا بأهداف سياسية. لقد كان واضحا حرص الحكومة على صياغة نظام أساسي جديد ومتطور يواكب تحولات المنظوم التربوية وأهدافها الاستراتيجية لا أقل ولا أكثر. لم يكن من المعقول أبدا أن يدخل تطبيق الرؤية الاستراتيجية منذ 2015 حيز التنفيذ دون أن يخضع النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم لمراجعة بدوره كي يتلاءم مع مقتضيات هذه الرؤية.

عودة رجال ونساء التعليم إلى فصولهم واستئناف التلاميذ والتلميذات دروسهم دليل على أن الحكومة تعاملت مع هذه الأزمة بحرص كبير على المصلحة العامة واستمرار المرفق العمومي والحفاظ على كرامة المعلم والأستاذ. وقد تجنّبت إلى أبعد مدى الدخول في مواجهات أو صدامات مباشرة مع التنسيقيات التي تمثل المضربين في الوقت الذي كانت فيه الكثير من الأصوات تتعالى مطالبة بالحزم والصرامة. لكنّ موقع المسؤولية التي تتصرف الحكومة انطلاقا منه يختلف طبعا عن موقع التعليق والمتابعة، وموقع من يكتفون بالتحليل والتنظير بعيدا عن أيّ قوة اقتراحية إيجابية تساعد على حلحلة هذا النوع من الأزمات. وهذا ما فضّلت حكومة عزيز أخنوش التركيز عليه: الحلّ بدلاً من المشكلة.

تاريخ الخبر: 2024-02-04 12:26:15
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

بوريل يدعو إلى عدم بيع الأسلحة لإسرائيل

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 12:25:54
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

بوريل يدعو إلى عدم بيع الأسلحة لإسرائيل

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 12:25:49
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

السجن سنة ونصف للمدون يوسف الحيرش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 12:25:48
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية