يبدو أن الخارجية الأمريكية باتت متمسكة أكثر من أي وقت مضى باعترافها التاريخي بمغربية الصحراء، وأصبح موقفها ثابتا غير خاضع لأي مساومة سواء كانت سياسية أو اقتصادية، في حين يبقى هذا الاعتراف هو الأقوى بالنسبة للمملكة المغربية، نظرا لما نتج عنه من مزايا إقليمية وقارية ودولية.
وظهر هذا الأمر جليا في المباحثات الهاتفية التي جرت بين الخارجية الأمريكية ونظيرتها الجزائرية، التي عادة ما تتطرق إلى ملف الصحراء، لكن غير أن هذه المرة لم يشر بيان وزارة الخارجية الجزائرية وأيضا تصريحات مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إلى هذا الأمر، الشيء الذي يعطي إشارات قوية ودلالات واضحة على التزام الشريك الاستراتيجي الأمريكي بموقفه القوي تجاه القضية الوطنية الأولى للمملكة المغربية.
عبد الصمد بلكبير، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، قال إنه “لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تغير موقفها تجاه قضية الصحراء المغربية، لأنه يدخل في سياق إستراتيجية كبيرة جداً بالنسبة للوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لأمريكا، علما أن هذا الاعتراف له معارضين أبرزهم بايدن وممثليه”.
وأضاف بلكبير، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الإتجاه العام الأمريكي في سياسته الخارجية مستمر في اعترافه بمغربية الصحراء نظراً لعظمة وعراقة الدولة ومكانتها على المستوى الدولي باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي”، مشيرا إلى أنه “لا يمكن أن تتلاعب في سياستها الخارجية مهما ما حصل”.
وتابع المتحدث عينه أنه “في جميع الأحوال فالاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية له تبعات عديدة، ومبني على استراتيجيات عميقة ومبادرات تنموية خاصة في المنطقة الجنوبية، وامتدادها الطويل إلى دول القارة الأفريقية، وأن المبادرة الأطلسية التي تهتم بدول الساحل تعتبر خارطة إستراتيجية جديدة تدل على وجود ضخم للاستثمارات التنموية في المنطقة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه “لا يمكن أن نتصور هذا التحول المغربي دون الموقف الأمريكي، وحتى على المستوى الأوروبي فإن أمريكا كانت سببا في كسب صوت إسبانيا وأيضا ألمانيا، والفرق يكمن في أن السياسية الألمانية هي امتداد لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية”، متابعا: “في حين أن جل المؤشرات تدل على بداية الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وأن موقف الجزائر تابع لفرنسا بصفة مباشرة، في حالة إذا غيرت فرنسا موقفها فإنه من الممكن أن تغير الجارة الشرقية موقفها تجاه القضية”.
