أُخذت مقولة ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، في نحو 1944، عندما قال عن أمريكا: «يمكن الاعتماد عليها للقيام بالشيء الصحيح فور استنفاد كل الخيارات الأخرى المتاحة»، كطريقة جيدة لوصف سياسة إدارة بايدن للتعامل مع إيران الآن.

ففي الثاني من فبراير، وبعد ما يقرب من أسبوع من التردد والإشارات العلنية، شنت الولايات المتحدة أخيرًا سلسلة من الضربات الجوية ضد الميليشيات المدعومة من إيران، وعناصر من الجيش الحرس الثوري الإسلامي، في كل من سورية وإيران.

ومن المفترض أن يكون هذا مجرد بداية لما أشار إليه الرئيس بايدن أنه سيكون ردًا طويل الأمد على العدوان الواسع النطاق الأخير من قِبل الميليشيات المدعومة من إيران في المنطقة.

وكان السبب المباشر للهجوم الأمريكي هو غارة جوية بطائرة دون طيار في أواخر يناير على موقع عسكري أمريكي في الأردن، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود وإصابة العشرات. لكن الغرض الحقيقي من الحملة هو أكثر إستراتيجية، وهو لإعادة ضبط وضع الردع الأمريكي الذي تآكل بشكل كارثي في ​​الأشهر الأخيرة.

موقف دفاعي

وفي رسالة واضحة وجهها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مفادها أن أمريكا أصبحت اليوم في موقف دفاعي بالمنطقة، بينما تنتصر الجمهورية الإسلامية، وذلك في خطاب عام أمام أعضاء الحرس الثوري الإيراني، مبيّنا أن إيران تسير في مسيرة جميع أنحاء الشرق الأوسط، وأن أمريكا ليست في وضع يسمح لها بإيقافها.

وقال في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «فارس» الرسمية: «لا يمكن للعدو أن يتخذ أي إجراء ضدنا، لأنه يعلم أن قواتنا قوية وقادرة. في السابق كانوا (الولايات المتحدة) يتحدثون مع وجود تهديدات وخيارات عسكرية مطروحة على الطاولة. لكن الآن، لا توجد مثل هذه المحادثات، ويقولون إنهم ليست لديهم أي نية للصراع معنا. إنها القوة. شعبنا وقواتنا المسلحة هم من خلقوا هذا الردع».

استعادة الإستراتيجية

وذكر إيلان بيرمان، النائب الأول لرئيس مجلس السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن، بناء على خطاب رئيسي، أنه إذا أرادت واشنطن استعادة الإستراتيجية المرتفعة، فسوف تحتاج إلى الاستعداد لمزيد من التصعيد.

فإلى جانب استهداف المسلحين في أماكن مثل العراق وسورية، سيتعين عليها أن تضع أنظارها بشكل جدي على الحرس الثوري الإيراني نفسه. وحتى الآن، توضح التقارير أن الولايات المتحدة لم تصل إلى حد استهداف أصول رفيعة المستوى في الحرس الثوري الإيراني بالطريقة التي فعلتها إدارة ترمب عندما قضت على قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، الذراع شبه العسكرية للحرس الثوري الإيراني، في يناير 2020.

وفي الواقع، يعد إعلان الموسم المفتوح للحرس الثوري الإيراني أمرًا حيويًا، لأنه يعمل بمثابة النسيج الضام الذي يربط الجمهورية الإسلامية بشبكتها الواسعة من الوكلاء الإرهابيين.

وفي الحالات القصوى، إذا لم يكن هذا كافيا لتهدئة سياسات إيران الإقليمية، فسوف يكون لزاما على الولايات المتحدة أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. وكما أشار عدد من كبار المشرعين، فقد يكون من الضروري أن يضرب الجيش الأمريكي أهدافا إستراتيجية داخل إيران نفسها من أجل إرسال رسالة واضحة لا لبس فيها إلى القيادة الإيرانية مفادها أن نشاطها الإقليمي يأتي بتكلفة عالية.

مع ذلك، فإن هذا هو بالضبط نوع التصعيد الذي يسعى البيت الأبيض بشدة إلى تجنبه. وقد أصر مسؤولو الإدارة، بما في ذلك الرئيس بايدن نفسه، على أنهم لا يريدون الحرب مع إيران.

ضبط الردع

وتابع بيرمان إن إعادة ضبط الردع الأمريكي بشكل حقيقي قد تتطلب اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى المخاطرة بحدوث مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. ولا يزال هناك سؤال مفتوح إلى حد كبير: ما إذا كان فريق بايدن، الذي يواجه إعادة انتخاب صعبة بشكل متزايد في الداخل، مستعدًا للقيام بذلك؟ وبيّن أنه من الضرورة تذكر المقولة الأفضل للمسؤولين في 1600 شارع بنسلفانيا، وهي مقولة مختلفة وقديمة تقول: «إذا كنت تريد السلام، فاستعد للحرب».

ماذا يجب على الولايات المتحدة لردع إيران؟

- استهداف المسلحين في أماكن مثل العراق وسورية واليمن.

- يتعين عليها أن تضع أنظارها بشكل جدي على الحرس الثوري الإيراني نفسه.

- استهداف أصول رفيعة المستوى في الحرس الثوري الإيراني بالطريقة التي فعلتها إدارة ترمب.

- ضرب أهداف إستراتيجية داخل إيران نفسها من أجل إرسال رسالة واضحة إلى القيادة الإيرانية مفادها أن نشاطها الإقليمي يأتي بتكلفة عالية.