كيف عزّزت أزمة الإضرابات الشراكة الجديدة بين رجال التعليم والحكومة؟


الدار/ افتتاحية

المراسيم التي صادق عليها مجلس الحكومة أمس الخميس في قطاع التربية الوطنية تمثل نقلة نوعية وتاريخية في هذا القطاع، لا سيّما فيما يتعلّق بالعناية بموارده البشرية. لأول مرة سيستفيد رجال ونساء التعليم في بلادنا من زيادة تصل إلى 1500 درهم ستكلّف غلافا ماليا كبير يقدر بـ 9 مليارات درهم. وسيصل الغلاف المالي الإجمالي المخصّص لتنزيل النظام الأساسي الجديد لموظفي القطاع 17 مليار درهم. على الرغم من أهمية هذه الأرقام ووقعها في الميزانية العمومية إلا أن الأهم هو ما تعكسه من إرادة سياسية واضحة لإتمام الإصلاحات التي شهدها هذا القطاع والانتقال إلى مرحلة التنفيذ والتنزيل.

لم يعد هناك أيّ مجال إذاً للتشكيك في نوايا هذه الحكومة أو الأحزاب المشكلة للأغلبية ورغبتها الراسخة في مباشرة الإصلاحات التي تقاعست عنها حكومات أخرى تعاقبت على تدبير الشأن العام والتعليمي على الخصوص. الزيادة في أجور الأساتذة أصبحت اليوم واقعا وستظهر عمّا قريب في الحسابات البنكية لرجال التعليم ونسائه، وستنعكس تدريجيا على القدرة الشرائية لهذه الفئة المهمة من موظفي الدولة. زيادة 1500 درهم في الأجر الأساسي ستنضاف إلى زيادة 500 درهم في التعويضات، علاوة على زيادات أخرى ستشمل على سبيل المثال الدرجة الثالثة من خارج السلم التي يحظى بها الأساتذة انطلاقا من بلوغهم الرتبة الثالثة في سلّم الترقّي. هذه التعديلات التي شملت موارد الأساتذة ومداخيلهم كلّها تمثل جزء من هذه الإرادة الإصلاحية العميقة.

كان بعض المتشائمين يعتقدون أن الإضرابات التي خاضها رجال التعليم ونساءُه للمطالبة بإعادة صياغة النظام الأساسي ستؤدي إلى إنهاء الموسم الدراسي قبل موعده القانوني وإلى “سنة بيضاء” كما يشيع وصفها بين الناس، لكنّ الحكومة كان لها رأي آخر. هذا الرأي هو الإصرار على الحوار والنقاش وفسح المجال أمام النقابات الأكثر تمثيلية وتعزيز الحوار الاجتماعي والإصغاء للأطراف كلّها بما في ذلك صوت التنسيقيات التعليمية التي أفرزتها احتجاجات هذا الموسم. لم يكن الأمر سهلا بتاتا، لقد مرّ الموسم الدراسي الحالي بلحظات تصعيد وتوتّر بالغة للغاية، وكاد البعض أن يفقد الأمل في إمكانية عودة الأساتذة إلى فصولهم والتلاميذ إلى مدارسهم.

لكن على ما يبدو فإن الجميع تحلّى في النهاية بقدر من الوطنية والإخلاص والرغبة في إحقاق الحقّ وإنصاف من يستحقّ. صحيح أن فترة الإضراب طالبت أكثر من 3 أشهر، لكنّها انتهت نهاية سعيدة وعاد السير العادي للدراسة كأن شيئا لم يكن. لقد اتخذت وزارة التربية الوطنية مجموعة من الإجراءات الاستعجالية لتدارك الموسم الدراسي، وها هي ذي الدورة الأولى تقترب من النهاية بعد أن حصل المتعلّمون على حصص الدعم واجتازوا الحدّ الأدنى من الاختبارات والفروض المدرسية في أفق الحصول على النتائج المدرسية عمّا قريب. ماذا يعني ذلك كلّه؟ لا يمكن تفسير ما حدث إلا بكفاءة الحكومة في إدارة هذا الملف الساخن وحسن النية الذي كان يحكم أيضاً الحركة الاحتجاجية للأطر التربوية والإدارية.

لقد طوى الجميع صفحة الماضي، وسينتقل القطاع إلى مرحلة تنزيل الجيل الجديد من الإصلاحات وعلى رأسها مشروع مدارس الريادة على مستوى التعليم الابتدائي في مرحلة أولى. ومن المفترض أن تظهر نتائج هذه التجربة في نهاية الموسم الدراسي المقبل من خلال تقييم تحصيل المتعلّمين من جهة وأداء المعلمين من جهة أخرى. ومن المؤكد أن السرّ وراء نزع فتيل هذه الأزمة التي كادت تنفجر وتتحوّل إلى أزمة مجتمعية هو روح المسؤولية العالية التي وسمت أداء الحكومة بعيدا عن المزايدات والمغامرات التي كان البعض يحاول توريطها فيها من خلال قرارات متشدّدة.

لا بدّ من التذكير بأن قرارات توقيف الأساتذة على سبيل المثال لم تصدر إلا بعد الاتفاق النهائي والشروع في تنزيله، وكانت أصلا بسبب بعض التجاوزات التي خرجت عن إطار النضال النقابي المشروع. ومع ذلك فإن وزير التربية الوطنية أعلن خلال مجلس الحكومة الذي انعقد يوم أمس أن الوزارة ملتزمة بمعالجة ملفات هؤلاء الأساتذة الذين شملهم التوقيف. وهذا يؤكد أن الحكومة كانت وما تزال تراهن على حلّ المشكلة بدلا من تأزيمها أو تعقيدها. ولعلّ هذه التجربة التي رأى فيها البعض محنة حقيقية شكلت في العمق منحة لرجال التعليم ونسائه والحكومة أيضا من أجل بناء تعاقد جديد على أسس متينة قوامها المسؤولية والالتزام واحترام الآخر.

تاريخ الخبر: 2024-02-16 09:25:54
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:39
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:46
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:01
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:54
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:07
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:58
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية