أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط محمد غزالي، أن تزايد وتيرة متابعة برلمانيين ومنتخبين جماعيين بتهم فساد مالي وإداري “رسالة بأن القرب من السلطة ليس أداة للإفلات من الحساب، و”مؤشر إيجابي على أن المغرب تغير”.
وأضاف غزالي، في حديث لـ”الأيام 24″، أن ارتفاع متابعة المنتخبين يؤكد أن “الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية تقومان بعملهما على أحسن وجه في مواجهة الفساد بكل صوره، مما يجعل زمن الإفلات من العقاب جزء من الماضي”.
وتم اعتقال ومتابعة أغلب البرلمانيين والمنتخبين الجماعيين بتهم التورط في اختلالات مالية وإدارية واختلاس وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ والارتشاء والنصب والتزوير في محررات رسمية، إضافة إلى متابعة آخرين في قضية تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات.
وسجل غزالي، أن “الدولة العميقة إن صحت التسمية، حققت ما أرادت من إفراز نخب وزارية وبرلمانية جديدة، لكنها غير مستعدة للتسامح مع الفساد كما كان سائدا من قبل، حيث كان المفسدون يؤدون خدمات متعددة للدولة مقابل غض الطرف عن بعض أنشطتهم”.
واعتبر المتحدث أن “الرسالة التي تريد أن توصلها الدولة من خلال هاته المتابعات هي أن القرب من السلطة ليس أداة للإفلات من الحساب، وأن سيف القانون يطال الجميع بغض النظر عن الموقع السياسي”، مشددا على أن “هذا فيه تكريس لروح التعليمات الملكية بتخليق الممارسة البرلمانية وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وعن أسباب ارتفاع عدد البرلمانيين والمنتخبين المتابعين، قال غزالي، إن “الإجابة عن هذا السؤال تتطلب العودة إلى انتخابات 8 شتنبر 2021 عشية تغير النخب البرلمانية والجماعية، حيث تحولت من نخب حزبية أفرزها حراك الربيع العربي وحركة 20 فبراير والتي تميزت بأنها عموما نخب مؤدلجة لها برامج ورؤى ومواقف سياسية، إلى نخب تكنوقراطية تم اللجوء إلى خدماتها لإسقاط حزب معين وإبعاده عن تدبير الشأن العام”.
وتابع أن أغلب الأحزاب السياسية فتحت أبواب التزكية على مصراعيها لكل من يستطيع أن يظفر بمقعد برلماني أو جماعي دون اكتراث أو تدقيق في مصادر ثروته، ولا في طريقة حصوله على هذا المقعد.
وأشار غزالي إلى أن فتح أبواب الأحزاب السياسية دون تدقيق أدى إلى “تسرب كبير للمال السياسي الفاسد إلى الانتخابات الأخيرة، حيث عاد البرلمان من جديد كمنتدى للأعيان والأغنياء، ومخبأ لكل من يسعى لتبييض ماله أو تاريخه”.
