لماذا يعود بنكيران إلى إطلاق جدل المرجعية الإسلامية؟


الدار/ افتتاحية

على مشارف شهر رمضان الفضيل لا بدّ أن يعود الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران إلى الواجهة الإعلامية من مدخل المزج المألوف بين الديني والسياسي، وهو الذي لا يطيق أبدا البقاء بعيدا عن ساحات البوليميك والجدل الذي اعتاد أن يقتات عليه. لم يكن من الممكن أن يمرّ اجتماع الأمانة العامة للحزب يوم السبت دون أن يغتنم بنكيران فرصة الخطابة من جديد لممارسة هوايته المعهودة في تفجير تصريحات يشوبها أحيانا بعض الغموض أو تكتسي بعض الجرأة أو تنطوي أحيانا على هجوم لا يميز بين الفاعلين السياسيين. هذا ما يتّضح مثلا عندما يشير الأمين العام للحزب الإسلامي إلى أن هدف أعضاء الحزب هو الجنّة وليس الانتخابات وأنه مستعد للتضحية من أجل المرجعية الإسلامية.

لماذا يعود عبد الإله بنكيران إذاً إلى إثارة موضوع المرجعية الإسلامية وأهميتها في الظرف الراهن؟ عندما يُعيد زعيم حزبي طرح إشكالية من الإشكاليات فهذا يعني أنها أضحت على ما يبدو تعبّر عن أزمة داخلية. منذ أن خسر الانتخابات التشريعية في شتنبر 2021 خسارة مدوّية جعلته يتردّى من أعلى القائمة إلى أدناها ويغادر دائرة التدبير لم يمارس حزب العدالة والتنمية قراءة النقد الذاتي الكافية والضرورية لفهم ما جرى واستخلاص الدروس المطلوبة من أجل استثمارها في صعود سياسي وانتخابي مضاد. على ما يبدو فإن مقولة التركيز على الجنّة بدلاً من الانتخابات التي وردت في خطاب بنكيران تمثل اعترافا بأن الماكينة الانتخابية التي كان هذا الحزب يمثّلها في السابق قد تعطّلت تماما. وإذا ضاعت سلّة السياسة والانتخابات فما تزال سلة الدين بين يدي الحزب، وهو ليس مستعدا أبدا للتفريط فيها.

بنكيران الذي قال إن المرجعية الإسلامية هي الأساس “حتى إن اقتضى الأمر أن نضحي من أجلها بكل ما نملك لا مشكلة لدينا” على حد قوله، يتحدث بنبرة مختلفة نوعاً ما في ظرفية سياسية لا يسِمها الشرط الداخلي فحسب. هناك واقعتان مستجدّتان لا بدّ من الانتباه إليهما لتفسير هذه العودة البنكيرانية الجديدة إلى استثمار فكرة المرجعية الإسلامية. الواقعة الأولى هي ما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول طرق صرف الدعم العمومي الخاص بإنجاز المهام والدراسات وإشارته إلى أن حزب العدالة والتنمية قام بأداء نفقة من هذا الدعم لفائدة أحد أطر الحزب، وقيامه بطبع ونشر الدراسة المعنية على حساب هذا الدعم. بنكيران يجد نفسه معنيا مباشرة بما ورد في هذا التقرير لأن الأمر يتعلق بوزيره السابق في الاتصال مصطفى الخلفي.

البلاغ الذي أصدره الحزب ضد ما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات يتناغم مع ما أكده بنكيران مجددا في محاولة واضحة للتنصّل من أيّ مسؤولية فيما يتعلق بتبديد المال العام. حزب العدالة والتنمية يعتبر أن رصيده الأخلاقي ونظافة اليد هي رأسماله الأساسي الذي لا يريد أن يفرّط فيه، في الوقت الذي ينتقد باستمرار أحزابا سياسية أخرى تعيش على إيقاع سقوط بعض رموزها وأعضائها في دوامة المتابعات القضائية. لكن من الواضح أن هذا الموقف ينطوي على خلط واضح بين المسؤولية الأخلاقية الفردية وبين المرجعية الإسلامية باعتبارها خطابا سياسيا يميّز هذا الحزب عن غيره. فهل يجوز لعبد الإله بنكيران بعد هذه التجربة الطويلة التي قطعها الحزب في دواليب التدبير والسلطة أن يعود مجددا إلى رفع بطاقة المرجعية الإسلامية على الرغم من تنصيص الدستور على إمارة المؤمنين وتنصيص قانون الأحزاب السياسية على عدم السماح بتأسيس الهيئات الحزبية على أساس ديني؟

الواقعة الثانية التي تبدو سببا مباشرا في هذا الإصرار على عودة عبد الإله بنكيران إلى الخطاب الدعوي هي تقديم جماعة العدل والإحسان في 6 فبراير المنصرم وثيقتها السياسية التي تُقدّم فيها تصورا لمشروعها السياسي في كافة المجالات. بغضّ النظر عن مضمون هذه الوثيقة من الواضح أن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية يستشعر في إعلانها في هذا التوقيت ملامح منافسة سياسية على ميدان لطالما اعتبره هذا الحزب ريعا خاصا لا يريد أن يُناطحه فيه أيّ حزب سياسي آخر. وعلى الرغم من أن العرض السياسي لجماعة العدل والإحسان ليس واضحا ولا مؤكدا في الوقت الراهن إلا أن عبد الإله بنكيران يمتلك بخبرة الحيوان السياسي ما يكفي من حصافة للتحقّق من آفاق هذا العرض وخلفياته غير المعلنة.

تاريخ الخبر: 2024-03-03 21:25:00
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

نتنياهو يرد على "قبول حماس للصفقة" بمهاجمة رفح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:16
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 66%

مسيرة حاشدة لطلبة كليات الطب وآبائهم بالرباط

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

مسيرة حاشدة لطلبة كليات الطب وآبائهم بالرباط

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:26
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

نتنياهو يرد على "قبول حماس للصفقة" بمهاجمة رفح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 00:26:09
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية