ما الذي يستفيده المغرب من تقارير التقييم الدولية؟


الدار/ افتتاحية

تقرير مؤشر القوة الناعمة العالمي يضع المغرب في المرتبة الخمسين عالميا والأولى مغاربيا بعد أن حقّق تقدما بخمس مراكز مقارنة بالتقرير الصادر سنة 2023. هذا التصنيف الدولي الذي يصدره مكتب “براند فاينانس” البريطاني، ويخص الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، يؤكد وفقا للبيانات التي درسها وحلّلها أن بلادنا استطاعت أن ترتقي بضع درجات على الصعيد الدولي وأن تحصل على موقع متقدم على صعيد الدول الأكثر تأثيرا في إفريقيا. يركز هذا المؤشر على معايير محدّدة للقوة الناعمة تشمل العمل من أجل المستقبل المستدام والعلم والتعليم والإعلام والاتصال وهي المؤشرات التي حقّق فيها المغرب تحسّنا ملحوظا بحسب هذا التصنيف المهمّ.

أهمية هذا المؤشر لا تكمن فقط في شموليته لدول العالم بأجمعها ولكن في المعايير التي يعمل على تقييمها. القوة الناعمة تمثّل اليوم سلطة حقيقية خارقة توظّفها العديد من دول العالم لتحصيل العديد من المكاسب الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية والدبلوماسية بالاعتماد على ما تحقّقه من إنجازات لفائدة المجتمع والدولة، ومن ثمّ تعزيز مكانتها في الساحة الدولية. تأتي على رأس هذه المعايير على سبيل المثال مسألة السمعة التي يمتلكها البلد، ويشمل ذلك امتلاك اقتصاد قوي ومستقر وجاذبية الاستثمارات مرورا بمعيار الموروث الثقافي والتاريخي وصولا إلى امتلاك مطبخ ذي سمعة عالمية. إنها معايير متنوعة وشاملة تستطيع أن تبني تقييما شاملا وموضوعيا عن مدى التطوّر الذي يشهده بلد معين.

ما فائدة هذا التقرير إذاً؟ صحيح أن مؤسسة براند فايننس المالية تمثل شكلا من المؤسسات ومراكز التفكير الغربية التي تبحث أيضا عن توجيه السياسات نحو مصالح الشركات الدولية، لكن لا بدّ من الاعتراف أيضا أن هذه المعايير المضبوطة علميا وتقنيا تشكل خارطة طريق بالنسبة للدول التي ترغب فعلا في وضع خطط تنمية وتطوير واضحة وتحقيق الأهداف المرجوة من ورائها. ولعلّ هذا الوعي هو الذي مكّن بلادنا من التحسّن التدريجي على هذه القائمة وتحقيق النتائج التي نلاحظها اليوم. لقد دخل المغرب منذ أكثر من عقدين تقريبا في عمليات تقييم وتحليل شاملين للأوضاع واستفاد من هذه العمليات كثيرا في بلورة السياسات العامة للبلاد.

يكفي أن نذكّر في هذا السياق بتقرير الخمسينية الشامل الذي قدّم في بداية العهد الجديد رؤية واضحة عن أعطاب المغرب واختلالاته. والمثال الثاني هو تقرير ماكنزي الشهير الذي أعطى للمغرب خارطة طريق واضحة لتحقيق النمو الصناعي، وهو ما نرصد اليوم ثماره عن كثب على مستوى الريادة المغربية في قطاعات صناعية متعددة. بعبارة أخرى نحن لا نحتفي هنا بتقدّم المغرب في مؤشر القوة الناعمة وكسب 5 مراكز مقارنة بتقرير العام الماضي تعبيرا عن الفرح والانتشاء، بل لأننا نعتبر أن هذا النوع من التقييمات والتقارير مفيد لرصد مكامن الخلل ووضع الحلول والعلاجات المناسبة بعد ذلك. وممّا يدعو للتفاؤل أن بلادنا أجرت هذا النقد الذاتي الضروري مبكرا منذ أكثر من عقدين من الزمن.

المقصود أن المغرب ليس لديه أيّ عقدة أو مشكلة في التعامل مع القراءات العلمية المدروسة لأوضاعه ومستوى تقدمه واختلالاته وهذه مسألة تشكل بالمناسبة نقطة قوة يستفيد منها المغرب كثيرا. لن نبالغ إذا أكّدنا أن المغرب يكاد يكون البلد المغاربي أو حتّى العربي الوحيد تقريبا الذي يتعامل مع مختلف التقارير والدراسات والتقييمات الدولية التي تصدرها هيئات الأمم المتحدة أو المؤسسات المالية والاقتصادية الخاصة أو المستقلة أو المنظمات الحقوقية بقدر كبير من الهدوء والرزانة ولا يبحث أبدا عن أيّ صراع أو تشنج في الرد أو التعامل مع هذه التقييمات.

يكفي أن نذكّر في هذا المقام بأن وصول المغرب اليوم إلى رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد انتخابه بأغلبية أصوات الدول الأعضاء نابع بالأساس من العلاقة الإيجابية جدا التي سادت بين المغرب وبين مؤسسات الأمم المتحدة وتقرير التقييم الدوري لحقوق الإنسان. لذا؛ نحن واثقون من أن الجهود التي تبذلها الحكومة ومؤسسات الدولة المغربية من أجل التكيّف مع المعايير الدولية في شتّى المجالات ستستفيد أيضا من هذا التقييم الجديد، وستوظّف لا محالة معاييره في رسم السياسات والاستراتيجيات التنموية القادمة.

تاريخ الخبر: 2024-03-06 21:25:56
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:14
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:00
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:18
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:04
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية