ما دلالات مشاركة المغرب في الإنزال الجوي للمساعدات بغزة؟


الدار/ افتتاحية

لا توجد بداية أفضل من هذه التي استهلّت بها بلادنا شهر رمضان الفضيل من خلال المشاركة المباشرة في عمليات الإنزال الجويّ للمساعدات الإنسانية بقطاع غزة في عزّ استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. تأتي هذه المشاركة مع بلوغ العدوان مراحل جد خطرة بعد أن تجاوز عدد الشهداء 31 ألفاً بينما تواصل إسرائيل محاصرة القطاع وتجويع سكانه. لم يتوقف القصف الذي لا يميز بين مسلح أو أعزل لكن العمليات التي تنفذها حركات المقاومة تواصلت أيضاً بعد أكثر من خمسة أشهر على اندلاع هذه الحرب المدمّرة. ووسط هذه التطورات يواصل المغرب أداء واجبه القومي والديني والإنساني تّجاه الشعب الفلسطيني.

فقد شاركت بلادنا لأول مرة في عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع غزة بعد أن أرسلت بتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية 6 طائرات مروحية عسكرية تابعة للقوات المسلحة الملكية محملة بالمساعدات الإغاثية الموجهة إلى سكّان القطاع. جاءت هذه العملية بعد أن أبلغت المملكة المغربية الحكومة الإسرائيلية برغبتها في تنفيذ هذه العملية وحظي الطلب بموافقة فورية وفقاً لما أوردته تقارير إعلامية. وكانت الإذاعة الإسرائيلية قد أفادت بأن ست طائرات هليكوبتر مغربية محملة بالمساعدات الإنسانية حطت يوم الاثنين بمطار بن غوريون الدولي للتزود بالوقود، قبل أن تتوجه إلى شمال قطاع غزة حيث شاركت في عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الموجهة للفلسطينيين.

من خلال هذه العملية انضمّ المغرب إلى نادي محدود من الدول التي شاركت في عمليات الإنزال الجوي للمساعدات إلى جانب الأردن والإمارات ومصر وفرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية. يحتاج قطاع غزة وفقاً للخبراء العاملين في القطاع الإنساني إلى أكثر من 1000 شاحنة مساعدات يوميا، لسدّ الخصاص الهائل الموجود في المواد الغذائية الأساسية والوقود والمستلزمات الطبية. وبينما بلغت الأزمة الإنسانية مداها بعد وفاة العديد من الأطفال بسبب الجوع أو نقص الغذاء، تأتي العملية الإنساني التي نفذتها القوات المسلحة الملكية لتؤكد انخراط المغرب الدائم والتزامه بالمشاركة في دعم الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته على الصعيد الإنساني.

كما تؤكد هذه العملية من جهة أخرى جاهزية القوات المسلحة الملكية للقيام بواجباتها الإنسانية تجاه الأشقاء والأصدقاء في العديد من الدول التي تعاني حروبا أو صراعات، كما هو الحال في مناطق أخرى من إفريقيا على سبيل المثال. تمتلك القوات المسلحة الملكية خبرة طويلة في هذا المجال بعد أن شاركت في مناسبات عديدة في قوات حفظ السلام التي ترسلها الأمم المتحدة إلى بؤر توتر عديدة، كانت آخرها المشاركة في قوات حفظ السلام بالكونغو. لكنّ الالتزام تجاه القضية الفلسطينية يمثل في الظرف الراهن أولوية من أولويات السياسة الخارجية لبلادنا. فعلاوة على ما قدّمته المملكة المغربية من خلال هذه العملية الإنسانية الجوية، ما فتئ المغرب يقدم كامل الدعم السياسي والدبلوماسي من أجل الدفاع عن حقّ الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة والسلام الدائم والعادل.

من بين مظاهر هذا الدعم الترافع عن هذه الحقوق في مختلف المحافل الدولية. لقد قدّم المغرب قبل بضعة أسابيع في عزّ الحرب الدائرة على قطاع غزة مرافعة تاريخية أمام محكمة العدل الدولية، دافع من خلالها عن حقّ الشعب الفلسطيني في نيل استقلاله وتأسيس دولته وفقاً لقرارات الشرعية الدولية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ولعلّ ما تقدمه لجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس، من خلال ذراعها المالية وكالة بيت مال القدس من دعم ومساندة لصمود المقدسيين يمثل وجها آخر مشرقا من أوجه العطاء المغربي للقضية الفلسطينية. تحرص وكالة بيت مال القدس على توفير الكثير من المساعدات وبرامج التمويل والدعم التي تمكن السكان الفلسطينيين في القدس من مقاومة مظاهر التهويد والتهجير التي يتعرّضون إليها بصفة يومية.

هذا يعني أن المغرب جاهز ومستعد ملكا وشعبا وحكومة من أجل مدّ يد العون إلى الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيته العادلة، والتخفيف من مظاهر معاناته لا سيما في ظلّ عدوان غاشم كهذا الذي يعيشه اليوم. ولن تتوقف القوات المسلحة الملكية عن المشاركة في عمليات توفير المساعدات والإنزال الجوي لها، إذ من المرتقب أن تستمر هذه المبادرات في الأيام القليلة المقبلة، علما أنّ القوات المسلحة الملكية تظل على أهبة الاستعداد لتقديم مساعدة ميدانية في حال توقفت الحرب وتوصل الطرفان إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار. في هذا الإطار لن تتردّد بلادنا في توفير المستشفيات الميدانية والدعم الإنساني واللوجستي الذي سيمكن الغزاويين من تجاوز تداعيات هذه الحرب غير المسبوقة، التي سترافقهم على ما يبدو لعقود طويلة.

تاريخ الخبر: 2024-03-12 15:25:49
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية