أهم ما ميز المشهد السياسي في الآونة الأخيرة هو تحريك بعض أحزاب المعارضة “المياه الراكدة” بعد فترة طويلة من الجمود، غير أن الخطابات التي رافقت تعديلات مدونة الأسرة قفزت من “مواقف الأحزاب” إلى “حرب كلامية” اشتدت بين قيادات كل من حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إضافة إلى التقدم والاشتراكية، الأمر الذي يطرح معه سؤال: هل ترقى الخطابات السياسية المتعلقة بقانون الأسرة إلى المستوى السياسي المطلوب؟
ويرى مراقبون أن النقاشات التي أفرزتها مذكرات مدونة الأسرة يغيب عنها الحس “الفكري”، حيث أصبحت -بدون أن تشعر الأحزاب المتجاذبة- حربا “إيديولوجية” طاحنة، في حين يرى فيها آخرون دينامية أنعشت النقاش السياسي وأعادته إلى الواجهة عبر بوابة المدونة.
تعليقاً على هذا الموضوع، قال محمد شقير، المحلل السياسي: “لقد حددت الرسالة الملكية التي بعثت إلى رئيس الحكومة، أن اللجنة التي عهد لها التكفل بتسلم مقترحات مختلف الفعاليات المجتمعية والأكاديمية وكذا مختلف الأحزاب، كما حددت الفترة التي سيتم فيها تقديم هذه المقترحات وتقديم وثيقة بهذا الشأن إلى الملك الذي سيحسم في صيغتها النهاية قبل مناقشتها داخل البرلمان”.
وأضاف شقير، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “خرجة بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية التي نعت فيها مقترحات المجلس الوطني لحقوق الانسان بالمارقة وخرجته الثانية التي انتقد فيها رئيسة المجلس وكل من حزبي التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي، مهددا بالخروج في مسيرة مليونية لحماية القيم الإسلامية للمجتمع المغربي هي ركوب شعبوي من طرفه، بهدف التموقع الشخصي داخل المشهد السياسي، وإعادة ترميم حزبه الذي ما زال يعاني من انتكاسته الانتخابية”.
وتابع المتحدث عينه أن “خطاب زعيم حزب “المصباح” جاء لضرب التقارب السياسي بين أميني هذين الحزبين مما جعل هذه الخرجات تكتسي نوعا من الشعبوية التي تحاول أن تغطي على أي نقاش سياسي أو حزبي”.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه “باستثناء خرجة بن كيران، فإن جل الأحزاب قد انخرطت في مناقشة إصلاح المدونة وذلك حتى قبل الرسالة الملكية، فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد سبق من خلال تنظيم ندوات إلى طرح هذه التعديلات على طاولة النقاش، كما أن هناك العديد من قيادييه أثاروا عدة اختلالات تهم مسألة تزويج القاصرات أو مسألة طرح ولاية المرأة المطلقة على أطفالها أو مسألة الإرث إلى غير ذلك من القضايا”.
وخلص شقير حديثه قائلا: “نفس الأمر تطرق إليه حزب التقدم والاشتراكية، معتبرا أن إثارة الأحزاب لتعديل المدونة كان في مستوى نقاش سياسي مسؤول كما كانت تقديم اقتراحاتهم بهذا الشأن كانت في إطار تنظيمي مسؤول، وحدها خرجة بن كيران حادت عن هذا النقاش المجتمعي الحزبي”، بحسب تعبير المتحدث.
