فتحت الحوارات القطاعية التي يقودها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، مع النقابات المركزية منذ مستهل الأسبوع الجاري، الباب أمام هذه التنظيمات من أجل المطالبة بـ”الزيادة العامة في الأجور، والرفع من حدها الأدنى”.
وتأتي هذه المطالب التي رفعتها النقابات المركزية وسط وضعية اقتصادية مختلة يعيشها المغرب، بناء على عدة تداعيات خلفتها أزمات وفي مقدمتها جائحة كوفيد 19 وتنامي مؤشر التضخم إضافة إلى إرتفاع أسعار المواد الغذائية والبترولية وإنتشار ظاهرة الجفاف وغياب التساقطات المطرية.
وطرحت هذه المطالب النقابية تساؤلات عديدة حول إمكانية قبول الحكومة المغربية هذه العروض في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمناخية التي تعيشها البلاد جراء الأزمات التي عرفتها في السنوات الأخيرة.
اكراهات سوسيو اقتصادية
في هذا السياق، قال خالد حمص، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، إن “إمكانية الدولة محدودة نظرا للأزمة الاقتصادية التي يعرفها العالم برمته”، مشيرا إلى أنه “هناك اكراهات إجتماعية تتعلق بالتضخم إضافة إلى أن الزيادات التي تم منحها إلى بعض الفئات شكلت دفعة للنقابات المركزية من أجل المطالبة بالزيادة في الأجور”.
وأضاف حمص، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “المغرب دخل في خطة إجتماعية واقتصادية يحتاج بالأساس إلى عامل السلم الاجتماعي”، معتقدا أن “الحكومة ستعمل على الزيادة في الأجور حسب الامكانيات المادية المتاحة إليها، وهذا في صالح الجميع سواء المواطنين المغاربة وأيضا الحكومة والنقابات”.
وتابع المتحدث عينه أنه “يجب خلق توازن بين ما هو اقتصادي واجتماعي، وأن جميع المؤشرات المتعلقة بالتنمية تسير بوتيرة جيدة”، مؤكداً أن “المغرب دخل في الآونة الأخيرة في مشاريع عملاقة ستعود بالنفع على الجميع”.
وأشار الأكاديمي إلى أنه “هناك أيضا اكراهات مالية كبيرة تواجه المملكة المغربية خاصة من الناحية المديونية الخارجية، إذ ترتفع سنة بعد سنة وهذا الأمر يجب على الجهات المعنية ملاحظته”.
الأجور والتضخم
وبالمقابل، يرى عمر كتاني، الخبير الاقتصادي، أن “المغرب دخل في دوامة بين الرفع من الأجور والتضخم، لأن التضخم يرفع من قيمة الأجور وفي الوقت ذاته تدفع الأجور إلى حدوث التضخم”، مضيفا أن “هذه الإزدواجية السيئة التي بات يعرفها الاقتصاد المغربي حلها ليس في هذه القرارات المتعلقة بالأجر”.
وأورد كتاني، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “الرفع من الأجور هو واقع من أجل إحداث نوع من التوازن بين الوضعية الحالية والقدرة المالية للمواطنين، لكن يجب طرح سؤال هل الرفع من الأجور هو الذي يعالج المشكل المعيشي للمواطنين؟”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الرفع من الأجور لا يعالج هذه المشاكل، وإنما المشكل منحصر في السياسة الاقتصادية التي يعتمد عليها المغرب، وهذه السياسات مبنية على محاربة الريع وأن الحكومة مسؤولة على هذا الجانب”.
“التغطية الاجتماعية في المغرب ستساهم في رفع الضغط على الأجور، لأنه إذا قامت الدولة المغربية بالاعتماد على التعليم والصحة بشكل مجاني أو شبه مجاني سيقبل بلا شك المواطن المغربي بأجور عادية غير مرتفعة”، يقول المتحدث.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن “التغطية الصحية عمليا لا توجد بشكل ونسبيا بشكل ضئيل، وأن الضغوط على الأجور جاء بناء على عدم وجود سياسة إجتماعية قائمة”، مردفا أن “الرفع من الأجور سيؤدي إلى الرفع من قيمة الضرائب وأيضا من المديونية”.
