“هدر الزمن التشريعي”.. إشارات سلبية من داخل البرلمان تعيق مسار “التخليق” وتفقد الثقة في المؤسسات المنتخبة


 

 

باتت التفاصيل التي تطبع المشهد السياسي والحزبي المغربي تحتاج إلى تأمل طويل بعد وصولها إلى درجة “السوريالية”، وأن شعار “تخليق الحياة البرلمانية” المرفوع منذ وصول عشرات البرلمانيين إلى رداهات المحاكم يثير الكثير من ردود الأفعال والتساؤلات الجدية حول تعامل “الفرقاء السياسيين” مع هذه الإشارات، بعد تعثر مجلس النواب في تشكيل مكتبه خلال الجلسة العمومية الأولى.

 

وبعد نجاح الغرفة الأولى للبرلمان المغربي في تشكيل مكتبها، أمس الخميس، وعجز أحزاب المعارضة في إيجاد توافقات من أجل إيجاد مخرج لرئاسة “لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان”، أعيد الحديث من جديد عن قضية “هدر الزمن التشريعي” في ظل استعداد مكونات السلطة التشريعية لتنزيل “مدونة الأخلاقيات”، التي تهدف إلى تحصين العمل البرلماني وتلطيف الأجواء السياسية.

 

ويرى مراقبون سياسيون أن “الأحداث التي يعرفها البرلمان المغربي خلال الدورة الربيعية، راجع إلى اندفاع الأحزاب السياسية للبحث عن المناصب والمسؤوليات”، دون مراعاة المصلحة العامة، وأن الخلافات المحتدمة بين أحزاب المعارضة حول رئاسة “العدل والتشريع” تدل على الانشقاقات الموجودة داخل الضفة المجابهة.

 

 

تنقية الساحة السياسية

 

 

في هذا السياق، قال سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني – المحمدية، إن “رسالة التهنئة التي وجهها الملك محمد السادس إلى الطالبي العلمي بعد انتخابه رئيسا لمجلس النواب خلال الدورة الربيعية، كانت تتضمن رسائل عديدة من بينها تخليق الحياة البرلمانية وإرساء الثقة في المؤسسات المنتخبة”، مشيرا إلى أن “احترام هذه المضامين يعتبر أمرا ضروريا وإلزاميا من أجل عدم ضياع الزمن البرلماني”.

 

وأضاف خمري، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “تأخير تشكيل هياكل البرلمان المغربي يضع علامات استفهام كبيرة حول عمل الأحزاب ومساعدتها في تنقية الساحة السياسية”، مردفا أن “التجاذبات السياسية وطغيان الحساب السياسي الحزبي يجعل المؤسسة البرلمانية باعتبارها أعلى مؤسسة دستورية بعد المؤسسة الملكية رهينة لهذه الحسابات الضيقة”.

 

وتابع المتحدث عينه أنه “رغم تعيين باقي الهياكل البرلمانية أمس الخميس، عجزت الأحزاب السياسية المعارضة على تشكيل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بسبب الخلافات الموجودة بين حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الحركة الشعبية، وهذا يدل على هناك صراعات حول تولي المناصب والمسؤوليات”.

 

وأردف أيضا أن “البرلمان بعد دستور 2011 أصبحت له سلطة موسعة وذلك بفرض الرقابة على الحكومة وممارسة العمل التشريعي وتقييم السياسات العمومية، وللقيام بهذه الاختصاصات لا بد من تشكيل جميع الهياكل البرلمانية، والتأخر في ذلك يعتبر هدرا للزمن البرلماني”.

 

وأوضح المحلل السياسي أن “هذه الأمور تثير مخاوف بخصوص تعامل المعارضة مع الشأن البرلماني، وأن الرأي العام المحلي يتابع القضايا الكبرى والمصيرية للمجتمع المغربي، التي يعتبر مكان نقاشها هو قبة البرلمان”.

 

 

رسالة خاطئة

 

 

من جهته، يرى عبد السلام البراق شادي، المحلل السياسي، أن “تأجيل جلسة دستورية لتقديم حصيلة الحكومة من طرف السيد عزيز أخنوش بحجة عدم إستكمال مجلس النواب هو رسالة خاطئة تقدمها النخبة السياسة إلى الشعب المغربي خاصة وأن هذه الجلسة تكتسي أهمية قصوى وظرفا إستثنائيا بإعتباره لحظة دستورية يؤطرها الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، مرتبطة بتجديد هياكل المجلس في منتصف السنة الثانية من عمر الولاية التشريعية والحكومية”.

 

وأورد البراق شادي، في تصريح لـ”الأيام 24″: “حيث كان من المنتظر أن نرى تفاعلا إيجابيا وجديا مع مضامين الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستين للعمل البرلماني والتي وضعت خارطة طريق متكاملة لتخليق الحياة السياسية وبناء القدرات المطلوبة لمواكبة المشاريع الإستراتيجية للدولة المغربية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله”.

 

 

“هدر الزمن السياسي وتهافت بعض الأطراف على لجان معينة وفشلها في التوصل إلى توافقات سياسية تساهم في تجويد العمل البرلماني في ظل فضائح سياسية بتورط عدد لابأس به من الوجوه المعروفة “برلمانيا” في قضايا فساد وتبديد للمال العام يؤكد من جديد على ضرورة تفعيل مدونة الأخلاقيات لتطهير المؤسسة التشريعية من بروفيلات لايمكن لها بأي حال من الأحوال “أخلاقيا” الاستمرار في حمل صفة “ممثل الأمة” التي تعبر أمانة كبرى ومسؤولية ثقيلة وليست معبرا للإثراء غير المشروع وخدمة المصالح الذاتية الضيقة”، يقول المتحدث.

 

 

ولفت المحلل السياسي إلى أنه “قانونيا، لا يمكن لمجلس النواب أن يمارس مهامه التشريعية والرقابية، وبشكل خاص الجلسات العمومية ذات البعد الرقابي والتشريعي، إلا بعد استكمال هيكلة المكتب، أي نواب الرئيس والأمناء والمحاسبون، إضافة إلى رؤساء الفرق ورؤساء اللجان وعليه فعرقلة العمل البرلماني في ظل التحديات الكبرى التي تواجه الأمة المغربية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها يضع تساؤلا كبيرا حول وعي هذه النخبة بدورها الإستراتيجي لخدمة الصالح العام والمساهمة في التنزيل السليم للبرامج الحكومية”.

 

وخلص شادي حديثه قائلا: “فشل الأحزاب السياسية في تدبير هذه اللحظة الدستورية بشكل سلس وعقلاني وغياب المبادرات البناءة وتغليب منطق المحاصصة والتهافت على المناصب وتغييب أفضلية الصالح العام في إختيار البروفيلات المناسبة لتدبير الشأن التشريعي للمغارية يضع الأحزاب السياسية خارج السياق السياسي في مشهد سوريالي، حيث لا تنفك هذه الأحزاب في رفع الشعارات الرنانة في غياب عمل حقيقي وملموس لخدمة المغاربة”.

تاريخ الخبر: 2024-04-19 15:08:48
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 67%
الأهمية: 79%

آخر الأخبار حول العالم

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:12
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية