نشكرك لأنك.. (24) نعمة العضد (جـ)
نشكرك لأنك.. (24) نعمة العضد (جـ)
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
ثالثا:- الفئات الضعيفة روحيا:
المقصود بهذه الفئة هو الإنسان الساقط في الخطية, سواء كانت هذه الخطية صغيرة أو كبيرة, وكنيستنا تعلمنا دائما أن يكون لنا علاقة قوية بالله, وذلك من خلال الوسائط الروحية المختلفة, لكي ما نكتسب قوة روحية تحمينا من السقوط, وإن سقطنا نقوم سريعا, وإن قمنا فعلينا تقديم التوبة.
لكن هناك من يسقط بسبب ضعف إرادته!! وحتي في هذا الله يعضده كما يعلمنا الكتاب: الرب عاضد كل الساقطين, ومقوم كل المنحنين (مز145:14), وعبارة مقوم كل المنحنين تعني من لم يسقط بعد, لكنه في الطريق إلي السقوط, وهذا أيضا الله يسرع لنجدته, فالله لا ينتظر من الإنسان أكثر من طلب المساعدة!!
ويقول أيضا: الرب رحيم ورؤوف, طويل الروح, وكثير الرحمة. لا يحاكم إلي الأبد.. لم يصنع معنا حسب خطايانا, ولم يجازنا حسب آثامنا.. كما يترأف الأب علي البنين يترأف الرب علي خائفيه. لأنه يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن (مز103:8-14).
والساقطون عبر التاريخ كثيرون جدا, لكن يمكننا أن نقف قليلا عند سقطة داود النبي, وكيف أن هذه القامة الروحية, وهذا النبي العظيم سقط؟!! يقول الكتاب: فقال داود لناثان: قد أخطأت إلي الرب. فقال ناثان لداود: الرب أيضا قد نقل عنك خطيتك. لا تموت (2صم12:13).
وهذا هو أسلوب الله فهو دائما ما يعضد الخطاة, وقد نتساءل كيف إنسان كان في عمق الشر, يصبح في عمق النقاوة, مثل القديس موسي الأسود.. والقديسة مريم المصرية.. والقديسة بائيسة.. وغيرهم كثيرين؟!!
إن ما يحدث لهؤلاء القديسين, لهو شيء لا يري بالعين المجردة, لكنه ذراع الله الممدودة علي الصليب, نحو كل هذه النفوس الساقطة لكي ما تقوم, وتجد نفسها في حياة جديدة وهي حياة التوبة, ويقول الكتاب: إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل, حتي يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم (1يو1:9).
ومن أمثلة الكتاب المقدس علي ذلك:
قصة الابن الضال الذي عاش في بيت أبيه متذمرا, فتعامل مع أبيه بكل جفاء, حتي إنه أخذ نصيبه من الميراث ورحل مع أصدقائه!! ثم بعد أن نفدت أمواله بدأ في الانحدار حتي وصل إلي القاع عند الخنازير!!
وهنا جلس إلي نفسه, واكتشف أنه يموت جوعا, بينما أقل عبد في بيت أبيه يعيش أفضل منه!! وعلي هذا, فكر في الرجوع إلي بيت أبيه, وبدأ في وضع سيناريو لمقابلة أبيه, فقال أقول لأبي: يا أبي, أخطأت إلي السماء وقدامك, ولست متسحقا بعد أن أدعي لك ابنا بل أجعلني كأحد أجراك (لو15:18-19). وكان من الممكن أن يكتفي بهذا السيناريو, ولا يرجع لبيت أبيه, ولكنه كان له الإرادة القوية التي جعلته ينفذ ما فكر فيه, ولأنه كان صادقا وأمينا في توبته ورغبته ورجائه, مد له الله يمينه وعضده, وبالفعل قام وذهب إلي أبيه, يقول الكتاب: فقام وجاء إلي أبيه, فهذا الابن الشاطر لم يعط نفسه وقتا للتراجع, فقام في الحال بدون أي تأجيل أو كسل, وبالتأكيد هذا تصرف إنسان سلم إرادته لله.. والله وهو الذي أكمل المشوار. وقد وجد هذا الابن الضال أحضان أبيه مفتوحة له مع كل الفرح.. والعجل المسمن.. والخاتم والحذاء.. والحلة الأولي .. كما قال الكتاب: كان ينبغي أن نفرح ونسر, لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش, وكان ضالا فوجد (لو15:32).
وينطبق هذا أيضا علي المرأة السامرية, وكيف أنها كانت ساقطة روحيا, والله نهض بها إلي أن صارت قديسة.