مع افتتاح الدورة الربيعية، يسعى البرلمان لتجاوز “الحصيلة الصفرية” في ما يتعلق بمقترحات القوانين خلال النصف الأول من الولاية التشريعية الجارية، حيث أكدت المعارضة رفضها لوتيرة تجاوب الحكومة مع مقترحات القوانين التي تتقدم بها الفرق والمجموعة النيابية.
وشددت المعارضة في أول اجتماع لمكتب مجلس النواب بعد استكمال تجديد هياكل المجلس، على رفضها أن تدرس لجنة حكومية مقترحات القوانين قبل التأشير عليها، مبرزة أن المؤسسة البرلمانية مؤسسة تشريعية مستقلة ولها الصلاحيات لاعتماد المقترحات، في محاولة لتجاوز الحصيلة الهزيلة في هذا المجال.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط محمد غزالي، أعرب عن أسفه لكون “حصيلة المبادرات التشريعية المصادق عليها تبقى صفرية”، مبينا أنه تم خلال السنة التشريعية المنصرمة إيداع أزيد من 28 مقترح قانون بمكتب مجلس النواب واحد منها تم سحبه وهو مقترح القانون الخاص بمنع الإثراء غير المشروع، المقدم من طرف المجموعة النيابية للعدالة والتنمية.
وأضاف غزالي، أن أسباب هذه “الحصيلة الصفرية” تعود في جزء منها إلى عوامل موضوعية وأخرى ذاتية، مبينا أن العوامل الموضوعية تتمثل في امتلاك الحكومة للأدوات التقنية والموارد البشرية والمعطيات الكافية لصياغة ووضع مشاريع القوانين، في حين أن الإمكانات الموضوعة رهن إشارة النواب تظل ضعيفة مقارنة بما لدى الحكومة.
أما العوامل الذاتية فتعود، حسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، لأسباب ثقافية ومعرفية تخص اهتمامات النواب وقدراتهم على صياغة التشريعات والدفاع عنها.
وأوضح أنه “على العموم يظل غياب الإرادة السياسية للحكومة والأغلبيات النيابية هو العامل الأكبر والمؤثر في ضعف المردودية التشريعية للنواب”، مبينا أنه “من جهة لا يدافع النواب عن مقترحاتهم، رغم أنهم قانونيا ودستوريا مؤهلون لمناقشة والتصويت على مقترحاتهم حتى بدون حضور الحكومة، ومع ذلك نجد أن عدة مبادرات برلمانية للأغلبية لا تتخطى حاجز الاقتراح، وأحيانا التقديم دون أن تتم المسطرة التشريعية إلى منتهاها”.
وسجل غزالي، أن “الحكومة لا تشجع المبادرة التشريعية للنواب، بل أحيانا تقفز عليها وتأتي للبرلمان بمشاريع قوانين سبق أن تم اقتراح مثيل لها من لدن النواب، في قرصنة واضحة أحيانا واستباق أحيانا أخرى للمبادرة البرلمانية”.
وبالمقابل، يرى غزالي، أن “الحصيلة الصفرية ليست “كارثية” إذ أن ضعف المبادرة التشريعية للنواب أمر عادي في مختلف برلمانات العالم”، مبينا أنه “لا يمكن محاسبة النواب إلا بعد انتهاء الولاية التشريعية ومقارنتها بحصيلة الولايات التشريعية السابقة، خاصة أن حوالي 28 مقترحا لا زال قيد الدراسة بهياكل مجلس النواب”.
وبخصوص الإجراءات المطلوبة لتعزيز الحضور البرلماني في مجال التشريع، أبرز غزالي، أهمية تعزيز الإرادة السياسية للحكومة لدعم وتشجيع المبادرات التشريعية لنواب الأمة، مع التزام أعضاء الحكومة بحضور ومناقشة المبادرات التشريعية للبرلمان بنفس إيقاع وكيفيات حضورهم لعرض ومناقشة مشاريع القوانين التي يتقدمون بها.
ودعا غزالي، إلى تخصيص مكتب مجلسي البرلمان، تمييزا إيجابيا من حيث برمجة أشغال اللجان الدائمة لصالح المبادرات التشريعية النيابية ومنحها الأولية في العرض والمناقشة على المبادرات الحكومية، مبينا أهمية إحداث وحدة إدارية بمجلسي البرلمان تهتم بمتابعة ومصاحبة مقترحات القوانين بمجلس النواب، لتثمين وتشجيع المبادرات التشريعية البرلمانية.
كما أكد ضرورة “تغيير وتتميم المرسوم رقم 2.09.677 صادر في 19 ماي 2010 يتعلق بتنظيم الأمانة العامة للحكومة ولاسيما المادة الرابعة منه بإضافة إمكانية القيام بخدمات إعداد وتحرير ومواكبة مقترحات القوانين المقدمة من طرف الخواص في إطار ملتمسات التشريع، وكذا تلك المقدمة من طرف أعضاء البرلمان مقابل أجرة يحدد تفصيلها بقرار مشترك بين الأمين العام للحكومة ووزير الاقتصاد والمالية، وينصب التغيير المذكور على اختصاصات المديرية العامة للتشريع والدراسات القانونية التابعة للأمانة العامة للحكومة”.
