بعد عرقلة النظام الجزائري لإجراء مباراة نصف النهائي بين نادي نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري الأحد الماضي، بذريعة تضمين قميص النادي البركاني لخريطة المغرب، أعلن المنتخب الجزائري لكرة اليد انسحابه من البطولة العربية للشباب المقامة حاليا بالدارالبيضاء بمبرر حمل أقمصة المنتخب الوطني لخريطة المغرب، مما يطرح عدة تساؤلات بخصوص خلفيات هذه الوقائع التي يتم فيها “تسييس” الرياضة.
أستاذ العلاقات الدولية خالد شيات، اعتبر أن هذه الوقائع تحكمها قراءتان، “الأولى رياضية، ترتبط بكون الرياضة، آلية للتقارب بين الأفراد والجماعات والشعوب”، مبينا أن العديد من المقررات القانونية لـ”الكاف” و”الفيفا” ترفض أي ربط بين الجوانب الرياضية الصرفة وبين الاستعمالات السياسية.
وأوضح شيات، في حديث لـ”الأيام 24″، أن “هذه المقررات القانونية تقرر مجموعة من العقوبات في حالة عدم ضمان هذه الاستقلالية سواء الإدارية أو الوظيفية للجهات الرياضية داخل البلدان، حتى تبقى الرياضة جسرا للربط والتعارف بين الأفراد وبين الشعوب وبين الجماعات”.
واعتبر أن هذه الرؤية الرياضية “تغيب عن الذهنية العسكرية الجامدة التي تحكم الجزائر، والتي أدخلت هذا الأمر في القراءة السياسية وليس الرياضية”، مبينا أن “القراءة السياسية تنطلق من واقع يربط بين النظام السياسي العسكري الجزائري وبين استمراريته ومشروعيته الغائبة، خاصة بعد الحراك الكبير التي عرفته الجزائر سنة 2019”.
وأضاف أنه “مع غياب المشروعية، يحاول النظام العسكري إيجاد قاعدة لها، تقوم على مفهوم العداء لدولة أخرى”، مردفا: “وطبعا يجد في المغرب ضالته، لتكون هذه هي الصيغة التي يضمن من خلالها ممارسة سلطته الداخلية”.
ويرى شيات، أن “هناك جوانب أخرى أقل أهمية ترتبط بكون نهضة بركان ارتبط برئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع”، مشيرا إلى أن “هذا أمر كان يتردد كثيرا في الإعلام الجزائري، حيث يتم تحميله مسؤولية الفشل الرياضي الذي عرفته الرياضات الجزائرية ولا سيما كرة القدم”.
وتابع أنه هذه الوقائع الأخيرة، كانت “مناسبة لإيقاظ العقلية الجزائرية التي تقوم على ما يسمى بالانتقام والتشفي”، مضيفا أنها “عقلية جزائرية محضة، تسعى دائما لتسويق نوع من البطولات للجزائريين باعتبارهم يستطعيون أن يقوموا بكل الأشياء ضد من يريدون ووقت ما يريدون”.
وأفاد شيات، أن وقائع خلط الرياضة بالسياسة، “ترتبط بنزاع عسكري وسياسي بين المغرب والجزائر، وتؤكد أنه ليس هناك أي ارتباط بخصوص النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية إلا من خلال الجزائر”.
وخلص شيات، إلى أن “درجة الاستفزاز التي أحس بها النظام العسكري الجزائري من وجود خريطة المغرب الكاملة على قميص رياضي توضح بشكل جلي مدى انخراطه وانغماسه في هذه القضية”، مشددا على أن “تعامله بهذا الشكل ما هو إلا دلالة على أنه ينبغي أن يتحمل مسؤولياته في إطار ما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة، لاسيما مجلس الأمن بضرورة الجلوس إلى طاولات المفاوضات باعتباره طرفا أساسيا في هذا النزاع المفتعل”.
