الكنيسة‏ ‏ليست‏ ‏عارا‏ ‏لتحرقوا‏ ‏منازل‏ ‏الأقباط


يا‏ ‏الله‏ ‏كيف‏ ‏لأولئك‏ ‏الذين‏ ‏يحرقون‏ ‏بيوت‏ ‏الناس‏ ‏باسمك‏, ‏يتصورون‏ ‏أن‏ ‏بناء‏ ‏كنيسة‏ ‏قد‏ ‏ينجس‏ ‏قريتهم؟‏ ‏وكيف‏ ‏يخشاهم‏ ‏الجميع‏, ‏حتي‏ ‏يتم‏ ‏الإعلان‏ ‏فورا‏ ‏أن‏ ‏بناء‏ ‏الكنيسة‏ ‏في‏ ‏قرية‏ ‏الفواخر‏ ‏بالمنيا‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏إلا‏ ‏شائعة‏, ‏وكأنه‏ ‏تصديق‏ ‏علي‏ ‏خراب‏ ‏الأفكار‏ ‏الساكنة‏ ‏في‏ ‏عقولهم‏, ‏وختم‏ ‏للصندوق‏ ‏الحجري‏ ‏القابع‏ ‏فيها‏, ‏بخاتم‏ ‏اليأس‏ ‏من‏ ‏إصلاحها‏, ‏إنه‏ ‏الخوف‏ ‏الذي‏ ‏لا‏ ‏يحمي‏ ‏الأرواح‏, ‏لكنه‏ ‏يؤسس‏ ‏لنفي‏ ‏الآخر‏ ‏الديني‏, ‏والخائفون‏ ‏موتي‏ ‏في‏ ‏ثياب‏ ‏الحياة‏, ‏لأن‏ ‏الخوف‏ ‏يصنع‏ ‏الفناء‏.‏
خرج‏ ‏المتطرفون‏ ‏حاملين‏ ‏مشاعلهم‏, ‏أحرقوا‏ ‏عددا‏ ‏من‏ ‏بيوت‏ ‏الأقباط‏, ‏في‏ ‏قرية‏ ‏الفواخر‏ ‏التابعة‏ ‏لمركز‏ ‏المنيا‏, ‏صدمونا‏ ‏بعدما‏ ‏تصورنا‏ ‏أن‏ ‏خطاب‏ ‏الكراهية‏ ‏تراجع‏, ‏لنجده‏ ‏قافزا‏ ‏للمرة‏ ‏الألف‏ ‏في‏ ‏محافظة‏ ‏المنيا‏ ‏لتثبت‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏أن‏ ‏بين‏ ‏سكانها‏ ‏أناسا‏ ‏يريدونها‏ ‏إمارة‏ ‏داعشية‏, ‏تحكمها‏ ‏الكراهية‏ ‏والتعصب‏ ‏وتكلل‏ ‏جرائم‏ ‏إرهابييها‏ ‏بجلسات‏ ‏العار‏ ‏العرفية‏. ‏منعوا‏ ‏الأهالي‏ ‏من‏ ‏الخروج‏ ‏من‏ ‏منازلهم‏, ‏حبسوهم‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏في‏ ‏بيوتهم‏ ‏ولكن‏ ‏في‏ ‏خوفهم‏, ‏كيف‏ ‏يحرك‏ ‏أولئك‏ ‏المأفونون‏ ‏دينيا‏ ‏خبر‏ ‏بناء‏ ‏كنيسة‏ ‏في‏ ‏قريتهم‏, ‏ما‏ ‏الذي‏ ‏جعلهم‏ ‏أداة‏ ‏طيعة‏ ‏في‏ ‏أيدي‏ ‏محرضين‏ ‏لا‏ ‏يبتغون‏ ‏إلا‏ ‏دمار‏ ‏الوطن؟‏ ‏ما‏ ‏الذي‏ ‏جعلهم‏ ‏فريسة‏ ‏سهلة‏ ‏لكراهية‏ ‏الآخر‏ ‏الديني‏ ‏فيجتهدون‏ ‏لنفيه‏ ‏وعزله‏ ‏وإبقائه‏ ‏في‏ ‏الظل‏ ‏كلما‏ ‏أمكن‏ ‏ذلك‏. ‏ظنا‏ ‏منهم‏ ‏أن‏ ‏منع‏ ‏بناء‏ ‏الكنيسة‏ ‏هو‏ ‏حماية‏ ‏لعقيدته‏, ‏وتأكيد‏ ‏علي‏ ‏عدم‏ ‏الاعتراف‏ ‏بعقيدة‏ ‏الآخر‏.‏
صحيح‏ ‏أن‏ ‏الأمن‏ ‏سيطر‏ ‏علي‏ ‏الوضع‏, ‏بعدما‏ ‏أبلغ‏ ‏نيافة‏ ‏أنبا‏ ‏مكاريوس‏ ‏عن‏ ‏الهجوم‏, ‏لكن‏ ‏ماذا‏ ‏عن‏ ‏النفوس؟‏ ‏ماذا‏ ‏عن‏ ‏سرعة‏ ‏الإعلان‏ ‏عن‏ ‏أن‏ ‏بناء‏ ‏الكنيسة‏ ‏شائعة‏ ‏سرت‏ ‏في‏ ‏القرية‏!! ‏ليظل‏ ‏خطاب‏ ‏الكراهية‏ ‏تجاه‏ ‏عقيدة‏ ‏الآخر‏, ‏هو‏ ‏سيد‏ ‏الموقف‏. ‏وتنمو‏ ‏أعشاش‏ ‏الخوف‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏في‏ ‏رؤوس‏ ‏البعض‏ ‏بحجة‏ ‏حماية‏ ‏الأرواح‏,‏والخائفون‏ ‏لا‏ ‏يمتلكون‏ ‏روح‏ ‏التحدي‏, ‏الخائفون‏ ‏لا‏ ‏يمتلكون‏ ‏أدوات‏ ‏التغيير‏, ‏الخائفون‏ ‏عقبة‏ ‏أمام‏ ‏بناة‏ ‏الدول‏ ‏القوية‏, ‏أولئك‏ ‏الخائفون‏ ‏هم‏ ‏الذين‏ ‏يفرطون‏ ‏في‏ ‏تطبيق‏ ‏القانون‏, ‏ويتركون‏ ‏الإرهابيين‏ ‏يفلتون‏ ‏بأفعالهم‏, ‏وهذه‏ ‏القوة‏ ‏التي‏ ‏أقصدها‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏تنبع‏ ‏من‏ ‏التعددية‏ ‏والتنوع‏ ‏تحت‏ ‏سماء‏ ‏نفس‏ ‏الوطن‏, ‏لكن‏ ‏البعض‏ ‏يريدها‏ ‏أحادية‏ ‏العقيدة‏, ‏فأين‏ ‏يذهب‏ ‏المسيحيون‏, ‏أين‏ ‏يصلون؟‏ ‏أين‏ ‏يعيشون‏ ‏الحياة‏ ‏الطبيعية‏ ‏لمواطن‏ ‏عادي؟
يا‏ ‏أخي‏.. ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏بناء‏ ‏كنيسة‏ ‏لممارسة‏ ‏شعائرهم‏ ‏الدينية‏ ‏يغضبك‏, ‏فخبرني‏ ‏إلي‏ ‏أين‏ ‏يذهبون‏ ‏وهم‏ ‏لا‏ ‏يؤمنون‏ ‏سوي‏ ‏بمعتقدهم‏ ‏المسيحي؟‏ ‏نعم‏ ‏أخاطبك‏ ‏أنت‏, ‏الذي‏ ‏تقع‏ ‏عيناك‏ ‏الآن‏ ‏علي‏ ‏سطوري‏ ‏وتتربص‏ ‏بمفرداتي‏, ‏أخاطبك‏ ‏أنت‏ ‏الذي‏ ‏تعتقد‏ ‏أن‏ ‏بناء‏ ‏كنيسة‏ ‏يجرح‏ ‏مشاعرك‏, ‏أو‏ ‏ينجس‏ ‏قريتك‏, ‏بينما‏ ‏لا‏ ‏تمانع‏ ‏أبدا‏ ‏في‏ ‏بناء‏ ‏ملهي‏ ‏ليلي‏, ‏ولا‏ ‏تبحث‏ ‏عنه‏ ‏ولا‏ ‏تعلم‏ ‏من‏ ‏الأساس‏ ‏به‏, ‏نعم‏ ‏أخاطبك‏ ‏أنت‏ ‏الذي‏ ‏تري‏ ‏في‏ ‏بناء‏ ‏دار‏ ‏عبادة‏ ‏لممارسة‏ ‏شعائرعقيدة‏ ‏مغايرة‏ ‏لعقيدتك‏, ‏مساسا‏ ‏بحدودك‏, ‏فتعتدي‏ ‏علي‏ ‏حدود‏ ‏غيرك‏ ‏وتحاول‏ ‏حرقه‏ ‏وقتله‏ ‏بكل‏ ‏قناعة‏ ‏داخلية‏ ‏بأنك‏ ‏ترضي‏ ‏قلب‏ ‏الله‏, ‏بينما‏ ‏واقع‏ ‏الأمر‏ ‏أنت‏ ‏تعصاه‏.‏
بناء‏ ‏الكنيسة‏ ‏شائعة‏, ‏ياللعار‏, ‏وإذا‏ ‏افترضنا‏ ‏أنها‏ ‏ليست‏ ‏شائعة‏, ‏هل‏ ‏هذا‏ ‏مبرر‏ ‏للحرق‏ ‏والتدمير‏ ‏والطرد‏, ‏ومحاولة‏ ‏قتل‏ ‏الناس‏ ‏عمدا؟‏ ‏فالكنيسة‏ ‏ليست‏ ‏سبة‏, ‏الكنيسة‏ ‏ليست‏ ‏عارا‏, ‏الكنيسة‏ ‏بيت‏ ‏من‏ ‏بيوت‏ ‏الله‏ ‏وليست‏ ‏مكانا‏ ‏نخجل‏ ‏منه‏ ‏حتي‏ ‏نسارع‏ ‏ونعلن‏ ‏أنها‏ ‏شائعة‏, ‏الكنيسة‏ ‏مثل‏ ‏المسجد‏ ‏تماما‏, ‏نرفع‏ ‏أيادينا‏ ‏فيها‏ ‏إلي‏ ‏فوق‏ ‏ونقول‏ ‏يا‏ ‏رب‏, ‏ومسألة‏ ‏جس‏ ‏النبض‏ ‏التي‏ ‏تحدث‏ ‏بين‏ ‏الحين‏ ‏والآخر‏ ‏بتمرير‏ ‏الخبر‏, ‏ومن‏ ‏ناحية‏ ‏أخري‏ ‏نجد‏ ‏من‏ ‏يهيج‏ ‏المتشددين‏, ‏أصبحت‏ ‏لعبة‏ ‏متكررة‏ ‏ماسخة‏, ‏لأن‏ ‏الدولة‏ ‏حينما‏ ‏أرادت‏ ‏ردع‏ ‏أولئك‏ ‏الموتورين‏ ‏نفذت‏ ‏في‏ ‏القاهرة‏ ‏والعريش‏ ‏وسيناء‏ ‏ودلجا‏ ‏في‏ ‏المنيا‏ ‏نفسها‏, ‏منذ‏ ‏ما‏ ‏يقرب‏ ‏من‏ 11 ‏عاما‏, ‏وبالتحديد‏ ‏في‏ ‏عام‏ 2013 ‏حينما‏ ‏تم‏ ‏عزل‏ ‏الرئيس‏ ‏الأسبق‏ ‏محمد‏ ‏مرسي‏.‏
رجاء‏ ‏أوقفوا‏ ‏مهزلة‏ ‏الإفلات‏ ‏من‏ ‏العقاب‏, ‏أوقفوا‏ ‏مهزلة‏ ‏إرهاب‏ ‏الغوغاء‏ ‏الذين‏ ‏يريدون‏ ‏نفي‏ ‏مصر‏ ‏في‏ ‏أفكار‏ ‏صناعة‏ ‏وهابية‏, ‏بلادها‏ ‏ذاتها‏ ‏تخلصت‏ ‏منها‏ ‏وما‏ ‏زلنا‏ ‏نحن‏ ‏نقتنيها‏ ‏ونؤججها‏, ‏بل‏ ‏ونكفن‏ ‏العدل‏ ‏بالقهر‏, ‏فربما‏ ‏بعد‏ ‏أيام‏ ‏نسمع‏ ‏عن‏ ‏جلسة‏ ‏جديدة‏ ‏من‏ ‏جلسات‏ ‏العار‏ ‏العرفية‏ ‏التي‏ ‏يتصالح‏ ‏فيها‏ ‏الطرفان‏ ‏مقابل‏ ‏التهدئة‏ ‏والإفراج‏ ‏عن‏ ‏من‏ ‏تم‏ ‏القبض‏ ‏عليهم‏, ‏وتنتهي‏ ‏جولة‏ ‏الكراهية‏ ‏مع‏ ‏المواطنة‏ ‏واحد‏ ‏صفر‏ ‏لصالح‏ ‏الكراهية‏.‏

تاريخ الخبر: 2024-04-30 09:21:51
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

خلافات الحكومة الإسرائيلية حول غزة تخرج إلى العلن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 15:27:57
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

ملف "إيسكوبار الصحراء".. تحديد أولى جلسات محاكمة الناصيري وبعيوي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 15:26:50
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

خلافات الحكومة الإسرائيلية حول غزة تخرج إلى العلن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 15:27:59
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

العصبة تكشف عن برنامج الجولة الـ29 من البطولة الاحترافية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 15:27:11
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

العصبة تكشف عن برنامج الجولة الـ29 من البطولة الاحترافية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 15:27:10
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 70%

ملف "إيسكوبار الصحراء".. تحديد أولى جلسات محاكمة الناصيري وبعيوي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 15:26:52
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية