تطورات متسارعة تعرفها قضية “التوظيف مقابل المال” التي يتابع على ذمتها الاتحادي أنس اليملاحي مستشار وزير العدل السابق محمد بنعبد القادر؛ فقد قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، اليوم الخميس، إحالته على قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال.
ويتضمن قرار الإحالة على قاضي التحقيق ملتمس النيابة العامة بمتابعة اليملاحي وإيداعه السجن، وفق صك اتهام يضم تهما ثقيلة لا تقتصر على “النصب والاحتيال” فقط، بل تشمل أيضا “تكوين شبكة للتوظيفات الوهمية، والارتشاء، والابتزاز، والتزوير واستعماله”، وفق ما أكده محامون لـ”الأيام 24”.
فما هي قصة هذا الشاب المغمور الذي تلاحقه تهما وشبهات من كل حدب وصوب؟
صعود نحو الهاوية
بتاريخ 18 مارس الفائت، وضع الرئيس السابق لجماعة الجبهة بإقليم تطوان المعتصم أمغوز، شكاية أمام وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتطوان، ضد أنس اليملاحي الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس جماعة تطوان، كشف فيها أنه سلَّم المشتكى به مبلغا ماليا تقدر قيمته بـ30 مليون سنتيم على سبيل الرشوة نظير ضمان نجاح زوجته في مباراة للمنتدبين القضائيين، لتزامن ذلك الامتحان مع الفترة التي كان خلالها اليملاحي يشغل منصب مستشار وزير العدل محمد بنعبد القادر في حكومة سعد الدين العثماني.
وتشير المعطيات الواردة في الشكاية التي كانت النيابة العامة قد أحالتها على الشرطة القضائية بتطوان خلال نفس شهر تسلمها، إلى أن أمغوز تعرَّض إلى عملية نصب واحتيال من طرف المشتكى به أنس اليملاحي، بعدما عمد الأخير إلى إيهام الضحية بأنه يتوفر على نفوذ وتدخلات بوزارة العدل تسمح له بتوظيف زوجته في أحد المناصب المهمة بالوزارة، أو ضمان نجاحها في مباراة المنتدبين القضائيين، غير أن هذه الوعود تكسرت على صخرة الواقع، ليجد المشتكي نفسه أمام مخطط تدليس.
كما تتضمن الوثيقة نفسها ملحقا يضم بعض الأسماء الذي قال أمغوز إنهم شهدوا الواقعة، بينهم البرلماني عن دائرة تطوان حميد الدراق، رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية، الكاتب الوطني للشبيبة الاتحادية ومالك جريدة محلية.
لدى انكبابها على هذا الملف، وجّهت الشرطة القضائية بتطوان استدعاءات إلى اليملاحي للاستماع إليه في ما يدعيه متهمه، غير أنه ماطل في الاستجابة إليها، ليتبين لاحقا أنه غادر المغرب صوب إسبانيا من معبر باب سبتة الحدودي، لكن بمجرد أن حط الرحال بمطار الرباط قبل يومين، حتى اقتاده الضباط إلى التحقيق الذي ظل منذ شهر مارس يتهرب منه.
يُعرف على أنس اليملاحي أنه شاب لا يتعدى عمره الـ37 ربيعا، ينشط في شبيبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لم يكن صدى اسمه يتجاوز محيطه حيث أبصر وترعرع، أي مدينة تطوان، لكن وعلى نحو فجائي سيتحول مع تقلد القيادي الاتحادي محمد بنعبد القادر وزارة العدل في أكتوبر 2019، إلى وجه إعلامي حيث ستفتح له الأبواب ليكون ضيفا في برامج تلفزيونية، كما سيصبح محاضرا في الندوات العلمية التي يُقدَّم فيها على أنه “أستاذ باحث”.
متهم بـ”البلاجيا”
قبل قضية الرشوة المزعومة، ارتبط اسم أنس اليملاحي بفضيحة من نوع آخر؛ ففي فبراير من العام الجاري اتهمه الأستاذ الجامعي عبد العزيز الطريبق بسرقة صفحات من بحث كان قد أنجزه باللغة الفرنسية عن الصحافة الوطنية في الشمال خلال الحماية الإسبانية، لنيل دبلوم الدراسات العليا في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط سنة 1998.
يقول الطريبق إنه عمد قبل أزيد من 10 سنوات إلى ترجمة نتف من هذا البحث إلى اللغة العربية بغرض تدريسها لطلبة سلك الماستر بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، الذين كان اليملاحي واحدا منهم، ليكتشف بعد مرور السنوات أن الأخير نسخ أزيد من 80 صفحة من بحثه وجعلها جزء من أطروحة الدكتوراه التي خوَّلت له الحصول على لقب “دكتور” ليجاوره لاحقا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مرتيل التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، كأستاذ جامعي.
اتهام “البلاجيا” الذي طوق اليملاحي وأحرجه بقوة، خصوصا وأن الطريبق لم يكن يطالبه سوى بتقديم اعتذار، جعله وقتها يخرج عن صمته نافيا جملة وتفصيلا حشو أطروحة الدكتوراه خاصته بمجهود علمي لا يعود إليه.
