فرح القيامة
فرح القيامة
يقول داود النبي:هذا هو اليوم الذي صنعه الرب, فلنبتهج فيه ولنتهلل (مزمور117:24), هل يعتبر عيد القيامة المجيد بالنسبة لنا يوما كباقي أيام الأسبوع؟ إن أساس إيماننا مبني علي الرجاء في أن كل تجربة تتبدل إلي نعمة, وكل حزن يؤول إلي فرح, وكل ألم يعقبه تعزية سماوية, وكل موت ينتهي بالقيامة, نحن نعيش علي هذه الأرض مسحوقين تحت ثقل الحجارة, والكثيرون منا يدفنون أنفسهم في قبر, وليس عندهم رجاء في الخروج من هذا المكان المظلم,حتي أننا نستسلم لظلام القبر وعبوديته.من يستطيع أن يرفع هذا الحجر من علي باب قبرنا؟ لكن خبرة قيامة السيد المسيح من بين الأموات, تمنحنا الأمل في إزالة هذا الحجر لنخرج إلي النور, لذا يجب علي كل واحد منا أن يصبح نورا وسعادة وقيامة,وأن نثق في وجود الله الذي سيحررنا من عتق عبودية القبر, والقيامة هي فرصة لنهوض الإنسان من عثرته وظلمته وانغلاقه, وتفتح له الأبواب المغلقة ليخرج من أزماته, فقيامة السيد المسيح هي تحقيق وعود الله لنا, لأنها تحول المستحيل إلي واقع, وتحررنا من قيود كثيرة تمنعنا من الانفتاح علي الآخرين, والقيامة هي رجاء لمن ليس له رجاء,لأنها تنقلنا من الجسد الفاني إلي الحياة الباقية, ومن المحدود إلي اللامحدود,ومن المنظور إلي غير المنظور, ومن الظلمة إلي النور, ومن الباطل إلي الحق. إن عيد القيامة يحمل معه العديد من المعاني والعبر لترشدنا طوال حياتنا الأرضية.فالسيد المسيح قبل بإرادته الآلام والعذابات والإهانات والموت, ليخلصنا من خطايانا وينجينا من الموت الأبدي, مانحا إيانا الحياة الأبدية بقيامته من بين الأمواتهذا هو اليوم الذي صنعه الرب, لأنه يختلف تماما عن باقي الأيام, ففيه انتصر السيد المسيح علي الموت بموته, وبدد الظلام بنوره المشرق علينا, ومنحنا الرجاء الذي لا يزول أبدا, مبينا لنا أن الموت ليس نهاية كل شيء, ولكنه بدء الحياة الأبدية مع الله, والتي تتميز بالسعادة الدائمة, وإذا كان من البديهي أن حياة الإنسان علي الأرض تنتهي في القبر, لكن السيد المسيح بقيامته جعلها بداية الحياة الجديدة, فالرب بقيامته من بين الأموات خلق يوما جديدا وفريدا ومختلفا عن سائر الأيام التي يصنعها الإنسان بأعماله الخاطئة,فإذا كان الله خلق أيام السعادة والفرح والنور, لكن الإنسان حولها إلي أيام تحمل في طياتها الحزن والكآبة والظلام, نتيجة أعماله السيئة من خيانة وحقد وكراهية وحروب, واليوم الذي صنعه السيد المسيح لا مثيل له, لأنه يوم ميلاد الخليقة الجديدة, فالقائم من بين الأموات يمنحنا أيام النور التي تبدد ظلام الإنسان, نحن نعيش في عصر يتفنن فيه البشر بشتي الوسائل, لاختراع أدوات الموت والقتل والدمار الشامل,لكن الرب يهبنا الحياة التي لا نهاية لها, ولا يستطيع أي إنسان أن ينزعها منا, كما أن الغالبية العظمي تسعي لتشويه جمال الخليقة التي أبدعها الله بكل الوسائل التي تلوث البيئة,إلا أن السيد المسيح يصلح كل شيء في حياتنا, حتي يصير جديدا وصالحا وجميلا, فالقيامة هي ثقة, لأن الإنسان يتغلب بها علي قوي الشر التي تحيط به, والقيامة هي ذروة المحبة, لأن السيد المسيح يمنحنا الحب الحقيقي, النابع من روح البذل والتضحية في سبيل الآخرين, كما أنه يهبنا الغفران الدائم علي ما ارتكبناه في حقه وحق الجميع, والقيامة هي فرح دائم لأنها تبشرنا بأن القادم أفضل بكثير من الماضي, لذلك يجب علينا أن نثق في وعود الله الصادقة, كم من الأشخاص الذين ينعمون برجاء هش, حتي إنهم يتغيرون في مواقفهم ومعاملاتهم نتيجة عدم ثقتهم بوعود الله لهم؟نحن نعيش هذه الخبرة عندما لا نستطيع الانتظار ويضمحل رجاؤنا في لحظة, ونفقد الأمل في كل ما كنا نرجوه ولم نحصل عليه, للأسف إن هذه المواقف تؤثر علي قوة إيماننا, وكثيرا ما نطمع في الوصول إلي لحظة القيامة دون العبور من نفق الآلام والصعوبات والموت, ونويد تحقيق كل ما نتمناه في اللحظة الحاضرة وبأقصي سرعة ممكنة,وأن ننال ما نطلبه من الله في الحال, بينما قيامة السيد المسيح تنير بصائرنا لندرك ما وراء الأحداث والصعوبات والآلام ومواقف الفشل وغيرها, ومن ثم نستطيع أن نعاين النور الحقيقي داخل نفق حياتنا المظلم, فنور القيامة لن يعقبه ظلام الليل, المسيح قام… حقا قام, كل عام ونحن جميعا بخير وسلام, وبركة القيامة تحل علينا أجمعين.