لما مات البكر جعلنا كنيسة أبكار
لما مات البكر جعلنا كنيسة أبكار
لأنكم لم تأتوا إلي جبل ملموس مضطرم بالنار, وإلي ضباب وظلام وزوبعة (19) وهتاف بوق وصوت كلمات, استعفي الذين سمعوه من أن تزداد لهم كلمة(20),لأنهم لم يحتملوا ما أمر به:وإن مست الجبل بهيمة, ترجم أو ترمي بسهم21).وكان المنظر هكذا مخيفا حتي قال موسي:أنا مرتعب ومرتعد (22).بل قد أتيتم إلي جبل صهيون,وإلي مدينة الله الحي, أورشليم السماوية, وإلي ربوات هم محفل ملائكة(23), وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات, وإلي الله ديان الجميع,وإلي أرواح أبرار مكملين(24) وإلي وسيط العهد الجديد , يسوع,وإلي دم رش يتكلم أفضل من هابيل(عب12).
أول وصية أمر الله بها موسي بعد الخروج مباشرةقدس لي كل بكر, كل فاتح رحم من بني إسرائيل, من الناس ومن البهائم,إنه لي(خر13:2).
وقد أمعن الرب في طلب البكر من الإنسان والحيوان, وكذلك أبكار الحصاد والكروم والزيت(أسفار الخروج 13-اللاوين 27,23-العدد19,18,15), واهتم بذلك اهتماما كبيرا,حتي أنه طلب الاحتفال بعيد رئيسي سمي بعيد الباكورة , صار رمزا عميقا لقيامة ربنا يسوع المسيح باكورة الراقدين(1كو15).
أما عبارةإنه لي التي ختم بها الرب وصيته لموسي, فتعني تكريس البكر للحياة الجديدة التي وهبنا إياها الرب, وبالتالي بركة تصير لكل التالي من النسل ومن الزرع, وبالنسبة لنا, الأمر ليس مجرد وصية نطبقها بحرفية دون الدخول في أعماقها,بل إعلان ملكية الرب لنا, بسبب ما فعله المسيح لأجلنا.
مفهوم البكر والبكورية قديم ومعروف حتي من البشر قبل الناموس المكتوب, ولكن لما جاء الناموس اهتم الرب بإقرارها كنظام حياة, حتي يدرب البشرية علي تذكرها فيقبلوا موت الابن الوحيد البكر يسوع المسيح عنهم حتي يقدسهم بالكلية, إذ بتقديم البكر للرب يتقدس الكل, وبهذا يحسب أن الكل قد قدم للرب, فالمسيح بكرنا, وبكر كل الخليقة ورأسهاشاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور(13) الذي أنقذنا من سلطان الظلمة, ونقلنا إلي ملكوت ابن محبته(14), الذي لنا فيه الفداء, بدمه غفران الخطايا (15), الذي هو صورة الله غير المنظور,بكر كل خليقة(18), وهو رأس الجسد: الكنيسة الذي هو البداءة, بكر من الأموات,لكي يكون هو متقدما في كل شيء(19),لأنه فيه سر أن يحل كل الملء(20), وأن يصالح به الكل لنفسه, عاملا الصلح بدم صليبه, بواسطته,سواء كان:ما علي الأرض,أم ما في السماوات(كو1:12-19).لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه, ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين(رو8:29).
أبكار بشريتنا فشلوا كلهم!
آدم فقد بكوريته للبشرية, بسبب المخالفة,لكن يسوع كلمة الله, دعي آدم الأخير, قدم حياته للآب ذبيحة حب وطاعة بلا عيب, فاشتم منه الآب رائحة الرضا والسرور عن بقية الزرع.
فقد عيسو بكوريته بسبب تهاونه وفساده, وتسلمها يعقوب الذي قيل عنه: إنسانا كاملا يسكن الخيام, إشارة إلي ربنا يسوع النموذج الكامل لبشريتنا الذي سكن بلاهوته خيمة أجسادنا متحدا بنا.
وفقد أيضا رأوبين بكوريته لأنه دنس فراش أبيه(تك49:1), فأتي القدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل تماما عن الخطاة, من جهة الدنس, وليس من جهة الحب!,إسماعيل لم ينفع أن يكون بكرا, حسب إسحق البكر لأبيه إبراهيم وورث كل شيء(تك21:10), مع أنه ولد بعد أخيه إسماعيل, فليس من يقدر أن يستحق البكورية في وجود المسيح الموعود به والذي انتظرته البشرية أجيالا طويلة, القدوس وحده الذي بلا عيب.
بكور ثمار الأشجار والأدوار الخمسة(23), ومتي دخلتم الأرض وغرستم كل شجرة للطعام, تحسبون ثمرها غرلتها, ثلاث سنين تكون لكم غلفاء,لا يؤكل منها(24), وفي السنة الرابعة يكون كل ثمرها قدسا لتمجيد الرب(25), وفي السنة الخامسة تأكلون ثمرها, لتزيد لكم غلتها,أنا الرب إلهكم(لا19).
هذه الشجرة هي بشريتنا التي ظلت غلفاء لثلاث سنين, السنة الأولي هي بشريتنا في جنة عدن لما لم تثمر وامتلأت إحباطا بالعصيان, حيث انتهت السنة بالطرد خارج الفردوس, ثم أتت علينا السنة الثانية, عصر الناموس الطبيعي,إبراهيم والآباء, محاولة من الله لجعل الشجرة تئن وتحلم بالإثمار وعاشت البشرية فعلا هذا الحلم وهذا الأنين! والسنة الثالثة هي عهد الناموس المكتوب, بموسي, فيها دفع الرب الشجرة واضطرها للإقرار بالفشل بل والموت , فكانت تهيئة جدية للإثمار!
أما السنة الرابعة فهي سنة الإثمار, سنة الرب المقبولة, سنة الخلاص, عهد النعمة بربنا يسوع المسيح, إذ قدم بموته وقيامته ثمرا مقدسا يعالج به جذريا فشلنا وضعفنا وعجزنا, وذلك علي مستوي تغيير الطبيعة البشرية في خلقة جديدة للإنسان تمكنه من الحياة والإثمار في معرفة حقيقية للرب, فصار بكليته له المجد نائبا عنا, قدسا لتمجيد الرب, البكر والأصل الجديد لبشريتنا, والنموذج الإنساني الكامل لنا كما كنا في ذهن الله منذ الأزل.
وها نحن نعيش في السنة الخامسة نأكل من ثمارها, ثمار الصليب ينبوع النعم, شجرة تزداد لنا غلتها, حياة مقامة مع المسيح,أخذناها بالمعمودية, مقدسة تغمرنا بالنعمة, حياة غالبة لكل غلففساد فينا, صارت وينبغي أن تصير مصدر تعزيات وقوة ليست بقليلة, تتجدد فينا بقوة وتزداد كلما نظرنا بإيمان للصليب والقيامة, قصة الحب العجيب والفداء العظيم,
اذكرنا أيها الغالب متي جئت في ملكوتك