زول

اتى في قاموس لسان العرب وكذلك المعجم الوسيط حتى حدثة زول تعني الشجاع كذلك الذكي أوالفطن وزاد بعض المجتهدين حتى الزول هوالسمح الكريم وهوالكيس اللطيف ونطقوا غير ذلك. هذه المعاني المعجمية هي التي مضى إليها أكثر من حاول تفسير هذه الحدثة رغم ورود معاني أخرى لعلها كانت أصلا محتملا لهذه الحدثة. لكن معنى حدثة زول في الخطاب السوداني لا ينصرف إطلاقا إلي شيء من تلك الخيارات.

تعني حدثة" زول" في اللهجة العربية السودانية " شخص" إلا حتى حدثة إنسان أوسع دلالة من حدثة زول وهذا ما سنوضحه لاحقا. أما الأصل الأكثر احتمالا لهذه الحدثة فهوالعمل زال يزول زوالا وزولانا إذا تحول أوانتقل فإذا فهمت حتى التحول والانتنطق لاقد يكون إلا بحركة فقد انصرف المعنى ليفيد مجرد التحرك ليس أكثر وهنا كانت بداية تطور هذه الحدثة دلاليا في وادي النيل لتدخل وتستقر في قاموس اللغة النوبية اللغة السابقة للعربية بذات المعنى. هكذا تحددت دلالة هذه الحدثة فصارت بمعنى المتحرك أوالمتردد الحركة.

الأصل

يحتوي قاموس اللغة النوبية حدثة " سلن/sollon" بمعنى تحرك أوتأرجح، ومنها حدثة " سلالى / sollale" أوالمرجاحة "سل تيقن / solla teegon" بمعنى جلس جلسة المتهئ للتحرك أوجلس القرفصاء. أما " سول / solon" فتعني في النوبية الحركة المتوهمة أوتخيل حركة الشئ وتوهمها، ثم اتى تطور آخر للحدثة لتعني مطلق الخيال أوالشبح وهي في النوبية " سول".من هنا انصرفت حدثة "سول" لتعني المجدار الذي كان كثير الاستعمال والشيوع، وقد أشار إلى ذلك بوركهاردت الرحالة الأوربي الذي زار بلاد النوبة في أوائل القرن التاسع عشر وذكر حتى المجادير تكثر في بلاد النوبة وأن يقيمونها في مزارعهم لتخويف الطيور وتنفيرها وأنها تنصب في هيئة الإنسان. إلى غير ذلك انصرف معنى حدثة " سول" لخيال الإنسان تحديدا. ومن هنا تشكل معنى هذه الحدثة ليطلق على الشخص غير واضح الملامح أوالشخصية وربما الإنسان المجهول. وبهذه المعاني دخلت حدثة " سول" قاموس العربية السودانية. ومن ثم قلب السين زايا وهوجائز لغويا وعموم قلب الحروف ظاهرة مميزة لعربية السودان.

اكتساب حدثة "زول" بعض سمات الاسم في اللغة النوبية يشير على أنها مرتدة عن اللغة النوبية اكتسابها. على سبيل المثال لا توجد ظاهرة المذكر والمؤنث في نحواللغة النوبية، فالاسم يحتمل التذكير والتأنيث إلا حتىقد يكونا مختصا أوأريد الاختصاص لسبب فيضاف عند الضرورة حدثة ذكر، ولما كان ذلك كذلك مما هوممتنع في العربية فقد اقتصرت هذه الحدثة على صيغة المذكر دون المؤنث في عربية السودان، فلا تقل زولة ترغب الإشارة للمرأة وإلا ضحك عليك القوم، فـ " زولة " لا وجود لها في قاموسهم لا ترد على ألسنتهم. شاهد آخر على تحول هذه الحدثة عن النوبية حتى حدثة " زول" لا تجمع في سائر استعمالاتها، فلا تأتي إلا في صيغة المفرد فلا تقولن أزوال أوزواويل. وهي كذلك في اللغة النوبية فلا ترد إلا مفردة رغم أمكانية جمعها.

الشاهد الثالث هوالسياق اللغوي الذي تستعمل فيه هذه الحدثة. سليم حتى حدثة "زول" تعني إنسان ـ كما أشرنا ـ إلا حتى الأخير أوسع دلالة بينما "زول" مع ضيق دلالتها تستعمل في سياقات محددة وذلك في تصوري راجع لأثر اللغة النوبية التي وضعتها من قبل في ذات السياقات. فهي حدثة مرنة لفظا محدودة الدلالة.

استخدامها في العامية السودانية

حدثة "زول" في الخطاب السوداني ليس مطلق الاستعمال كما يظن بعضهم، وإنماقد يكون في سياقات محددة. السياق الشائع حتى تأتي مع المفرد الغائب فلا تأتي مع المتحدث ولا تجد شخصا يقول مثلا "أنا زول كذا " إلا فيما ندر. كذلك لا تأتي مع المخاطب إلا في إحدى الحالات التالية: 1- عند التهكم، التعجب، الغضب أوفي عموم حالات الانفعال.. يقول قائلهم مخاطبا " يا زول مالك !!؟".. " يا زول أنت ماك نصيح !!؟".. " عليكم الله شوفوالزول ده". 2- في حالات التودد والمداعبة ولاقد يكون هذا إلا مع صديق أوإنسان مقرب فتقول " يا زول وين أنت ؟" أو" يا زول مشيت وين !؟" أو" يا زول ارح معنا " إلى غير ذلك 3- إذا كان مجهولا غير معروف أصلا مثلا "يا زول إنت من وين ،يا ترى؟ " أو" يا زول أهلك من وين ؟" ترغب التعهد إليه حقيقة.

لا تطلق حدثة زول على جميع إنسان معروف أومفهم بزي رسمي أومكانة أوهيئة، فلا ينطق للشرطي مثلا يا زول. كما لا يشار بها على من تبدوعليه سمات الهيبة والوقار تماما كما لا تطلق على جميع ذي منصب مرموق أومكانة اجتماعية، لما تتضمنه هذه الحدثة من إيحاءات التجهيل أوالاستخفاف وهنا تكمن مزالق هذه الحدثة للذي لا يحسن استعمالها. في بعض دول الخليج يطلقون "زول" على السودانين ويخاطبون بذلك جميع سوداني وذلك تلطفا ومداعبة.

في الشعر الغنائي السوداني

يأتي استعمال حدثة زول مع الغائب المفرد وهذا الغائب من الممكنقد يكون شخصا مجهولا أوغريبا أولا يريدون تسميته أوتشخيصه فيكتفون بالإشارة إليه زولا. يقولون " الزول الكان واقف هناك".. " الزول داك منو؟".. " نمشي نشوف الزول داك ".. " فلان زولا ماكن ". من هذا المدخل تأتي حدثة "زول " للإشارة إلى المحبوب في الشعر الغنائي السوداني وأنت تفهم حتى الشعراء من سالف عهدهم لا يصرحون بأسماء محبوباتهم. نطق الشاعر الغنائي :

الزول الوسـيم في طبعه دايــما هادي

من أوصافه قول أسكرني هات يا شادي

ونطق آخر :

اتمنى يوم زولي القبيـل
يقطـع معاي دربا عديــل
مشوار عمر مشوار طويل
نمشيه في درب القويز.. في كردفان

ففي هذه المقاطع الغنائية السابقة أطلق الشاعر حدثة زول تعريضا عن ذكر محبوبته وكان ممضى المحبيين دائما إشهار الحب وإظهار الوجد دون التعرض للحبيبة، فالحبيبة مجهولة وستظل كذلك أما حبه فسيغني به ويردد معه الركبان.

أما في هذا البيت الغنائي :

كفارة ليك يا زول

والسقم ما بيقتلوزول

فقد اختصر الشاعر السياقات اللغوية لهذه الحدثة ببراعة، ففي صدر البيت قصد بحدثة زول المحبوبة بينما المراد في الثانية مطلق الشخص من غير تحديد. ومن هذا القبيل قول الشاعر:

أقل حاجة تخلي ســفرك حتى لوأسبوع أقــله
لوتسافر دون رضانا بنشقى نحن الدهر كله
وما بنشوف في الدنيا متعة وكل زول غيرك نمـله

فحدثة "زول" هنا تحتمل المعنيين السابقين.

ومما اتى في الشعر الغنائي السوداني الحافل بالروائع من إطلاق حدثة "زول" لمطلق الإشارة للشخص أوالإنسان قول الشاعر: وما بنشوف في الدنيا متعة وكل زول غيرك نمـله

أنحن ناس بنعيش حياتنا الغالية بالنية السليمة
جميع زول دايرين سـعادته تشهد الأيام عليـمة

المراجع

^ "تعريف وشرح ومعنى زول بالعربي في معاجم اللغة العربية معجم المعاني الجامع، المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر ،الرائد ،لسان العرب ،القاموس المحيط - معجم عربي عربي صفحة 1". www.almaany.com. مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 19 مارس 2019.