نظرية التحكم الاجتماعي

عودة للموسوعة

في فهم الإجرام، تقترح نظرية التحكم الاجتماعي حتى عمليتي التنشئة الاجتماعية والتفهم الاجتماعي تبنيان ضبط النفس وتقللان استعداد الأفراد للمشاركة في السلوكيات التي ينظر إليها على أنها معادية للمجتمع. النظرية مستمدة من النظريات الوظيفية في الجريمة، طورها إيفان ناي (1958) الذي اقترح وجود ثلاثة أنواع من التحكم:

  • المباشر: من خلال التهديد بالعقوبة أوتطبيقها في لقاءة سلوك خاطئ، يكافَأ الامتثال والمطاوعة من قبل الوالدين والعائلة والسلطة.
  • غير المباشر: من خلال التماهي مع المؤثرين في السلوك، لنقل إذا سبب ذلك هوحتى السلوك الجانح قد يسبب الألم والخيبة للوالدين والمقربين الآخرين.
  • الداخلي: يمتنع من خلاله الناشئ عن الجنوح بتأثير الضمير أوالأنا الأعلى.

التعريف

تقترح النظرية حتى علاقات الأفراد والتزاماتهم وقيمهم ومعتقداتهم وأعرافهم تدفعهم لعدم انتهاك القانون. إلى غير ذلك، إذا استوعب الأفراد القواعد الأخلاقية في دواخلهم وارتبطوا بمجتمعهم ووجدوا مصلحتهم فيه، سيحدون طوعيًا من نزعتهم نحوالأفعال المنحرفة. تسعى النظرية لفهم الطرق التي يمكن من خلالها إنقاص احتمال تطور الإجرام في الأفراد. لا تأخذ النظرية بعين الاعتبار مسألة الدوافع، وتبدأ ببساطة بأن الإنسان قابل للانخراط في مجموعة واسعة من النشاطات، ولكن عمليتي التنشئة الاجتماعية والتفهم الاجتماعي تحدان من تلك القابلية. النظرية مشتقة من رؤية هوبز للطبيعة الإنسانية المتمثلة في كتابه «ليفياثان»، ما يعني حتى الخيارات تحدها وتطوقها عقود واتفاقات وترتيبات اجتماعية خفية بين الناس. فتُبنى الأخلاق من خلال بناء النظام الاجتماعي، وتعيين نتائج وعواقب الخيارات التي يتخذها الفرد ووسمها بالشر أواللاأخلاقية أومخالفة القانون.

مؤيدون للنظرية

إدوارد إيه. روس

اقتُرحت أول صيغة للنظرية على يد إدوارد إيه. روس (أوأنه أول من صاغها ودوّنها) في عام 1901، وعهد التحكم الاجتماعي بقوله «حدثا احتوى المجتمع الذي يسير بسلاسة التبترات والانحرافات المتكررة لأنشطة أفراده، كان النظام الاجتماعي أكثر كمالًا»، إلى غير ذلك، حدثا كان النظام الاجتماعي أكثر كمالًا، تحقق مزيد من التحكم الاجتماعي. أشهر أعماله كتاب «التحكم الاجتماعي» في عام 1901، والذي عالج مسببات ووسائل الحد الاجتماعي لأفعال الأفراد.

ألبرت جاي. ريس

اقتُرحت صيغة باكرة أخرى للنظرية من قبل ريس (1951: 196) الذي عرّف الجنوح بأنه «سلوك ناتج عن فشل التحكم الاجتماعي والذاتي». عُرف التحكم الذاتي بأنه «قدرة الفرد على منع تلبية احتياجاته بطرق تعارض قواعد وأعراف المجتمع». وعهد التحكم الاجتماعي بأنه «قدرة الجماعات والمؤسسات الاجتماعية على جعل الأعراف والقواعد فعالة». لم تحدد نظرية ريس مصادر هاتين «القدرتين» ولا آليات التحكم الخاصة التي تؤدي إلى امتثال الأفراد، ولكنه أكد حتى فشل الجماعات الأولية كالعائلة في تعزيز الأدوار والقيم غير المنحرفة هوأمر حاسم في تفسير الجنوح. خط ريس أيضًا الكثير حول تطبيق أفكاره في فهم الإجرام.

إف. إيفان ناي

لم يوسع إيفان ناي (1958) نظرية التحكم الاجتماعي في الجنوح وحسب، بل حدد طرقًا «لتفعيل» (قياس) آليات التحكم وربطها بالتقارير الذاتية حول السلوك الجانح. صاغ النظرية بعد لقاءته 780 شابًا في ولاية واشنطن. انتُقدت العينة لأنها لم تمثل الشرائح الحضرية ولأن المنتقَين كانوا أكثر ميًلا لوصف عائلاتهم بشكل سلبي.

قلق البعض حول ذكر النشاط الإجرامي في سؤالين فقط من الأسئلة، ولذلك اعتبروا الاستقراءات الخاصة بالإجرام عمومًا غير أكيدة. ومثل ريس، ركز ناي على العائلة كمصدر للتحكم وحدد ثلاثة أنماط مختلفة من التحكم:

  • التحكم المباشر: العقوبة والمكافأة.
  • التحكم غير المباشر: التماهي العاطفي مع غير المجرمين.
  • التحكم الداخلي الضمير أوالشعور بالذنب.

تتحكم النواهي المفروضة من قبل الوالدين بشكل مباشر بالناشئ، وبذلك تحاصر فرصة جنوحه. إضافة إلى المكافأة والعقاب الوالدي. ولكن، قد يمتنع الناشئ عن الجنوح عندما يصبح حرًا من التحكم المباشر عبر تقديره للرفض الوالدي (التحكم غير المباشر)، أوعبر تطوير الضمير، المانع الداخلي للسلوك. يناقض الهجريز على العائلة كمصدر للتحكم التأكيد على الظروف الاقتصادية بشكل كبير، كمصدر للدوافع الإجرامية في ذلك الوقت. أقر ناي بدور قوى الدوافع عبر قوله «تنتج بعض السلوكيات الجانحة عن مزيج من التفهم الإيجابي وضعف وعدم فعالية التحكم الاجتماعي» (1958: 4) وتَبنّى نظرية التحكم عندما اقترح حتى معظم الافعال الجانحة تنتج عن ضعف التحكم الاجتماعي.

والتر ريكلس

طور والتر ريكلس (1961) نظرية الاحتواء عبر الهجريز على مفهوم الذات وصورة الذات المرتبطة بكون المرء صالحًا عند الناشئة، كعازل عن ضغط الأقران الذي يدفعهم للمشاركة في الجنوح.

  • الاحتواء الداخلي: الشعور الإيجابي بالذات.
  • الاحتواء الخارجي: الإشراف والانضباط.

يتطور الاحتواء الداخلي عبر صورة الذات في العائلة، ويتشكل أساسًا في نحوالثانية عشر من العمر. الاحتواء الخارجي انعكاس للعلاقات الاجتماعية القوية مع الأساتذة والمصادر التقليدية الأخرى للتنشئة الاجتماعية المحيطة. الافتراض الأساسي هووجود عوامل «دفع» و«سحب» ينتج عنهما سلوك جانح، إلا إذا قابل الاحتواء هذه العوامل.

الدوافع نحوالسلوك الجانح (عوامل الدفع):

  • عدم الرضا حول ظروف المعيشة.
  • الصراعات العائلية العدوانية والبغض، من الممكن بسبب عوامل بيولوجية.
  • الإحباط والملل، لنقل إنهما ينتجان عن الانتماء لمجموعة من الأقليات أوعبر نقص فرص التقدم الدراسي أوإيجاد العمل.

وعوامل السحب:

  • الأقران الجانحون
  • الثقافات الفرعية الجانحة.

ترافيس هيرسكي

تبنّى ترافيس هيرسكي مفهوم الاستثمار في «التقليدية» أو«المصلحة في الامتثال». وشدد على دور التعقل في اتخاذ القرار بشأن ارتكاب الجريمة، وجادل بكون الفرد أقل ميلًا لاختيار الجريمة حين تكون لديه روابط اجتماعية قوية.

النظرية العامة للجريمة

ابتعد هيرسكي بعد ذلك عن نظرية الروابط تلك، وبالتعاون مع مايكل ر. جوتفريدسون، وضع النظرية العامة أو«نظرية ضبط النفس» في عام 1990. جادل إيكرز (1991) بأن نقطة الضعف الرئيسية في النظرية الجديدة هي عدم فصل ضبط النفس عن الميل نحوالسلوك الإجرامي في التعريف. عبر عدم تعمد تفعيل سمات ضبط النفس والسلوك الإجرامي أوالأفعال الإجرامية جميع على حدة، فإن النظرية تشير إلى حتى مفهومي انخفاض ضبط النفس من جهة والميل نحوالسلوك الإجرامي من جهة أخرى متماثلان. دحض هيرسكي وجوتفريدسون (1993) حجج إيكرز بالإشارة إلى حتى ذلك يعد مؤشرًا على اتساق النظرية العامة. أي حتى النظرية منسجمة داخليًا عبر وضع مفهوم الجريمة واستنباط مفهوم سمات المجرم منه. مازال مجتمع الباحثين منقسمًا حول استمرار النظرية مع وجود تأكيدات جديدة لتنبؤاتها.

الانتقادات

تستند الكثير من الأبحاث الباكرة في نظرية التحكم الاجتماعي على دراسات مبنية على التقارير الذاتية. النقد الموجه لبيانات التقارير الذاتية يأخذ بعين الاعتبار وجود دوافع مختلفة لتقديم المعلومات عند الأفراد، وأن الأسئلة قد تفهم بشكل مختلف بين المشاركين. مع ذلك، الكثير من الاستنتاجات مقنعة حدسيًا، كاستنتاج حتى الأفراد لن يشاركوا في الجريمة إذا وجدوا أنها تمثل خطرًا على عاطفة واحترام الآخرين ذوي الأهمية، أوإذا كانت ستسبب خسارة العمل أوالاستقلال أوستؤدي إلى السجن.

يشير ديفيس (1994 و2004) إلى انحدار معدل الجريمة بشكل كبير وكذلك معدلات تعاطي الكحول والمواد المخدرة في بريطانيا أواخر القرن التاسع عشر. وقلت حينها الولادات خارج الزواج. بقيت تلك المؤشرات المتعلقة بالانحراف ثابتة بين الحرب العالمية الأولى و1955. وبعد 1955، ارتفعت جميعها لتشكل منحني انحراف بشكل U، خلال الفترة من 1847 إلى 1997. عزا ديفيس التحول الأول إلى تبني ثقافة تسلم بقواعد المسيحية البروتستانتية. آمن الجميع في ذلك الوقت -إلى حد ما على الأقل- بنظام أخلاقي يوجب مساعدة الغير. كان هذا الاعتقاد متجذرًا في الدين. بقيت نفس القواعد الاجتماعية المتعلقة بحماية الفرد والملكية والتي شكلت القانون قبل 1955 كقانون سياسي. مفهوم حتى الناس لا يمكن السيطرة عليهم وقد يعتدون على هذه القواعد في التفاعلات الاجتماعية هوأمر لا يمكن شرحه ببساطة بحساب عدد الملتزمين بالقاعدة المضىية.

انظر أيضًا

  • نفوذ

مراجع

  1. ^ Ngo Mitchell, Fawn (2009). . DRUM: Theses and Dissertations from UMD (PhD thesis). University of Maryland. hdl:1903/9303. مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 22 فبراير 2019.
  2. ^ . 1901. صفحة 2. مؤرشف من الأصل فيتسعة أغسطس 2016.
  3. ^ "Social Control - Work by Ross". Encyclopædia Britannica. مؤرشف من الأصل في 24 سبتمبر 2015.
  4. ^ Albert J Reiss in Encyclopedia of Criminological Theory vol I (2010) FT Cullen, P Wilcox نسخة محفوظةتسعة نوفمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ Nye, Francis Ivan (1975). Family relationships and delinquent behavior (الطبعة 2. repr.). Westport, Conn.: Greenwood Press. ISBN .
  6. ^ Heiss, Jerold (1980). "Family Theory 20 Years Later". Contemporary Sociology 9.2. Academic Search Complete. صفحات 201–204. مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 24 أكتوبر 2015.
  7. ^ Reckless, Walter C. (December 1961). "A New Theory of Deliquency and Crime". Federal Probation. 25 (4): 42–46.
  8. ^ Roberts, Joanne; Gunes, Ismail Dincer; Seward, Rudy Ray (2011). "The Impact Of Self Esteem, Family Rituals, Religiosity, And Participation In Conforming Activities Upon Delinquency: A Comparison Of Young Adults In Turkey And The United States". Journal of Comparative Family Studies. Academic Search Complete. صفحات 49–76. مؤرشف من الأصل في 28 نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 24 أكتوبر 2015.
  9. ^ Braithwaite, John (1988). Crime, shame and reintegration (الطبعة Repr.). Cambridge: Cambridge University Press. ISBN .
تاريخ النشر: 2020-06-01 17:32:11
التصنيفات: طب علم النفس الشرعي, علم الجريمة, قيادة (اجتماعية وسياسية), قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات يتيمة منذ نوفمبر 2019, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة مجتمع/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

واشنطن تطمئن تل أبيب حول الاتفاق النووي.. مسؤولون يكشفون

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:17:11
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 88%

قواعد جديدة لتعاقدات الأندية المصرية مع المدربين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:17:26
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 95%

ريال مدريد يتلاعب بسلتا فيغو.. وهازارد يهدر جزائية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:17:25
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 85%

الملاكم السعودي زياد المعيوف: انتصاري بداية لإنجازات تاريخية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:17:37
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 89%

إنتر ميلان يكرم وفادة سبيزيا بثلاثية نظيفة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:16:34
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 87%

وزير الصحة يُشيد بجودة الخدمات الطبية بمستشفى «أبوقير التخصصي»

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:18:24
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

الإصابة تنهي موسم باهر المحمدي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:18:06
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 36%

النص الكامل للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:18:01
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 68%

مواجهات مثيرة تسبق نزال جوشوا وأوسيك

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:17:28
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 93%

رملا علي: خضنا أول نزال للسيدات في السعودية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:17:39
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 89%

الجيش الإسرائيلي: إطلاق نار على حافلة قرب قرية سلواد بالضفة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:16:44
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 87%

شاهد الدهس المرعب لشاحنة في تركيا قتلت 16 بعجلاتها وجرحت العشرات

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:16:45
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 93%

دراسة: مياه الأمطار لم تعد صالحة للشرب .. السماء تعيد السموم للأرض

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:18:22
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

الملك يدعو لإحداث آلية خاصة لمواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:18:00
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

تشكيلتان كاملتان تغيبان عن الأهلي أمام الإسماعيلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:18:06
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 46%

ملك المغرب: ندعو الدول الشريكة لتوضيح موقفها من ملف الصحراء

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:17:17
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 90%

ريال مدريد يكتسح سيلتا فيغو في عقر داره

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-21 00:16:33
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 90%

تحميل تطبيق المنصة العربية