نوروز

النَّوْرُوزُ أوالنَّيْرُوزُ هوعيد رأس السنة الفارسية والسنة الكردية، ويوافق يوم الاعتدال الربيعي أي الحادي والعشرين من مارس في التقويم الميلادي.

ويرجع أصل عيد النوروز إلى التنطقيد ديانة الزرادشتية لكن الاحتفال بهذا العيد بقي حتى بعد الفتوحات الإسلامية لبلاد فارس وأستمر إلى يومنا هذا. ويًعتبر العيد أكبر الأعياد عند القومية الفارسية ويُحتفل به في إيران والدول المجاورة كأفغانستان وهجريا ويحتفل به الأكراد خاصةً في شمال العراق. انتقل عيد النوروز بين الشعوب والثقافات عبر طريق الحرير، ويعتبر عطلة رسمية في إيران وأذربيجان، والعراق وقرغيزستان.

ويعود الاحتفال بعيد النوروز لأسباب مختلفة مأخوذة من قصص شعبية في الثقافات التي تحتفل به، وتتفق الأقوال على أنه عيد للربيع، يحتفل به بدورة الحياة الجديدة بعد زوال فصل الشتاء.

أصل الحدثة

النوروز - أول أيام الربيع.

«نو» تعني حديث بالفارسية و«روز» تعني يوم، فتأتي نوروز مجتمعة بمعنى اليوم الجديد. وقد عربت قديما وظهرت في المعاجم التراثية مثل لسان العرب باسم «النيروز». واتى في معجم «أقرب الموارد» لسعيد الخوري الشرتوني مادة نرز:

«النيروز والنوريز والأول أشهر: أول يوم من السنة الشمسية، لكن عند الفرس عند نزول الشمس أول الحمل، معرب نوروز بالفارسية ومعناه يوم جديد، وربما أريد به يوم فرح وتنزه: قيل: قدّم إلي عليّ شيء من الحلوى فسأل عنه، فنطقوا للنيروز، فنطق نيرزونا جميع يوم. وفي المهرجان نطق: مهرجونا جميع يوم. اهـ.»

فقوله: عند نزول الشمس أول الحمل، معناه وقوعه في أول فصل الربيع كما قدمناه. أما الرواية بشأن علي بن أبي طالب فلم تثبت خاصة حتى السلف كانوا يبتعدون عن الاحتفال بالأعياد الجاهلية.

ويجمع على عيد النواريز. والعمل «نَوْرَزَ» بمعنى ولج في النوروز أواحتفل بعيد النوروز، نطق الشاعر:

نورز الناس ونورز

ت ولكن بدموعي

كما استخدم النوروز بصيغته الفارسية حيث نطق البحتري في وصف الربيع:

أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً		من الحُسن حتى كاد ان يتحدثا
وقد نبَـه النوروز في غلس الدُجى		أوائل ورد كـُن بالأمس نوَما

كما سميت النوروز بإسم «التحويل» وسميت أيضا «دورة السنة».

تاريخ

العصور القديمة

نقشٌ بارز لِأسدٍ وثورٍ يتقاتلان في تخت جمشيد - واعتُبر إحدى رُموز الاعتدال الربيعي - حيثُ أنَّ قُوَّة الثور (الذي يُمثِّل الأرض)، والأسد (الذي يُمثِّل الشمس)، تظل مُتساوية إلى الأبد.

يروى حتى الملك الفارسي جمشيد، وكان يدعى جم، كان يسير في العالم، وحين وصل إلى أذربيجان أمر بنصب عرش، وحين جلس عليه أشرقت الشمس وسطع نورها على تاج وعرش الملك فابتهج الناس، ونطقوا: هذا يوم جديد. ولأنّ الشعاع ينطق له في البهلويّة: (شيد) أضيفت الحدثة إلى اسم الملك فأصبح جمشيد، وقيل بأن هذا أصل الاحتفال بهذا اليوم.

وتحكي النقوش الأثرية والأدب الإيراني عامة عن احتفال الساسانيون، وهم من حكموا بلاد فارس قبل الإسلام، بيوم النوروز، حيث كان قد وضع تقويمها على أساس الحسابات التي أجراها الكهنة البابليّون والمجوس الإيرانيّون المقيمون في بابل عن طريق رصد النجوم، غير حتى يوم النوروز لم يكن ثابت في ذلك الزمان حيث لم يراعى أصول الكبيسة وحدوث الاختلاطات.

ما بعد الفتح الإسلامي

لم يحظ الاحتفال بالنوروز بعناية في صدر الإسلام، لكن بدأ الخلفاء الأمويّون يوزعون الهدايا على الفرس في أيّام النوروز وقيل حتى الحجاج بن يوسف الثقفي هوأول من قدم هدايا النوروز في الإسلام، وقيل حتى عمر بن عبد العزيز ألغى هذه المراسيم. لكن تقديم الهدايا للفرس استمر في زمن الدولة العباسية، التي قامت على أكتاف الأعاجم، عملى سبيل المثال أهدى أحمد بن يوسف المحرر للخليفة للمأمون سفط من المضى. ولم يكن يوم النوروز ثابت في ذلك الزمان وكانت السنة الفارسية الشمسية تكبس على غرار ما يحصل في التقويم النصراني، لكن عطّل هذا النظام لما اتى الإسلام خوفا من الوقوع في النسئ والذي حذر من النبي .

ويقرر حمزة الأصفهاني حتى النيروز في أول سنة للهجرة وافق 18 حزيران ولكنه أخطأ إذ عده اليوم الأول من ذي القعدة. وكان الخراج يجمع في يوم النوروز. وفي زمن الخليفة المتوكل تقدم موعد جمع الخراج شهرين، وفي سنة 245 هـ حدد موعد النيروز يوم 17 حزيران كما كان عليه في الماضي. وقد روى الصفدي هذا التعديل في «الوافي بالوفيات»:

«اتى زمن هشام فاجتمع الدهاقنة إلى خالد بن عبد الله القسري فشرحوا له وسألوه حتى يؤخر النيروز شهرا فخط إلى هشام بن عبد الملك وهوخليفة فنطق هشام أخاف حتىقد يكون هذا من قول الله تعالى «إنما النسيء زيادة في الكفر» التوبة فلما كان أيام الرشيد اجتمعوا إلى يحيى بن خالد البرمكي وسألوه حتى يؤخر النيروز نحوشهر فعزم على ذلك فتحدث أعداؤه فيه فنطقوا هويتعصب للمجوسية فاضرب عنه فبقي على ذلك إلى اليوم فاحضر المتوكل إبراهيم بن العباس وأمره حتى يخط كتابا في تأخير النيروز بعد حتى يحسبوا الأيام فسقط العزم على تأخيره.»

وفي مدح المتوكل نطق البحتري:

لك في المجد أول وأخير		ومساع صغيرهن كبير
إن يوم النيروز عاد إلى العهد		الذي كان سنه ازدشير
أنت حولته إلى الحالة الأو		لى وقد كان حائرا يستدير

وبقي هذا التعديل حتى أخّر الخليفة المعتضد النوروز بستين يوما ووافق وقوعه يوم 11 حزيران. اتى في تاريخ ابن الأثير في حوادث سنة 282 هـ:

«فيها أمر المعتضد بالكتابة إلى الأعمال كلها جميعها بهجر افتتاح الخراج في النيروز العجمي، وتأخير ذلك إلى الحادي عشر من حزيران، وسماه النيروز المعتضدي، وأنشئت الخط بذلك من الموصل، والمعتضد بها، وأراد بذلك الترفيه عن الناس، والرفق بهم.»

وقد كان الاحتفال بالنوروز قائما في الدول الإسلامية الفارسية كالدولة السامانية التي قامت في بلاد فارس في القرن الرابع الهجري. كما احتفل بها آل بويه في بغداد وقد هنأ الشاعر الشريف الرضي بهاء الدولة بالنوروز في قوله:

وأنعم بذا النيروز		زوراً نازلاً ومنتظره
آل بويهٍ أنتم الأمطار		والناس الخضره

احتفال بعيد النوروز في بلاط عباس الثاني الصفوي.

كما كانت تحتفل فيه الدولة الفاطمية بمصر، وسمي بالنيروز القبطي، وفيه تقفل الأسواق ويبقى أكثر الناس في بيوتهم. قد وافق في سنة 584 هـ يوم الثلاثاء 14رجب ليوم النيروز القبطي وهومستهل السنة القبطية - الأول من شهر توت - ويصف محمد أحمد دهمان عادات الاحتفال وظهور «أمير النيروز» فيقول:

«وفيه ظهرت المنكرات والفواحش صريحة في الشوارع وقد ركب فيه أمير النيروز وتسلط على البيوت بطلب رسم فرضه على دور الأكابر وجمع المال والهبات. وكان يجتمع المخنثون والفاسقات في هذا العيد تحت قصر اللؤلؤة بالقاهرة ليشاهدهم الخليفة وبأيديهم مسببات اللهوكالخمور، وكان الناس يتراشقون بالماء والخمور والأقذار، وإذا غلط رجل مستور وخرج من بيته فضحوه أويفدي نفسه بمال.»

وبقي يوم النيروز يتغير بسبب عدم مراعاة أصول الكبيسة وحدوث اختلاطات، وكان يتّجه إلى الخريف إلى حتى حلّت هذه المشكلة على يد الشاعر والرياضيّ عمر الخيام في القرن السادس الهجري، بعد حتى طلب ملك شاه السلجوقي احداث تصليحات على التقويم الإيراني، وصنف الخيام كتاب سماه «نوروز نامه»، واختير التقويم «الجلاليّ» تقويماً شمسيّاً للبلاد.

بقيت الاحتفالات بالنوروز مستمرة في الدول الفارسية اللاحقة مثل الدولة الصفوية، ويروى حتى الشاه عباس، بعد حتى حول عاصمة الدولة إلى أصبهان، أحيا النوروز في ساحة نقش جهان وكان ذلك سنة 1006 هـ الموافق 1597 م.

النوروز في الثقافات الأخرى

احتفال طلاب جامعة دجلة بالنوروز - ديار بكر.

عدا إيران وأفغانستان، يحتفل بالنوروز عند كثير من شعوب آسيا الغربيّة حتّى التي لم تكن منها تحت السيطرة الإيرانيّة، وتختلف عادات الاحتفال من بلد لآخر. ومن هذا الشعوب شعوب القفقاس ودول بحر قزوين والشعب الباكستانيّ والشعب الهجريّ. واحتفل الصيادون والفلاحون في ساحل شرق أفريقيا بالنوروز، ويدعى في السواحيلية بـ «النيروزى».

كما يحتفل الأكراد بهذا العيد، ويعدّونه عيداً قوميّاً، ويروون أنه اليوم الذي انتفض فيه الأكراد تحت راية كاوه الحدّاد ضدّ الملك الضحّاك. ويضيف الأكراد اليوم بعض المظاهر السياسية للنوروز للتأكيد على هويتهم الذاتية وتسليط الضوء على تاريخهم.

النوروز اليوم

حسب اليونسكو، يحتفل اليوم ما يقرب من 300 مليون إنسان في جميع أنحاء العالم بالنوروز. ومن مراسم النوروز تجهيز مائدة خاصة تسمى «سفره ى هفت سين» أي سفرة السينات السبع، التي تحتوي على سبعة أشياء تبدأ بحرف السين. ومن العادات الاخرى ظهور الحاج فيروز في الشوارع، ويرتدي في العادة لباسا أحمر ويصبغ وجهه بلون أسود، وبعدها يقوم بإنشاد قصائد شعبية.

وفي جلسة في شباط 2010 م، قررت اليونسكوإدراج عيد النوروز في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، كما اعترفت بيوم 21 آذار بوصفه «يوم نوروز الدولي».

مراجع

^ المؤلف: محمد معين — الناشر: مؤسسة انتشارات أمير كبير
↑ "LAS VEGAS SANDS CORP., a Nevada corporation, Plaintiff, v. UKNOWN REGISTRANTS OF www.wn0000.com, www.wn1111.com, www.wn2222.com, www.wn3333.com, www.wn4444.com, www.wn5555.com, www.wn6666.com, www.wn7777.com, www.wn8888.com, www.wn9999.com, www.112211.com, www.4456888.com, www.4489888.com, www.001148.com, and www.2289888.com, Defendants". Gaming Law Review and Economics. 20 (10): 859–868. 2016-12. doi:10.1089/glre.2016.201011. ISSN 1097-5349. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
^ ثروت عكاشة (1990 م). المعجم الموسوعي للمصطلحات الثقافية. بيروت: مخطة لبنان. صفحة 320. ISBN .
^ لسان العرب - ابن منظور - باب نرز نسخة محفوظة 18 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ بحث وتعليق حول يوم النيروز - الألوكة نسخة محفوظة 23 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ تكملة المعاجم العربية - رينهارت دوزي نسخة محفوظة 14 يناير 2019 على مسقط واي باك مشين.
^ مجمع اللغة العربية (1425 هـ / 2004 م). (الطبعة الطبعة الرابعة). القاهرة: مخطة الشروق الدولية. صفحة 962. مؤرشف من الأصل في 28 يناير 2020.
^ عيد النوروز رمز التواصل والوئام الإنساني - بقلم: سمير ارشدي نسخة محفوظة 06 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ النوروز في الادب العربي - مجلة التراث الشعبي نيسان ومايس وحزيران 1964 م، ص 895 نسخة محفوظة 05 نوفمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
↑ ندى حسون. "نوروز ـ نيروز". الموسوعة العربية. هئية الموسوعة العربية سورية - دمشق. مؤرشف من الأصل في 15 سبتمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ جمادى الثانية 1437 هـ.
↑ تحرير م. ت. هوتسما وآخرون؛ إعداد وترجمة إبراهيم زكي خورشيد (1418 هـ / 1998 م). موجز دائرة المعارف الإسلامية - الجزء الثاني والثلاثين (الطبعة الأولى). الشارقة: مركز الشارقة للابداع الفكري. صفحة 9992 - 9994.
^ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (1411 هـ / 1991 م). إعتناء هلموت ريتر (المحرر). . فيسبادن: جمعية المستشرقين الألمانية. صفحة 13. نسخة محفوظة 14 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ الكامل في التاريخ - ابن الأثير نسخة محفوظة 14 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
^ سونيا سليمان (26 نيسان (أبريل) 2009 م). "عيد النوروز الأصل التاريخي والأسطورة". مجلة تحولات - العدد الواحد والاربعون. مؤرشف من الأصل في 27 أبريل 2016. اطلع عليه بتاريخ جمادى الاخر 1437 هـ.
^ محمد أحمد دهمان (1410 هـ / 1990 م). (الطبعة الأولى). دمشق: دار الفكر. صفحة 23. مؤرشف من الأصل في 11 يناير 2020.
^ كريم مجدي (آذار 2016 م). "الإيرانيون يحتفلون برأس السنة الفارسية.. ماذا تعهد عن عيد "النوروز" ومثيله عند العرب؟". هافينغتون بوست عربي. مؤرشف من الأصل فيستة سبتمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ جمادى الثانية 1437 هـ.
^ كيف نشأ نوروز،يا ترى؟ - سامي شورش (مجلة أبواب العدد 12 - 1997 م) نسخة محفوظة 05 نوفمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
↑ "يوم نوروز الدولي". اليونسكو. مؤرشف من الأصل في 15 سبتمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ جمادى الثانية 1437 هـ.