فلسفة غايا (سُميت باسم إلهة الأرض لدى الإغريق القدماء) هومصطلح تام يرتبط على نطاق واسع بتصورات ترى حتى الكائنات الحية على كوكب الأرض ستؤثر على بيئتها الطبيعية لتهيئة البيئة لملاءمة الحياة. تنص هذه الفئة من النظريات على حتى جميع الكائنات الحية على الكوكب الواهب للحياة تنظم الغلاف الحيوي بالكيفية التي تعزز من صلاحيته للسكن. يعمل مفهوم الغايا على الربط بين قابلية بقاء الأنواع (ثم مسارها التطوري) وبين نفعها لبقاء الأنواع الأخرى.

بينما وُجد عدد من الأصول السابق لنظرية غايا، اقتُرحت أول صيغة فهمية لتلك الفكرة من قبل الكيميائي البريطاني جيمس لوفلوك عام 1970 تحت مسمى فرضية غايا. تتعامل فرضية غايا مع مفهوم التوازن البيولوجي، وتدعي حتى صور الحياة القائمة على الكوكب المُضيف تقترن ببيئتها الممثلة، وتسلك نسقاً واحدًا ذاتي التنظيم. يضم هذا النسق أوالنظام الصخورَ القريبة من السطح والتربة والغلاف الجوي. يرى الكثير من الفهماء اليوم، حتى تلك الأفكار لا تدعمها الأدلة المتاحة ولا تتعارض معها (انظر نقد فرضية غايا). مع ذلك فإن تلك النظريات لها مكانتها المميزة في السياسة الخضراء.

الأصول القديمة لنظرية غايا

توجد بعض الأصول الدينية والفهمية والصوفية القديمة التي تشبه الغايا في أساسها المفاهيمي أوالتصوري. تمتلك كثير من الأساطير الدينية رؤية شمولية للأرض بوصفها كلاً أووحدة كلية أكبر من مجموع أجزائها (كما هوالحال لدى بعض الديانات الأمريكية المحلية، وأشكال مختلفة من ممضى الشامانية). افترض لويس توماس أنه تنبغي رؤية الأرض بوصفها خلية مفردة أووحيدة، واستمد هذه الرؤية من رؤية يوهان كبلر للأرض بوصفها كائنا مستديرا وحيدا.

اعتقد الجيولوجي وعالم الحفريات، بيير تيلهارد دوشاردن حتى التطور قد انتشر من الخلية، إلى الكائن الحي، ثم إلى الكوكب، ثم إلى النظام الشمسي، ثم إلى الكون كله في خاتمة المطاف، على الرغم من أننا نحن البشر نراه من منظور محدد. أثر بعد ذلك تيلهارد في توماس بيري والكثير من المفكرين الكاثوليك ذوي النزعة الإنسانية في القرن العشرين، ويعود الفضل عمومًا في منح الفكرة مصداقية داخل الأوساط الفهمية الغربية خلال القرن العشرين، إلى بوكمنستر فولر. اعتمد في ذلك على بعض ملاحظاته وأدواته التي اصطنعها، مثل خريطة ديماكسيون للأرض التي أنشأها، وقد بدأ الآخرون يتساءلون حول ما إذا كانت هناك كيفية تمنح نظرية غايا صبغة فهمية. صاغ أوبرن زيل رافينهارت في عام 1970 أطروحة غايا بشكل مستقل واضح، في منطق بمجلة البيضة الخضراء.

يعتقد الكثير حتى تلك الأفكار لا يمكن اعتبارها فرضيات فهمية؛ فمن خلال تعريف الفرضية الفهمية نجد أنها تتطلب وجود تسقطات أونتائج قابلة للاختبار. وبالنظر إلى النادىوى المذكورة في الأعلى فإنها غير قابلة للاختبار حاليًا، فهي خارج نطاق الفهم الراهن. وهذا لا يعني حتى تلك الأفكار غير قابلة للاختبار النظري. فحدثا أمكن لأحدهم حتى يجري اختبارات قابلة للتطبيق -بالنظر إلى المكان والزمان الكافي- فإن تلك الأفكار يمكن حتى يُنظر إليها بوصفها افتراضات فهمية. إذا تلك الأفكار هي تخمينات، لذا يمكن اعتبارها فقط فلسفة اجتماعية أوسياسية، وقد يحدث لها تأثير على اللاهوت مثلما صاغ الأمر كلا من زيل رافينهارت واسحق بونوتس.

نطاق الآراء حول غايا

توجد سلسلة من فروض غايا وفقًا لجيمس كرشنر تتدرج بين الرؤى التي لا يمكن إنكارها وبين الرؤى الراديكالية. فثمة تقرير لا يمكن إنكاره يرى حتى الكائنات الحية على الأرض قد غيرت هجريبها بشكل جذري. تكمن الرؤية أوالموقف الأقوى في حتى الغلاف الجوي للأرض يسلك كما لوكان نظامًا أونسقًا ذاتي التنظيم، إذ يعمل بتلك الطريقة لكي يحتفظ ببعض الاتزان داخل نظامه، ما يساعد على الحياة. يرى الكثير من الفهماء هذه الآونة بأن مثل تلك الرؤية (وأي رؤى للمواقف القوية) لا تُرجَّح صحتها. حتى في الدعوى ذات الموقف القوي التي ترى حتى جميع صور الحياة جزء من كائن أوموجود كوكبي وحيد يسمى غايا، سنجد في تلك الرؤية حتى الغلاف الجوي والبحار والقشرة الأرضية، ستكون نتيجةً لتدخلات قامت بها غايا من خلال التنوع المشهجر للكائنات الحية.

ترى الصيغة الأكثر تطرفًا من نظرية غايا، حتى الأرض بأكملها كائن مفرد وحيد يمتلك عقلا فائق الذكاء نشأ بوصفه خاصية منبثقة من الغلاف الحيوي ككل. يؤثر الغلاف الحيوي للأرض بوعي -وفقًا للرؤية السابقة- على المناخ لتهيئة الظروف لملاءمة أكثر للحياة. يؤكد الفهماء أنه لا يوجد مرشد على الإطلاق يدعم تلك الرؤية السابقة التي نشأت في الأساس نتيجة عدم فهم كثير من الناس لمفهوم التوازن. يرى غير الفهماء بشكل خاطئ غريزي حتى التوازن عملية تتطلب التحكم الواعي. وعادة ما تعتبر المداخل التأملية لغايا، كالمداخل التي تعتقد حتى الأرض بالعمل واعية ذات شعور وذكاء عاليين، فتخرج عن نطاق ما يُعتبر في المعتاد فهمًا.

غايا في العلوم الاجتماعية

ترى وجهة نظر العلوم الاجتماعية في نظرية غايا، دور البشر بوصفهم أنواعا للعناصر الأساسية التي يمكن حتى تكون قادرة على تحقيق الاتزان العالمي. بينما يعتنق القليل من الفهماء الاجتماعيين -الذين يستلهمون الأمر من الرؤى العضوية للمجتمع- فلسفة غايا بوصفها أسلوبًا لشرح الترابطات بين الإنسان والطبيعة، إذ يلتزم أغلب الفهماء الاجتماعيين المحترفين أكثر باستقصاء الكيفية التي تُستخدم بها فلسفة غايا والكيفية التي ترتبط بها مع الأقسام الفرعية للمجتمع. فيبحث على سبيل المثال آلان مارشال من قسم العلوم الاجتماعية بجامعة ماهيدول، في الكيفية التي تُستخدم بها فلسفة غايا وطريقة دفاع البيئيين والروحيين والمديرين والاقتصاديين والفهماء والمهندسين عنها (انظر كتاب وحدة الطبيعة 2002، طبعة الجامعة الملكية: لندن وسنغافورة). تخلى الفهماء الاجتماعيون أنفسهم في ستينات القرن العشرين، عن الأفكار الخاصة بأنساق المجتمع، منذ حتى فُسرت على أنها داعمة للنزعات المحافظة الرجعية.

غايا في السياسة

يُسمي بعض فهماء البيئة السياسيين الراديكاليين أنفسهم باسم الغايين، عندما يعتنقون بعض الصيغ من نظرية غايا. فيسعون بكل نشاط إلى استرداد التوازن الأرضي حدثا رأوا أنه خرج عن هذا الاتزان، على سبيل المثال منع التغير المناخي الذي يتسبب فيه الإنسان بانقراض الرئيسيات، أوفقدان الغابات المطيرة. يسعون في الواقع، إلى التعاون لكي يصبح النظام أوالنسق واعيًا لجعل الظروف أكثر ملاءمة للحياة.

يطرح توني بوندس الأمر في كتابه، مجتمع كونسيفيا، وهوأنه إذا كان غايا كائناً حياً، ستكون المجتمعات أيضًا كائنات حية. يؤدي هذا إلى فهمنا لغايا بطريقة يمكن استخدامها لخلق مجتمع أفضل وتصميم نظام سياسي أفضل. يستخدم المثقفون الآخرون في الحركة البيئية مثل إدوارد جولدسميث غايا بطريقة مختلفة تمامًا، فلكي تثبت الدعوى القائلة بأن هجريز غايا ينصب على الاتزان الطبيعي والمقاومة والمرونة، يتعين محاكاتها لتصميم نظام سياسي محافظ (كما هوالحال في الاستقصاء الموجود بكتاب آلان مارشال، وحدة الطبيعة 2002).

لا يسأل الغايون بشكل سلبي عن (ما الذي يحدث؟)، لكن بالأحرى (ماذا ستعمل بعد ذلك)، على سبيل المثال في التأريض أواستصلاح الأرض، أوفي هندسة المناخ، أوحتى على مستوى مصغر مثل التشجير. يمكن للتغيرات المخططَة المقبولة عند الكثير من الأشخاص حتى تكون معتمدة للغاية كما هوالحال في الإيكولوجيا الحضرية، وخصوصًا الإيكولوجيا الصناعية.  

غايا في الدين

يوجد كتابان من تأليف اللاهوتية الإيكولوجية آن فريمافيسي حول موضوع فرضية غايا واللاهوت. ويوجد أيضًا كتاب اللاهوتية الباحثة النسوية روزماري ردفورد رثر، بعنوان غايا والرب: لاهوت نسوي إيكولوجي من أجل شفاء الأرض. وخط الكثير من مؤلفي حركة العصر الجديد، خطًا تمزج بين تعاليم العصر الجديد وفلسفة غايا. يُعهد ذلك باسم حركة العصر الجديد للغايا، ويشار في الغالب إلى تلك الحركة باسم نزعة الغايا أوديانة الغايين. يدفع هذا الجانب الروحي الكامل المتسع من فلسفة غايا إلى توافقها مع الأديان الأخرى، مثل الطاوية، والوثنية الجديدة، ووحدة الوجود، والديانات اليهودية المسيحية، والكثير من الديانات الأخرى.

المراجع