النماذج البعدية لاضطرابات الشخصية

عودة للموسوعة

في فهم أمراض الشخصية، وضعت النماذج البُعدية لاضطرابات الشخصية (المعروفة أيضًا بالمنهج البُعدي لاضطرابات الشخصية، والتصنيف البُعدي، والتقييمات البُعدية) تصورًا لاضطرابات الشخصية بكونها تختلف من الناحية الكمية وليس نوعيًا عن الشخصية العادية. وأنها تتألف من مستويات متطرفة وغير متكيفة من (مميزات) خصائص شخصية معينة (توصف هذه الخصائص عادةً بأنها جوانب ضمن العوامل أوالسمات الشخصية الأوسع). في سياق فهم نفس الشخصية، يشير «البعد» إلى سلسلة متصلة يمكن للفرد فيها حتىقد يكون له مستويات مختلفة من الخاصية، على عكس المنهج الفئوي ثنائي التفرع التي يمتلك فيه الفرد أولا يمتلك الخاصية. تبعًا للنماذج البُعدية، تُصنَّف اضطرابات الشخصية وفقًا لأي الخصائص يُعبَّر عنها على أي المستويات. هذا يتناقض مع النماذج الفئوية التقليدية للتصنيف، والتي تستند إلى الوجود أوعدم الوجود البوليني (المنطقي) للأعراض ولا تأخذ في الاعتبار مستويات التعبير عن الخاصية أووجود بُعد مستبطن (كامن).

كانت الكيفية التي يجب بها بناء هذه الأبعاد التشخيصية قيد النقاش، لا سيما في الفترة التي سبقت نشر الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الطبعة الخامسة (دي إس إم -5). فوضع عدد من النماذج البعدية، المتباينة في الكيفية التي كُونت بها والكيفية التي قصد تفسيرها بها. هناك أربعة أنواع عريضة (شاملة) من التمثيل البعدي، رغم وجود أنواع أخرى أيضًا:

  1. التمثيل البُعدي للفئات الأساسية لاضطرابات الشخصية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (دي إس إم)؛
  2. التمثيل البُعدي القائم على تحديد الصفات الكامنة للاضطرابات في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (دي إس إم)؛
  3. التمثيل البُعدي القائم على السمات من بحوث الشخصية الطبيعية؛
  4. التمثيل القائم على تكامل الأوجه البُعدية، على سبيل المثال باستخدام تحليل الشبكة.

يُدرج المنهج البُعدي في القسم الثالث «الإجراءات والنماذج الناشئة» من الطبعة الخامسة للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (دي إس إم -5)، حيث يوصف بأنه «نموذج بديل دي إس إم لاضطرابات الشخصية»: ص. 761-781. كان قرار الإبقاء على النموذج الفئوي القديم (دي إس إم-4) لاضطرابات الشخصية في (دي إس إم -5) مثيرًا للجدل، وتتواصل الجهود لإقناع الجمعية الأمريكية للطب النفسي باستبداله بالنموذج البُعدي في دي إس إم .5.1.

الاستخدام

قُصِد من الأوجه البُعدية تمثيل ماهية مبحث أعراض اضطراب الشخصية وفقًا لطيف، عوضًا عن الطريقة ثنائية التفرع. ونتيجة لذلك استُخدمت بثلاث طرق رئيسية؛ أولًا محاولة وضع تشخيصات سريرية أكثر دقة، وثانيًا تطوير علاجات أكثر فعالية، وثالثًا تحديد المسببات الكامنة للاضطرابات.

التشخيص السريري (الإكلينيكي)

غالبًا ما تُنتقد «قائمة المراجعة» للأعراض المستخدمة حاليًا بسبب نقص الأدلة التجريبية وعدم قدرتها على تمييز المشكلات المتعلقة بالشخصية التي لا تندرج ضمن بنيات اضطراب الشخصية الحالية أومعايير ال (دي إس إم). كما انتُقدت لأنها تقود إلى تشخيصات غير مستقرة بمرور الوقت، ولأن لديها ضعف توافقية الإحالة التبادلية، ونسبة عالية للمراضة المشهجرة مما يشير إلى أنها لا تعكس اضطرابات متمايزة. على النقيض من ذلك، أظهر المنهج البعدي أنه يتنبأ بمعايير التشخيص الحالية ويمثلها، بل ويضيف إليها أيضًا. وقد دُفع بأنه مفيد بشكل خاص في تفسير المراضة المشهجرة التي غالبًا ما تكون مرتفعة بين السقمى المشخصين باضطرابات الشخصية. نشأ عن هذه الانادىءات، حتى تتضمن الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (دي إس إم -5) منهجًا فئويًا- بُعديًا مشهجرًا لتشخيص الاضطرابات الشخصية استنادًا إلى الدرجة التي يظهر بها الشخص مستويات مرتفعة من خصائص شخصية معينة. برغم حتى إحدى المشكلات في استخدام المنهج البعدي للتشخيص هي تعيين الحدود الفاصلة المناسبة لفهم من ينتمي إلى فئة الأشخاص المتطلبين للعلاج، وهذا جزئيًا سبب تضمين التشخيصات الفئوية والبُعدية.

نظرًا لأن النموذج الفئوي يستخدم على نطاق واسع في الممارسة السريرية ولديه مجموعة كبيرة من الأبحاث تدعمه، فيكون استخدامه الشائع مقنعًا للأشخاص العاديين عند حكمهم على مصداقية الرأي المهني. لذلك، غالبًا ما يُنتقد المنهج البعدي كذلك لصعوبة تفسيره وعدم تيسره. ولكنه يستخدم على نطاق واسع في بعض الأوساط المهنية كمنهج متبع، على سبيل المثال من قبل فهماء النفس الشرعيين.

فعالية العلاج

استخدام آخر مُقترَح للمنهج البُعدي هوأنه يمكن حتى يساعد الأطباء في وضع خطط العلاج وتقييم الآليات الأخرى المساهمة في صعوبة لعب المريض لأدواره في السياقات الاجتماعية، أوالشخصية، أوالمهنية. يمكن للمنهج حتى يحسن العلاج بطريقتين. أولًا، يمكنه تمكين وضع خطط رعاية أكثر تخصيصًا للأفراد استنادًا إلى خصائصهم المتكيفة وغير المتكيفة. ثانيًا، هذا يعني أنه يمكن أخذ الأعراض المتعلقة التي لا تعتبر غير متكيفة في الاعتبار عند وضع وتقييم العلاج الطبي والعلاجي العام.

تحديد المسببات

تُجُنبت محاولات تقديم وصف لمسببات لاضطرابات الشخصية بسبب تأثير ال (دي إس إم) ومبادئه في بحوث الطب النفسي (راجع قسم التاريخ). تبحث بعض التقنيات رغم ذلك في السببيات (الأسباب) المحتملة المترابطة بين أعراض اضطرابات الشخصية والتأثيرات الأوسع نطاقًا التي تتضمن جوانب الشخصية الطبيعية (راجع قسم المناهج المتكاملة).

التاريخ

التطوير الأولي للنموذج الفئوي

يمكن فهم اعتماد المنهج الفئوي لاضطرابات الشخصية جزئيًا بالنظر إلى المبادئ الأخلاقية للطب النفسي. أدى مبدأ «عدم الإضرار» إلى الافتراضات الكريبلينية حول الاضطراب النفسي والتأكيد على أنظمة التصنيف المستندة إلى أسس تجريبية والتي لم تكن منحازة بنظريات غير مؤكدة (غير مدعومة بأدلة كافية) حول المسببات.  فوضِعت قائمة مراجعة تصنيفية تستند إلى الملاحظات التجريبية بدلًا من الافتراضات النظرية المعرضة للتحيز. وكانت فئويةً وتراتبية (متسلسلة هرميًا)، حيث كان تشخيص الاضطراب يعتمد على وجود فئات أرقام العتبة (عادةً خمسة) من عدد كليّ (من سبعة إلى تسعة). نُظمت الاضطرابات في ثلاث مجموعات، وُجِدت فقط لجعل تذكر الاضطرابات أسهل بربطها بأخرى لها أعراض مشابهة، وليس استنادًا إلى أي نظرية عن ترابطها.

المشاكل الناشئة في النموذج الفئوي

أُنشِأ النموذج البُعدي للقاءة أوجه القصور في هذا النموذج الفئوي القياسي. كانت التسقطات (المستقاة) من المنهج الكريبليني أنه مع زيادة البحوث المنهجية في مجال الصحة النفسية؛ ستُضبط الفئات التشخيصية وتُطور العلاجات الموثوقة المستهدفة. لكنّ هذا المنهج الاختزالي في التصنيف التشخيصي أدى إلى اضطرابات مع نسب مراضة مشهجرة عالية، وعدم استقرارٍ في مسار الحياة، وضعف فعالية العلاج، وضعف الاتفاق التشخيصي. بالإضافة لذلك، أدت النتائج المستخلصة من بحوث الباثولوجيا النفسية إلى تزايد عدد الأدلة التي تشير إلى وجود تداخلات بين الشخصية الطبيعية وغير المتكيفة وتشابكًا (ترابطًا) بين الاضطرابات. كما دُعمت هذه النتائج بالدراسات الجينية والنمائية التي كانت تشير باستمرار إلى المزيد من التشابك (الترابط) يمكن حتى تقدمه الفئات التشخيصية آنذاك. أدت هذه النتائج المتناقضة باستمرار، مع التحول الناجح إلى المنهج المتسلسل بدلًا من الفئوي في مجالاتٍ أخرى من البحث، مثل اضطراب طيف التوحد (إيه إس دي)، إلى النظر في مناهج بديلة.

المراجع

  1. ^ Trull, Timothy J.; Durrett, Christine A. (2005). "Categorical and Dimensional Models of Personality Disorder". Annual Review of Clinical Psychology. 1 (1): 355–380. doi:10.1146/annurev.clinpsy.1.102803.144009. PMID 17716092.
  2. ^ American Psychiatric Association (2013). . doi:10.1176/appi.books.9780890425596.156852. ISBN . PMC 4471981. مؤرشف من الأصل في 23 يوليو2018.
  3. ^ Skodol, Andrew E.; Leslie C. Morey; Donna S. Bender; John M. Oldham (2013). "The ironic fate of the personality disorders in DSM-5". Personality Disorders: Theory, Research, and Treatment. 4 (4): 342–349. doi:10.1037/per0000029. PMID 24378161.
  4. ^ Livesley, WJ (2007). "A framework for integrating dimensional and categorical classifications of personality disorder". Journal of Personality Disorders. 21 (2): 199–224. doi:10.1521/pedi.2007.21.2.199. PMID 17492921.
  5. ^ Widiger, Thomas A. (1993). "The DSM-III—R categorical personality disorder diagnoses: A critique and an alternative". Psychological Inquiry. 4 (2): 75–90. doi:10.1207/s15327965pli0402_1.
  6. ^ Miller, Joshua D.; R. Michael Bagby; Paul A. Pilkonis; Sarah K. Reynolds; Donald R. Lynam (2005). "A Simplified Technique for Scoring DSM-IV Personality Disorders With the Five-Factor Model". Assessment. 12 (4): 404–15. doi:10.1177/1073191105280987. PMID 16244121.
  7. ^ Kessler, R. C.; Chiu, W. T.; Demler, O.; Walters, E. E. (2005). "Prevalence, severity, and comorbidity of 12-month DSM-IV disorders in the National Comorbidity Survey Replication". Archives of General Psychiatry. 62 (6): 617–627. doi:10.1001/archpsyc.62.6.617. PMC 2847357. PMID 15939839.
  8. ^ De Clercq, Barbara; De Fruyt, Filip; Widiger, Thomas A (2009). "Integrating a developmental perspective in dimensional models of personality disorders". Clinical Psychology Review. 29 (2): 154–162. doi:10.1016/j.cpr.2008.12.002. PMID 19167138.
  9. ^ Brown, TA; Barlow, DH (2005). "Dimensional versus categorical classification of mental disorders in the fifth edition of the Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders and beyond: comment on the special section". Journal of Abnormal Psychology. 114 (4): 551–6. doi:10.1037/0021-843X.114.4.551. PMID 16351377.
  10. ^ Krueger, RF; Skodol, AE; Livesley, WJ; Shrout, PE; Huang, Y (2007). "Synthesizing dimensional and categorical approaches to personality disorders: refining the research agenda for DSM-V Axis II". International Journal of Methods in Psychiatric Research. 16 (Suppl 1): S65–73. doi:10.1002/mpr.212. PMID 17623397.
  11. ^ Weiner, Irving B. (2003). Handbook of Psychology, Volume 11, Forensic Psychology. 11. Hoboken, NJ: Wiley. صفحات 120–121. ISBN .
  12. ^ Trull, TJ; Tragesser, SL; Solhan, M; Schwartz-Mette, R (2007). "Dimensional models of personality disorder: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders Fifth Edition and beyond". Current Opinion in Psychiatry. 20 (1): 52–6. doi:10.1097/YCO.0b013e328010c838. PMID 17143083.
  13. ^ Amad, A.; Ramoz, N.; Thomas, P.; Jardri, R.; Gorwood, P. (2014). "Genetics of borderline personality disorder: systematic review and proposal of an integrative model". Neuroscience & Biobehavioral Reviews. 40: 6–19. doi:10.1016/j.neubiorev.2014.01.003. PMID 24456942.
  14. ^ Becker, D. F.; Grilo, C. M.; Edell, W. S.; McGlashan, T. H. (2014). "Comorbidity of borderline personality disorder with other personality disorders in hospitalized adolescents and adults".
  15. ^ Lord, C.; Bishop, S. L. (2015). "Recent Advances in Autism Research as Reflected in DSM-5 Criteria for Autism Spectrum Disorder". Annual Review of Clinical Psychology. 11: 53–70. doi:10.1146/annurev-clinpsy-032814-112745. PMID 25581244.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:50:56
التصنيفات: سمات الشخصية, نظريات نفسية, أخطاء CS1: دورية مفقودة, مقالات يتيمة منذ يناير 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة طب/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

"منار السليمي" يرد بطريقة ساخرة على واقعة "أبو هريرة الجزائري"

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:41
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 74%

البويرة: عملية بحث واسعة للعثور على مراهق مفقود بالجباحية

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:24:14
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

زيتوني: دفتر شروط جديد للترخيص باستيراد الموز وضبط الأسعار

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:24:20
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 70%

تحت الوصاية الحلقة 1.. منى زكى تسرق مركب زوجها ودياب يبحث عنها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:23
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 46%

إصابات بعملية إطلاق نار ودهس بشارع "كويفمان" فى تل أبيب

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:28
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 46%

كريم عبد العزيز ومحمد سامى وأشرف زكى يحضرون عزاء والد دينا الشربيني

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:34
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 43%

إسعاد يونس وإلهام شاهين وشريف منير يحضرون عزاء والد دينا الشربيني

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 38%

فضيحة ببولمان.. اعتقال سيدة قامت بتصوير نساء عاريات داخل حمام شعبي

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:39
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 73%

موسكو: مستندات مسربة تكشف تورط واشنطن في الحرب لصالح أوكراني

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:45
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب.. حلقة جديدة من "محمود معاه حكاية"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:35
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 38%

حضور قوي للقراء المغاربة ضمن الفائزين بمسابقة "عطر الكلام" الدولية

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:38
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 74%

تراجع طفيف للعجز المالي لروسيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-07 21:23:41
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

تحميل تطبيق المنصة العربية