جحا

نسخة مصغرة لنصر الدين جحا من القرن 17 وهي حالياً في متحف قصر الباب العالي.

جحا هي شخصية خيالية من التراث الشعبي في كثير من الثقافات القديمة، ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة.

وفي الأدب العربي، نسب جحا إلى أبوالغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية. وهوأقدم شخصيات جحا وإليه تنسب النكات العربية. وفي الأدب الهجري، نسبت قصص جحا من إسطنبول إلى الشيخ نصر الدين خوجه الرومي الذي عاش في قونية معاصرا الحكم المغولي لبلاد الأناضول ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له. هي شخصية رجل فقير كان يعيش أحداث عصره بطريقة مختلفة ويتماشى مع تلك الأحداث الشبه حقيقية؛ فهوكان يتصرف بذكاء كوميدي ساخر فانتشرت قصصه ومواقفه التي كان يتعامل معها في حياته اليومية، وكانت تنتقل قصصه من إنسان إلى آخر مما نتج عنه تأليف الكثير من الأحداث الخيالية حوله، فكل إنسان كان يروي قصصه بطريقته الخاصة ومنهم حتى من نسب أعماله لنفسه أولشخص آخر أولشخص خيالي.

انتشار قصصه

كل الشعوب وكل الأمم صمّمت لها (جحا) خاصاً بها بما يتـلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها. ومع حتى الأسماء تختلف وشكل الحكايات من الممكن يختلف أيضاً، ولكن شخصية (جحا) الذكي البارع الذي يدعي الحماقة وحماره لم تتغيّر إلى غير ذلك تجد شخصية نصر الدين خوجه في هجريا، وملا نصر الدين في إيران . ومن الشخصيات التي شابهت جحا بالشخصية إلا أنها لم تكن به فنذكر غابروفوبلغاريا المحبوب، وأرتين أرمينيا صاحب اللسان السليط، وآرويوغسلافيا المغفل، وجوخا في إيطاليا ومالطا .

بعودة بسيطة إلى التاريخ، يتبين حتى جميع هذه الشخصيات في تلك الأمم قد ولدت واشتهرت في القرون المتأخرة، مما يشير أنها كونت شخصياتها بناءً على شخصية دجين العربية الذي سبقهم. إلى درجة حتى الطرائف الواردة في كتاب "نوادر جحا" (أي جحا العربي) المذكور في فهرست ابن النديم (377هـ) هي نفسها مستعملة في نوادر الأمم الأخرى ولم يختلف فيها غير أسماء المدن والملوك وتاريخ وقوع الحكاية مما يشير على الأصل العربي لهذه الشخصية.

جحا العربي

أقدم قصص جحا تعود للقرن الأول الهجري أي القرن السابع الميلادي وتعود لدُجين بن ثابت الفزاري. ولد في العقد السادس من القرن الهجري وعاش في الكوفة. وروى عنه أسلم مولى عمر بن الخطاب، وهشام بن عروة، وعبد الله بن المبارك، وآخرون. نطق الشيرازي: "جُحا لقب له، وكان ظريفاً، والذي ينطق فيه مكذوب عليه". ونطق الحافظ ابن عساكر أنه عاش أكثر من مائة سنه. وذكر حتى جُحا هوتابعي، وكانت أمه خادمة لأنس بن مالك، وكان الغالب عليه السماحة، وصفاء السريرة، فلا ينبغي لأحد حتى يسخر به.. وذكر جحا هذا في خط الجلال السيوطي، والمضىي، والحافظ ابن الجوزي الذي نطق: "... ومنهم (جُحا) ويُكنى أبا الغصن، وقد روي عنه ما يشير على فطنةٍ وذكاء. إلا حتى الغالب عليه التَّغفيل، وقد قيل إنَّ بعض من كان يعاديه وضع له حكايات..

من نوادر جحا العربي

ونطق الميداني: "هورجل من فزارة. وكان يكنى أبا الغصن. فمن حمقه حتى عيسى بن موسى الهاشمي مر به وهويحفر بظهر الكوفة موضعاً فنطق له: مالك يا أبا الغصن،يا ترى؟ نطق: إني قد دفنت في هذه الصحراء دراهم ولست أهتدي إلى مكانها. فنطق عيسى: كان يجب حتى تجعل عليها علامة. نطق: قد عملت. نطق ماذا،يا ترى؟ نطق: سحابة في السماء كانت تظلها ولست أرى العلامة. ومن حمقه أيضاً أنه خرج من منزله يوماً فعثر في دهليز منزله على قتيل فضجر به، وجره إلى بئر منزله فألقاه فيها، فنذر به أبوه فأخرجه وغيبه وخنق كبشاً حتى قتله وألقاه في البئر. ثم إذا أهل القتيل طافوا في سكك الكوفة يبحثون عنه فتلقاهم جحا فنطق: في دارنا رجل مقتول فانظروا أهوصاحبكم. فعدلوا إلى منزله، وأنزلوه في البئر؛ فلما رأى الكبش ناداهم ونطق: يا هؤلاء، هل كان لصاحبكم قرن،يا ترى؟ فضحكوا ومروا. ومن حمقه حتى أبا مسلم صاحب الدولة لما ورد الكوفة نطق لمن حوله: أيكم يعهد جحا فيدعوه إلي،يا ترى؟ فنطق يقطين: أنا، ونادىه، فلما ولج لم يكن في المجلس غير أبي مسلم ويقطين فنطق: يا يقطين، أيكما أبومسلم؟.

شخصيات عربية بلهاء

ومن الشخصيات العربية التي اشتهرت بحماقاتها: هبنقة بن ثروان وأبي غبشان الخزاعي، وعبد الله شيخ مهو، وربيعة البكّاء، وعجل بن لجيم، وحمزة بن بيض، وأبي أسيد، ومزبّد، وجامع الصيدلاني، وأزهر الحمار، وابن الجصاص.

نوادر جحا

مَنْ يفهمُ يُعْلِمُ مَنْ لا يَعْلم: جلس الشيخ نصر الدين يوماً على منصة الوعظ في أحد جوامع ((آق شهر))، ونطق: أيها المؤمنون، هل تفهمون ما سأقوله لكم؟فأجابه السامعون: كلا، لا ندري. نطق: إذا كنتم لا تفهمون، فما الفائدة من التحدث، ثم نزل. وعاد في يوم آخر فألقى عليهم نفس السؤال، فأجابوه، هذه المرة: أجل إنا نفهم. فنطق: ما دمتم تفهمون ما سأقوله فما الفائدة من الكلام،يا ترى؟ فحار الحاضرون في أمرهم واتفقوا فيما بينهم، على حتى تكون الإجابة في المرة القادمة متناقضة، قسم يجيب: لا، وقسم يجيب: نعم، ولما أتاهم المرة الثالثة، وألقى عليهم سؤاله الأول، اختلفت أصواتهم بين: لا ونعم فنطق: حسن جداً مَنْ يفهمُ يُعْلِمُ مَنْ لا يَعْلم.

الحمير: كان جحا راكباً حماره حينما مر ببعض القوم وأراد أحدهم حتى يمزح معه فنطق له: يا جحا لقد عهدت حمارك ولم أعهدك. فنطق جحا: هذا طبيعي لأن الحمير تعهد بعضها.

حمام فوق المئذنة: ولج الحمام يوماً وكان السكون فيه سائداً فأنشأ يتغنى فأعجبه صوته فحدثته نفسه بأنه لا يجوز حتى يبخل بنعمة صوته البديع على إخوانه المسلمين. مما أسرع ما خرج من الحمام قاصداً الجامع حيث صعد إلى المئذنة وبدأ ينشد بعض التسابيح في ساعة أذان الظهر، فاستغرب الموجودون في المسجد من هذا الأمر، وكان صوته خشناً مزعجاً فناداه أحدهم قائلاً: " ويحك يا أحمق! مالك تزعج الناس بهذا الإنشاد بصوتك المزعج وفي مثل هذه الساعة؟" فأجابه من أعلى المئذنة: يا أخي لوحتى محسناً يتبرع لي ببناء حمام فوق هذه المئذنة لأسمعتك من حسن صوتي ما ينسيك تغريد البلابل!

هاتها تسعة ولا تزعل: رأى في منامه حتى شخصاً أعطاه تسعة دراهم بدلاً من عشرة كان يطلبها منه فاختلفا، ولما احتدم بينهما الجدال انتبه من نومه مذعوراً، فلم ير في يده شيئاً، فتكدر ولام نفسه على طمعها، ولكنه عاد فاستلقى في الفراش وأنزل تحت اللحاف ومد يده إلى خصمه الموهوم قائلا: هاتها تسعة ولا تزعل!

الرأس: توجه جحا مع أحد أصحابه إلى الصيد فرأيا ذئباً وطمعا في فروته، فركضا وراءه إلى حتى ولج في جحر، فأدخل الرجل رأسه كي يعهد مكان وجوده ويمسكه، فبتر الذئب رأسه، وجحا واقف بجانبه أكثر من ساعة، رأى حتى رفيقه لا يطلع، فسحبه إلى الخارج وشاهده من دون رأس فافتكر في نفسه هل كان معه رأس أم لا،يا ترى؟ فعاد إلى البلد وسأل زوجة صديقه: حتى اليوم حين خروج زوجك معي هل كان رأسه معه أم لا.

نواة البلح: رأته امرأته يأكل تمراً ولا يخرج نواه، فنطقت: ماذا تصنع كأني بك تأكل التمر بنواه؟؟! فنطق لها: طبعا آكله بنواه لأن البائع وزنه مع النواة، ولوأخرج نواه لما باعه بسبع بارات، أما وقد اعطيته الثمن دراهم بيضا، فهل أرمي في الزقاق شيئا اشتريته بدراهمي؟؟؟!

الحصان والثور: نادىه تيمورلنك لركوب دابته والدخول في ميدان السباق ولعب الجريد، فمضى إلى الإسطبل وركب ثوراً هرماً واتى به، فلما رآه الناس ضحكوا وضجوا فسأله تيمورلنك: كيف من الممكن أن تدخل ميدان السباق بهذا الثور؟؟! فأجابه جحا: إنني جربت هذا الثور منذ عشر سنوات، فكان يسابق الطير في ركضه، فكيفقد يكون الآن؟؟!

الحمار المخللاتي: أخذ جحا يبيع مخللاً، وقد ابتاع أدوات المخلل مع حمار المخللاتي، فكان الحمار يعهد البيوت التي تشتري منه، وحدثا نادى الشيخ : مخلل......مخلل. كان الحمار ينهق في تلك الأزقة المزدحمة ويغطي بنهيقه صوت جحا، فغضب منه. وذات يوم وصل إلى محلٍ مزدحم، وأخذ الشيخ ينادي: مخلل مخلل، فسبقه الحمار إلى النهيق. فالقى جحا له المقود على عاتقه وحملق بعينيه، ونطق: أنظر يا هذا أأنت تبيع المخلل أم أنا؟؟

طول الأرض: نطقوا لجحا يوماً: أنت عالم، فنرجوا حتى تحل لنا هذا السؤال؟،يا ترى؟ نطق: وما هو،يا ترى؟ نطقوا: الدنيا كم ذراع،يا ترى؟ وإذا بجنازة مارة، فاشار جحا إلى التابوت ونطق: هذا السؤال يرد عليه هذا الميت، فاسألوه لأنه ذرع الأرض وسار.

ممضى: سأل جحا أحد جماعة تيمورلنك: ما ممضىك،يا ترى؟ فأجابه الرجل بعد حتى وضع يده على صدره متواضعاً متذللاً: الأمين تيمور كوركان فنطق أحد الحاضرين: اساله يا سيدي من نبيه،يا ترى؟ فنطق جحا: لما أساله، فإذا كان إمامه المعتقد تيمور الأعرج، فبالطبعقد يكون نبيه جنكيز السفاك.

سجود: سافر جحا إلى إحدى المدن ونزل في أحد خاناتها ففي اليوم التالي نطق لقيم الخان: يا أخي إني اسمع طول الليل قرقعة في سقف الغرفة التي نمت فيها فياليتك تأتي بنجار ماهر ويكشف على أخشابها ليرى ما فيها. فنطق له القيم: يا سيدي هذا البناء قوي لا يتهدم، وليس ما تسمعه إلا تسبيحاً بحمد الله الذي يسبح بحمده جميع ما في الوجود. فأجابه جحا قائلا:ً صدقت وإنما خوفي العظيم من تسبيحه وتهليله لأني أخاف حتى تدركه رقة فيسجد سجدة طويلةً على غير انتظار.

ضاع الحمار بمفرده: ضاع حماره فأخذ يفتش عنه ويحمد الله شاكراً، فسألوه: لما تشكر الله، فنطق: أشكره لأني لم أكن راكباً على الحمار ولوكنت راكباً عليه لضعت معه.

الخرج: كان جحا ضيفاً في إحدى القرى فضاع خُرجه، فنطق لأهل القرية: إما حتى تجدوه لي وإلا فإنني أعهد ماذا أصنع. وكان الفلاحون يعهدون حتى جحا من أعيان البلدة، حاروا في أمرهم وصاروا يفتشون له عنه حتى وجدوه وردوه له، فتقدم أحدهم إليه ونطق له: ماذا كنت تصنع،يا ترى؟ فأجابه: عندي بساط قديم كنت سأجعله خُرجا.

الخجل: شعر جحا بوجود لص في داره ليلاً، فقام إلى الخزانة واختبأ بها، وبحث اللص عن شيء يسرقه فلم يجد فرأى الخزانة فنطق: لعل فيها شيئاً. ففتحها وإذا بجحا فيها، فاختلج اللص ولكنه تشجع ونطق: ماذا تعمل هنا أيها الشيخ،يا ترى؟ فنطق جحا: لا تؤاخذني فإني عارف بأنك لا تجد ما تسرقه ولذلك اختبأت خجلا منك.

اللباس الطائر: كان قميصه منشوراً على الحبل، فهبت الريح وقذفته إلى الأرض فنطق لنفسه: يلزمنا حتى نذبح فديةً وقرباناً. فسألته زوجته: ولماذا؟؟! فنطق: العياذ بالله لوكنت ألبسه لتحطمت.

لقب تيمورلنك: سأله تيمورلنك يوماً قائلاً: تفهم يا جحا حتى خلفاء بني العباس كان لكل منهم لقب اختص به، فمنهم الموفق بالله والمتوكل على الله والمعتصم بالله وما شابه، فلوكنت أنا منهم فماذا يجب حتى أختار من الألقاب؟،يا ترى؟ فأجابه على الفور: يا صاحب السمولا ريب بأنك كنت ستدعى بلقب نعوذ بالله.

اللغط والغلط: ترافق قاض وتاجر في الطريق مع جحا، فنطق القاضي لجحا: من كثر لغطه كثر غلطه فهل غلطت يوماً وأنت تعظ،يا ترى؟ فنطق جحا ببداهة: نعم صادفت مرة حتى خرج مني قاض في الجنة بل قاضيان في النار، ومرة أخطأت فقلت حتى التاجر بدل الفاجر لفي جحيم فأخجل الإثنين.

سباق مع الصوت: كان جحا يوماً يؤذن ويمضى مسرعاً، فسألوه عن السبب فنطق: أريد حتى أعهد إلى أين يصل صوتي.

الحمار المتفهم: نادى والي الكوفة يوماً جحا إلى مجلسه، وعندما اتى جحا إلى الوالي ولج ومعه حماره، فنطق له الوالي، لقد دعوتك أنت يا جحا فقط فما دون حمارك.. فنظر جحا إلى الوالي ونطق له، هذا ما اتى بي إليك، ففهم الوالي ونطق له: يا جحا أني أطلب منك حتى تصنع لي أمراً أعطيك عليه أجراً، فنطق جحا أستطيع حتى أفهم هذا الحمار القراءة والكتابة خلال عشر سنوات، فرد الوالي: عشر سنوات، فنطق جحا مؤكداً: نعم أيها الوالي إذا تأذن لي، فأعطاه الوالي أجراً مسبقا على ذلك لغرابة الأمر لديه.. وعندما هم جحا بالخروج هووحماره اقترب منه أحد الحاشية عند الملك، ونطق له: ويحك يا جحا أتسخر من الوالي، فقد يعاقبك حتى لم تف بما قلت، فرد عليه جحا: ويحك أنت، لقد قلت له عشرة سنوات، وهذا يعني خلال هذه المدة، قد يموت الوالي أويموت جحا أويموت حماري.