الدولة الفاطمية

عودة للموسوعة

الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أوالخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أوالدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولِ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من الممضى الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) ممضىًا رسميًّا لها. قامت هذه الدولة بعد حتى نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأنطقيم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعربوا قيام الخِلافةِ بعد حين. ضمت الدولة الفاطميَّة مناطق وأنطقيم واسعة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من بلاد المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين.

اختلفت المصادر التاريخيَّة حول تحديد نسب الفاطميين، فمُعظم المصادر الشيعيَّة تؤكِّد صحَّة ما نطق به مؤسس هذه السُلالة، الإمام عُبيد الله المهدي بالله، وهوأنَّ الفاطميين يرجعون بنسبهم إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق، فهُم بهذا عَلَويّون، ومن سُلالة الرسول مُحمَّد عبر ابنته فاطمة الزهراء ورابع الخُلفاء الرَّاشدين الإمام عليّ بن أبي طالب. بالمُقابل، أنكرت مصادر أُخرى هذا النسب وأرجعت أصل عُبيد الله المهدي إلى الفُرس أواليهود. أسس الفاطميّون مدينة المهدية في ولاية إفريقية سنة 300هـ المُوافقة لِسنتيّ 912 - 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 336هـ المُوافقة لِسنة 948م، نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولمَّا تمَّ للفاطميين فتح مصر سنة 358هـ المُوافقة لِسنة 969م، أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط، وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها.

أظهر عددٌ من الخُلفاء الفاطميّون تعصُّبهم للممضى الإسماعيلي، فعانى أتباع المذاهب والديانات الأُخرى خِلال عهدهم، وبالمُقابل اشتهر غيرهم بتسامحه الشديد مع سائر المذاهب الإسلاميَّة ومع غير المُسلمين من اليهود والنصارى الأقباط واللاتين والشوام من رومٍ وسُريانٍ وموارنة، واشتهر الفاطميّون أيضًا بقدرتهم على الاستفادة من كافَّة المُكونات البشريَّة لدولتهم المُنتمية لتكتُلاتٍ عُنصريَّة مُتنوِّعة، فاستعانوا بالبربر والتُرك والأحباش والأرمن في تسيير شؤون الدولة، إلى جانب المُكوِّن العُنصري الرئيسي، أي العرب.

شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر المضىي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما عملت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهر ودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر الفهم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم كبير عُلماء الطبيعيَّات، والأخصَّائي بفهم البصريَّات، وقد جاوزت مؤلَّفاته المائة في الرِّياضيَّات وفهم الفلك والطب. أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. وكان هؤلاء الخُلفاء غالبًا من الأطفال أوالفتيان، واختلف عددٌ كبيرٌ من الوزراء مع قادة الجيش ووُلاة الأمصار ورجال القصر، فعاشوا في جوٍ من الفتن والدسائس، تاركين الناس يموتون من المجاعة والأوبئة المُتفشية. وخلال ذلك الوقت كانت الخِلافة العبَّاسيَّة قد أصبحت في حماية السلاجقة، الذين أخذوا على عاتقهم استرجاع الأراضي التي خسرها العبَّاسيّون لصالح الفاطميين، ففتحوا شمال الشَّام وسواحلها وسيطروا عليها لفترةٍ من الزمن قبل حتى يستردَّها الفاطميّون، لكنَّها لم تلبث بأيديهم طويلًا، إذ كانت الحملة الصليبيَّة الأولى قد بلغت المشرق، وفتح المُلوك والأُمراء الإفرنج المُدن والقلاع الشاميَّة الواحدة تلوالأُخرى، وبلغ أحد هؤلاء المُلوك، وهوعمّوري الأوَّل أبواب القاهرة وهددها بالسُقوط. استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهوأبومُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد حتى كانت سُلطتهم العمليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.

أُصول الفاطميين

شجرة نسب الفاطميين بحسب ما رائج ومُتداول.

أُثيرت حول أُصول الفاطميين عدَّة قضايا مُعقَّدة لم يصل الباحثون فيها إلى نتائج مُوحدة. فهذا اللقب، أي «الفاطميين» الذي عُرف به خُلفاء عُبيد الله المهدي، يدُلُّ، للوهلة الأولى، على أنَّهم من ذُريَّة عليّ بن أبي طالب رابع الخُلفاء الراشدين وأوَّل أئمة الشيعة، وفاطمة الزهراء بنت الرسول مُحمَّد، فهُم عَلَويّون. على أنَّ قضيَّة نسب الأُسرة الفاطميَّة، كان ولا يزال، موضوعًا لم يتفق المؤرخون، لا في الماضي ولا في الحاضر، على رأيٍ واحدٍ فيه، وذلك بعمل واقعين:الأوَّل هوالتباين السياسي والممضىي الذي ساد بين المُسلمين بعد وفاة الرسول، والثاني هوامتناع الفاطميين، مُدَّةً من الزمن، عن إعلان أنسابهم، بالإضافة إلى تعمُّدهم إخفاء أسماء أئمتهم من مُحمَّد بن إسماعيل حتّى عُبيد الله المهدي في المُدَّة التي اتخذوا فيها مبدأ ستر الإمام(1). ومضى كُلُّ مصدر ممضىًا خاصًّا في تحديد اسم ونسب عُبيد الله المهدي قبل حتىقد يكون مهديًّا، وبعد حتى صار كذلك. فبعضُ المصادر تنفي عنه النسب العَلَوي، وتعزوهُ إلى الفُرس أوالمجوس، وتصفه أحيانًا بأنَّه ابن يهودي، وترجع في نسبه إلى ميمون القدَّاح فارسيّ الأصل. وهي وإن اختلفت في تحديد اسمه قبل استلامه رئاسة الدعوة الفاطميَّة، إلَّا أنَّها تتفق على أنَّ اسمه بعد حتى أصبح رئيسًا للفاطميين هوعُبيد الله، وعلى هذا الأساس دعت هذه المصادر الدولة الفاطميَّة باسم «الدولة العُبيديَّة». وفي المُقابل تؤكد مصادر أُخرى، مُعظمها شيعيَّة، صحَّة نسب عُبيد الله المهدي، وتُرجعه إلى مُحمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصَّادق.

رأي المُنكرين لنسب الفاطميين إلى عليّ وفاطمة

وفقًا لما ذكره المؤرِّخ ڤلاديمير إيڤانوڤ في بحثه عن تُراث الإسماعيليَّة المُتعلِّق بظهور الفاطميين، فإنَّ اسم الفاطميين هوالذي أُطلق على الإسماعيليَّة في بداية الأمر. ويذكُرُ الطبريُّ أنَّ بدوبني الأصبغ في بادية الشَّام، اتخذوا هذا الاسم تحت زعامة القُرمطي الإسماعيلي يحيى بن زكرويه. ويُمكنُ التماس أُصول الحركة الفاطميَّة التي أوصلت الفاطميين إلى السُلطة في إفريقية بزعامة عُبيد الله المهدي في أُصول العقائد الشيعيَّة الإسماعيليَّة التي تُمثِّلُ في الوقت نفسه أبعادًا سياسيَّة وفلسفيَّة ودينيَّة واجتماعيَّة، والتي يتوقَّع مُعتنقوها ظُهور المهدي المنتظر من سُلالة الرسول مُحمَّد من خلال عليّ وفاطمة مُرورًا بفرع إسماعيل بن جعفر الصَّادق. والواضح أنَّ إسماعيل بن جعفر الصَّادق الذي توفي في حياة أبيه، كان أوسع نشاطًا من إخوته، وأعظمهم تأثيرًا في بناء العمل السياسي للشيعة الإسماعيليين، واتبع مبدأ التقيَّة، فعمل في خفاءٍ تامٍّ، وأحسن اختيار دُعاته وبخاصَّةً مُحمَّد بن أبي زينب مِقلس الأجدع الأسدي المعروف بأبي الخطَّاب(2)، الذي ادَّعى أنَّ الإمام جعفر الصَّادق جعلهُ قيِّمًا ووصيًّا على ابنه. ووضع إسماعيل بمُساعدته أُسس الممضى الإسماعيلي، وهوأوَّل من تصوَّر الإمامة الشيعيَّة على أنَّها سيادة العالم الإسلامي، أي أنَّهُ حوَّل الإمامة إلى معنى سياسيّ شبيه بالخِلافة، ووضع الخِطط السريَّة للوُصول إلى الحُكم.

وضبط مُحمَّد بن إسماعيل الممضى، ونظَّم الدعوة في عهد الخُلفاء العبَّاسيين: أبوعبدَ الله مُحمَّد المهدي، وأبومُحمَّد موسى الهادي، وبداية عهد هٰرون الرشيد بمُساعدة حُجَّته ميمون القدَّاح الذي تقول عنه المصادر السُنيَّة أنَّه الديصاني ثنويّ الممضى، الذي أسلم أوأظهر الإسلام مدفوعًا بعاملين: سياسي يتمثَّل بإعادة النُفوذ إلى الفُرس عن طريق الشيعة، وديني يهدف إلى هدم الدين الإسلامي عن طريق الفلسفة الإغريقيَّة، وانتسب إلى الدَّعوة الإسماعيليَّة وأضحى من كبار الدُعاة. ويُرجع الإسماعيليّون نسبه إلى الصَّحابيّ سلمان الفارسيّ. وطوَّر أُسس الممضى، ووضع الخِطط التي أوصلت الفاطميين إلى الحُكم، ونظرًا لأنَّه كان أحد تلامذة الفلسفة الإغريقيَّة، فقد استغلَّ التعاليم الأرسطاليسيَّة والأفلاطونيَّة لوضع التعاليم الإسلاميَّة في نطقبٍ جديدٍ، وأسس حركةً سريَّةً لإحاطة الأئمَّة بستارٍ كثيفٍ. ويبدوأنَّ الإقامة في المدينة المُنوَّرة أوعاصمة الخِلافة، أوأيُّ حاضرة من الحواضر المشرقيَّة أضحت مُستحيلة بعد حملة الاعتنطقات التي نفَّذها الخليفة هٰرون الرشيد، فغادر مُحمَّد بن إسماعيل إلى فرغانة ثُمَّ نيسابور حيثُ تزوَّج وأنجب ابنه عبدُ الله الرضيّ الذي تولّى الإمامة بعده، ونصب له حجبًا وأمرهم بأن يتسمّوا باسمه للتستّر عليه. وخلف ميمون القدَّاح بعد وفاته ابنه عبدُ الله، وكان حجَّة للإمام عبدُ الله الرضيّ بن مُحمَّد بن إسماعيل، فتابع عمل أبيه، واستطاع حتى يجمع مُعظم الفِرق العَلَويَّة المُنقسمة على نفسها في جبهةٍ واحدة، وضمَّ إلى جماعته كُلُّ العناصر السَّاخطة على العبَّاسيين ليُشكِّل منهم جماعة تُخلص لإسماعيل بن جعفر، مدفوعًا بشعوبيَّته الفارسيَّة المُتطرِّفة ضد العرب، ثُمَّ نقل مقرُّ الدعوة والإمام عبدُ الله الرضيّ وابنه أحمد إلى مدينة الأحواز. وعندما انتقل الإمام إلى بلدة سلميَّة في الشَّام بين حمص وحماة في أواخر عهد الخليفة العبَّاسي أبوجعفر عبدُ الله المأمون خشيةً من مُلاحقة العبَّاسيين له، ظلَّ حُجَّته عبدُ الله القدَّاح يُقيم في الأحواز تستُرًا عليه، ثُمَّ لحق به إلى سلميَّة التي أضحت مركز الدعوة الإسماعيليَّة.

اشتهر لعبدِ الله القدَّاح ثلاثة أولاد، هم: أحمد والحُسين وعليّ، اعتمد عليهم في نشر الدعوة الإسماعيليَّة. فجعل ابنه الحُسين في سلميَّة مع الإمام الحسين بن أحمد لزيادة التستّر عليه. وكان أحمد المُلقَّب بأبي الشلعلع مسؤولًا عن الدعوة في العراق والأحواز، فادَّعى أنَّهُ من نسل عُقيل بن أبي طالب لاستقطاب الشيعة، وكان قد أحكم النسب في البصرة. واختصَّ الابن الثالث عليّ بنشر الدعوة في خُراسان، ونهايته مجهولة. وعندما توفي الحُسين بن عبدُ الله القدَّاح، عهد أبوه عبدُ الله إلى ابنه أحمد برئاسة الدعوة في سلميَّة بالإضافة إلى العراق، ثُمَّ انتقلت إليه رئاسة الدعوة بعد وفاة أبيه، وأصبح وصيًّا على ابن أخيه سعيد بن الحُسين الذي تقلَّد منصب الحجَّة أونائب الإمام عقب وفاة عمِّه أحمد، ولم يكن قد تجاوز العشرين من العُمر، فأظهر إخلاصًا وتفانيًا للممضى الإسماعيلي، ولذلك كان موضع ثقة الإمام المستور الذي قلَّده إمامة الإسماعيليَّة استيداعًا لا استقرارًا، واتخذ اسم عبدُ الله، وادَّعى أنَّهُ من السُلالة الشيعيَّة، وأنَّهُ المهدي، وهوعُبيدُ الله أوَّل الخُلفاء الفاطميين في إفريقية. وبهذا فإنَّ المصادر سالفة الذِكر تنسب الفاطميين إلى القدَّاحيَّة، وهي مُستقاة من رواية أبي عبد الله مُحمَّد بن عليّ بن رزَّام الطائيّ الكوفيّ في ردّه على الإسماعيليَّة أواخر القرن الرابع الهجري، ونقلها ابن النديم في مؤلفه «الفهرست»، وأخذها عنه من اتى بعده من المؤرخين. أيضًا، هُناك اعترافٌ من شخصٍ عَلَويٍّ عاش في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، هوالشريف أبوالحُسين مُحمَّد بن عليّ بن الحُسين المعروف بأخي مُحسن، ينفي فيه نسب الفاطميين إلى عليّ وفاطمة، ويذكر أنَّ ممضى الإسماعيليَّة لم يكن سوى غشٍ لعبدُ الله بن ميمون القدَّاح الذي استهدف، بفضل تعليمٍ خفيٍّ تدريبيٍّ في سبع درجاتٍ، القضاء على الإسلام.

رأي المُؤيدين لنسب الفاطميين إلى عليّ وفاطمة

يرى الإسماعيليَّون وغيرهم من الباحثين أنَّ الطعن الذي تمتلئ به خط مُخالفيهم من المذاهب الأُخرى قد بُنيت بشكلٍ كبيرٍ على التنكيل وتعمُّد الاستناد إلى معلوماتٍ غير سليمة. وهذا يحصل لأسبابٍ دينيَّةٍ وسياسيَّةٍ بسبب قيام الدولة الفاطميَّة وسيطرتها على أنحاء واسعة من الديار الإسلاميَّة، وأيضًا بسبب السريَّة الكبيرة التي تميَّزت بها الحركة الإسماعيليَّة حيثُ أنَّ دراسة الإسماعيليَّة كانت تنحصر بالمصادر والروايات التي أنتجها أعدائهم. حسب المصادر الإسماعيليَّة فإنَّ جعفر الصَّادق قد منح الإمامة إلى ابنه الأكبر إسماعيل الذي توفي سريعًا بعد ذلك، فانتقلت الخلافة بعده إلى ابنه مُحمَّد. وبسبب قمع الدولة العباسيَّة ومحاولتها الحثيثة لاغتياله، بدأ مُحمَّد فترةً مُهمَّةً وأساسيَّةً في تاريخ الإسماعيليَّة والمعروفة «بفترة الستر» حيثُ عمد إلى هجر المدينة المُنوَّرة وإخفاء هويَّته عن عامَّة الناس إلَّا عن قلَّة قليلة من الذين يثق بهم. ومن أبرز هؤلاء ميمون القدَّاح ثم ابنه من بعده عبدُ الله بن ميمون. الذين عملوا بشكلٍ كبيرٍ على حماية مُحمَّد بن إسماعيل وكانوا حلقة الوصل بينه وبين عددٍ كبيرٍ من الناس. يرفض المُستشرق المُختص بالدراسات الإسماعيليَّة ڤلاديمير إيڤانوڤ الفكرة القائلة بأنَّ ميمون القدَّاح لم يكن مُسلمًا وانما ديصانيّ يهدف إلى هدم الإسلام، فيقول إنَّ الفاطميين أخفوا أنسابهم وفروع ذوي قُرباهم خوفًا من أعدائهم، وأنَّ قصَّة ميمون وولده هذا ليست إلَّا خُرافةً وأُسطورة. وقد ورد ذكر اسم ميمون القدَّاح وابنه في كتُب الرجال الخاصة بالشيعة الإثنا عشرية لتصف ميمون بأنَّه من أصحاب الإمامين الباقر والصَّادق المُقرَّبين، وتثُني عليه، ويظهر في تلك المصادر أنَّهُ من مكَّة (من بني مخزوم تحديدًا). كما يذكر المضىي وابن حجر اسم عبدَ الله بن ميمون القدَّاح ويؤكد انتسابه إلى مكَّة وبني مخزوم ويكتفي باعتباره «ضعيف». وفي خطاب المُعز لدين الله إلى داعي السند، ينفي فيه ما انادىه مناوئية برعاية الدولة العباسيَّة من انتساب الخُلفاء الفاطميين إلى ميمون القدَّاح ويؤكد نسبه إلى عبدُ الله بن مُحمَّد بن إسماعيل، ويُشير إلى أنَّ عبدَ الله بن مُحمَّد كان يُلقَّب «عبدُ الله الميمون».



هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

يُشيرُ بعضُ المؤرخين إلى أنَّ الغُموض والاختلاف والاضطراب يكتنف المصادر المؤيِّدة لنسب الفاطميين إلى عليّ والزهراء، وأنَّ تلك المصادر ليست واحدة دائمًا، إذ يوجد اختلاف في أسماء الأئمَّة، من ذلك أنَّ اسم والد عُبيد الله المهدي غير مُتفق عليه بين هذه المصادر. فثمَّة رواية واحدة تذكر أنَّهُ ابنُ «أحمد» وليس ابنُ «الحُسين»، بل أنَّ عُبيد الله المهدي يظهر أحيانًا بوصفه عليّ بن الحُسين. ففي الرسالة التي أوفدها عُبيد الله المهدي إلى اليمن وكشف فيها النقاب عن نسب الفاطميين وذكر أسماء الأئمَّة المستورين، أظهر النسب الفاطميّ بصورةٍ مُغايرة لما قدَّمه التُراث الإسماعيلي المُتعلِّق بأنساب الفاطميين، فيذكر أنَّ جدّه الأعلى هوعبدُ الله أخوإسماعيل الأكبر، وأنَّ الإمام جعفر الصَّادق عيَّن عبدَ الله وليس إسماعيل وريثًا شرعيًّا له، إذ أنَّ جعفرًا خلَّف أربعة أولاد، هم: عبدُ الله وإسماعيل وموسى ومُحمَّد، وأنَّ صاحب الحق فيهم كان عبدَ الله، ولمَّا أراد هؤلاء إظهار دعوة الحق خشوا من اضطهاد العبَّاسيين، فتسمّوا بغير أسمائهم، فكانوا يحملون ألقابًا، وأحيانًا أسماء حركيَّة تُخفي حقيقتهم، وأطلقوا على أنفُسهم ألقاب: مُبارك وميمون وسعيد. فلقب ميمون الذي أُطلق على أحد أولاد جعفر الصَّادق هوالذي قاد إلى هذا الخلط، وقد علَّل الداعي المُطلق إدريس عمادُ الدين هذا الأمر بقوله: «وَكَانَ الدُّعاةُ أيَّامَ الأئِمَّةِ المِسْتُورِيْن مُنذُ استِتَارِ الإمَامِ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل، يُسَمُّونَهُم بِغَيْرِ أسْمَائِهِم، وَيَخْتَلِفُونَ في الأسْمَاءِ إخْفَاءً لِأمْرِ الله، وَسَتْرًا لِأوْلِيَائِهِ لِتَغَلُّبِ الأضَّدَادِ، وَقُوَّةِ أهْلِ العِنَادِ، لِذلِكَ وَقَعَ الاخْتِلَافُ في الأئِمَّةِ المَسْتُورِين، وَكَثُرَ خَوْضُ الخَائِضِين وَقَوْلُ القَائِليْن». وبناءً عليه فإنَّ تسلسل الأئمَّة يُصبح كالآتي: عبدُ الله بن جعفر الصَّادق، ثُمَّ عبدُ الله بن عبدُ الله، ثُمَّ أحمد بن عبدُ الله، ثُمَّ مُحمَّد بن أحمد، وتسمَّى كُلُّ واحدٍ من هؤلاء بمُحمَّد لأنَّ المهديّ سيكونُ مُحمَّد بن إسماعيل، فكان كُلَّما قام فيهم إمام تسمّى بمُحمَّد باستثناء عبدُ الله بن جعفر، فقد تسمّى بإسماعيل، إلى حتى يظهر صاحب الظُهور الذي هومُحمَّد بن إسماعيل، فتزول التقيَّة.

شجرة نسب الخُلفاء الفاطميين وأئمَّة الشيعة ككل، والفرق المُنحدرة منهم.

ويُشيرُ جعفر بن منصور اليمني الذي حفظ هذه الرِّسالة، أنَّ الإمام مُحمَّد بن أحمد أوصى إلى ابن أخيه، وأعطاهُ باختيار الله، أمره كُلُّه، وتسمَّى بسعيد بن الحُسين، وصارت إليه الدعوة زمانًا. فلمَّا آن وقت الظُهور، أظهر مقامه، وأظهر اسم «عُبيد الله»، وظهر معه كذلك أبوالقاسم مُحمَّد القائم بأمر الله. ويتوافق نسب عُبيد الله المهدي الذي أورته في رسالته(3) مع ما اتى في بعض كُتب الأنساب والفِرق، فيذكر العلَّامة عليّ بن حزم الأندلُسيّ أنَّ وُلاة مصر قد ادَّعوا في أوَّل أمرهم، إلى عبدُ الله بن جعفر بن مُحمَّد، فلمَّا صحَّ عندهم أنَّ عبدَ الله لم يعقب إلَّا ابنةً واحدة اسمها فاطمة، هجروه وانتموا إلى إسماعيل بن جعفر بن مُحمَّد. ويذكر النوبختي والقِمّي أنَّ عبدُ الله لم يُخلِّف أولادًا، ولكنَّ الثاني يذكر في مكانٍ آخر أنَّ عبد الله وُلد له ولدٌ اسمه مُحمَّد، وأنَّه أوفده إلى جهة اليمن، وانتقل بعد وفاة والده إلى خُراسان، وأنَّه الإمام بعد أبيه، وهوالقائم بأمر الله. ويذكر الدَّاعي المُطلق إدريس عمادُ الدين أنَّ الإمام عبدَ الله الرضيّ بن مُحمَّد بن إسماعيل استخلف أخاهُ الحُسين مكانه، وأمر أتباعه بطاعته، غير أنَّ الحُسين قُتل في حياة أخيه، فعُهد إلى ابنه أحمد بالإمامة، وهوالإمام التقي أحمد بن عبدُ الله الذي رُزق بولدٍ سمَّاه الحُسين، وهوالإمام الزكي ووالد المهدي. ولمَّا شعر الإمام الحُسين بدُنوّ أجله، عيَّن أخاه مُحمَّدًا المُلقَّب بسعيد الخير وصيًّا على ابنه الإمام المهدي. وأراد سعيد الخير حتى يجعل الإمامة في عقبه، ويُحوِّلها عن الإمام المهدي، لكنَّه فشل في ذلك. واستنادًا إلى كتاب التراتيب فإنَّ أسماء الأئمة تختلف عن غيرها ممَّا اتى في غالبيَّة المصادر الإسماعيليَّة وغير الإسماعيليَّة، فذُكر أنَّ إسماعيل ستر على نفسه حجابًا لِعِظم الفترة وتغلُّب الضِّد. وانتسب الإمام الحق بعد إسماعيل إلى ابن أخيه، وهومُحمَّد. ولمَّا حضرته الوفاة، سلَّم هذا الأمر إلى ولده الرضيّ، وهوأوَّل الأئمَّة المستورين، فقام أحمد بالإمامة، وكان حاجبه الذي احتجب به، وسِتره الذي سَتَره، والذي نصَّبه وأقامه مقامه، هوميمون القدَّاح، وأمره الإمام حتى يأخذ العهد لنفسه، أي لميمون سالِف الذِكر، فعمل ما أمره به الإمام، ولم يزل قائمًا بالأمر إلى حتى توفي أحمد، فسلَّم الإمامة إلى ابنه مُحمَّد، وأمر عبدُ الله بن ميمون القدَّاح حتى يقوم مقامه، ويأخذ العهد لنفسه كعمل أبيه، فلم يزل قائمًا بالأمر حتّى توفي مُحمَّد، فسلَّم الأمر إلى ابنه أحمد، فعيَّن الأخير أخاهُ إمامًا مُستودعًا، على حتى يقوم مقام ولده مُحمَّد المهدي ويكون حاجبًا له، فقام المهدي بالإمامة، وقام عمِّه بالخِلافة. وحاول هذا العمُّ حتى يُحوِّل الإمامة إلى أولاده ففشل في ذلك.

تخطيط لاسم فاطمة الزهراء بنتُ الرَّسول مُحمَّد، التي تلقَّب إسماعيليّوإفريقية باسمها.

وهُناك أمرٌ آخر غير مؤكَّد فيما يتعلَّق بصِلة القرابة بين عُبيد الله المهدي، وبين مُحمَّد القائم بأمر الله الذي خلفه في الحُكم. فقد يحدث القائم ليس ابنًا لعُبيد الله المهدي، مع أنَّ الأخير كان يُعدَّه ابنًا له من الناحية الرسميَّة، وكان تصرُّفه تجاهه عندما ولج رُقاده، يُشير إلى أنَّهُ يُعدَّهُ المهدي المُنتظر، فقد عامله بتوقيرٍ شديدٍ، وحمل مقامه عن مقامه هوشخصيًّا. ففي حين تؤكِّد كُتب الظاهر المُوجهة للعامَّة أنَّ الخليفة الفاطميّ الثاني، أي القائم بأمر الله، هوابن عُبيد الله المهدي، تنفي بعض النُصوص الباطنيَّة المُوجَّهة للخاصَّة والمُطلعين على الأسرار، بُنوَّته إلى عُبيد الله المهدي، وتُنسب الأخير إلى أصلٍ غير عَلَويّ بل ميمونيّ. وعليه، كان دور عُبيد الله المهدي حمل الوديعة، أي الإمامة، ليرُدَّها إلى مُحمَّد القائم بن الحُسين بن أحمد، وبالتاليقد يكونُ عُبيد الله المهدي الوحيد الذي لا ينتسب إلى عليّ بن أبي طالب. ويقول المُؤرِّخ برنارد لويس أنَّ التناقض بين النسب الرسمي والنسب الذي يربط الفاطميين بميمون القدَّاح مردُّه وجود إمامتين ظهرتا بعد وفاة الإمام إسماعيل بن جعفر الصَّادق: الإمامة المُستقرَّة والإمامة المُستودعة، فالمُستقرَّة بدأت مع مُحمَّد بن إسماعيل وتُفضي إلى القائم بأمر الله، وهي إمامة حقيقيَّة في ذُريَّة الحُسين، أمَّا المُستودعة فقد بدأت مع عبدُ الله بن ميمون القدَّاح وتُفضي إلى عُبيد الله المهدي، وهي إمامة بالوصاية في أعقاب عائلة القدَّاح. والإمامُ المُستقر هوالمُؤهَّل لنقل الإمامة إلى ابنه الذي يحجُبه الإمام المُستودع إلى حتى يأتي اليوم الذي يُسلِّمها فيه إليه. وبناءً على ذلك، فإنَّ عُبيد الله المهدي، الذي هوالإمام المُستودع، لم يكن سوى الوصيّ والأب الروحيّ لمُحمَّد القائم بأمر الله، الذي هوالإمامُ المُستقر، وقد سلَّمه عُبيدُ الله الإمامة المُستودعة لديه. فالحاكم الأوَّل المكشوف والإمام الفاطميّ الشرعيّ وفق هذا التفسير هومُحمَّد القائم بأمر الله، أمَّا عُبيد الله المهدي فهومُستودعه، وينتمي إلى أُسرة القدَّاح. وقد نقض ڤلاديمير إيڤانوڤ نظريَّة برنارد لويس، ونطق أنَّها وُضعت أيَّام الأئمَّة المكشوفين لتبرير انتنطق الإمامة بالوراثة، وعلى هذا الأساس فإنَّ الخُلفاء الفاطميين بما في ذلك عُبيد الله المهدي، ينتمون إلى نسبٍ علويٍّ سليم.

التاريخ

خلفيَّة تاريخيَّة

إفريقية والمغرب الأوسط (ضمن دولة الأغالبة) حيثُ عثر الممضى الإسماعيليّ موطأ قدمٍ بين بعض قبائل البربر.

كانت شمال أفريقيا أرضًا صالحةً لنصرة الممضى الإسماعيلي، ذلك أنَّ التشيُّع العَلَويّ هجرَّز مُنذ نشأته في المشرق، وظهر في بيئة الكوفة مُتعددة الأجناس والقوميَّات، وانتشر بين الموالي، ثُمَّ انتقل غربًا بعد المُلاحقات التي تعرَّض لها الشيعة من قبل العبَّاسيين، وكانوا جميعًا من فرع الحسن بن عليّ بن أبي طالب، وتمركزوا في شمال أفريقيا حيثُ ضعُفت السيطرة العبَّاسيَّة لبُعد المسافة عن مركز اتخاذ القرار في بغداد، ولصُعوبة المُواصلات، ونشروا التعاليم المُشهجرة للممضى الشيعيّ ومآثر العَلَويين ممَّا أدّى إلى انتشار هذا الممضى بين الأمازيغ البربر الذين أدّوا دور الموالي من الفُرس في المشرق، على الرُّغم من وجود فوارق كُبرى بين الفئتين في طبيعة دعمها للعَلويين بعامَّة، وفي مؤسساتهما ومُنظماتهما، وفي أهدافهما وعقائدهما. ورُبَّما كان العطف على آل بيت الرسول مُحمَّد، والاعتقادُ بفضائلهم، كبيرًا في المغرب من أيِّ مكانٍ آخر، وقد أعطى لللفسة السَّيطرة على المغرب الأقصى بدون مشقَّة وتأسيس دولتهم المُستقلَّة. كما اشتمل المغرب الأوسط في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، باستثناء الأراضي التابعة لإمام تاهرت، على إماراتٍ شيعيَّةٍ بلغ عددها تسعُ إماراتٍ، ممَّا هيَّأ الأرضيَّة الخصبة لغرس وتنمية الدعوة الشيعيَّة. لكنَّ الممضى الإسماعيلي ولج إلى إفريقية بصورةٍ أكثر تنظيمًا وسريَّةً قبل نحومائةٍ وخمسةٍ وثلاثين سنة من قُدوم أبي عبدِ الله الدَّاعي، وذلك في أواسط القرن الثاني الهجري المُوافق للقرن الثامن الميلادي، وهجرَّز في ديار القبيلة الأمازيغيَّة كتامة في المغرب الأوسط، التي عُرفت بأنَّها أكثرُ القبائل عددًا وأصعبها مُراسًا، إذ كانت تسكُن جبال الأوراس الوعرة في شمال إفريقية، وهي البلادُ المُمتدَّة من طرابلس الغرب إلى طنجة.

خارطة مُقرَّبة لناحيةٍ من بلاد البربر، تظهرُ فيها مدينة الناظور حيثُ انتشر التشيُّع العلوي على يد عبدُ الله بن عليّ بن أحمد الحلواني.

مرَّت الدعوة الإسماعيليَّة في بداية انطلاقتها، بمرحلتين: فترة الإعداد العقائدي النظري، وتولَّاها اثنان هُما أبوسُفيان الحسن بن القاسم وعبدُ الله بن عليّ بن أحمد، المشهور بالحلواني، وفترة الدور العمليّ، وقامت على أكتاف الدَّاعي أبي عبد الله المُحتسب المشهور بالشيعي الصنعاني. ففيما يتعلَّق بالفترة الأولى، فقد بعثت القيادة في المشرق أبا سُفيان والحلواني إلى شمال أفريقيا سنة 145هـ المُوافقة لِسنة 762م، وأمرتهما بأن يُبسطا ظاهر فهم الأئمَّة وينشُرا فضلهم، وأن يتجاوزا إفريقية إلى حُدود بلاد البربر، وأن لا يعملا في منطقةٍ واحدة. وقد رجَّح البعض حتىقد يكون الإمام جعفر الصَّادق نفسه هومن أوفدهما وزوَّدهما بهذه التعليمات. استقرَّ أبوسُفيان في قريةٍ زراعيَّةٍ يُنطق لها «تالة» وهي من ضواحي قرية مرماجنَّة الهواريَّة الأمازيغيَّة، وتقع إلى الشمال من مدينة تونس المُعاصرة، وتشغلُ مركزًا تجاريًّا هامًّا، فابتنى فيها مسجدًا وتزوَّج بامرأةٍ من أهلها واقتنى عبدًا وأمة، وعاش حياةً مثاليَّة زاهدة، واشتهر بالفضل والعِبادة والذِكر، ممَّا لفت إليه الأنظار، فهرع إليه سُكَّانُ المناطق المُجاورة يسمعون فضائل أهل البيت منه، ويأخذونها عنه. ونادى إلى الإمام عليّ بن موسى الرضا من آل البيت، وبشَّر بقرب ظُهوره ونعتهُ بالمهدي المُنتظر، وأضحت مرماجنَّة، بتأثيره، دار هجرةٍ للشيعة. وبفضل مسقط المدينة التجاري، استقطب أبوسُفيان التُجَّار وأدخلهم في دعوته التي انتقلت بعد ذلك إلى مدينة نفطة، وكثُر فيها التشيُّع حتّى غدت تُعهدُ باسم «الكوفة الصُغرى»، ثُمَّ انتشر الممضى الشيعي في الأربس شمالًا. بالمُقابل، توغَّل الحلواني في بلاد البربر الأمازيغ، واستقرَّ في الناظور على مشارف أرض قبيلة كتامة البربريَّة، أقوى قبائل تلك الناحية. وسلك نهج زميله أبا سُفيان، فاشتهر ذكره، وأقبل النَّاسُ عليه، وتشيَّع كثيرٌ منهم على يديه وبخاصَّةٍ من قبائل كتامة ونفزة وسماتة، وكان يقولُ لهم: «بُعِثْتُ أنَا وَأَبُوسُفْيَانَ، فَقِيْلَ لَنَا: «إذْهَبَا إلَى المَغْرِبِ، فَإنَّكُمَا تَأْتِيَانِ أَرْضًا بُوْرًا فًاحْرِثَاهَا وَأَكْرِبَاهَا وَذَلِّلَاهَا إلَى حتى يَأْتِيْهَا صَاحِبُ البّذْرِ فَيَجِدُهَا مُذَلَّلَةٌ، فَيَبْذِرُ حَبَّهُ فِيْهَا»». وتوفي أبوسُفيان قبل وصول الدَّاعي أبي عبد الله الشيعي(4)، أمَّا الحلواني فعاش دهرًا طويلًا ومات في الناظور تاركًا ابنة وعددًا من المعارف، عاش بعضهم طويلًا وأدركوا وصول الدَّاعي أبي عبد الله.

خلال تلك الفترة، كانت القيادة الإسماعيليَّة في سلميَّة قد أوفدت الداعي أبوعبد الله سالِف الذِكر إلى اليمن ليتدرَّب على يد الحسن بن فرج بن حوشب بن زادان، أبرزُ دُعاة تلك البلاد، فاستقبله وقرَّبه منه، وكان قد تعرَّف عليه في الكوفة. ولم تمضِ أكثر من سنة، حتَّى انضمَّ أبوعبد الله إلى قافلة الحُجَّاج اليمنيين وخرج معهم إلى مكَّة في سنة 279هـ المُوافقة لِسنة 893م. ذلك أنَّ رؤساء الدعوة الإسماعيليَّة اتفقوا بعد مُشاوراتٍ مُستفيضةٍ على إرساله إلى المغرب لمُتابعة العمل بعد وفاة أبي سُفيان والحلواني، والاستيلاء على الحُكم بمُساعدة قبيلة كتامة. وصل أبوعبد الله إلى مكَّة، واجتمع بحُجَّاج كتامة في مِنى، وكانت الجماعة الكتاميَّة تضم شخصين ينتميان إلى بطنٍ كبيرٍ من بطون كتامة، هما حُريث الجميلي وموسى بن مكارم، اللذين اعتنقا الممضى الشيعي بتأثير الحلواني، ودار حديثٌ مُطوَّلٌ بين الطرفين حول فضائل الإمام عليّ وبنيه، وتكرَّرت اللقاءات وتزايد إعجاب الكتاميين بصديقهم الجديد. ولمَّا انتهى موسم الحج، واستعدّوا للرحيل، غادر أبوعبد الله مع الكتاميين مُتظاهرًا بالتوجه إلى مصر، وخلال الرحلة استقى منهم بعض المعلومات المُتعلِّقة بوضعهم السياسي والاجتماعي، وكُل ما من شأنه حتى يُفيد مُهمَّته، ولم يكشف لهم عن نواياه ودوافعه الحقيقيَّة. ولمَّا وصلوا إلى مصر، تظاهر بأنَّهُ يُريد الإقامة فيها لتعاطي مهنة التعليم، فاقترحوا عليه حتى يسير معهم إلى بلادهم ليُعلِّم أبناءهم، ووعدوه بمُساندته ومنحه مزايا أكثر مُلائمةً، فاعتذر ببُعد المسافة، ووعدهم باقتفاء أثرهم إذا خابت آماله في الحُصول على عملٍ كمؤدبٍ في الكُتَّاب، فغاب عنهم بعض الوقت ثُمَّ عاد ونطق لهم أنَّه لم يجد في تلك البلاد ما يُريد، وأنَّه قرر السير معهم إلى المغرب. مكث أبوعبد الله الشيعي في قلعةٍ صغيرةٍ يُنطقُ لها «إيكجان» تقعُ في فج الأخيار قُرب قسنطينة وتُقيمُ بها قبيلة سكتان البربريَّة، وأخذ يعمل على دعوة الناس إلى اعتناق الممضى الإسماعيلي، فأحرز نجاحًا كبيرًا وتخطَّت شهرته حدود إيكجان، رُغم مُعارضة بعض زُعماء القبائل الذين خشوا على سُلطانهم ونُفوذهم. ومع اتساع نطاق الدعوة وتكاثر عدد المُنضوين إليها، كان من الطبيعي حتى تتولَّد ردود عملٍ عنيفة لدى بعض أصحاب السُلطان في بلاد البربر ولدى صاحب إفريقية. وعند هذه الفترة بلغت مُهمَّة الداعي أبي عبد الله الروحيَّة ذُروة الحسم، وأصبحت مقرونة بمُهمَّة دُنيويَّة خالصة، ذلك أنَّهُ لم يعد فحسب الزعيم الديني للمجموعة التي اجتهد في تكوينها في إيكجان، بل أصبح على أهبة التحوّل إلى زعيمٍ سياسيٍّ يسعى إلى بعث حركةٍ ثوريَّةٍ في إفريقية ضدَّ السُلطة الأغلبيَّة.

قيام الدولة

جانب من مدينة القيروان، عاصمة الأغالبة التي فتحها الفاطميّون سنة 296هـ الموافقة لِسنة 908م وأنهوا الولاية الأغلبيَّة على إفريقية.

انفجر الصراع بين الأغالبة والدَّاعي أبي عبد الله بسبب موقف حاكم مدينة ميلة من الدعوة الإسماعيليَّة في أرض كتامة. وكانت ميلة تحت حُكم موسى بن عيَّاش الذي اشتهر بعدائه لأبي عبد الله الشيعي، خشيةً على مركزه، وشارك في جميع المؤامرات التي حاكها الأغالبة للتخلُّص منه. وكانت ميلة المذكورة تُشكِّلُ مركزًا عربيًّا في قلب بلاد كتامة البربريَّة، وكانت الأُسر الحاكمة العربيَّة في المغرب تُوالي السُلطة المركزيَّة في بغداد، لذلك كانت أوَّل عائق أمام انطلاق الدعوة إلى الخارج، ولا بُدَّ من تذليلها، فشنَّ عليها الداعي حربًا وانتصر على حاميتها العسكريَّة، ودخلها خلال شهر ذي القعدة من سنة 289هـ، المُوافق فيه شهر تشرين الأوَّل (أكتوبر) سنة 902م، وولّى عليها أبا يُوسُف ماكنون بن ضُبارة الأجاني. إلى غير ذلك سقطت أوَّل مدينة أغلبيَّة مُحصَّنة في يد الدَّاعي. لكن سُرعان ما استعادها الأغالبة مُجددًا، بعد حتى هزموا جيش الدَّاعي في بلدة «ملوسة». وخلال شهر رجب سنة 290هـ المُوافق فيه شهر حُزيران (يونيو) 903م، اشتبك الأغالبة مع الإسماعيليين في معركةٍ قاسية حالف النصر فيها أبا عبدُ الله، وتراجع الجيش الأغلبيّ بعد الهزيمة إلى سطيف، وفي أوائل سنة 291هـ، المُوافقة لأواخر سنة 903م، استأنف الدَّاعي عمليَّاته العسكريَّة، فاستولى على سطيف، وهي أقرب مدينة مُحصَّنة من إيكجان بعد ميلة، وكانت مدينةً مُعرقلةً لتحرُّكاته العسكريَّة، وتُمثِّلُ قاعدةً لقوَّات العدو. وفي آخر شهر ذي الحجَّة سنة 293هـ، المُوافق فيه شهر تشرين الأوَّل (أكتوبر) سنة 906م، استولى أبوعبد الله على مدينة «طُبنة» في طرف إفريقية، وهي قاعدة نهر الزَّاب الكبير، وإحدى أكبر وأغنى المُدن الأغلبيَّة بعد القيروان، وعيَّن عليها عاملًا شيعيًّا هويحيى بن سُليمان، كما فتح بلزمة. وبسقوط هاتين المدينتين، نجح الإسماعيليّون في فتح ثغرة في الحُصون الغربيَّة التي تحمي إفريقية، ولم يبقَ منها سوى حصن باغاية في أقصى إفريقية بين مجَّانة وقسنطينة، الذي يؤدي إلى داخل البلاد، ولا بُدَّ من مُهاجمته. وفي سنة 296هـ المُوافقة لِسنة 908م، هاجم الدَّاعي وجُنوده وأتباعه الحصن المذكور واستولوا عليه، ثُمَّ تحرَّكوا قاصدين الأربس وهزموا الجيش الأغلبيّ هزيمةً قاصمة ودخلوا المدينة عنوةً، فاستولى الهلع على أمير إفريقية أبومُضر زيادة الله الثالث وكِبار رجال دولته وأصحاب الدواوين والموالي والعبيد، فانسحبوا إلى القيروان وسوسة وبعض المُدن الأُخرى. ولمَّا وصلت أخبار هروب زيادة الله الثالث، وما حصل في دولته من الفوضى، إلى مسامع أبي عبد الله الشيعي، تحرَّك بسُرعةٍ باتجاه القيروان ورقَّادة واستولى عليهما، وأبطل ذِكر اسم الخليفة العبَّاسي في خِطبة الجُمعة. وبهذا زالت الدولة الأغلبيَّة وبالتالي سُلطة العبَّاسيين الإسميَّة والعمليَّة عن هذه البلاد، ودخلت إفريقية في فترةٍ جديدةٍ من تاريخها.

خارطة توضح التحرُّكات الإسماعيليَّة في شمال أفريقيا، والمناطق التي أُقيمت بها الدولة الفاطميَّة لاحقًا في إفريقية والمغرب.

نجح الدَّاعي أبوعبد الله بالقضاء على دولة الأغالبة في إفريقية سنة 296هـ الموافقة لِسنة 908م، بعد حربٍ شديدة دامت خمس سنوات. ثُمَّ التفت بعد هذا النجاح إلى العمل على إصلاح النظام السياسي في إفريقية بعد الفوضى التي نجمت عن إنهيار الدولة الأغلبيَّة، فحرص على إقامة نظامٍ جديدٍ وإضفاء الصبغة الشيعيَّة على مؤسسات الدولة الجديدة، وهجريز السُلطة في يده. فأمَّن الناس على حياتهم وأرزاقهم ومُمتلكاتهم، وأقرَّ عدَّة إجراءات لتهدئة وتأمين كُل خائفٍ كان يتولّى منصبًا في الدولة الأغلبيَّة، فاطمأنَّ إليه الكثير من الرجال ودخلوا في خدمته، وأوصى دُعاته الكتاميين حتى لا يُكرهون أهل السُنَّة على التشيُّع، وأن يستعملوا معهم الإقناع عوض ذلك، وكان يُردد قولهُ المعروف: «إنَّ دَوْلَتُنَا دَوْلَةُ حُجَّةٍ وَبَيَانٍ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةَ قَهْرٍ واستِطَالَةٍ، فَاتْرُكُوا النَّاسَ عَلَى مَذَاْهِبِهِم، وَلَا تُلْزِمُوْهُم بِاتِّبَاعِ الدَّعْوَةِ الهَادِيَةِ المَهْدِيَّة». وعاش حياةً مُتواضعةً بعيدةً عن أُبَّهة المُلك، فشعر النَّاسُ أنه قريبٌ منهم، وأضاف عدَّة علامات عقائديَّة شيعيَّة على نمط الحياة اليوميَّة، فأمر بأن تتضمَّن خِطبة الجُمعة الصَّلاة على الرسول مُحمَّد وعلى آله وعلى أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب وولداه الحسن والحُسين، وزوجته فاطمة الزهراء، وأن يُزاد في الآذان عِبارة «حيَّ على خيرِ العمل». وأنفذ أبوعبد الله الدَّاعي الرُسل إلى سلميَّة، يُخبرُ الإمام المستور (عُبيد الله المهدي) بما فُتح من المُدن والأنطقيم، ويدعوه للحُضور إلى إفريقية. وفي الأساس، حدثت عدَّة تطوُّراتٍ سياسيَّةٍ خِلال تلك الفترة دفعت الإمام عُبيد الله المهدي إلى مُغادرة مركز الدعوة في سلميَّة(5)، فخرج في شهر رجب سنة 289هـ المُوافق فيه شهر حُزيران (يونيو) سنة 902م مُصطحبًا معه القائم وعددٌ من أتباعه، ويمَّم وجهه صوب المغرب. ولمَّا وصلت هذه الجماعة إلى سجلماسة أقامت في ضيافة واليها حينًا من الزمن قبل حتى يُلقي القبض عليها بعد حتى اكتشف أمرها. وفي يوم الخميس 15 رمضان سنة 296هـ المُوافق فيهسبعة حُزيران (يونيو) سنة 909م، خرج الدَّاعي أبوعبد الله على رأس جيشٍ كبيرٍ لاستقدام عُبيد الله المهدي وتنصيبه على العرش، ففتح بطريقه تاهرت وقضى على الإمارة الرُستميَّة، ثُمَّ تابع زحفه ووصل إلى سجلماسة يوم السبت فيستة ذوالحجَّة المُوافق فيهستة آب (أغسطس) من السنة سالِفة الذِكر. اشتبك الجيش الإسماعيلي مع قوَّات والي سجلماسة وأنزل بها هزيمةً فادحة، وفي اليوم التالي ولج الدَّاعي المدينة وأطلق سراح المهدي ورجاله. مكث عُبيد الله المهدي مُدَّة أربعين يومًا في سجلماسة، توجَّه بعدها إلى إيكجان وأقام فيها. ثُمَّ خرج من إيكجان إلى رقَّادة فوصلها يوم الخميس 20 ربيع الآخر سنة 297هـ المُوافق فيهستة كانون الثاني (يناير) سنة 910م، واستقرَّ في قصر الصحن الذي كان الدَّاعي قد أقام به من قبل، وذُكر اسمه على المنابر يوم الجُمعة، وتلقَّب «بالمهدي أمير المؤمنين»، وأبطل ذِكر اسم الخليفة العبَّاسي في الخِطبة. إلى غير ذلك نجح الشيعة الإسماعيليّون في إقامة دولتهم في شمالي أفريقيا بأقسامها الثلاثة: طرابلس الغرب وإفريقية والزَّاب.

التوسّع والفُتوحات

بعد حتى استقرَّت أمور الفاطميين في إفريقية، أرادوا توسيع دولتهم لتضمَّ المغرب الأقصى (مُرَّاكش)، وقد تمكنوا من بسط سيطرتهم على معظم أنحائه بعد نزاعٍ مع حكَّامه اللفسة، إذ تمكن القائد الفاطمي «موسى بن أبي العافية» من هزيمتهم سنة 312هـ. وقد تمرَّد بن أبي عافية على الفاطميّين بعد فتح المغرب، وحوَّل ولاءه إلى عبدُ الرحمٰن الناصر لدين الله أمير الأندلس الأمويّ، لكن عُبيد الله المهدي أوفد ابنه «أبا القاسم» سنة 315هـ فتمكَّن هذا الأخير من استعادة سيطرة الفاطميّين على المغرب. اضطرَُ الفاطميون لاحقاً لخوض حروبٍ كثيرة مع الخوارج بالمغرب، فقد ثار عليهم خارجيٌّ يدعى «أبا زيد» انتشرت ثورته انتشارًا كبيرًا، وتوفيَّ خلال أيام هذه الثورة عبيد الله، فورث عنه حكم دولة الفاطميين ابنه أبوالقاسم مُحمَّد القائم بأمر الله، واستمرَّ بمحاربة الخوارج، لكنه توفي سنة 334هـ دون تمكِّنه من هزيمتهم. فخلفه ابنه المنصور بنصر الله الذي تمكَّن أخيرًا من القضاء على ثورة أبي يزيد في سنة 336هـ، وأسَّس مدينة «المنصوريَّة» بإفريقية ليجعلها عاصمة الفاطميين. توفي الخليفة المنصور سنة 341هـ، فخلفه ابنه المعز لدين الله، رابع الخلفاء الفاطميّين وأحد أبرز حُكاَّم الدولة الفاطمية.

خريطة توضِّح مسار الفتوحات الفاطمية، انطلاقاً من إفريقية (حالياً تونس) إلى مراكش غرباً ومصرًا ثم بلاد الشام والحجاز شرقًا، وقد اصطدم الفاطميُّون خلال هذه الغزوات بالإخشيديين بمصر والقرامطة والحمدانيين بالشام والحجاز.

كانت تحكم مصر في زمن ظهور الفاطميين الدولة الإخشيدية، ومنذ بداياتهم حاولوا عدَّة مرة الاستيلاء على مصر، فأوفدوا إليها حملاتٍ عسكريَّة في سنوات 302 و307 و321 و322 و332هـ، وقد تمكَّنت بعض هذه الحملات من السيطرة على أجزاءٍ كبيرة من البلاد، بل إنَّ بعضها نجحت بالاستيلاء على الإسكندرية، إلا أنَّ الفاطميين كانوا يضطرُّون للانسحاب في كلِّ مرَّة أمام جيوش محمد بن طغج الإخشيدي. رغم ذلك، كان هناك نادىةٌ منتشرون في مصر طوال العهد الإخشيديّ، يدعون الناس لاتباع الدولة الفاطميَّة.

إلا أنَّ الدولة الإخشيدية قد شهدت مع موت أحد آخر حكامها أبي المسك كافور الإخشيديَّ (سنة 357هـ) انحدارًا كبيرًا وانهيارًا اقتصاديًا شديدًا، فانتشر الغلاء والمجاعات والأمراض، وكثر الموت بين الناس. أدَّت هذه الأحوال المتردية إلا سخط أهل مصر على الإخشيديين، ووصلت أنباء هذه الحال إلى معز الدين الفاطميّ، فبادرَ على الفور باستغلال الفرصة بإرسال جيشٍ فاطمي على رأسه جوهر الصقلي لضمِّ مصر إلى دولته. لم يبدي المصريُّون أيَّ مقاومة تذكر للفتح الفاطمي نتيجة هذه الأوضاع، وقد استبشروا بقدوم حكامٍ جددٍ لهم عوضًا عن الإخشيديين، خصوصًا بعد خطبة نطقها جوهر الصقلي باسم معزّ الدين الفاطمي عندما ولج مصر، فقد قدَّم في هذه الخطبة وعوداً عديدة بينها تجديد سكَّة النقود لتجنُّب الغش فيها، وتخفيف الضرائب الشديدة التي فرضها الإخشيديون، وحماية المصريّين من خطر دولة القرامطة بالمشرق، ومنح أهل السنَّة الحرية بممارسة ممضىهم على طريقتهم.

مدينة الفسطاط القديمة القريبة من القاهرة، والتي دخلها الفاطميُّون دون مقاومة بعد انهيار الدولة الإخشيدية.

جهَّز الفاطميون جيشًا من 100,000 جندي لأخذ مصر بقيادة جوهر الصقلي، وقد كان هذا الجيش متعددًا عرقيًا بدرجةٍ كبيرة، إذ اشتمل على رجالٍ من الأمازيغ والصنطقبة والروم والسودان، وصرف معزُّ الدين الفاطمي عليه ملايين الدنانير. وصل جوهر الصقلي أول دخوله مصر إلى بلدةٍ تسمَّى «منية الصيادين» تقع قربَ الإسكندرية، فاستقبله وفدٌ من أهلها على رأسه وزيرٌ إخشيديٌّ بارز يُدعَى «جعفر بن الفرات»، فسلَّموا له وقبلوا بأخذه بلادهم دون مقاومة. إلَّا أنَّ الحاكم الإخشيدي «أبا الفوارس بن الإخشيد» رفض الاستسلام، وبدأ بجمع جيشٍ لالتقاء الفاطميين، فسارعَ جوهر بالذهاب إلى قاضٍ معروف بالإسكندرية يدعى «أبا الطاهر محمد بن الأحمد» واستشاره بما يعمله مع الإخشيديين متذرِّعاً بالجهاد قائلًا: «مَا تَقُوْلُ فِيْمَن أرَادَ العُبُوْرَ إلى مِصْرَ لِيَمْضِيَ إلى الجِهَاد لِقِتَالِ الرُّوْمِ، فَمُنِعَ، أَلَيْسَ لَهُ قِتَالِهِمُ؟»، فوافق القاضي، وأصدر فتوى تحلُّ له قتال الإخشيديين. قاد ابن الإخشيد جيشًا إلى وراء النيل في جهةٍ قريبةٍ من الجيزة، والتقى هناك بجيش جوهر، إلا أنَّ الفاطميين سرعان ما انتصروا فوزًا كبيرًا، ودخلوا الفسطاط بسهولة، ثم فتحوا ما تبقَّى من مصر دون مقاومةٍ تذكر، وقد فرح الناس بهزيمة ابن الإخشيد بعد ما عانوه بسببه، ونهبوا قصور الإخشيديين بعد حتى فرَّ هؤلاء إلى بلاد الشام.

شُرِعَ ببناء الجامع الأزهر سنة 359 هـ، بعد نحوسنةٍ واحدة على ضمّ مصر إلى الدولة الفاطمية.

أمر جوهر الصقليُّ فور ضمِّ مصر ببناء مدينةٍ جديدةٍ ليستقرَّ فيها جنوده، وذلك تجنُّباً لأيّ مشاكل أوتوترات قد تنجم عن اختلاط العساكر بأهل البلاد. وقد قسَّم المدينة الجديدة إلى أقسامٍ ليفصل جميع مجموعةٍ عرقيَّة عن الأخرى، فكان هناك حيٌّ خاص بالأمازيغ، وواحد للصنطقبة، وآخر للروم، وهلُمَّ جرًا. وبعد حتى استقرَّت الأمور في مصر، قرَّر معز الدين نقل عاصمة دولته من المهديَّة بإفريقية إلى هذه المدينة الجديدة، إلى غير ذلك تأسَّست مدينة «القاهرة المعزِّيَّة» في 17 شعبان سنة 358 هـ(6) ودخل معز الدّين الفاطمي مصر في سنة 362هـ المُوافقة لسنة 972م، لتصبح مقرَّ حكم الفاطميين حتى نهاية دولتهم.

قبل حتى يرحل المعزّ لدين الله عن إفريقية لينتقل إلى عاصمته الجديدة في مصر، عيَّن بلكين بن زيري واليًا عليها مكانه، وكان ذلك في سنة 362هـ المُوافقة لسنة 972م. وقد استولى أبناؤه من بني زيري على مجمَل شمال أفريقيا فيما بعد، وانقسموا بعد بعض الخلافات الداخلية إلى قسمَين اثنين: «بنوزيري» في إفريقية، و«بنوحماد» في المغرب الأوسط (الجزائر حاليًّا). لكن الزيريِّين استقلوا لاحقًا عن الدولة الفاطميَّة، وحوَّلوا ولاءهم عوضًا عنها إلى الخلافة العبَّاسيَّة في المشرق.

بعد حتى استقرَّت الأمور في مصر للفاطميِّين، انتقل صراعهم إلى دولة القرامطة في الشَّرق. فقد غزا القرامطة بدعمٍ بويهيٍّ مصر عدَّة مرات، وكادوا يصلون إلى القاهرة، لكنَّ جوهر الصقلي نجح بصدّ هجماتهم. وخلال السنوات الآتية أخذ الفاطميُّون بالتوسُّع تدريجيًّا على حساب القرامطة وباقي الدول الأخرى في المنطقة، فتمكَّنوا من انتزاع بلاد الشام في سنة 363هـ المُوافقة لسنة 973م من الحُسين بن أحمد القرمطي حاكم القرامطة، وضمُّوها حتى مدينة حلب شمالًا بعد القضاء على دولة الحمدانيّين، واستولوا على الحجاز بعد هزيمة أشرافها، فباتت رقعة الدولة الفاطميَّة ممتدّة من المغرب إلى مشارف العراق.

العصر المضىي للدولة

تاريخ مصر

عصر ما قبل الأسرات قبل-3100 ق.م
مصر القديمة
الأسرات المبكرة 3100-2686
المملكة المصرية القديمة 2686-2181 ق.م
عصر الاضمحلال الأول 2181-2055 ق.م
المملكة المصرية الوسطى 2055-1650 ق.م
عصر الاضمحلال الثاني 1650-1550 ق.م
المملكة المصرية الحديثة 1550-1069 ق.م
عصر الاضمحلال الثالث 1069-664 ق.م
العصر المتأخر 664-332 ق.م
كلاسيكية قديمة
مصر الأخمينية 525-332 ق.م
مصر البطلمية 332-30 ق.م
مصر الرومانية والبيزنطية 30 ق.م-641 ميلادي
مصر الساسانية 621-629
العصر الإسلامي
فترة الخلافة 641-969
الدولة الطولونية 868 - 933
الدولة الإخشيدية 933 -972
مصر الفاطمية 972-1171
مصر الأيوبية 1171-1250
مصر المملوكية 1250-1517
العصر الحديث مبكر
مصر العثمانية 1517-1867
الحملة الفرنسية 1798-1801
مصر الحديثة
حكم محمد علي 1805-1882
الخديوية المصرية 1867-1914
الاحتلال البريطاني 1882-1953
السلطنة المصرية 1914-1922
المملكة المصرية 1922-1953
جمهورية 1953-الحاضر
بوابة مصر

بلغت الدولة الفاطميَّة ذُروة عزِّها وكمالها في عهد الخليفة الخامس، أبومنصور نزار العزيز بالله، وإليه يُعزى تمكين السيطرة الفاطميَّة على مصر والشَّام، ونشر السلام والرَّخاء في مُختلف أراتى الدولة، التي بلغت في عهده أقصى اتساعها. كان العزيز مسؤولًا عن إرساء الدولة الفاطميَّة وتشكيل هويَّتها، إذ يمكن تشبيه دوره بدور أبي جعفر المنصور في الدولة العبَّاسيَّة، وقد بدأ عهده في سنة 365 هـ الموافقة لِسنة 975م. من بين 270 سنة تقريبًا عاشتها الدولة الفاطميَّة من صعودها إلى سقوطها، يُعتبر أنَّ عصر قوتها الحقيقيَّة استمرَّ لنحو115 سنةً منها، بعدها قرابة 70 سنةً عاشتها في ازدهارٍ حضاري لكن بضعفٍ سياسي، قبل حتى تبدأ بالانحطاط والسُّقوط.

أبوعليّ المنصور الحاكم بأمر الله، أحد أبرز الخُلفاء الفاطميين، ومن أبرز أعلام الإسماعيليَّة عبر التاريخ. حكم خلال العصر المضىي للدولة الفاطميَّة.

شهد عهد العزيز إنجازاتٍ إدارية وتنظيميَّة متنوعة. فقد رُتِّبت الدواوين بدقَّة لتسهيل الإجراءات الإدارية. وأحاط العزيز نفسه بمظاهر الترف وأغدق الأموال على قصوره وممتلكاته. واستحدث منصب الوزراء، فعمل على اختيار رجالٍ كفؤين لشغل هذا المنصب، إلا أنَّه اختارهم من الطائفتين اليهوديَّة والنصرانيَّة، لكي لاقد يكون لهم نفوذٌ كبير يسمح لهم بالانقلاب عليه (وقد كان أوَّلهم وأحد أشهرهم يعقوب بن كلس). وكذلك عدَّل هجريبة الجيش العرقية، فقد كان الجيش الفاطمي بأكمله تقريباً مؤلَّفا من الأمازيغ، فخشي حتى يتكاتفوا معًا عليه إذا ما اضطَّربت الأمور، لذا شكَّل جيشًا جديدًا خاصًا به من الجنود التُرك والأكراد والسُّودان، وكلَّف هذا الجيش بإدارة معظم ولايات دولته عوضًا عن الجيش الأمازيغي. وقد سقطت نتيجةً لذلك فتنةٌ في الجيش بين المغاربة والأعراق الأخرى. وقد أراد العزيز حتىقد يكون ممضى الدولة الرسميُّ هوالممضى الإسماعيليّ، فعمل على نشره في دولته بكلُّ ما استطاع، وسمح بسبِّ صحابة محمَّد. شهد عصره بعض الإنجازات العسكريَّة أيضًا، فقد قاد جوهر الصقلي عدَّة حملاتٍ على الشام والعراق، تمكَّن خلالها من ضمّ مدن شيزر وحمص وحماة، بل وقد نجح ببلوغ الموصل وإجبار جوامعها على النادىء للخليفة الفاطمي لفترةٍ قصيرة. توفّي العزيز نتيجة سقم في القولون سنة 386هـ الموافقة لسنة 996م.

مسجد الحاكم بأمر الله، أحد معالم العصر المضىي للدولة الفاطميَّة بالقاهرة.

خلف العزيز ابنه الحاكم بأمر الله، فاتَّبع أباه في بداية عهده، ونجح بتثبيت أركان الدولة وتهيئة أمورها، وحسَّن علاقته مع أهل السُنَّة، فجالس فهماءهم وبنا لهم دور فهم. وقد كان متديِّنًا كثيرًا لحدّ المُغالاة، حتى أنه حظر زراعة العنب خشية استعماله بصناعة الخمر، ومنع النسوة من المشي في الشوارع، واضطَّهد المسيحيّين واليهود. إلا أنَّ شخصيته تقلَّبت فيما بعد، فغيَّر منهجه مع أهل السُنَّة، ولم يعد شديد التديُّن، بل إنَّه أصيب بالغرور حتى شبَّه نفسه بالإله وسمح لأتباعه بوصفه بأوصافٍ إلهية، ممَّا أساء لسمعته وسمعة الإسماعيليَّة في مصر والعالم الإسلامي، وأثار سخط النَّاس عليه، فثاروا عليه وكرهوه، وانتشرت الفوضى بمصر، فسقطت اشتباكاتٌ بين السكان وجيش الحاكم بأمر الله، ودبَّت الفوضى. وأخيراً قرَّر الحاكم الخروج من القاهرة، وكان ذلك في شوَّال سنة 411هـ الموافقة لِسنة 1021م، واختفى اختفاءً غير مفسَّرٍ بعد خروجه منها بفترةٍ قصيرة. وهناك الكثير من الروايات والنظريات حول سبب اختفائه، لكن الأرجح أنَّه اغتيل. منذ نهاية عهد الحاكم، أخذت قوَّة الفاطميين السياسيَّة بالانحدار شيئا فشيئًا، وكان معظم الحكام الذين تبعوه صغارًا لم يبلغوا سنَّ الرُّشد بعد، لذا فقد افتقروا إلى السُّلطة، وأصبحت الدولة عمليًّا في أيدي الوزراء الفاطميّين أوأقارب حكامها صغار السِّن.

خلف الحاكم بقيادة الدولة الفاطميَّة ابنه الظاهر لإعزاز دين الله، إلا أنَّه كان حدثًا لم يبلغ سنَّ الرشد، فأصبحت عمَّة له تُدعَى «ست الملك» الحاكمة العمليَّة للدولة، وتمكَّنت من إدارة شؤون الدولة بصورةٍ جيِّدة، إلا أنَّها توفّيت في منتصف عصره سنة 415هـ. وقد سار عهده بهدوءٍ في البداية، إلى حتى بدأت الثورات ضدَّه، فخرج صالح بن مرداس في الشام وانتزع منه حلب، ثمَّ اتى حاكم الرملة «حسان بن المفرج البدوي» فانتزع معظم أنحاء الشام. وقد دام حكم الظاهر لخمسة عشرة سنة، ثم توفِّي صغيرًا.

مُخطط مدينة القاهرة خلال العصر الفاطمي.

تولَّى ابنه معد المستنصر بالله الخلافة وهولا يزال في السَّابعة من العمر، وقد دام حكمه نحو60 سنة، ليكون أطول الخلفاء الفاطميِّين عهداً على الإطلاق. في بداية عهده، كانت أمُّه وبعض وزرائه هم الحكام العمليِّين للدولة. كان النصف الأول من خلافة المستنصر مزدهرًا ازدهارًا عظيمًا، فوصلت فيه الدولة الفاطميَّة أوج قوَّتها واتّساعها، وامتدَّت حدودها من المغرب إلى العراق، بل وقد تمكَّن سنة 450هـ الموافقة لسنة 1058م رجلٌ من حلفاء الفاطميّين يدعى «أبا الحارث البساسيري» من الاستيلاء على بغداد والقبض على الخليفة العباسي، فأقام الخطبة فيها للخليفة الفاطمي المستنصر، وكانت تلك أوَّل وآخر مرَّة في التاريخ تقام بها الخطبة ببغداد للفاطميين. إلا أنَّ الأمور بدأت بالاضطَّراب فيما بعد، فأصيبت مصر بمجاعةٍ هائلة استمرَّت سبع سنوات من سنة 457 إلى 464هـ (الموافقتين لسنتي 1065 إلى 1071م)، وهي تُعرَف باسم «الشدَّة العظمى» و«الشدَّة المستنصريَّة». وبدأت الكثير من أنطقيم الدولة بالتمرُّد على الفاطميّين، فانبترت الخطبة عن المستنصر في مكة والمدينة سنة 462 هـ الموافقة لسنة 1070م ليُخطَب عوضاً عنه للخليفة العباسي مجدَّدًا، وكانت الحال نفسها في المغرب، فبتر أمير بني زيري المعز بن باديس علاقته بالفاطميِّين وحوَّل ولاءه إلى الخلافة العباسيَّة، أمَّا بغداد التي كانت قد انضمَّت للفاطميين حديثًا، فقد اغتال حاكمها البساسيري على يد سُلطان السلاجقة طغرل بك القادم من الشرق، لتنتهي سلطة الفاطميِّين عليها حتى نهايتهم. ولم يتوقَّف السلاجقة عند هذا الحدّ، بل تابعوا التقدُّم غربًا ليصطدموا بالدَّولة الفاطمية مرة أخرى في بلاد الشام، ونجح سلطانهم جلال الدولة ملك شاه بانتزاع معظم بلاد الشام من الفاطميين - بما فيها القدس وفلسطين - سنة 463 هـ (1070م). وتسبَّب عجز المستنصر عن السيطرة على هذه الأحداث بانهيار هيبته تمامًا في الدولة. وعلاوةً على هذه الخسارات الكبيرة، فقد سقطت الفتنة سنة 466 هـ بالجيش بين المغاربة أولاً، والتُرك ثانيًا، والسُّودان ثالثًا، وسقطت معاركة كبيرةٌ بينهم وكثر القتل.

بدأت الدَّولة تخرج تمامًا عن السَّيطرة، وأخذ التُرك يصبحون الحكَّام العمليِّين للدولة عوضًا عن الخليفة نفسه، فقرَّر المستنصر الاستعانة بحاكم عكا الأرمنيّ بدر الدين الجمالي، وهوأشبه بدكتاتورٍ يُعرَف بشدَّته وقدراته الإدارية والتنظيميَّة العالية. استدعى المستنصر بدر الجمالي ليتسلَّم منصب وزراة الدولة الفاطمية وقيادة جيشها، فوافق هذا الأخير، واتى إلى مصر، وكان وزيرًا قويًّا ومهيبًا، فأعاد للدَّولة قوَّتها واستقرارها وثبَّت أركانها من جديد. ووصلت الدولة في عهده أوج قوَّتها وازدهارها، فشيِّدت القصور وازدهر الفهم والحضارة وعادت الأموال الكثيرة إلى مصر، فارتفع الخراج من مليوني دينارٍ في سنوات المجاعة إلى أكثر من ثلاثة ملايين. من جهةٍ أخرى، فشل بدر الجمالي في بعض النواحي العسكريَّة، إذ لم يستطع حماية بلاد الشام من تقدُّم السلاجقة التُرك شرقًا والصليبيّين الأوروپيَّين شمالاً، فخسر الفاطميُّون كُل الشَّام ما عدا مدينة عسقلان. لم يكن مجيء بدر الجماليِّ جيِّدًا تمامًا للمستنصر، فقد بدأ ينازعه على السُّلطة، وتنامى نفوذه بدرجةٍ كبيرةٍ جدًّا، حتى أصبح أقرب إلى الحاكم العملي للدولة الفاطميَّة، واستمرَّت الحال هكذا حتى وفاة المستنصر سنة 487 هـ الموافقة لسنة 1094م، فبدأ بذلك «العصر الفاطمي الثاني»، الذي كان الوزراء فيه هم الحكَّام العمليِّين للدولة.

الانحسار

دخول الجيوش الصليبيَّة إلى بيت المقدس سنة 492 هـ\1099م، بعد مقاومةٍ من الحامية الفاطميَّة في المدينة دامت لنحوشهر (في زمن خلافة المستعلي).

حسب النظام المتبَّع في الدولة الفاطمية، كان أكبر أبناء الخليفة هوالذي يُعيَّن وليَّا للعهد، ولذا كان من المفترض حتى تؤول الخلافة بعد وفاة المستنصر إلى ابنه الأكبر نزار المصطفى لدين الله. إلا أنَّ المستنصر كان - بعد ضغوطاتٍ وجهودٍ حثيثة من وزيره الملك الأفضل شاهنشاه - قد قرَّر عوضًا عن ذلك نقل ولاية العهد إلى ابنه الأصغر أحمد المستعلي بالله، وأدَّى هذا الخلاف إلى وقوع شقاقٍ في الممضى الإسماعليّ لا زال موجودًا حتى الآن، حيث انقسم الإسماعيليُّون بين مؤيّدي خلافة نزار بناءً على أحقيَّته (النزارية) ومؤيدي خلافة المستعلي بناءً على توصية والده (المستعلية). وكان الملك الأفضل (وهوابن الوزير الفاطمي الشهير بدر الجمالي وقد ورث عنه منصب الوزارة) قد رفض خلافة نزار بسبب خلافٍ سقط بينهما، وكانت هذه واحدةً من ملامح نفوذ الوزراء الشَّديد بالدولة الفاطمية وسيطرتهم عليها، التي استمرَّت منذ وفاة المستنصر وحتى نهاية الدَّولة. حصل في حين وقوع هذه الأحداث حتى الحسن بن الصباح اتى إلى مصر لتحصيل علوم الممضى الإسماعيلي، فشهد الخلاف الذي سقط بين الإسماعيليَّة والنزاريَّة، ونادى بأحقيَّة نزار بالخلافة، فغضب عليه الملك الأفضل وسجنه. وقد تمكَّن حسن الصباح من الفرار لاحقًا، فرحل إلى بلده أصبهان ليدعوبإمامة نزار وأسَّس هناك جماعة الحشَّاشين.

معركة عسقلان، دارت بعد سقوط القدس مباشرةً، في محاولةٍ من الوزير الفاطميّ الملك الأفضل لاستعادة بلاد الشام من الصليبيّين، إلا أنَّ الدولة الفاطمية تلقَّت فيها خسارة فادحة.

حدث في عهد المستعلي حتى وصلت الحملة الصليبية الأولى إلى المشرق، وغزا الصليبيُّون سواحل بلاد الشام وأسَّسوا فيها إمارتي الرها وأنطاكية. عندما وصل الصليبيون إلى الشام كان يحكمها السلاجقة، إلا أنَّ السلاجقة أنفسهم كانوا قد انتزعوها من الفاطميين قبل نحوثلاثين سنة، وعندما رأى الملك الأفضل أنَّهم هزموا أمام الزَّحف الصليبي، طمعَ بأن يعيد هذه الأراضي إلى سلطان الدولة الفاطمية مجدَّدًا، فحشد جيشًا وحاصر القدس وأخذها من السلاجقة، وبسط سيطرته على تام فسلطين حتى منطقةٍ قريبة من بيروت. إلا أنَّ الجيوش الصليبية سرعان ما وصلت، وكان قوامها نحو40,000 رجل، فضربت الحصار على القدس لمدَّة شهر، ثم تمكَّنت من دخول المدينة، وسقطت مذبحةٌ عظيمةٌ في جيوش الفاطميّين راح ضحيَّتها عشرات الآلاف، وسقطت القدس بذلك في شهر يوليوسنة 1099م (492 هـ). وقد فقد الفاطميُّون إثر هذه المعركة آخر أملاكهم في بلاد الشام، وأصبحت دولتهم تقتصر تقريبًا على مصر وحدها.

لم تدم خلافة المستعلي طويلاً، فقد توفي خلال سبع سنين، فخلفه ابنه البكر الآمر بأحكام الله ذي الخمس سنوات، بناءً على رغبة وزير الدولة الملك الأفضل. كان الآمر خليفةً قويًّا، فما إذا بلغ سنَّ الرشد حتى بدأ بفرض ثقله في الدَّولة، وقد أحسَّ بنفوذ وزيره الشَّديد في دولته، فدبَّر لاغتيال الملك الأفضل، وعيَّن مكانه المأمون البطائحي. إلا أنَّه رغم ذلك لم يحسن السِّيرة، فساءت أوضاع الدولة في عهده. وقد اغتال اغتيالاً سنة 524 هـ (1130م).

وفي حين مقتله، كان قد عهد الآمر بالخلافة من بعده لابنه الطيب أبوالقاسم والذي لم يكن قد ولد حتى، بل كان لا يزال رضيعًا في رحم أمُّه، ولم يكن للآمر ابنٌ آخر يتولَّى الخلافة، فعُيِّن أخوه الحافظ لدين الله نائبًا للخليفة ليتولَّى شؤون الحكم حتى بلوغ الطيّب سنَّ الرشد. وأخطأ الحافظ باختيار أحمد بن الملك الأفضل وزيرًا له، فما إذا تولَّى هذا الوزارة حتى قبض على الحافظ وزجَّ به في السجن، واستبدَّ الوزير بالدولة ولم يعد للخليفة المسجون حدثةٌ فيها. لكنَّ هذه الحال لم تَطُل، فسُرعَان ما اغتال الإسماعيليُّون أحمد بن الأفضل، وحرَّروا الحافظ لدين الله من سجنه، فعاد لتولّي شؤون الخلافة سنة 526 هـ. لكنَّ الحافظ ظلَّ بعد ذلك يعاني من نفوذ الوزراء الشديد في دولته، فكان وزراءه هم الذين يحكمون الدَّولة طوال عصره. ففي سنة 529 هـ أراد «بهرام الأرمنيّ» (أحد ولاة الدولة الفاطميَّة) حتى يصبح وزيرًا، فسار بجيشٍ إلى القاهرة وضرب عليها الحصار، حتى اضطرَّ الحافظ للرضوخ وتعيينه وزيرًا، رغم أنَّه لم يكن مسلمًا حتى. وقد اتى من بعده «رضوان بن ولخشي»، إذ سار إلى القاهرة سنة 530 هـ فنجح بإزاحة بهرام، وأجبر الحافظ على تعيينه وزيرًا جديدًا، لكن نشب فيما بعد خلافٌ بينهما، فزجَّ رضوان بالحافظ في السِّجن مجدَّدًا وسيطر على الدولة الفاطمية لسبع سنين، وأخيرًا نجح الحافظ بطرده وقتله سنة 542 هـ. ونصَّب الحافظ فيما بعدُ ابنه الحسن وزيرًا، فأفسد في الدولة وقتَّل الكثير من الأمراء، ثمَّ تمرَّد على والده وخاض معه حربًا، لكن الحافظ فاز بالنِّهاية، وظلَّ خليفةً حتى وفاته سنة 544 هـ (1149م).

خط سير جيش الشام من دمشق إلى مصر ومعاركه مع الفاطميين والصليبيين.

في سنة 558 هـ - خلال عهد الخليفة الثاني عشر الظافر بدين الله - وقع حتى طُرِدَ وزير للدَّولة الفاطميَّة يُدعَى شاور بن مُجير السعدي من مصر، فلجأ هذا الوزير إلى نور الدين زنكي حاكم دمشق، وطلب منه عونًا عسكريًّا يمكنِّه من استعادة السيطرة على مصر، شريطة حتى يعطيه ثلث خراجها. ووافق نور الدين، فأوفد حملةً بقيادة أسد الدين شيركوه تمكَّنت من السيطرة على الدولة الفاطمية سنة 559 هـ. إلا أنَّ شاور نقض اتفاقه مع نور الدين، ولم يدفع له شيئًا من خراج مصر، فأوفدت حملةٌ جديدةٌ بقيادة شيركوه تمكَّنت من استعادة مصر سنة 562 هـ، وكان ممَّن شاركوا في هذه الحملة صلاح الدين الأيوبي. ولأنَّ نجم صلاح الدين برز أثناء هذه الحملات وحروبٍ أخرى في الشام، فقد ضغط الزنكيون لتعيينه وزيرًا بالدولة الفاطميَّة، وكان لهم ما أرادوه، فأصبح صلاح الدين وزيرًا للخليفة الفاطمي الرَّابع عشر والأخير العاضد لدين الله.

خاتمة الدولة

بِتولّي صلاحُ الدين منصب الوِزارة في مصر، كآخر وزيرٍ سُنيٍّ في الدولة الفاطميَّة، وصل المدُّ السُنيّ الذي بدأهُ السلاجقة قبل نحومائة سنة، وأكمله ورثتهم الزنكيّون، إلى مصر. وجرى من الأحداث في مصر، بعد تولية صلاحُ الدين منصب الوزارة، أنَّ البلاد كانت تجتاز فترةً خطيرةً في تاريخها. فالدولة الفاطميَّة لا زالت موجودة يُساندها الجيش الفاطميّ وكبار رجال الدولة، والخطر الصليبي لا يزالُ جاثمًا على مقربة من أبواب مصر الشرقيَّة، فكان عليه حتى يُثبِّت أقدامه في الحُكم، ليتفرَّغ لِمُجابهة ما قد ينشأ من تطوراتٍ سياسيَّةٍ. ولم يلبث حتى أظهر مقدرةً كبيرةً في إدارة شؤون الدولة، وهوعازمٌ على الاستئثار بكافَّة الاختصاصات حتّى التي تخصُ منصب الخِلافة، ونفَّذ عدَّة تدابير كفلت له الهيمنة التامَّة، فاستمال قُلوب سُكَّان مصر بما بذل لهم من الأموال والإصلاحات، فأحبوه، وأخضع مماليك عمّه أسد الدين شيركوه، وسيطر بشكلٍ تامٍّ على الجُند، بعد حتى أحسن إليهم، وقوّى مركزه بما كان يمُدُّه به نورُ الدين محمود من المُساعدات العسكريَّة، وقد وصل أخوهُ شمسُ الدين توران شاه بن أيّوب مع إحدى هذه المُساعدات. وقد أدَّت التدابير التي نفَّذها صلاحُ الدين إلى تقوية قبضته على مُقتدرات الدولة، وزادت من تراجع نُفوذ الخليفة العاضد لدين الله، وبالتالي مركز الإمامة، وأثارت استياء كبير الطواشيَّة، مؤتمن الخِلافة، وهونوبي، وقائدُ الجُند السودان، وقد استوعب أنَّ نهج صلاح الدين في الحُكم يفترض أن يقضي، طالما استمراره، على الدولة الفاطميَّة إذا عاجلًا أوآجلًا، فحاول الاتصال بعمّوري الأوَّل، ملك بيت المقدس، لتحريضه على مُهاجمة مصر، آملًا، طالما الاستجابة، حتى يخرج صلاحُ الدين إلى لقائه، فيقبض هوعلى من يبقى من أصحابه في القاهرة، ويثب على منصب الوِزارة. غير أنَّ صلاح الدين فهم بِخيوط المؤامرة، فقبض على مؤتمن الخِلافة وترقَّب الفُرصة للتخلُّص منه، غير أنَّ أنباء اهتزاز مركزه في مصر شجَّعت الصليبيين على القيام بمُحاولةٍ أُخرى لمُهاجمة البلاد.

حصار دمياط من قبل الأسطول الصليبي والبيزنطي.
رسم «صلاحُ الدين ملك مصر»، من مخطوطة كتابيَّة تعود للقرن الخامس عشر الميلاديّ.

أدرك عمّوري الأوَّل خُطورة الوضع بعد حتى تمكَّن نور الدين الزنكي من توحيد الشَّام ومصر تحت سُلطانه، وشعر الصليبيّون أنَّهم سقطوا عملًا بين فكيّ الكمَّاشة، فحاول الملك عمّوري الاستعانة بالغرب الأوروپي، فراسل مُلوك وأباطرة أوروپَّا الغربيَّة يطلب منهم الإسراع بالقيام بحملةٍ صليبيَّةٍ جديدةٍ تُنقذُ الموقف الصليبيّ المُتدهور في المشرق. على أنَّ الأوضاع السياسيَّة في غربيّ أوروپَّا، آنئذٍ، لا سيَّما فيما يتعلَّق منها بالنزاع بين البابويَّة والإمبراطوريَّة الرومانيَّة المُقدَّسة، حالت دون تحقيق السفارة الصليبيَّة أهدافها، فاضطرَّ عمّوري الأوَّل إلى الالتفات نحوالإمبراطوريَّة البيزنطيَّة طالبًا مُساعدة قيصر الروم الإمبراطور عمانوئيل الأوَّل كومنينوس. وكان الإمبراطور سالف الذِكر أشد حماسًا من الصليبيين لغزومصر، ولم يكن أقل انزعاجًا لاتحاد الشَّام ومصر تحت راية الزنكيين، ما أدّى إلى انقلابٍ خطيرٍ في توازن القوى بالمشرق، فعرض على عمّوري الأوَّل تعاون الأسطول البيزنطي في الحملة التالية، فوافق الملك على هذا الاقتراح، وتمَّ إعداد أسطولٌ عظيم مُدجج بالرجال والسلاح، وأبحر من القُسطنطينيَّة مُتجهًا إلى دُمياط. كان صلاحُ الدين قد تلقَّى تحذيرًا مُبكرًا بالغ الكفاية عن الحملة، فاستعد لمُقابلتها بأن حصَّن الإسكندريَّة والقاهرة وشحن بلبيس بالعساكر اعتقادًا منه أنَّ هذه الحملة يفترض أن تسيرُ على درب الحملات السَّابقة، وبقي في القاهرة خشية قيام مؤامرةٍ فاطميَّة ضدَّه، وحتَّى يكفل الأمن لنفسه، أمر بإلقاء القبض على مؤتمن الخِلافة وإعدامه، ثُمَّ عزل موظفي القصر من السودان المعروفين بولائهم للخليفة الفاطمي العاضد لدين الله، وأحلَّ مكانهم رجالًا من أتباعه. عزَّ على الجُند السودانيين استبعادهم وضياع نُفوذهم، كما غضبوا لمقتل مؤتمن الخِلافة، فثاروا على صلاح الدين، لكنَّه تمكَّن من قمعهم وكسر شوكتهم، فاضطرّوا إلى طلب الأمان منه فأجابهم إلى ذلك. تراوح موقف العاضد لدين الله الذي شهد هذه الأحداث بين الإحجام عن مُساعدة صلاحُ الدين وتأييد خطوته، وفقًا لتطوّر الأحداث. ذلك أنَّهُ ظنَّ في بادئ الأمر أنَّ الجُند السودانيين يفترض أن ينتصرون، ويُنقذونه من قبضة صلاح الدين، فأمر من في القصر حتى يقذفوا العساكر الشاميَّة بالنشَّاب والحجارة. ولمَّا هدَّد توران شاه، أخوصلاح الدين بإشعال النار بالقصر، لم يسعه إلَّا حتى يُغيِّر موقفه.

مُنمنمة أوروپيَّة للملك عمّوري الأوَّل، ملكُ بيت المقدس وزعيم الحملة الصليبيَّة - البيزنطيَّة على مصر أواخر العهد الفاطميّ.
رسمٌ تخيُلي لِآخر الخُلفاء الفاطميين العاضد لِدين الله على صهوة جواده، يتبعه خادمه.

وفي يوم 1 صفر 565هـ المُوافق فيه 25 تشرين الثاني (نوڤمبر) 1169م، وصل الصليبيّون والبيزنطيّون إلى دُمياط، وما حتى فهم صلاحُ الدين بوصول القوَّات المُتحالفة إلى المدينة سالِفة الذِكر حتّى أوفد إليها الرجال والسلاح والمؤن، كما أوفد عددًا من السُفن الحربيَّة اتخذت طريقها نحوالشمال في فرع دمياط من نهر النيل، وبعث في الوقت نفسه رسالة إلى نورُ الدين محمود الزنكي في دمشق يُخبره بما حدث، ويلتمس منه المُساعدة، فسيَّر إليه نورُ الدين العساكر تباعًا، كما قام بالإغارة على مواقع الصليبيين في الشَّام لتخفيف الضغط عن دُمياط. وعلى الرُغم من الاستعدادات الكثيرة والتحضيرات الكثيفة، فشلت الحملة المُشهجرة في تحقيق أي هدفٍ من أهدافها لعدَّة عوامل، فقد دافعت حامية دُمياط عن المدينة بشراسة، وتراجع مخزون المؤن البيزنطي بسبب طول الرحلة من القُسطنطينيَّة، وفشل الأُسطول في دخول فرع دُمياط بقدرٍ يسمح له بمُهاجمة المدينة، فعجز عن تقديم المُساعدة العسكريَّة المطلوبة للقوَّات الصليبيَّة البريَّة، وهبَّت عاصفة شديدة مصحوبة بأمطارٍ غزيرة أغرقت المُعسكر الصليبي وحوَّلتهُ إلى مُستنقع، فاستغلَّ المُسلمون هذا وانقضوا على الأُسطول وأنزلوا به خسائر فادحة، فاضطرَّ الملك الصليبي وقيصر الروم حتى يطلبا الصُلح، وانسحبا عائدين إلى بلديهما يوم 28 ربيع الأوَّل 565هـ المُوافق فيه 12 كانون الأوَّل (ديسمبر) 1169م، أي بعد حتى مكثا بجيوشهما أمام دُمياط أكثر من خمسين يومًا. بعد هذا النصر، أوفد نورُ الدين الزنكي إلى صلاحُ الدين يطلب منه حتى يبتر الخِطبة للفاطميين فورًا ويُرجعها للخليفة العبَّاسي، فاعتذر له بالخوف من وثوب أهل مصر وامتناعهم عن الاستجابة إلى ذلك لميلهم إلى العَلَويين، إذ أنَّ المؤثرات الشيعيَّة في مصر كانت قويَّةً في ظل الحُكم الفاطميّ الذي استمرَّ قرنين من الزمن. لكنَّ نورُ الدين أصرَّ على تابعه حتى يعمل ذلك في سبيل تحقيق الوحدة الإسلاميَّة والاستفادة من إمكانات مصر الاقتصاديَّة والبشريَّة في الجهاد ضدَّ الصليبيين، وأوفد إليه إنذارًا نهائيًّا في شهر ذي الحجَّة سنة 566هـ المُوافق فيه شهر آب (أغسطس) سنة 1171م يأمُرهُ بإسقاط الخِطبة للخليفة الفاطميّ العاضد، وإقامتها للخليفة العبَّاسيّ أبومُحمَّد الحسن بن يُوسُف المُستضيء بأمر الله، وألزمهُ إلزامًا لا فُسحة له في مُخالفته. ورأى صلاحُ الدين حتى يستجيب لطلب سيِّده في دمشق نظرًا لأنَّ الغالبيَّة العُظمى من سُكَّان مصر لم تتشيَّع، ولأنَّ الدولة الفاطميَّة أصبح من الواضح أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولم يعد لديها القدرة على التحرُّك بعد القضاء على الجُند السودان. واتىت الخُطوة الحاسمة يومسبعة مُحرَّم سنة 567هـ المُوافق فيهعشرة أيلول (سپتمبر) سنة 1171م، عندما بتر صلاحُ الدين الخِطبة بمصر للخليفة الفاطمي وأقامها للخليفة العبَّاسي، وأعاد السَّواد شعارُ العبَّاسيين. وقد تمَّ هذا التحوّل بهُدوء تام، وبذلك عادت مصر إلى كنف الدولة العبَّاسيَّة، وأُعيدت الوحدة الممضىيَّة في الشرق الأدنى. وكان العاضد لدين الله أثناء ذلك مريضًا يحتضر، فلم يشأ صلاحُ الدين إزعاجه ومُضاعفه همّه، فأمر رجاله بألَّا ينهوا إليه بالأنباء. ولم تكد تمضي أيَّام على بتر الخِطبة للفاطميين حتّى توفي الخليفة العاضد لدين الله، فكانت تلك نهاية الدولة الفاطميَّة عمليًّا، فزالت من الحياة السياسيَّة بعد حتى دامت 262 سنة.

نظام الحُكم

الخِلافة والإمامة

باب مُخلَّفات الرسول في مسجد الإمام الحُسين بالقاهرة، حيثُ دُفن عدد من الخُلفاء الفاطميين.

كانت الخلافةُ الفاطميَّة خلافةً ممضىيَّةً شيعيَّةً شعارها الإمامة الدينيَّة، وكان لهذه الصفة الممضىَّية أثرها في صوغ كثير من النظم والرسوم التي اختصت بها. كان نظامُ الحُكم في ظل الخلافة الفاطميَّة، كما كان في سائر الدول الإسلاميَّة الأُخرى، خلال العصور الوسطى مُنذُ انقضاء الخلافة الراشدة، نظامًا مُطلقًا يستأثرُ فيه الخليفة بجميع السُلطات الرُوحيَّة والزمنيَّة، وقد سارت الخِلافة الفاطميَّة على هذا النحومنذ قيامها بالمغرب، ثمَّ بعد ذلك مُنذ قيامها بمصر، فكان الخليفة الفاطميّ، هوالدولة، وهوصاحب السُلطات المُطلق. وكانت نظريَّة الحُكم الفاطميَّة تقُومُ على المبدأ القائل: «إنَّ طاعة الإمام جامعة للمُلوك والرَّعايا، والرَّعايا تجمع الأعطاء والطَّاعة، وإنَّ الوزير يجمع السياسة والجباية، والجباية جامعة للوُزراء والعُمَّال، وأن الملك يجمع الطاعة والسياسة، والعاملُ يجمع الجباية والأعطاء، وإنَّ الأعطاء جامعٌ للعُمَّال والرعايا، وإنَّ السياسة مُشهجرة». يتضح من ذلك أنَّ الأمام هورئيس الدولة الأعلى، وقد يحدث هوالإمام الروحيّ والملكُ الزمني معًا، وقد يحدث تحت رياسته ملوكٌ آخرون، يُدينون له بالطاعة الدينيَّة والدُنيويَّة، وهوالحاكم المُطلق، ومن تحته تتدرجُ السُلطات من أعلى إلى أسفل. انطلاقًا من هذا، فإنَّ الخليفة الفاطميّ كان يحكُمُ حُكمًا مُطلقًا، مثل الخُلفاء الأُمويين والعبَّاسيين قبله، لكنَّهُ تميَّز عنهم بالهالة الدينيَّة المُعظَّمة التي فاقت تلك الهالة التي أحاطها العبَّاسيون بالخليفة، فالأخيرة ظهرت لظروفٍ سياسيَّة، بينما قداسة الخليفة عند الفاطميين أصلٌ من أُصول الإيمان، فالخليفةُ الفاطميُّ هوفي الوقت نفسه إمام الممضى الإسماعيلي، وهومعصومٌ عن الخطأ وِفق المُعتقد الشيعي، وهوقائمُ الزمان، وقيامه يرجع إلى مشيئة الله. واتخذ الفاطميّون ألقابًا تعكسُ مكانتهم وأحقيَّتهم في حُكم المُسلمين كلقب «إمام» و«صاحب الزمان» و«السُلطان الشريف»، بالإضافة إلى لقب «أمير المؤمنين» الذي كان مُرادفًا للقب الخليفة منذ عهد عُمر بن الخطَّاب، كما أنَّهم حرصوا على إضافة نعوتهم الخاصة إلى لفظ الجلالة كما عمل العبَّاسيّون قبلهم، فكان الخليفة الفاطميّ يتلقب بألقاب مثل: «المُعز لدين الله»، و«العزيز بالله»... وما إلى ذلك. ونطق ابن خلكان: «سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنَ المِصْرِيِّينَ يَقُوْلُوْنَ إنَّ هَؤلَاءِ القَوْمَ فِي أَوَائِلِ دَوْلَتِهِم قَالُوا لِبَعْضِ العُلَمَاءِ: "اُكْتُبْ لَنَا وَرَقَةً تَذْكُرُ فِيْهَا ألْقَابًا تَصْلُحُ لِلخُلَفَاءَ"، حَتَّى إذَا تَوَلَّى وَاحِدٌ لَقَّبُوهُ بِبَعْضِ تِلْكَ الأَلْقَابِ، فَكَتَبَ لَهُمُ ألْقَابًا كَثِيْرَةً». وسار الخُلفاء الفاطميّون على نظام الحُكم الوراثي بتفويضٍ من الله، كما كان حالُ الخُلفاء العبَّاسيين، وكان قصرُ الخِلافة الفاطميّ يقعُ في منطقة خان الخليلي بشارع بين القصرين المُعاصر. دُفن عددٌ من أئمَّة الإسماعيليَّة والخُلفاء الفاطميين في مسجد الإمام الحُسين بالقاهرة، وتحديدًا من الإمام التاسع التقي مُحمَّد إلى الإمام العُشرون والخليفة العاشر منصور الآمر بأحكام الله، وذلك في موضع يُنطق له «باب مُخلفات الرسول» حيثُ يُعتقد أنَّ بعضًا من شعر رأس الرسول مُحمَّد قد حُفظ، وحيثُ قيل أنَّ رأس الإمام الحُسين بن عليّ قد نُقل.

الولاية

بعد سُقوط دولة الأغالبة، عمِل الخليفة عُبيد الله المهدي على تنظيم دولته الجديدة بما يؤهلها لمهامٍ أكبر من مُجرَّد السيطرة على المغرب، أي للتوسُّع شرقًا مُستقبلًا. فأعدَّ لها تنظيماتٍ على المُستوى المُتقدِّم كدولةٍ ناشئةٍ مُتطوِّرة، فأعاد تقسيم البلاد الخاضعة له بشكلٍ يُناسبُ الظُروف الواقعة، وعيَّن الحُكَّام لأنطقيمها ووُلاةً لإدارة أجزائها الواسعة، ويذكُرُ المقريزي بعضًا من ذلك، فأشار إلى أنَّ المهدي استخدم العُمَّال على الأنطقيم، فعيَّن على جزيرة صقلية الحسن بن أحمد بن أبي خِنزير، فوصل إلى «مارز» يومعشرة ذي القعدة 297هـ المُوافق فيه 20 تمّوز (يوليو) 910م، فولّى أخاهُ على جرجنت. وقد توسَّع ابن خِنزير سنة 298هـ، فسار في عسكره إلى «دفش»، فغنم وسبى وأحرق، ولم يُحسن العمل، فعيَّن المهدي بدلًا منه عليّ بن عُمر البلوى. وقد وزَّع المهدي أعيان الكتاميين والرجال المُقربين منه على ولايات الدولة حتَّى غدت مُتماسكة الأجزاء قويَّة البُنيان. وقسَّم الفاطميّون الدولة إلى عدَّة ولايات أعمال هي: ولاية عسقلان، وهي أجلُّ الولايات، وولاية قوص، وولاية الشرقيَّة، وولاية الغربيَّة، وولاية الإسكندريَّة، وولاية إفريقية، وولاية صقلية، وولاية الحرمين، وولاية اليمن. وقد فقدت الدولة ولاية عسقلان لصالح الصليبيين، لكنَّها حافظت على ولايات قوص والشرقيَّة والغربيَّة والإسكندريَّة حتّى أواخر أيَّامها، أمَّا الولايات المغربيَّة فقد سقطت من أيديهم قبل ذلك، إذ ما لبثت حتى قامت دولة المُرابطين في المغرب سنة 1040م، وتخلَّى حُكَّامها عن الممضى الشيعي. ولبِثت صقلية كذلك تابعةً من الناحية الشرعيَّة للخِلافة حتَّى انتهت بالسُقوط في يد النورمان في سنة 462هـ المُوافقة لِسنة 1072م. وكانت أعمال الحرمين واليمن أيضًا تابعة للخِلافة الفاطميَّة من الوجهة الممضىيَّة، يُدعى فيها للخليفة الفاطميّ، ولكنَّها كانت مُستقلَّة بشؤونها.

الوزارة

مسجد زاوية الجيوشى أوالجامع الجيوشي على متن جبل المُقطَّم بالقاهرة. بناه الوزير بدرُ الدين الجماليّ عندما تولّى شؤون الوزارة بمصر.

كانت الوزارة في العهد الفاطميّ الأوَّل وزارة تطبيق لأنَّ السُلطات كُلَّها كانت بيد الخليفة. ولم يكن الوُزراء إلَّا مُعاونين للخليفة يُنفذون سياسته وأوامره. أمَّا في العهد الفاطميّ المُتأخر، فقد زاد نُفوذُ الوُزراء وأصبحت لهم حدثةٌ في تسيير الأمور واتخاذ القرارات. ولعلَّ أبرز ما يُمَيز منصب الوزارة في العصر الفاطميّ هوحتى الكثير من وزراء الفاطميين كانوا من النصارى واليهود، مثل: عيسى بن نسطورس، ويعقوب بن كلس، وعسلوج بن الحسن. وخِلال النصف الثاني من العصر الفاطميّ تغلَّب الوُزراء وسيطروا على شؤون الدولة كُلَّها، وسلبوا الخُلفاء كُلَّ سُلطانٍ ونُفوذِ، حتَّى أطلق البعض على هذا العصر اسم «عصر الوزراء العظام». وبلغ من نُفوذ الوزراء في ذلك العصر حتى غلب سُلطانهم على سُلطان الخُلفاء بشكلٍ عام، وزاد نُفوذ الوُزراء حتَّى أنَّهم كانوا يُعينون بعض الخُلفاء ويعزلونهم، بل ويتآمرون عليهم، كما اتخذوا ألقابًا كلقب «الملك» وألقاباً أُخرى تفيد مزيدًا من التفضيل مثل «الأكمل» و«الأفضل» و«الأشرف»، وأصبحت الوزارة أبرز وظائف الدولة وأكبرها، حيثُ تضاءلت إلى جانبها وظيفة الخليفة. وأوَّل هؤلاء الوُزراء كان بدرُ الدين الجمالي، الذي جمع بين إمارة الجيش والوزارة، وكان الآمر الناهي في الدولة ما عدا في الشؤون الدينيَّة.

القضاء

أدى تأسيس الدولة الفاطميَّة إلى ظهور خلافةٍ جديدة في العالم الإسلامي، تتبع الممضى الشيعيّ عوضًا عن الممضى السنُّي الذي كانت تتبعه الدولة العباسية، وبالتالي فقد ظهر منصب قاضي قضاةٍ جديدٍ بين المسلمين يوازي قاضي بغداد، إلا أنَّه يتبع الممضى الإسماعيلي ويستند إليه في أحكامه عوضًا عن الحنفيّ. وكان يستقرُّ قاضي القضاة عادةً في الجامع الأزهر الذي بناه الفاطميُّون بعد فتحهم لمصر مباشرة. كان أول قاضي قضاةٍ فاطمي هوالنعمان بن محمَّد الذي عيَّنه الخليفة المعز لدين الله، وقد كان أول من يؤسِّس نظامًا قضائيًّا بالدولة الفاطمية. عندما كانت لدى المواطنين مظالم على أمرٍ ما، فإنَّهم كانوا يتجهون إلى حاجب الخليفة، فينظر الحاجب في المظالم، فإذا كانت صغيرةً فإنَّه يحولها إلى قضاة أوولاة الدولة، أما إذا كانت غير ذلك فإنَّه يجمعها ويعرضها على الخليفة. أما الأحكام الشرعيَّة فإنها تؤول إلى قاضي القضاة ليحكم فيها، والذي كان يمثِّل أعلى سلطةٍ قضائيَّة في الدولة. كما كان يوجد منصبٌ يلي قاضي القضاة مباشرة في أهميَّته وقوته، هوداعي الدُّعاة. اندثر الممضى الإسماعيليُّ في مصر مع زوال الدولة الفاطمية، وزال معه منصب قاضي القضاة بمصر وسائر المؤسَّسة القضائية الفاطمية.

النظام العسكري

كان الدَّاعي أبوعبد الله الشيعي أوَّل من نظَّم الإسماعيليَّة تنظيمًا عسكريًّا دقيقًا ضمن قيادةٍ مُوحَّدةٍ، إذ كان الإسماعيليّون من كتامة وغيرهم مُتناثرين مُتباعدين مكانيًّا، يقومُ على إدارتهم مجموعةٌ من المُتنفذين، ممَّا جعلهم غير قادرين على التحرُّك الفعَّال ضدَّ القوى المحليَّة، فأخرج أبوعبد الله الشيعي هذا التشتُت ليُشكِّلَ وحدةً عسكريَّةً ذات قيادة مُوحدة، وانطلق بهم من فج الأخيار قوَّة مُوحَّدة فعَّالة. أقام أبوعبد الله الشيعي مراكز تدريبٍ عسكريَّةٍ بعد التنظيم الذي أحدثهُ في فرز قياداتٍ تدريبيَّةٍ وتسليحٍ قويٍّ، مُستمدًّا ذلك من أموال الزكاة وتلك المفروضة على المُنتمين للدعوة، إلى غير ذلك بدت القوَّة العسكريَّة المُعدَّة ذات فاعليَّة أرعبت الحُكَّام المُجاورين.

شكلت كتامة العنصر الأساسي في الجيش الفاطمي في فترة قيام الدولة، ثم انضمت إليه عناصر من عرب إفريقية وزويلة والمصامدة والبرقية، وهي العناصر التي ولج بها جوهر الصقلي مصر بالإضافة إلى بعض الروم والصنطقبة. وفي عهد العزيز بالله، أدخل العزيز الهجر والديلم في جيشه، وأكثر من الاعتماد عليهم. وزاد عليهم الحاكم بأمر الله طائفة من العبيد وبالأخص السود، ثم تضاعف عدد هؤلاء العبيد حتى بلغ عددهم 50,000 في عهد المستنصر بالله. ومع تولّي بدر الدين الجمالي الوزارة، أدخل الأرمن في خدمة الجيش الفاطمي. وقد بلغ قوام الجيش الفاطمي في آخر أيام الدولة 40,000 فارس، و36,000 رجل وعشر سفن محملة بعشرة آلاف مقاتل. وقد انقسم الجيش الفاطمي إلى ثلاث طبقات. الأمراء وهم قادة الألوف والمئات والعشرات، فخواص الخليفة وحرسه الخاص، ثم الجنود.

أما الأسطول، فبدأ الفاطميون الاهتمام به منذ بداية دولتهم، فأسسوا دار للصناعة في المهدية للسيطرة على غرب حوض المتوسط. وبعد حتى انتقلوا إلى مصر، ابتنوا دارين أخريين في القاهرة، وثالثة في دمياط ورابعة في الإسكندرية، كانوا يصنعون فيهم المراكب الحربية من مختلف الأحجام تولت تلك السفن حماية الثغور الفاطمية في البحرين المتوسط والأحمر، وكانت تتمركز في قواعد رئيسية في الإسكندرية ودمياط وعيذاب. وكان يتولى إدارة الجيش والأسطول ديوان عُرف بديوان الجيش يتولى حصر الجند من حيث الأحياء والأموات والسقم، بالإضافة إلى تنظيم الرواتب وتوزيعها.

العلاقات مع دُول الجوار

مع الدولة الحمدانيَّة

خارطة تُظهرُ تمدد الدولة الفاطميَّة ناحية بلاد الحمدانيين بشمال الشَّام لِبضعة سنوات.

كان الحمدانيّون، وهُم سُلالة عربيَّة شيعيَّة اثنا عشريَّة، يحكُمون الجزيرة الفُراتيَّة وشمال الشَّام بحُلول زمن الفتح الفاطمي لِمصر، واتخذوا من حلب عاصمةً لهم. ولمَّا سقطت الدولة الإخشيديَّة بمصر وبسط الفاطميّون حُكمهم على القسم الجنوبي من الشَّام بما فيه فلسطين ودمشق ولُبنان، توجَّس الحمدانيّون خوفًا من التمدد الفاطميّ شمالًا، رُغم أنَّ أُمراء بني حمدان كانوا يُقيمون الخِطبة للخليفة الفاطميّ في حِمص وحلب، ويحملون الأذان «بحيَّ على خير العمل مُحمَّد وعليّ خيرُ البشر»، إلَّا أنَّهم عارضوا الوُجود الفاطميّ في بلادهم، لذلك كثيرًا ما ساعدوا القرامطة في حربهم ضدَّ الفاطميين، كما ساعدوا أفتكين التُركي، أحد موالي مُعزّ الدولة أحمد بن بويه، الذي حالف الخُلفاء العبَّاسيين لاحقًا، في حربه ضدَّ الفاطميين، لمَّا تغلَّب عليهم وبسط نُفوذه على الشَّام سنة 364هـ المُوافقة لِسنة 975م. ولمَّا حاول الفاطميّون مدَّ حُكمهم إلى شمال الشَّام، وقف أميرُ حلب «سعدُ الدولة أبوالمعالي شريف الحمداني» في وجههم، فلم يخسر سوى حِمص التي انضمَّ واليها الحمداني إلى الفاطميين. ولمَّا توفي سعد الدولة، خلفه ابنه أبوالفضائل سعيد الدولة، فرأى الفاطميّون أنَّ الوقت قد حان لضمِّ بقيَّة الدولة الحمدانيَّة إلى دولتهم، فأوفدوا جيشًا كبيرًا لتحقيق هدفهم. فلم يكن من سعيد الدولة إلَّا حتى استنجد بالبيزنطيين الذين كانوا يُعاملونه على أساس مُعاهدة صُلح عُقدت بينهما. وقد لبّى قيصر الروم الإمبراطور يوحنَّا الأوَّل زمسكيس، الشهير «بابن الشمشقيق» طلبه وأوفد إليه نجدة كبيرة، مُغتنمًا الفُرصة أيضًا ليُحقق سياسة سلفه الإمبراطور نقفور الثاني فوقاس القاضية باسترجاع الأراضي المُقدَّسة من أيدي المُسلمين. وقد بقيت حلب عصيَّةً على الفاطميين حتّى توفي سعيد الدولة يوم 15 صَفَر 392هـ المُوافق فيه ثلاثة كانون الثاني (يناير) 1002م، فخلفهُ مولاه لؤلؤ الخادم السيفي، ولمَّا توفي هذا الأخير في آخر ذي الحجَّة سنة 399هـ المُوافق فيه 27 تمّوز (يوليو) 1009م، اعترف ابنه وخليفته منصور بسُلطان الخليفة الفاطميّ، فأقام الدَّعوة له في حلب. وفي وقتٍ لاحق، عيَّن الحاكم بأمر الله عزيز الدولة فاتك أميرًا على حلب، ولقَّبهُ بأمير الأُمراء، ليكون بذلك أوَّل حاكمٍ فاطميٍّ على المدينة. لكنَّ الأخير سُرعان ما أخذ يسيرُ بإمارته نحوالاستقلال، وما لبث حتى خرج عن طاعة الحاكم بأمر الله سنة 409هـ المُوافقة لِسنة 1018م، واستقلَّ بحُكم حلب وضرب النُقود باسمه ونادى لنفسهِ على المنابر. ولم يتمكَّن الحاكم بأمر الله من التفرُّغ لحلب بعمل ثورة الأهالي عليه في مصر والشَّام، غير أنَّه أمر بإعداد الجُيوش إلى المدينة، لكن حصل اختفائه بعد ذلك بوقتٍ قصير، فلم تُسيَّر العساكر الفاطميَّة إلى الشَّام. وبعد مقتل عزيز الدولة فاتك، استعاد الفاطميّون مدينة حلب وأخضعوها لحُكمهم طيلة ثماني سنوات، إلى حتى سقطت بيد المرداسيين يوم السبت في 13 ذي القعدة 415هـ المُوافق فيه 18 كانون الثاني (يناير) 1025م. وبقيت حلب طيلة فترةٍ من الزمن تتأرجح بين الحُكم الفاطمي وحُكم أُمراء محليين إلى حتى سقطت بيد السلاجقة في نهاية المطاف.

مع الدولة الأُمويَّة الأندلسيَّة

خريطة الدولة الأُمويَّة بالأندلس والدُويلات التي عاصرتها بعد حتى دبَّ الضعف في الخلافة العبَّاسية ببغداد.

في إطار سياسة الفاطميين التوسعية، حرص الفاطميُّون على إرسال بعض عيونهم للتمهيد لدعوتهم ونشر الممضى الإسماعيلي في الأندلس كأبي جعفر أحمد بن محمد بن هٰرون البغدادي الذي ولج الأندلس واعظًا وداعيًا، والذي زعم المؤرخ ابن الفرضي أنه ولج الأندلس متجسسًا. غير حتى ترسّخ الممضى المالكي بين أهل الأندلس، ومحاربة الدولة للممضى الشيعي حال دون انتشار هذا الممضى. استفاد الفاطميون أيضًا من مشاهدات الرحالة ابن حوقل الذي وصف وضع الأندلس السياسي والاقتصادي والعسكري خلال رحلته، في تحديد الوضع الداخلي للأندلس في تلك الفترة. كما لجأ الفاطميون إلى أساليب أخرى لزعزعة الداخل الأندلسي، عن طريق مُساندة الثائرين على سلطة الأمويين في الأندلس ودعمهم ماديًا كعمر بن حفصون الذي نجح الأمير عبد الرحمٰن بن محمد في ضبط عدد من السفن المحملة بالمؤن التي أمدّ الفاطميُّون بها ابن حفصون، وأحرقها.

اتىت ردة العمل الأموية لهذه المحاولات الفاطمية للتدخل في الشأن الداخلي الأندلسي، بأن أعرب الأمير عبد الرحمٰن بن محمد الخلافة الأموية في الأندلس سنة 316هـ، ليُثبت حتى دولته ليست أقل من الخلافة العبَّاسيَّة أوالخلافة الفاطميَّة، ومساندة دول قبائل بني يفرن ومغراوة الزناتيَّة في المغرب الأقصى ماديًّا وعسكريًّا لمُجابهة قبائل صنهاجة وكتامة البرنسيتين المواليين للفاطميين، ولتقف كحاجز أمام التوسع الفاطمي غربًا، بالإضافة إلى الاستيلاء على مرفأ مليلة سنة 314هـ،وسبتة سنة 319هـ، ثم طنجة وهي الموانيء المُقابلة لأرض الأندلس، لتكون خط دفاع أوّليٍّ أمام أيِّ مُحاولة عبورٍ للفاطميين. ومن ناحيةٍ أُخرى، تحالف عبد الرحمٰن مع بعض أُمراء البربر ومنهم موسى بن أبي العافية أمير مكناسة، وأمدّهم بالمال والسلاح، في معاركهم أمام هجمات الفاطميين. كما كان لدخول اللفسة حُلفاء الفاطميين في طاعة الخليفة عبد الرحمٰن الناصر لدين الله سنة 332هـ، ضربة قاصمة لأطماع الفاطميين في الاستيلاء على تلك المنطقة.

لم تتوقف محاولات الفاطميين عند هذا الحدّ ففي سنة 344هـ، هاجمت بعض سُفن الفاطميين شواطئ ألمرية، وردّ الأسطول الأندلسي على ذلك بالإغارة على شواطئ إفريقية. وفي سنة 347هـ، هاجم الأسطول الأندلسي مجددًا شواطئ إفريقية، فردّ الفاطميّون الهُجوم بتسيير جيشٍ ضخمٍ بقيادة جوهر الصقلي مدعومًا من قبائل صنهاجة، زحف به جوهر إلى المغرب، فبلغ بجيشه المحيط، إلا حتى هذا الجيش عاد أدراجه دون الاحتفاظ بما اكتسبه من أراضٍ. وفي سنة 373هـ، أمر الخليفة الفاطمي أبومنصور نزار العزيز بالله نائبه بلقين بن زيري بدعم الحسن بن كنون زعيم اللفسة لاستعادة ما فقده من أراضٍ على أيدي الأمويين وحلفائهم من زناتة، فسيّر له الحاجب المنصور جيشًا كثيفًا، انهار أمامه جيش ابن كنون سنة 375هـ، الذي استسلم لهذا الجيش، إلا أنَّ المنصور أمر قائد جيشه بقتل ابن كنون، وطرد اللفسة من المغرب. وفي سنة 387هـ، دعّم الحاجب المنصور حملة زيري بن عطية المغراوي للتوسّع شرقًا في أراضي قبائل صنهاجة الموالية للفاطميين باسم الخليفة هشام المؤيد بالله. إلَّا أنَّه مع انتنطق عاصمة الفاطميين إلى مصر في أواخر القرن الرابع الهجري، خفَّت حدة الاهتمام الفاطمي في التوسع غربًا على حساب دولة الأمويين في الأندلس وحلفائهم.

مع الدولة العبَّاسيَّة

شهدت العلاقة بين الدولتين الفاطمية والعبَّاسيَّة تباينًا واضحًا. اعتمدت قوة وضعف تلك العلاقة بين البلدين على مدى قوة تأثير البويهيين وسيطرتهم على الخلافة العبَّاسيَّة. ففي بداية عصر الدولة الفاطميَّة، كان البويهيون في أوج قوتهم وتحكّمهم في دولة الخلافة العبَّاسيَّة. وكان انتماء البويهيين للممضى الشيعي الزيدي سببًا في التقارب بين الفاطميين والبويهيين، حيث جاز البويهيون لدُعاة الفاطميين بنشر عقائد الإسماعيليَّة في أماكن نفوذهم، بل واتجه تفكير معز الدولة البويهي لاستبدال الخلافة العبَّاسيَّة بالفاطميَّة، غير أنه تراجع عن تلك الفكرة خشية غدر الفاطميين به متى تمكنوا من الأمر.

غير أنه ومع ضعف دولة بني بويه، وتمكّن الخُلفاء العباسيَّون من التدخل في السياسة مُجددًا، ساءت العلاقات بين الفاطميين والعبَّاسيين. ففي سنة 382هـ، أوقف الخليفة العبَّاسي القادر بالله النواح والبكاء في بغداد في يوم عاشوراء ومن تعليق المسوح. وفي سنة 398هـ، قمع القادر بالله تمردًا مسلحًا للشيعة في بغداد دعوا فيه لخلافة الحاكم بأمر الله الفاطمي. وفي سنة 401هـ، خلع حاكم الموصل طاعة الخليفة العباسي، ونادى للفاطميين، فأوفد القادر بالله جيشًا نجح في إعادة الموصل إلى طاعة العبَّاسيين. كما أصدر القادر بالله سنة 402هـ مرسومًا يطعن في نسب الفاطميين، ويحمل توقيع كبار الفقهاء ونقيبي الطالبيين الأشراف الشريف الرضي والشريف المرتضى. ظل ذلك العداء مستدامًا حتى نهاية دولة بني بويه بدخول طُغرل بك السُلجوقي بغداد سنة 447هـ..

مع الدولة القُرمطيَّة

رسمٌ قديمٌ لمكَّة. هاجمها القرامطة وفتكوا بالحُجَّاج الوافدين إليها وانتزعوا من الكعبة الحجر الأسود، مما أثار غضب الفاطميين عليهم.

القرامطة طائفةٌ سياسيَّةٌ - دينيَّةٌ عُرفت بذلك نسبةً إلى أحد دُعاتها: حمدان بن الأشعث المُلقَّب «بقُرمط»(7). كانت العلاقة بين القرامطة والفاطميين علاقةً وثيقةً بادئ الأمر، لكنَّها انقلبت وأصبحت دمويَّةً لاحقًا، وقد نشبت بين الطرفين عدَّة لقاءات مُسلَّحة لأسبابٍ ممضىيَّةٍ وسياسيَّة، نظرًا لأنَّ القرامطة انشقوا عن الحركة الإسماعيليَّة الأُم واعتقدوا بعودة الإمام مُحمَّد بن إسماعيل بصورة المهدي المُنتظر، وظنّوا بأنَّ الإمام عُبيد الله المهدي خدعهم، فأوقفوا الدعوة له، وعارضوه في مسألة العِصمة، إذ لم تكن عِصمة الأئمَّة معروفة لأحد عند القرامطة. وكان القرامطة يُبيحون سفك دماء خُصومهم، فأثاروا الرُعب والإرهاب في البصرة والأحواز خلال ثورة الزُنج، وفي سنة 286هـ المُوافقة لِسنة 899م تمكَّن القرامطة برئاسة أبوسعيد الحسن بن بهرام الجنَّابي من تأسيس دولةً مُستقلَّةً في البحرين. وأخد أبوسعيد يعمل بشكلٍ شبه مُستقل عن الإمام عُبيد الله المهدي مُستوحيًا مصلحتهُ الخاصَّة، وكان ذلك يتعارض مع سياسة الفاطميين وزعامتهم. والرَّاجح أنَّ أبا سعيد لم يكن راضيًا عن زعامة عُبيد الله المهدي للحركة الإسماعيليَّة وإن كان قد اعترف بسُلطته بوصفه الرئيس الأعلى للطائفة. وشعر عُبيد الله بهذا الفُتور من جانب أبي سعيد، فشكَّ في إخلاصه له، وعمل على التخلُّص منه، كما حاول في الوقت نفسه إلغاء مبدأ الوراثة في الحُكم بين القرامطة كما أرادها زُعماؤهم، تجنُبًا لاستبداد هؤلاء بالأُمور دون الفاطميين. وفي سنة 301هـ المُوافقة لِسنة 914م، اغتيل أبوسعيد في الأحساء، ووُجِّهت أصابع الاتهام إلى الفاطميين نظرًا لأنَّ القاتل كان خادمًا صقلبيًّا، والغلمان الصنطقبة كانوا غير مُنتشرين في المشرق، بل في المغرب والأندلس، على أنَّهُ يُحتمل أيضًا حتىقد يكون المُحرِّض هوالخليفة العبَّاسي. وأشار بعضُ المُؤرخين أنَّ القرامطة حافظوا، رُغم كُلِّ شيءٍ على علاقةٍ شبه طبيعيَّة مع الفاطميين نظرًا لأنَّ الهدف الأسمى لكُلٍّ منهما يبقى الإطاحة بالعبَّاسيين، وقد توافقت مصالحهما من هذه الناحية، فقيل أنَّ اتفاقًا سريًّا عُقد بين زعيم القرامطة أبوطاهر سُليمان والإمام عُبيد الله المهدي، بأن يُهاجم الأوَّل البصرة ليصرف نظر العبَّاسيين عن الحملات الفاطميَّة على مصر، ويُثير إرباكُهم ويشغُلهم عمَّا يجري في المغرب. لكنَّ أبا طاهر بالغ في حملاته العسكريَّة، وأثبت أنَّهُ كان يعمل لمصلحته الخاصَّة من دون التنسيق مع الفاطميين عندما أغار في شهر ذي الحجَّة سنة 317هـ المُوافق فيه شهر كانون الثاني (يناير) سنة 930م، على مكَّة، فعبث بالحجَّاج وقتلهم في المسجد الحرام، ونهب أموالهم، واقتلع الحجر الأسود من الكعبة وحملهُ إلى هجر بالأحساء. فأثار ذلك العمل الخليفة الفاطميّ الذي خط إلى زعيم القرامطة مُستنكرًا ومُحذرًا، وأمرهُ بردِّ الحجر الأسود فورًا وإعادة كسوة الكعبة ورد الأموال التي أخذها من الحُجَّاج، فلم تلقى رسالتهُ آذانًا صاغية. وفي سنة 332هـ المُوافقة لِسنة 944م، شهدت الحركة القُرمطيَّة انقسامًا حادًّا، فنادى قسمٌ من القرامطة بإمامة الخليفة الفاطميّ، بينما نادى قسمٌ آخرٌ بالتقارب مع العبَّاسيين، وبالتحديد مع بني بويه المُسيطرين على مُقتدرات الخلافة العبَّاسيَّة. فانتصرت النزعة المُناهضة للفاطميين وسادت، ودخل القرامطة في نزاعٍ سافرٍ معهم، رُغم أنَّهم أعادوا الحجر الأسود إلى مكَّة سنة 339هـ المُوافقة لِسنة 951م. وفي أيَّام العزيز بالله تفاقم خطر القرامطة بالشَّام، وكان قد استعصى أمرهما على أبيه المُعز لدين الله من قبل، ولم يكد العزيز يوطد سُلطته في مصر حتى وجّه عنايته لاسترداد الشَّام وفلسطين بعد سيطرة القرامطة عليهما، فوجّه جوهرًا الصقليّ إلى القرامطة، لكنّه هزُم ولم يستطع استرداد الشَّام وفلسطين، ثم أشار جوهر على العزيز بحرب القرامطة بنفسه، فالتقى بجيوشهما في الرملة فهزمهم وذلك في مُحرَّم سنة 368هـ، وأراح الدولة من شُرورهم.

مع الدولة السُلجوقيَّة

بعد حتى أسقط السلاجقة السنيون دولة بني بويه الشيعية، سادت حالة من الاستياء في مصر الفاطمية، واتجهت سياسة الفاطميين لدعم ثورة أبي الحارث أوفدان البساسيري ماديًا، فتمكن من هزيمة جيش العباسيين في سنجار عام 449 هـ، ثم ولج بغداد عام 450 هـ مستغلاً خروج طغرل بك إلى الموصل لإنهاء تمرد أخيه إبراهيم ينال. حينئذ، أجبر البساسيري الخليفة العباسي القائم بأمر الله على كتابة عهد يقر بأحقية الفاطميين في الخلافة دون العباسيين، وخُطب للخليفة الفاطمي المستنصر بالله في بغداد. لم يطل الأمر كثيرًا، فبمجرد عودة طغرل بك من قتال أخيه، حتى هزم البساسيري وقتله وأعاد للخليفة العباسي مكانته.

وفي عام 463 هـ، قرر السلطان ألب أوفدان غزوحلب، فرأى أميرها الشيعي محمود بن مرداس الموالي للفاطميين خلع طاعة الفاطميين، وأقام الخطبة للخليفة العباسي القائم بأمر الله والسلطان ألب أوفدان. غير حتى ألب أوفدان أصر على حتىقد يكون الأذان على ممضى أهل السنة، فامتنع ابن مرداس عن ذلك، فضرب ألب أوفدان الحصار على حلب، إلى حتى يأس ابن مرداس وسلّم لألب أوفدان، ليخسر بذلك الفاطميون ظهيرًا شيعيًا حال بينهم وبين السلاجقة. وفي العام نفسه، استطاع أتسز بن أوق الخوارزمي ضم الرملة وبيت المقدس من أيدي الفاطميين، بينما صمدت دمشق أمام حصار السلاجقة.

وفي عام 468 هـ، استطاع أتسز الخوارزمي دخول دمشق، وعيّن السلطان ملكشاه أخاه تتش حاكمًا عليها لتتأسس دولة سلاجقة الشام، وتدخل اللقاءة المباشرة مع الفاطميين. وفي عام 491 هـ، نجح الأفضل شاهنشاه في استعادة بيت المقدس إلى مُلك الفاطميين، غير حتى لم يدم طويلاً، ففي العام التالي سقطت المدينة في أيدي الصليبيين لتنتقل اللقاءة المباشرة مع الفاطميين هذه المرة إلى عدوهم الجديد الصليبيين.

مع الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة

البعثة الدبلوماسيَّة البلغاريَّة من الإمبراطور شمعون الأوَّل، إلى الخليفة الفاطميّ عُبيد الله المهدي، والتي كانت تهدف إلى توحيد الجُهود في لقاءة الروم البيزنطيين.

دخلت العلاقات البيزنطيَّة - الفاطميَّة فترة التأزُّم مُنذ حتى فتح الفاطميّون جزيرة صقلية، وتمكنوا من دحر الروم وبسط سيطرتهم على البحر المُتوسِّط، فانزوى الروم في موقفٍ دفاعيٍّ ضد الفاطميين. وحاول الخليفة عُبيد الله المهدي حتى يدعم موقفه في مُقابلة البيزنطيين عبر عقد تحالفٍ مع البلغار، خُصوم بيزنطة، فزارت بعثة دبلوماسيَّة بِلاط الخليفة في مدينة المهديَّة، ولكن سفينتهم، وبرفقتها السُفراء الفاطميّون، سقطت في أسر الروم أثناء رجوعها إلى بلادها، فأُجهض مشروع التحالف. وفي منتصف القرن الرابع الهجري، تزامنت توسعات البيزنطيين على حساب الحمدانيين جنوبًا مع توسعات الفاطميين في الشام شمالاً والتي بلغت دمشق. وفي سنة 384هـ، حاصرت قوات العزيز بالله الفاطميّ عاصمة الحمدانيين حلب لمُدَّة 13 شهرًا، فلجأ أميرها أبوالفضائل بن سعد الدولة الحمداني للاستنجاد بالإمبراطور باسيل الثاني البيزنطي فأمده بجيش، إلا أنه هُزم أمام جيش الفاطميين، فأثار ذلك باسيل، فتوجه بنفسه للشام لقتال الفاطميين. كان جيش الفاطميين قد انسحب قبل ذلك إلى دمشق لنقص المؤن، فاكتسح البيزنطيون الأراضي حتى بلغوا طرابلس ثم قفلوا عائدين إلى القُسطنطينيَّة. غضب العزيز وخرج بجيشه يريد قتال البيزنطيين، إلا أنه توفي في الطريق سنة 386هـ..

وفي عهد الحاكم بأمر الله، دارت معركتان بين الفاطميين والبيزنطيين، الأولى بحرية في صور سنة 388هـ، والثانية برية بالقرب من أنطاكية، انتهتا بفوز الفاطميين، مما دفع البيزنطيين إلى طلب الصلح، وعقدت هدنة لعشر سنين بين الدولتين. وفي عهد الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي، دبت الفوضى في الشَّام، فأغار البيزنطيون على الشَّام، فلجأ الظاهر إلى إبرام هدنة مع الإمبراطور قسطنطين الثامن يعيد الظاهر بموجبها بناء كنيسة القيامة التي هدمها الحاكم بأمر الله الفاطمي، ويُجدد قسطنطين الثامن بناء جامع القسطنطينية الذي كان مُسلمة بن عبدُ الملك قد بناه سنة 96هـ المُوافقة لِسنة 714م بعد حصاره للقُسطنطينيَّة، وأن تقام الخِطبة في الجامع للخليفة الفاطمي.

وفي سنة 446هـ أثناء الشدة المستنصرية، أوفد المُستنصر الفاطمي إلى ثيودورا الثالثة إمبراطورة بيزنطة يدعوها إلى إسعاف مصر بالغلال، فاشترطت حتىقد يكون مُقابل ذلك حتى يدعمها المُستنصر بالجند في حالة تعرضت لثورة داخلية، وهوما رفضه المُستنصر، ولم يتم الاتفاق. غضب المُستنصر وجرّد جيشًا أغار على أعمال أنطاكية، فبعثت بيزنطة بثمانين سفينة هزمت الفاطميين، وأُسر قائد جيشهم، فطلب المُستنصر الهدنة. ومع بدأ الحروب الصليبية، انبترت الصلات المباشرة بين الدولتين، بعد حتى تباعدت مناطق نفوذ الدولتين بعد تكوّن الإمارات الصليبية.

مع مملكة بيت المقدس

وصلت جيوش الحملة الصليبية الأولى إلى مدينة القدس عام 492 هـ (1099م) في وقتٍ كانت المدينة فيه تحتَ سلطان الدولة الفاطميَّة، وقد خاضت جيوش الفاطميين معركةً قويَّة للدّفاع عن المدينة، إلا أنَّ المعركة انتهت بهزيمة ساحقة ومذبحة راح ضحيَّتها عشرات الآلاف من المقاتلين وسكان المدينة المسلمين على حدّ سواء. وفقد الفاطميون بعد سقوط بيت المقدس آخر أملاكهم في بلاد الشام، ممَّا جعل سلطانهم ينحصر في مصر وحدها تقريبًا لمعظم ما تبقَّى من عصرهم. بعد سقوط القدس بشهور، خاض الفاطميُّون معركةً أخرى للدّفاع عن مدينة عسقلان، وقاد الجيش الفاطمي وزير الدولة الفاطمي الملك الأفضل بنفسه، إلا أنَّه خسر المعركة خسارةً ساحقة. عادت عسقلان فيما بعد إلى سلطان الفاطميِّين لمدة قصيرة، دامت حتى عام 548 هـ (1153م)، عندما تمكَّن الصليبيون من انتزاعها مرَّة أخرى. رغم أنَّ فلسطين ظلَّت تحت سيطرة مملكة بيت المقدس خلال معظم ما تبقَّى من العصر الفاطمي، إلا أنَّ الخلفاء الفاطميِّين كانوا يحاولون باستمرارٍ استرداد بعض المدن منها، واستمرُّوا بتسيير الحملات العسكريَّة إلى فلسطين مرارًا وتكرارًا، مع أنَّ الصليبيين كانوا ينجحون بصدِّها. مع مرور الوقت، أخذت الدولة الفاطميَّة تضعف وتنهار من الداخل، أما على الجانب الآخر من الأملاك الصليبيَّة في الشام، فقد انبثقت دولة الزنكيين التي نجحت بتوحيد المنطقة تحت سلطةٍ قويَّة ومتماسكة، وبدأت بإضعاف النفوذ الصليبيّ في المشرق باستمرار. توجَّهت أنظار الصليبيين نتيجة هذه التغيرات إلى مصر، لأنَّها أصبحت الحلقة الأضعف بالمشرق، وكانت من نتائج ذلك سقوط عسقلان سنة 1153م، إلا أنَّ أمد الدولة الفاطمية لم يطل بعد ذلك، فتابع صلاح الدين الأيوبي الحرب مع مملكة بيت المقدس حتى زوالها.

المُجتمع والثقافة

الحياة الاجتماعيَّة

منحوتة من العصر الفاطميّ تعكسُ الرخاء الذي عاش فيه الحُكَّام والطبقة العُليا من الشعب: رجلٌ يحتسي الشراب وآخرٌ ينقرُ على الدف.

قسّم المقريزي المجتمع الفاطمي اجتماعيًا إلى طبقة الأغنياء وتضم رجال الدولة وكبار التجار، وطبقة متوسطة وتضم متوسطي الحال من التجار وأصحاب المحال والمزارعين، وطبقة الفقراء وتضم الفقهاء وطلاب الفهم والأجراء والحرفيين وذوي الحاجات من المساكين. أما عرقيًا فقد كان المجتمع المصري قبل وصول الفاطميين يتكون من الأقباط واليهود وأهل السُنَّة، ثم ولج البربر والروم والصنطقبة مع دخول المُعز لدين الله إلى مصر، ثم التُرك والديلم في عهد العزيز بالله، فالسود والأرمن في عهد المُستنصر بالله.

فانوس رمضان. أحد أبرز المعالم الثقافيَّة الفاطميَّة التي ما تزال حيَّة في مصر والكثير من أنحاء العالم الإسلامي.

شهد العصر الفاطمي عددًا من مظاهر العظمة والأبهة في أوساط الخلفاء والوزراء وكبار رجال الدولة كأماكن الاستجمام التي كانوا ينتقلون إليها وقت الفيضان ومواكب الاحتفالات التي كان لها مواعيد محددة من جميع عام. وقد استحدث الفاطميون عددًا من الأعياد كرأس السنة الهجرية ومولد النبي والاحتفال بقافلة الحج، إضافة إلى المناسبات الشيعية كعاشوراء ومولد الحُسين ومولد السيدة فاطمة ومولد الإمام علي ومولد الحسن ومولد الإمام الحاضر وعيد غدير خم، كما كانوا يحتفلون بالاحتفالات المصريَّة كرأس السنة القبطية، وأعيادٌ أُخرى كعيد النيروز. وسنَّ الفاطميّون عدَّة سُنن أصبحت جُزءًا لا يتجزّأ من الثقافة الإسلاميَّة عمومًا والمصريَّة خصوصًا، وما زال المُسلمون المصريّون تحديدًا وغيرهم من المُسلمين في الدُول والأنطقيم المُجاورة يُحيون هذه السُنن، ولعلَّ أبرزها هوفانوس رمضان، فقد منح الفاطميّون هذا الشهر اهتمامًا خاصًّا، فإلى جانب المغزى الديني الكبير، حصل حتى سقطت خلاله عدَّة أحداث بارزة في التاريخ الفاطمي، كفتح مصر قُبيل حلوله بأيَّام، ووضع حجر الأساس للجامع الأزهر (14 رمضان 359هـ) وإقامة الصلاة فيه لأوَّل مرَّة (7 رمضان 361هـ)، ووُصول الخليفة المُعز لدين الله للفسطاط مساء يومسبعة رمضان سنة 362هـ، حيثُ تجمَّع الناس وهم يحملون الفوانيس لكي يُنيروا له الطريق. ونقل العامَّة عن الخاصَّة وأهل الحُكم الاهتمام برمضان، ولمَّا كان السهر يحلوخلال ذلك الشهر، كان لابد من الفوانيس.

وكانت الفوانيس سالِفة الذِكر أيضًا تُنير المساجد في الليالي، وتُغلَّف بالزُجاج المُلوَّن لتُعطي تأثيرًا بهيجًا للناظر، وكان الاهتمام بتزين المساجد يصل أقصى درجاته خلال شهر رمضان. كما كانت الفوانيس والقناديل تُضيئ الشوارع الرئيسيَّة المسقوفة، وإلى جانبها البيوت المؤلَّفة من عدَّة طبقات. وكان يُفرض على أصحاب الحوانيت أسعار مُحددة للبيع، فإذا غشَّ أحد الباعة عوقب على الشكل الآتي: يُطاف به على جمل أوعلى حمارٍ أوبغلٍ في الأسواق ويُجبر على حتى يُنادي هوبذنبه، وعُرفت هذه العُقوبة لاحقًا باسم «الجُرصة». وكان الأمنُ سائدًا في أكثر الأحيان، إلى حدِّ أنَّ الحوانيت كانت تُهجر مفتوحة ليلًا.

الحياة الفكريَّة والفهميَّة

رسمٌ لأبي زيد الهلالي، أحد القادة العسكريين الفاطميين، والذي أوحت سيرته بكتابة ملحمة تغريبة بني هلال التي ذُكر فيها أنَّ أبا زيد قُتل على يد غريمه ذيب بن غانم.

شهدت الحياة الفكرية في العصر الفاطمي تنوعًا في الإسهامات، فضمت عددًا من الرسائل الأدبية النثرية كرسالة الغفران التي خطها أبوالعلاء المعري في إطار خيالي خصب ردًا على رسالةٍ لابن القارح تخيّل فيها المعري رحلة للرجلين في الجنة والجحيم، إضافة إلى الرسالة المصرية لأمية بن أبي الصلت الداني الذي تناولت مصر والمصريين، ذكر فيها محنته في سجن الأفضل شاهنشاه. واهتموا بلون آخر من الكتابة، وهوكتابة السير الذاتية. من أمثلة هذه السير، سير كافور الإخشيدي والعزيز بالله الفاطمي لأحمد بن عبد الله الفرغاني، وسير أحمد بن طولون وابنه خمارويه ومحمد بن طغج الإخشيدي وسيبويه وكافور الإخشيدي وجوهر الصقلي والمعز لدين الله الفاطمي والعزيز بالله لابن زولاق وسيرة المعز لدين الله للقاضي النعمان والاعتبار لأسامة بن منقذ وهوسيرة ذاتية لمحرره. وقد برز من أدباء وكُتّاب ذاك العصر الوزير المغربي أبوالقاسم الحسين بن علي الذي اختصر كتاب «إصلاح المنطق» لابن السكيت وأسماه «المنخّل»، وكتاب «أدب الخواص» الذي احتوى على قديم الشعر وأخبار القدماء وأنسابهم وبعض المواضيع في علوم اللغة، وأبي سعد محمد بن أحمد العميدي الذي ألّف عدد من الخط في البلاغة والعروض والقوافي وابن الصيرفي الذي صنّف بعض الخط مثل «منائح القرائح» الذي خطه مدحًا في الخلفاء الفاطميين و«الإشارة إلى من نال الوزارة» الذي ذكر فيه من تولى الوزارة في مصر إلى عصرهوالرُقيّق القيرواني الذي صنّف كتابًا في تاريخ إفريقية والمغرب منذ الفتح الإسلامي وحتى القرن الخامس الهجري. وقد أرخ للدولة الفاطمية الكثيرون كالمسبحي الذي كان له تاريخ يدون به الأحداث والمشاهدات اليومية، إضافة إلى وصف لمصر وأبنيتها وعجائبها وأطعمتها ونيلها وأشعار الشعراء وأخبار المغنين ومجالس القضاة والحكام والأدباء. إضافة إلى غيره من المؤرخين كابن زولاق وأبوعبد الله محمد بن سلامة القضاعي. أما اللغويين، فبرز منهم علي بن أحمد المهلبي وابن بابشاذ وأبوعبد الله محمد بن جعفر القيرواني وابن القطاع الصقلي وأبي بكر الإدفوي.

العلَّامة أبوعليّ الحسن بن الحسن بن الهيثم البصريّ، أبرز عُلماء العصر الفاطميّ ومُبتكر فهم المناظر.

لعب الشعر أيضًا دورًا هامًا في الحياة الفكرية عند الفاطميين، حيث كان الشعر أحد أدوات دعوتهم السياسية، فخصصوا لهم ديوانًا يتولى أمورهم، واستخدموهم في مدح ممضىهم الديني وعقائدهم وأصولهم وحقهم السياسي في الخلافة، كما اتخذهم الخلفاء والوزراء أداه للمباهاة بالسلطان. وقد تنوعت موضوعات الشعر عند الفاطميين بين مديح للخلفاء والقادة، والهجريز على الأمور السياسية كإبراز أفضلية الفاطميين على العباسيين وأحقيتهم بالخلافة، والدينية كالحديث عن وصاية علي وفضل يوم الغدير. ومن أشهر شعرائهم الرسّيون وهم من الأشراف العلويين وينتسبون إلى الشريف الرسيّ الذي ولج مصر في عهد كافور الإخشيدي، وابن وكيع التنيسي والشريف العقيلي وابن أبي الجوع وابن مكنسة. وقد شجعت عطايا الفاطميين للشعراء الكثيرين على الوفود على بلاطهم طمعًا في عطاياهم كابن هانيء الأندلسي وابن الرقعمق الأنطاكي والرقيق القيرواني وعبد المحسن الصوري وصريع الدلاء البغداديوأبي الفتيان بن حيوسوأمية بن أبي الصلت وابن القطاع الصقليوعمارة اليمني. ولم يقتصر قرض الشعر على الطامعين في الهبات، بل برز من الفاطميين ووزرائهم من يحسن قرض الشعر كتميم بن المعز والوزير طلائع بن رزيك.

الجامع الأزهر، أبرز مراكز نشر الدعوة الدينيَّة والعلوم المُختلفة خلال العصر الفاطميّ.

وفي إطار سعي الفاطميين لنشر الممضى الإسماعيلي، أنشأ الحاكم بأمر الله دار الحكمة فيعشرة جمادى الآخرة 395 هـ، وأجلس فيه الفقهاء والقرّاء والمنجمين وفهماء اللغة والنحووالأطباء، وخصص للدار قائمين عليها وخدم وفرّاشين، كما نُقلت لها الخط من خزائن القصور. ظلت الدار مفتوحة للعوام حتى أغلقها الأفضل شاهنشاه في ذي الحجة 516 هـ، خوفًا من فتنة دينية، إلى حتى أمر الخليفة الآمر بأحكام الله وزيره المأمون البطائحي بإعادة فتحها بعد وفاة الأفضل. لم يكن ذلك هوالاهتمام الفكري الوحيد من جانب الحكام الفاطميين، فقد استهواهم جمع الخط، فكانت لهم خزانة خط في القصر الشرقي الكبير احتلت أربعين غرفة منه، واحتوت على مليون وستمائة ألف مجلد منها 2,400 نسخة مزخرفة وملونة من القرآن ومنها بضع وثلاثين نسخة من كتاب العين للخليل بن أحمد منها نسخة بخط الفراهيدي، وعشرين نسخة من تاريخ الطبري منها نسخة بخطه، ومائة نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد. وقد احتوت المخطة على الآف الخط في الفقه على سائر المذاهب والنحوواللغة والحديث والتواريخ وسير الملوك والتنجيم والروحانيات والكيمياء. رغم ذلك، لم تسلم محتويات المخطة من السلب والنهب، فتعرضت لنهب جنود الدولة نفسها في فترات الفوضى وضعف هيبة الخلفاء، فيحملون منها ما أمكنهم ويبيعونه في السوق، بل واستخدموا جلودها أحيانًا لصنع خفافًا لأحذيتهم.

لعب الأزهر والمساجد في العصر الفاطمي دورًا هامًا في الحركة الفهمية الدينية، حيث اتخذها الفاطميون قواعد لنشر الممضى الشيعي الإسماعيلي، فأجلسوا فيه نادىة ممضىهم لشرح قواعد الفقه الإسماعيلي للحاضرين. لم يقتصر دور الأزهر الفاطمي على نشر الممضى الإسماعيلي، بل ضم حلقات فهمية للمذاهب الأخرى، فكانت به خمس عشرة حلقة للمالكية ومثلها للشافعية وثلاث حلقات لأصحاب أبي حنيفة. لم يقتصر نشر العلوم على المساجد فقط، بل وكانت قصور بعض الوزراء كيعقوب بن كلس الذي كان محبًا للفهم، فكان يجمع الفهماء يخطون القرآن والحديث والأدب والطب، ويُشكّلون المصاحف ويُنقّطونها. بل وألّف ابن كلس بنفسه خطًا في القراءات والأديان وآداب الرسول والطب.

وفي مجال العلوم، فبرز عددًا من الأسماء كابن رضوان الذي برز اسمه في الطب والفلك، وابن يونس الذي برع في الرياضيات والفلك، ووضع زيجًا فلكيًا أسماه الزيج الحاكمي وابن الهيثم رائد فهم البصريات وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى، وعلي بن عيسى الكحال صاحب كتاب تذكرة الكحالين وابن المقشر وماسويه المارديني وابن بطلان وهم من الأطباء البارزين.

الحياة الاقتصاديَّة

منحوتةٌ عاجيَّةٌ فاطميَّةٌ لرجالٍ يصطادون الطُيور.
بترةٌ مكسورة من وعاءٍ يعود إلى العصر الفاطميّ، صُوِّر عليه فارسٌ على صهوة جواده.
منحوتةٌ خشبيَّةٌ فاطميَّةٌ لآية الكُرسي.

كان الإمام عُبيد الله المهدي أوَّل من نظَّم ماليَّة الدولة تنظيمًا دقيقًا، فقد وضع جميع الأموال المجموعة في الأمصار تحت تصرُّفه جاعلًا لها بيت مالٍ مُوحَّدٍ، فلمَّا وصل الإمام إلى بلاد كتامة وحلَّ في إيكجان، أمر بإحضار الأموال التي كانت عند الدُعاة وأُمراء القبائل والمشايخ، فأحضروها إليه فقبضها، وبعد ذلك نظَّم الجباية والضرائب والمُكوس، ثُمَّ شدَّ المال أحمالًا سيَّرها معه حيثُ استُخدمت لصالح الدولة. وقد أقام ديوانًا للماليَّة يُشرفُ على تسيير أُمورها، فانتعشت الدولة وبدأ فيها الرفاه.

«الفتخاء الإسلاميَّة». إحدى أبرز المنحوتات الفاطميَّة المُقتبسة عن الفارسيَّة الساسانيَّة، وهي لكائنُ الفتخاء (الشيردال) الخُرافي.

اعتنى الفاطميّون بالزراعة لأنَّها مورد مصر والشَّام الأوَّل. ومن أبرز ما أنتجتهُ ضِفَّتا النيل الخصبتان: القمح، والذُرة، والقُطن، وقصب السُكَّر. واشتهرت سواحلُ الشَّام بالحمضيَّات على أنواعها، كما اشتهرت سُفوحُ جبالها بالتُفَّاح، وكثُرت في سُهولها الداخليَّة أنواع العنب. كما عُرفت ألبانُ الشَّام وعسلها بالجودة. وأهمُّ الصناعات الفاطميَّة كانت صناعة البناء، وصناعة الحفر على العاج والخشب، وصناعة التماثيل من البرونز والنُحاس. والمنسوجات صناعةٌ فاطميَّةٌ مشهورة، وقد كثُرت فيها صُور الحيوانات كالغزلان والأرانب والسِّباع، كما كانت تُزخرف بالخط العربي. ويُلاحظ أنَّ الفاطميين في هذا المجال خالفوا دُول الخِلافة السَّابقة عليهم، فقد استباحوا تصوير الكائنات والأشخاص على مُنتجاتهم وحرفيَّاتهم على عكس أهل السُنَّة، الذين كثيرًا ما تجنَّبوا ذلك خوفًا ممَّا اتىت به الأحاديث النبويَّة من مُعاقبة المصورين يوم القيامة، ولكن نظرًا لاختلاف تأويل بعض الأحاديث بين أهل السُنَّة والشيعة، ومُعارضة الفاطميين لعددٍ من التعاليم الفقهيَّة السُنيَّة، فقد زاولوا مهنة التصوير، وتأثَّرت مصنوعاتهم تأثُرًا كبيرًا بالمصنوعات الفارسيَّة الساسانيَّة القديمة.

من أبرز الصناعات الفاطميَّة التي شاعت في الشَّام أيضًا: صناعة الثياب المُقصَّبة وصناعة الطنافس. وتفوَّقت مدينة صور بصناعة الخرز والزُجاج واستخراج السُكَّر، كما اشتهرت طرابلس بصناعة الورق للكتابة. وكانت مرافئ السَّاحل اللُبناني سوقًا رائجة لكُل المُنتجات الزراعيَّة والصناعيَّة، كما كانت مركزًا لتصديرها إلى مُدن حوضُ البحر المُتوسِّط. ومن الصناعات الرائجة الأُخرى خلال العهد الفاطمي: صناعة الخزف وتجليد الكُتب والرسم على الأطباق المعدنيَّة. وقد نشطت هذه الصناعات بعمل رواج الحركة التجاريَّة، فقد كان التُجَّار يتنقلون بين مصر والشَّام شرقًا إلى العراق وفارس وخُراسان والهند والصين، وبين مصر والمُدن الأوروپيَّة، وخاصَّةً جنوة والبُندقيَّة في إيطاليا.

أُصيب الازدهار الاقتصادي الفاطمي بنكسةٍ عظيمة زمن المُستنصر بالله، فأُصيبت البلاد بقحطٍ مُروعٍ أتى على الأخضر واليابس فعمَّت المسغبة البلاد وتضوَّر الناسُ جوعًا وقد أطلق المؤرخون على هـذا القحط اسم الشدَّة العُظمى لفظاعته وهوله، و«الشدَّة المُستنصريَّة» كونها سقطت في عهد المُستنصر. وآل الأمر إلى حتى باع المُستنصر كُلَّ ما في قصره من ذخائر وثياب وأثاث وسلاح وغيره وصار يجلس على حصيرٍ، وتعطَّلت دواوينه وذهـب وقاره وكانت نساء القصور تخرجن ناشرات شعورهن تصحن «الجوع ! الجوع!» تردن المسير إلى العراق فتسقطن عند الُمصلى وتمتن جوعًا. واضطرَّ المستنصر إلى بيع حلية قبور آبائه حتَّى، واستمرَّ الوضع هكذا حتَّى انتهى القحط وتساقطت الأمطار وعاد النيلُ للجريان.

الحياة الدينيَّة

كان دينُ الدولة الفاطميَّة الرسمي هوالإسلام، وممضىُها هوالممضى الشيعي الإسماعيلي، وهوممضىُ الخُلفاء وكِبار رجالات الدولة، واعتنقهُ قسمٌ من الشعب المُوالي للسُلطة، كالكتاميين البربر وبعضٌ من الصنطقبة والروم وغيرهم من الأجانب الذين دخلوا مصر جنودًا في الجيش الفاطمي. وكانت مذاهب أهلُ السُنَّة والجماعة: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنبليَّة، هي الأكثر انتشارًا على المُستوى الشعبي، ومردُّ ذلك أنَّ الفاطميّون في بداية عهدهم اتبعوا وصيَّة الدَّاعي أبوعبد الله الشيعي القائلة: «إنَّ دَوْلَتُنَا دَوْلَةُ حُجَّةٍ وَبَيَانٍ، وَلَيْسَتْ دَوْلَةَ قَهْرٍ واستِطَالَةٍ، فَاتْرُكُوا النَّاسَ عَلَى مَذَاْهِبِهِم، وَلَا تُلْزِمُوْهُم بِاتِّبَاعِ الدَّعْوَةِ الهَادِيَةِ المَهْدِيَّة»، فلم يفرضوا التشيُّع بالقوَّة، بل عمدوا إلى الدعوة ونشر الدُعاة في طول البلاد وعرضها لحث الناس على اعتناق الممضى الإسماعيلي. وكان الدُعاة الفاطميّون نوعين: الدُعاة الشعبيّون ولهم أعمال تتعلَّق بالإعداد الشعبي لإثارة النَّاس ضدَّ الحُكم، والدُعاة الدينيّون المُختصون بنشر فكرة الدعوة الإسماعيليَّة في صُفوف الشعب. وقد نشط الدُعاة نشاطًا عظيمًا في بداية عهد الدولة وخِلال عصرها المضىي، فاستجابت لهم بعضُ قبائل كنانة في الفسطاط وجنوبها، وأخذت تُنادي بالخليفة الفاطمي المُعز لدين الله إمامًا وارتبطوا به عقائديًّا. وقد أمدَّ الخُلفاء الفاطميّون هذه الدعوات بكُلِّ ما تحتاجه من تمويلٍ ماديٍّ ومعنويٍّ خلال عصر الدولة المضىي، واشتهر المُعز لدين الله بعنايته الشديدة لجهاز الدعوة المذكور، حتَّى أُشير بأنَّ الدُعاة وصلوا الأراضي الصينيَّة الخاضعة لأُسرة سونگ في أيَّامه. وكان الخُلفاء يخلعون على الدُعاة النعم والأموال تقديرًا لخدمتهم الممضى الإسماعيلي وإخلاصهم للإمام، فها هوذا أحد أشهر الدُعاة والمُلقَّب بفيلسوف الدعوة أحمد حميدُ الدين الكرماني يتحدثُ عن النعم الكثيرة التى أولاه إيَّاها الحاكم بأمر الله فيقول: «وَقَضَاءٌ بِحَقِّ النِّعْمَةِ فِيْمَا أوْلَانِيَهُ وَلِيُّ اللهِ فِي أرضِهِ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَبَرَكَاتِهِ التِي أَصْبَحْتُ بِهَا فِي نِعْمَةٍ تَامَّةٍ وَرَوْضَةٍ مُدَهَامَةٍ، مَاؤُهَا مَعِيْنٌ وَهَوَاؤُهَا عَلَى المُرَادِ مُعِيْنٌ، وَكَأَنَّهَا حُوْرُ العِيْنِ، ثُمَّ شُكرًا عَلَى المَوْهِبَ، وَطَالِبًا لِلأَجْرِ وَالمَثْوَبَة». ودرجاتُ الدُعاة عند الإسماعيليَّة سبع، هي: «الباب»، وهي أعلى درجاتُ الدُعاة، ولمَّا يصل إليها إلَّا أفرادٌ قلائلٌ، وأُحيط من يشغل هذه الدرجة بسريَّةٍ تامَّةٍ حتى في عصر الظهور. و«الحُجَّة» أو«داعي الدُعاة» ويكونُ بجانب الإمام وله الإشراف على كُلِّ شيءٍ يتصلُ بالدعوة، و«داعي البلاغ» وله رتبة الاحتجاج، و«الدَّاعي المُطلق» وله رُتبة تعريف التأويل بالباطن، و«الدَّاعي المحدود» ولهُ التعريف بالعبادات الظاهرة، و«الدَّاعي المأذون» وله أخذ العهد والميثاق، و«الدَّاعي المُكالب» أو«المُكاسر»، وهوالذي يستميل الناس إلى الممضى الإسماعيلي.


هذه الموضوعة جزء من سلسلة الإسلام عن:

كنيسة القيامة في بيت المقدس. أُحرقت خِلال العهد الفاطميّ وأُعيد بنائها لاحقًا.

أمَّا بالنسبة للمُسلمين من غير الشيعة، ولِغير المُسلمين، فلا يُمكن الحديث عن ملامح عامَّة لأوضاعهم، وذلك لتبايُن أُسلوب التعاطي معهم من خليفةٍ إلى آخر، فبعضُ الخُلفاء كان مُتسامحًا لأبعد الحُدود مع أهل السُنَّة ومع النصارى واليهود، فأطلق لهم الحُريَّة الدينيَّة والممضىيَّة، واستوزر منهم وحمل شأنهم، وبعضهم الآخر اضطهدهم اضطهادًا شديدًا. عملى سبيل المِثال، اشتهر الخليفة المنصور ومن بعده المُعز لدين الله بتسامُحه الكبير مع أقباط مصر، وباستمالتهم إليه ومُولاتهم له بعد حتى اتصل بقيادتهم الدينيَّة وأفهمهم بأنَّهُ سيمنحهم الحُريَّة الدينيَّة بعد حتى نالهم الضيم جرَّاء المُمارسات القمعيَّة التي انتهجها الأخشيديين ضدَّهم أواخر عهد دولتهم. ولمَّا فتح الفاطميّون مصر، سلك جوهر الصقليّ سُلوكًا دبلوماسيًّا هادئًا مع المصريين، فأعرب في خِطبة الجُمعة الأمان لأهل السُنَّة وللمسيحيين واليهود، واستقبل مُمثِّلُ الأقباط الذي كان يحمل صوته ويقول: «إنَّنَا نَنْتَظِرُ وُجُودَكُم فِي مِصْرَ بِلَهْفَةِ المُضْطَهِدِ حَتَّى نَنْعَمَ بِالحُرْيَّةِ حَتَّى فِي حَيَاتِنَا اليَوْمِيَّةِ وَأَمْوَالَنَا وَمُمَارَسَةِ دِيَانَتِنَا». وكان المُعز لدين الله، ابن العزيز، أكثر تسامحًا مع أهل الكتاب من غير المُسلمين، فقد جعل عيسى بن نسطورس وزيرًا له، وتزوَّج من امرأةٍ مسيحيَّةٍ ملكانيَّة، وهي أُمُّ ولده الحاكم وشقيقة اثنين من البطاركة: أحدهما بطريرك كنيسة الإسكندريَّة، والآخر بطريرك كنيسة بيت المقدس، وكان يحتفلُ مع النصارى ويُشاركهم أعيادهم. ومن شدَّة تسامح الخُلفاء الفاطميين الأوائل مع أهل الكِتاب، قيل بأنَّهم كانوا يُشجعون إقامة الكنائس والبيع والأديار، بل من الممكن تولوا إقامتها بأنفسهم أحيانًا. تغيَّر وضعُ اليهود والنصارى مع تولّي الحاكم بأمر الله شؤون الخِلافة، فقسا عليهم في المُعاملة، ويُحتمل حتىقد يكون ذلك بسبب ضغط المُسلمين بعامَّةً الذين ساءهم حتى يتقرَّب الخُلفاء من غير المُسلمين ويُعينوهم في المناصب العُليا، فأصدر الحاكم أمرًا ألزم أهل الذمَّة بلبس الغيار، وبوضع زنانير مُلوَّنة مُعظمها أسود، حول أوساطهم، ولبس العمائم السود على رؤوسهم، وتلفيعات سوداء، وذلك لتمييزهم على المُسلمين. وفي وقتٍ لاحق منعهم من الاحتفال بأعيادهم، وأمر بهدم بعض كنائس القاهرة، كما صدر سجل بهدم كنيسة القيامة في بيت المقدس.

رسم لعائلةٍ دُرزيَّة من جبل لُبنان. تُعد الدُرزيَّة أبرز الطوائف التي برزت خِلال العهد الفاطميّ.

كان أهل السُنَّة يُشكلون غالبيَّة الشعب الفاطميّ، وكانت أوضاعهم مُتقلِّبة كأوضاع أهل الكِتاب، وفق سياسة الخليفة الفاطمي، وما تُمليه عليه طبيعة الأُمور. فمن مظاهر تسامُح الخُلفاء الفاطميين تعيين بعض عُلماء أهل السُنَّة في مناصب الوزارة والقضاء، عملى سبيل المِثال، أنشأ الحاكم بأمر الله مدرسةً لتعليم الفقه المالكيّ، وأهداها دار كُتبٍ، وعيَّن أبا بكرٍ الأنطاكيّ ناظرًا لها، وخلع عليه وعلى مُدرِّسيها وأجلسهم في مجلسه. كما أقدم على تعيين ابن أبي العوَّام قاضيًا للقُضاة، وعندما نطق أعوانه له: «إنَّهُ ليس على ممضىك ولا على ممضى من سلف من آبائك»، نطق: «هوثقةُ مأمونٍ مصريٍّ عارفٍ بالقضاء وبأهل البلد، وما في المصريين من يُصلحُ لهذا الأمر غيره». ومن مظاهر التعصُّب ضدَّ أهلُ السُنَّة شُيوع سبّ الصحابة وكتابة ذلك على جُدران المساجد والحوانيت والمقابر والدور، وتلوينها بالأصباغ والمضى، ومنع صلاتيّ التراويح والضُحى في جميع مساجد مصر زمن الخليفة سالِف الذِكر، تحت طائلة ضرب وتشهير من يؤديها. وكان الوُلاة والأُمراء يُطبقون سياسة الخليفة في ولاياتهم القاضية بالتساهل أوالتشدد مع أهل السُنَّة، فقد قبض نائب دمشق «تموصلت الأسود البربريّ» على رجلٍ مغربيٍّ في المدينة وضربه لارتكابه ذنبًا لم يذكره المؤرخون، لكن يُرجَّح أنه ممضىيّ، بدليل أنَّهُ طيف به في شوارع المدينة، ونودي عليه: «هذا جزاءُ من يُحب أبا بكرٍ وعُمر». ظهرت خِلال العصر الفاطمي عدَّة طوائف وجماعات دينيَّة انشقت عن الإسماعيليَّة، ومن هذه الطائفة الدُرزيَّة، وتفصيل ذلك أنَّ الحاكم بأمر الله أوفد إلى الشَّام داعيةً اسمه «مُحمَّد بن إسماعيل الدَرَزي» لينشر الدعوة بين أبنائها، فنزل الدَرَزي في وادي التيم من البقاع، حيثُ كثُر أتباعه، ولكنَّ الدَرَزي شذَّ عن الدعوة التي أوفده الحاكم لنشر مبادئها، ونادى لنفسه، فنبذه أتباعه وقتلوه وتبرَّأوا من الانتساب إليه. وكثُر الدُعاة وكثُر الموحدون الدروز في وادي التيم، ومنه انتشروا في صفد وجبل لُبنان وحوران والكرمل. وكان من أبرز الدُعاة حمزة بن عليّ الزوزني، الذي يعود الفضل إليه في توطيد الدعوة وصيانتها ووضع أُسس الممضى وفلسفته.

العمارة والآثار

مسجد السيدة زينب بالقاهرة، منسوبٌ إلى زينب بنت عليّ بن أبي طالب.
جامع السيدة نفيسة بالقاهرة. منسوبٌ إلى نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب.

هجر الفاطميُّون آثارًا معماريَّة كبيرة في المناطق التي حكموها، خصوصًا في عاصمتيهم بمصر وتونس. ظهرت الكثير من الأنماط والأفكار المعماريَّة للمرَّة الأولى أثناء العصر الفاطمي، منها على سبيل المثال بناء قابلات المساجد بالحجر المنحوت والمزخرف عوضًا عن الطوب، كما هي الحال في مسجد الحاكم بأمر الله. وقد كانت تُبنَى القباب صغيرةً وبسيطة، وأصبحت تُشيَّد بشكلٍ مضلَّع في الفترة المتأخرة من العصر الفاطمي. أسَّس الفاطميون مدينة القاهرة على ضفاف نهر النيل سنة 358 هـ (969م)، وذلك بعد فتحهم لمصر مباشرةً، ليجعلوها العاصمة الجديدة لدولتهم. وقد أمر جوهر الصقلي بعد تأسيس المدينة ببناء أربعة أبوابٍ للقاهرة، هي باب النصر والفتوح وباب زويلة والقوس، وكذلك أمر بالشُّروع ببناء الجامع الأزهر عام 359 هـ. وتوسَّعت القاهرة مع الزَّمن، لتتحد بثلاث مدنٍ كانت قد بُنِيت سابقًا في المنطقة ذاتها، هي: الفسطاط من عصر الفتح الإسلامي، والعسكر من العصر العباسي، والقطائع من العصر الطولوني، وإنَّ اتحاد هذه المدن كلُّها مع القاهرة الفاطمية هوالذي أدَّى إلى ظهور القاهرة الحديثة. وازدهرت العمارة ازدهارًا كبيرًا في القاهرة، ومن أبرز الآثار المعماريَّة الباقية للفاطميين فيها الجامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله.

تجمعُ العمارة الفاطميَّة، وفقًا للپروفسور إيرا لاپيديوس الأستاذ في جامعة كاليفورنيا، بركلي، بين عناصر شرقيَّة وغربيَّة، من أوائل عُصور الخِلافة الإسلاميَّة وحتّى العصر العبَّاسي، الأمر الذي يجعل من الصعب على أيِّ باحثٍ تصنيفها ضمن فئةٍ مُحددة. ومن أبرز المؤثرات في العمارة الفاطميَّة: العمارة العبَّاسيَّة في سامرَّاء، والعمارة القِبطيَّة في مصر، والعِمارة الروميَّة في الشَّام وبيزنطة. وكانت أغلبُ المباني الفاطميَّة تُشيَّدُ بواسطة الطوب في بادئ الأمر، ثُمَّ تحوَّل المُهندسون إلى استعمال الحجر النافر. وعني الفاطميّون بإنشاء وتشييد المشاهد والمزارات المُقدَّسة لآل البيت، فزيّنوا عاصمتهم القاهرة بعددٍ منها، استُعمل بعضُها لدفن الخُلفاء أنفسهم، وما زال عددٌ من هذه المزارات قائمٌ في مصر حتّى الزمن الحالي فيما زال بعضُها الآخر.

الإرث الفاطمي

يدَّعي المُنتسبين إلى البُهرات: الداوديَّة، والسُليمانيَّة، والعلويَّة، أنَّ دُعاتهم مُتحدرون من الإمام الإسماعيلي الحادي والعشرين الطيب أبوالقاسم بن المنصور، ابن الآمر بأحكام الله، وقسمٌ كبيرٌ منهم اليوم يتمركز في ولاية گُجرات بالهند مُنذ حتى أوفدت ملكة اليمن أروى بنت أحمد بن مُحمَّد بن جعفر بن موسى الصليحي الإسماعيليَّة دُعاتها إلى غرب الهند لنشر الدعوة الإسماعيليَّة خلال النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلاديّ. وفي الزمن الحالي، فإنَّ إمام الإسماعيليَّة يُلقَّب آغا خان، ووفقًا للباحث والأكاديمي الإيراني فرهاد دفتري، فإنَّ هذا اللقب كان لقبًا تشريفيًّا خلعه الشاه فتح علي بن مُحمَّد خان القاجاري على حسن علي بن خليلُ الله شاه، إمامُ النزاريَّة السَّادس والأربعون، وتلقَّب به خُلفائه مُنذ ذلك الحين، وآخرهم شاه كريم بن عليّ سلمان الحُسيني، إمامُ الإسماعيليَّة الحالي.

أمَّا من الناحية الممضىيَّة، فقد أعاد الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي إحياء عددٍ من السُنن الممضىيَّة الشيعيَّة التي سنَّها الفاطميّون، عندما فتح مدينة تبريز سنة 907هـ المُوافقة لِسنة 1501م، وفرض الممضى الشيعي الاثنا عشري ممضىًا رسميًّا موحدًا للبلاد، فضرب النُقود باسمه وخط عليها: «لا إله إلَّا الله مُحمَّد رسولُ الله عليٌّ وليُّ الله»، ثُمَّ أمر الخُطباء والمؤذنين بإضافة تشهُّد الشيعة في الآذان كما كان الأمر يجري في الدولة الفاطميَّة، أي «أشهدُ أنَّ عليًّا وليُّ الله» و«حيَّ على خيرِ العمل»، وقد سارت على أثره باقي السُلالات الشاهانيَّة الإيرانيَّة، واستمرَّ الأمر خلال عهد الجمهوريَّة الإسلاميَّة، كما سار عليه شيعة العالم في مساجدهم.

آراء وأقوال بالدولة الفاطميَّة

تضاربت الآراء في الدولة الفاطميَّة لقلَّة الوثائق والمراجع الفهميَّة الحياديَّة، فالأبحاث المُتوافرة اعتمدت إمَّا آراء أعداء الفاطميين والذين شككوا في نسبهم وطعنوا في تصرُّفاتهم، أوآراء المُغالين في التشيع لهم. ومُعظم المُؤرخين نقل المعلومات دون مُناقشة، وقليلٌ منهم من تفهم التاريخ الفاطميّ دراسةً أكاديميَّةً من بدايته إلى نهايته. لذا فإنَّ الآراء والأقوال المُتعلقة بهم وبدولتهم كثيرًا ما تكون إمَّا مُذمَّة أوكثيرة المدح، وبعضها القليل يقفُ موقفًا وسطيًّا، فيذكر ما للفاطميين من فضل على الحضارة الإسلاميَّة، وما كان لها من عُيوب. وقد بدأت الدراسات التاريخيَّة العربيَّة تُنصف الدولة الفاطميَّة بعض الانصاف بعد التدقيق في تاريخ هذه السُلالة، عملى سبيل المِثال يقول الدكتور عبد المنعم ماجد، وهوأستاذ التاريخ الإسلامي بكُليَّة الآداب في جامعة عين شمس، أنَّ تاريخ الخلافة الفاطميَّة في مصر كان غامضًا للغاية، إذ كانت مُعظم مصادره التاريخيَّة لا تستقي من منابعها، أوأنها غير موجودة، أومُزيَّفة أومُضطربة، أوجافة، أومُختصرة، فضلًا عن أنَّ مُعظمها مصادر أدبيَّة لا تُعطي فكرة سليمة عنهم، غير أنَّ الوثائق أوالمخطوطات المكتوبة بأقلامٍ مُعاصرة، مكَّنت الباحثين من تكوين فكرة عن التاريخ السليم لهذه الدولة.

يتَّجهُ الرأي العام الشيعي القديم والمُعاصر إلى التمجيد بالدولة الفاطميَّة، رُغم أنَّ غالب الشيعة يتبعون الممضى الجعفري الاثنا عشري، عكس الدولة الفاطميَّة التي اتبعت الممضى الإسماعيلي، ففي العهد الفاطميّ بدأ الشيعة يتحرّكون في بلاد الشَّام وينشطون ثقافيًّا وسياسيًّا. وعاشوا فترة حُريَّة واستقرار، نشطت فيها حركة التشيُّع في بلاد الشام. وعن هذه الفترة يقول الإمام جلالُ الدين السيوطي: «غَلَا الرَّفْضُ وَفَارَ فِي بِمِصْرَ وَالمَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ». ونطق بعضُ فهماء الشيعة بأسبابٍ عديدة تدفع إلى تأييد الدولة الفاطميَّة والخُلفاء الفاطميين والإشادة بهم وبدولتهم، ومنها ما نطقه العلَّامة الشيخ علي الكوراني العامليّ، من أنَّ الفاطميين أحيوا سُننًا نبويَّةً كثيرة، ففقرة «حَيَّ على خير العمل» بحسبه كانت في الواقع جُزءًا من الآذان زمن الرسول مُحمَّد وأبي بكرٍ الصدِّيق وخلال قسم من خِلافة عُمر بن الخطَّاب، ثُمَّ أبطلها الأخير بحُجَّة أنَّ الناس قد يتصورون أنَّ الصَّلاة خيرٌ من الجهاد ويهجرون فتح البلاد، رُغم اعتراض آل البيت وبعض الصَّحابة والتابعين. وقد زَعَمَ ذلك بعض المُؤرخين الشيعة قديمًا، مثل الفضل بن شاذان الذي ادعى أنّ الإمام أبويُوسُف ومُحمَّد بن الحسن والإمام أبوحنيفة النُعمان، قَدْ نطقوا: «كَانَ الآذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَعَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِن خِلَافَةِ عُمَر رضي الله تعالى عنهما.png يُنَادَى فِيْهِ: "حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَل"». هذا بالإضافة إلى تمسّك الفاطميين بالعقيدة الشيعيَّة القائلة بإمامة آل البيت من نسل عليّ بن أبي طالب وفاطمة الزهراء للأُمَّة الإسلاميَّة، وحملهم الشهادة بذلك في الآذان: «أشهدُ أنَّ عليًّا وَليُّ الله» بعد حتى فسَّر فُقهاء الشيعة بأنَّ الآية الخامسة والخمسين من سورة المائدة: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ نزلت بحق عليّ بن أبي طالب.

مُعمَّر القذَّافي، زعيمُ ليبيا مُنذُ سنة 1969 حتّى سنة 2011م. أعرب في إحدى تصريحاته أنَّه ينوي إحياء الخِلافة الفاطميَّة مُجددًا.

بالمُقابل، انقسم عُلماء أهل السُنَّة إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ يرى بأنَّ الدولة الفاطميَّة يسري عليها ما يسري على أغلب حقب الحُكم في التاريخ العربي والإسلامي عمومًا. أي لها من الانجازات الكثير، ولها من الخطايا الكثير أيضًا، وأنَّه من الخطأ الكبير حتى تكون العصبيَّة والممضىيَّة هي التي تُملي هذه المواقف الصادمة والجائرة بحق حقبة تاريخيَّة بأكملها والغض عن كُل الإيجابيَّات التي قدمتها الدولة الفاطميَّة، وعدم رؤية إلَّا ما سلبي أوالتضخيم لبعضها، إلى حد التنكر لهذه الدولة وكأنَّها الحقبة الفاصلة بين تاريخين إسلاميين ولا شأن لها بالإسلام. وقسمٌ آخر يؤيَّد خِلافة الفاطميين ويؤكِّد نسبهم العَلوي ويُدافع عنهم، ومن أبرز عُلماء أهل السُنَّة القائلين بذلك: قديمًا المقريزي وابن خلدون، ومن المُعاصرين: عبَّاس محمود العقَّاد، الذي وصف اتهام الفاطميين في نسبهم بالدعوى المُنتظرة، وأنَّ البواعث إليها كانت مُتعددة مؤكدًا أنَّ ذلك مرجعه إلى أنَّ الفاطميين كان يطلبون الخِلافة ويعتمدون في طلبها على النسب وكانوا يُهددون بمساعيهم في طلب الخِلافة خصومًا كثيرين يملكون الدول في المشرق والمغرب ولا يُريدون النزول عمَّا ملكوه، أولا يُريدون بعبارةٍ أُخرى حتى يسلموا للفاطميين صحَّة النسب الذي يعتمدون عليه. أمَّا القسم الثالث والأخير من عُلماء أهل السُنَّة، فلا يعترفون بشرعيَّة الخِلافة الفاطميَّة، ويعتبرونها قد أضرَّت الإسلام والمُسلمين، فقد اعتبر ابن كثير أنَّ الخُلفاء الفاطميين كانوا من أجبر زُعماء المُسلمين وأظلمهم، وأنجسِ الملوكِ سيرةً، وأخبثهم سريرة، وأنَّه من كثرة خبثهم ونفاقهم ظهرت في دولتهم البدعُ والمُنكراتُ وكثر أهلُ الفسادِ، وقلَّ عندهم الصالحون من العُلماءِ والعبادِ، و«كثر بأرضِ الشامِ النصرانيةُ والدرزيةُ والحشيشيةُ» نتيجة سوء تدبيرهم وإدارتهم، وكان من نتيجة ذلك حتى أخذ الإفرنج بيت المقدس. وأورد هؤلاء بطش الفاطميين ببعض عُلماء أهل السُنَّة، ومنهم الإمام أبوبكر مُحمَّد بن أحمد بن سهل الرملي، الشهير بابن النابلسي، الذي قيل بأنَّهُ تهجَّم على المُعز لدين الله ونطق له وجهًا لوجه أنَّهُ يجب على المُسلمين قتال الفاطميين كونهم غيّروا دين الأُمَّة وادعوا ما ليس لهم وقتلوا الصالحين، فأمر المُعز حتى يُضرب النابلسي ضربًا مُبرحًا، ثُم حتى يُسلخ جلده حيًّا. كما يروي أصحاب هذا الاتجاه أنَّ عُبيد الله المهدي لمَّا ولج القيروان أمر بتعليق رؤوس الأكباش والحُمر على الحوانيت عليها قراطيس معلقة فيها أسماء الصحابـة، الأمر الذي أدّى إلى انتفاض وثورة عُلماء المالكيَّة.

وفي الزمن المُعاصر، أصدت اللجنة الدائمة للبحوث الفهمية والإفتاء بالمملكة العربيَّة السُعوديَّة فتوى اتى فيها أنَّهُ بعد الاطلاع على أقوال العُلماء والمؤرخين تبيَّن أنَّ الدولة الفاطميَّة كان لها من الضرر والإضرار بالمُسلمين ما يكفي في دفع كُل ما يحمل لواءها ويدعوبدعواتها، وأنَّها دولةٌ ضالَّة لا يجوز الدعوة إليها، لأنَّ هذه الدعوة غش وخيانة للإسلام وأهله. واتىت هذه الفتوى ردًا على كلامٍ صرَّح به الزعيم الليبي آنذاك، مُعمَّر القذَّافي، قائلًا أنه ينوي إقامة الخِلافة الفاطميَّة الثانية، حيث ورد عن لسانه:

إنَّ الدَّوْلَةَ الفَاطِمِيَّةَ الجَدِيْدَة هِيَ تَارِيْخُنَا، هِيَ مُلْكُنَا، هِيَ إِرْثُنَا. نَحْنُ صَنَعْنَا الدَّوْلَةَ الفَاطِمِيَّةَ الأُوْلَى وَسَنَصْنَعُ الدَّوْلَةَ الفَاطِمِيَّةَ الثَّانِيَةَ، هَذِهِ دَوْلَتُنَا وَلَيْسَ مِن حَقِّ أحَدٍ أَن يَحْتَجَّ عَلَيْنَا وَمَن يَحْتَجُّ عَلَيْنَا هُوَ يَنْبَح، هِيَ دَوْلَتُنَا أُقِيْمَت فَوْقَ هَذِهِ الأَرْض، أَقَامَهَا أَجْدَادُنَا، وَلَوْلَا الفَاطِمِيُّونَ مَا كَانَتِ القَاهِرَة، فَالقَاهِرَةُ فَاطِمِيَّةٌ مَائَة فِي المَائَة، وَالأَزْهَرُ هُوَ مَسْجِدُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاء وَهُوَ قَلْعَةٌ مِن قِلَاعِ الفَاطِمِيَّةِ، رَاجِعُوْا كُلَّ ثَقَافَتِكُم وَأَعْيَادِكُم وَمَوَاسِمِكُم فِيْ شَمَالِ أَفْرِيْقِيَا، كُلَّهَا شِيْعِيَّة، وَأوَّلُ دَوْلّةٍ شِيْعِيَّةٍ فِي التَّارِيْخِ فِي أَفْرِيْقِيَا هِيَ الدَّوْلَةَ الفَاطِمِيَّةَ، وَلَن نَعْتَرِفَ بَعْدَ اليَوْمِ بِإِمَامَةِ أيِّ حَاكِمٍ يُرِيْدُ حتى يَعْمَلَ دَوْلَةً دِيْنِيَّةٍ مَا لَم يَكُن مِن آلِ البَيْتِ الذِيْنَ لَهُم الحقُّ الإِلَهِيُّ فِي الحُكْمِ.

انظر أيضًا

  • إسماعيلية
  • أئمة الإسماعيلية
  • البُهرات
  • أغا خان
  • قائمة السلالات الإسلامية الشيعية
  • شجرة الخلفاء المسلمين

مراجع

حواشٍ

  • 1: مبدأ ستر الإمام هونهج انتهجه أئمَّة الإسماعيليَّة ليتخفّوا عن عيون أعدائهم، وبالمقام الأوَّل العبَّاسيين، ومفاد هذا المبدأ أنَّ الإمام يستتر حتّى عن أتباعه ومؤيديه، فلا يعهده منهم سوى المُقربون وخواص الخواص من شيعته. وقد قام الإسماعيليّون بتغطية هذه الفترة الغامضة وإخفائها بشكلٍ مُحكم، الأمر الذي أثار الشُكوك حول أُصولهم العمليَّة وإن كانوا علويِّين أم لا، فاستند رافضوا هذه الفكرة إلى هذه الفترة لدحض الرأي القائل بنسبهم الشريف. يقول الدكتور مُحمَّد تام حسين عن هذه الفترة: «إنَّها فترةٌ غامضةٌ أشدَّ الغُموضِ، حتَّى أنَّ بعض مؤرخي وكُتَّاب الإسماعيليَّة تحدثوا عن هذه الفترة رمزًا دون تصريحٍ مما يجعلُ موضوع الحديث عن دور الستر شاقًّا وعسيرًا على كُلِّ باحثٍ في تاريخ الإسماعيليَّة».
  • 2: أبوالخطَّاب مُحمَّد بن أبي زينب الأسدي الأجدع، هومن موالي بني أسد. كان مُقرَّبًا من الإمامين مُحمَّد الباقر وجعفر الصَّادق، وظلَّ أحد أتباعهما المُخلصين حتَّى تبرَّأ منه الإمام جعفر الصَّادق بعمل آرائه المُتطرِّفة والغالية، وورد لعنه على لسان عددٍ من الرُواة، عملى سبيل المِثال نطق ابن الغضائري: «مُحَمَّد بن أبي زينب أبوالخطّاب الأجذع الزرّاد، مولى بني أسد: لعنه اللّه تبارك وتعالى، أمرُهُ شهيرٌ، وأرى هجرُ ما يقولُ أصحابُنا حدَّثنا أبوالخطَّابِ طالما استقامتهِ».
  • 3: ذكر عُبيد الله المهدي نسبه في الرِّسالة التي أوفدها إلى اليمن، فنطق: «وَالوَلِيُّ عَلِيُّ بن الحُسَيْن بن عَلِيّ بن أحْمَد بن عَبْدُ الله، بن عَبْدُ الله ثَانِيَةً، بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الحُسَيْن بن عَلِيٍّ بن أَبِي طَالِب...» واسمهُ الظَّاهر عبدُ الله بن مُحمَّد لأنَّهُ ابن مُحمَّد بن بن أحمد في الباطن، وعليهقد يكون مُحمَّد أبا المهدي الباطن ليس مثل المهدي بن إسماعيل.
  • 4: أبوعبدُ الله الحُسين بن أحمد الدَّاعي الشيعي، هوصاحب الفترة الثانية للدعوة الإسماعيليَّة في المغرب، وانتقلت على يديه من الإعداد النظري إلى الدور العملي الماديّ لبناء دولة آل البيت. كان رجُلًا صوفيًّا جارًا لأبي عليّ الدَّاعي في الكوفة. وصفه القاضي النُعمان بقوله: «وَكَانَ ذَا عِلْمٍ وَعَقْلٍ وَدِيْنٍ وَوَرَعٍ، وَأمَانَةٍ وَنَزَاهَةٍ، أضَافَ أكْثَرَ عِلْمِ البَاطِنِ، وَنَظَرٌ فِي عِلْمِ الظَّاهِرِ لَمً يُبَالَغ فِيْهِ». وعُرف بالمُعلِّم لأنَّهُ كان يُعلِّمُ ممضى الإماميَّة الباطنيَّة، وسُمِّي بالمُحتسب لأنَّهُ عمل مُحتسبًا في سوق الغزل بالبصرة، وعُرف أيضًا بالصوفيّ لأنَّه كان يلبسُ الثياب الخشنة كسائر المُتصوِّفين. كان على شيءٍ من الذكاء والمهارة، استغلَّهما في الوصول إلى ما يُريد.
  • 5: من التطوُّرات السياسيَّة التي دفعت عُبيد الله المهدي إلى مُغادرة سلميَّة: انقسام الحركة الإسماعيليَّة وانشقاقها على نفسها بعمل بعض التغييرات التنظيميَّة ممَّا أدّى إلى مُهاجمة القرامطة مركز الدعوة في سلميَّة. وكشف العبَّاسيين لشخصيَّة المهدي ومُلاحقتهم إيَّاه، ورواج الدعوة الإسماعيليَّة في العالم الإسلامي ممَّا أذن بضرورة ظُهور الإمام المستور وانتهاء دور الستر.
  • 6: كان اسم المدينة في البداية «المنصوريَّة»، وظلَّ الاسم هكذا لمدَّة أربع سنوات، ثم سُمِّيت «القاهرة المعزِّيَّة» نسبةً إلى الخليفة الفاطمي الرابع المعز لدين الله، ويُقَال إذا اسم «القاهرة» اتى من أمل معزّ الدين بقهر الخلافة العباسية واستبدالها بالفاطميَّة.
  • 7: حمدان بن الأشعث القُرمُطيّ. كان رجُلًا أحمر العينين يحملُ على أثوارٍ له، وكان أهلُ القرية يُسمّونهُ «كرميتة»، وهوبالنبطيَّة أحمرُ العينين. ويبدوأنَّ فترة التستُّر والتخفّي التي كان يُمارسها الدُعاة فرضت على حمدان تلك المهنة لإخفاء مهنته الرئيسيَّة. وفي روايةٍ لابن العديم أنَّ لفظة «قرامطة» إنَّما هي نسبةً إلى ممضىٍ يُنطقُ له القرامطة خارج عن مذاهب الإسلام، فيكون على هذه الموضوعة عزوه إلى ممضىٍ باطلٍ لا إلى رجُلٍ، ويتوافق ذلك مع القول بأنَّ حدثة «قرمطة» هي حدثة آراميَّة تعني «العِلمُ السريُّ»، والمعنى الذي تدلُّ عليه حدثة «قرامطة»، وهو«السريُّ»، يتَّفقُ مع لقب «الباطنيَّة»، وهوالقول بوجود فهمٌ ظاهريٌّ وفهمٌ داخليٌّ خاص. وعلى هذاقد يكون معنى القرامطة هوالباطنيَّة.

مصادر

  1. ^ يذكُرُ المؤرِّخ المغربي أبوعبد الله مُحمَّد بن عليّ بن حمَّاد (توفي حوالي سنة 1230م) في مؤلَّفه حامل عنوان أخبارُ مُلوك بني عُبيد (طباعة باريس، 1927م، ص. 57) أنَّ أمير المؤمنين إسماعيل المنصور بالله اتى إلى القيروان سنة 948م بعد فوزه على أبويزيد مخلد بن كيراد حيثُ قابله الأعيان والحُكَّام مُمتطين خيولًا مُطهَّمة وحاملين راياتٍ خضراء.
  2. ^ Turchin, Peter; Adams, Jonathan M.; Hall, Thomas D (December 2006). "East-West Orientation of Historical Empires" (PDF). Journal of world-systems research. 12 (2): 219–229. مؤرشف من الأصل (PDF) في 19 أغسطس 2012. اطلع عليه بتاريختسعة يناير2012.
  3. ^ الطالبي 1985، صفحة 642-643
  4. طقوش 2014، صفحة 53-54
  5. ^ Wintle, Justin (May 2003). History of Islam. London: Rough Guides Ltd. صفحات 136–7. ISBN .
  6. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 39
  7. جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 34-36
  8. ^ Baer, Eva (1983). . الجامعة الحكومية في نيويورك  . صفحة xxiii. ISBN . مؤرشف من الأصل في 19 فبراير 2015.
  9. ^ Ivanov, Vladimir Alekseevich (1942). Ismaili Tradition concerning the rise of the Fatimids. London: Oxford University Press. صفحة 233-258.
  10. ^ الطبريّ، أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1960). تاريخ الرسل والملوك، الجزء العاشر. القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 95.
  11. ^ دائرة المعارف الإسلاميَّة، الجزء الخامس والعشرين (الطبعة الأولى). بيروت - لبنان: دار الفهم ومركز الشارقة للإبداع الفكري. 1998. صفحة 7735.
  12. ^ زكَّار، سُهيل (1987). الجامع في أخبار القرامطة في الأحساء - اليمن - الشام - العراق، الجزء الأوَّل. دمشق - سوريا: دار حسَّان. صفحة 287.
  13. فيَّاض, نبيل (1420هـ - 1999م). "الطائفة الإسماعيليَّة جسرٌ يربطُ الدين بالعقل". مجلَّة الموسم. محمد سعيد الطريحي (العددان 43 و44): صفحة 152. ISSN 1384-2773.
  14. طقوش 2014، صفحة 55-56
  15. ابن النديم; تحقيق الشيخ إبراهيم رمضان (1994). الفهرست (الطبعة الأولى). بيروت - لبنان: دار الفهم. صفحة 233.
  16. ^ ابن أيبك الدواداري، أبوبكر عبدُ الله; تحقيق صلاحُ الدين المُنجِّد (1961). كنزُ الثُرر وجامع الغُرر، الجزء السَّادس المُسمّى «الدُرَّة المُضيَّة في أخبار الدولة الفاطميَّة». القاهرة - مصر: المعهد الألماني للآثار. صفحة 6 - 21.
  17. ^ دفتري، فرهاد; ترجمة وتحقيق: سيف الدين القصير (2007). الإسماعيليَّون في العصر الوسيط – تاريخهم وفكرهم (الطبعة الثانية). بغداد - العراق: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 19.
  18. ^ غالب، مُصطفى (1965). تاريخ الدعوة الإسماعيليَّة (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 138.
  19. ^ Ivanov, Vladimir Alekseevich (1942). Ismaili Tradition concerning the rise of the Fatimids. London: Oxford University Press. صفحة 128-130.
  20. ^ معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج 20 - الصفحة 125 نسخة محفوظة 20 يوليو2014 على مسقط واي باك مشين.
  21. ^ الخط » سير أعلام النبلاء المضىي» الطبقة التاسعة» عَبْد اللَّهِ بْن ميمون القداح المكي نسخة محفوظة 19 يوليو2014 على مسقط واي باك مشين.
  22. ^ العسقلاني، الحافظ أبوالفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر; تحقيق: محمد عوامة (1406هـ - 1986م). تقريب التهذيب، الجزء الأوَّل (الطبعة الأولى). حلب - سوريا: دار الرشيد. صفحة 455.
  23. ^ Ivanow, Wladimir (1946). The Alleged Founder of Ismailism. Bombay. صفحة 99-103.
  24. ^ طقوش 2014، صفحة 57
  25. ^ القُرشي، إدريس عمادُ الدين; تحقيق مُصطفى غالب (1968). عيون الأخبار وفنون الآثار، السبع الرَّابع (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 393 - 394.
  26. ^ ابن فهد، عُمر بن مُحمَّد المكّي; تقديم حُسين فيَّض الله الهمذاني (1958). نسب الخُلفاء الفاطميين. القاهرة - مصر: الجامعة الأمريكية بالقاهرة. صفحة 10.
  27. ^ ابن حزم، أبومُحمَّد عليّ بن أحمد بن سعيد الأندلُسيّ; تحقيق لجنة من العُلماء (1403هـ - 1983م). جمهرة أنساب العرب (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 59.
  28. ^ النوبختي، أبوعبدُ الله مُحمَّد الحسن بن موسى; تحقيق هيلموت ريتر (1931). فرق الشيعة. إسطنبول - تُركيَّا. صفحة 65 - 66.
  29. ^ القِمّي، أبوالقاسم سعد بن عبدُ الله الأشعري; تحقيق مُحمَّد مشكور (1963). الموضوعات والفِرق. طهران - إيران. صفحة 87 - 88 و163 - 164.
  30. ^ القُرشي، إدريس عمادُ الدين; تحقيق مُصطفى غالب (1968). عيون الأخبار وفُنون الآثار، السبع الرابع (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 363 - 404.
  31. ^ طقوش 2014، صفحة 59
  32. ^ دائرة المعارف الإسلاميَّة، الجزء الخامس والعشرين (الطبعة الأولى). بيروت - لبنان: دار الفهم ومركز الشارقة للإبداع الفكري. 1998. صفحة 738.
  33. ^ لويس، برنارد; تحقيق خليل أحمد خليل (1993). أُصول الإسماعيليَّة والفاطميَّة والقُرمُطيَّة (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: دار الحداثة للطباعة والنشر. صفحة 33 و37.
  34. ^ لويس، برنارد; تحقيق خليل أحمد خليل (1993). أُصول الإسماعيليَّة والفاطميَّة والقُرمُطيَّة (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: دار الحداثة للطباعة والنشر. صفحة 33 وما بعدها، والصفحة 160 - 163.
  35. ^ الدشراوي، فرحات; ترجمة حمَّادي الساحليّ (1994). الخلافة الفاطمية بالمغرب 296-365هـ / 909-975م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الغرب الإسلامي. صفحة 67.
  36. ^ Ivanov, Vladimir Alekseevich (1942). Ismaili Tradition concerning the rise of the Fatimids. London: Oxford University Press. صفحة 31, 37, 140.
  37. ^ اليعقوبي، أبويعقوب أحمد بن إسحٰق بن جعفر بن وهب بن واضح; تحقيق مُحمَّد أمين الضنَّاوي (1422هـ - 2002م). كتابُ البُلدان (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 351 - 352 و356. ISBN .
  38. القاضي النعمان 1970، صفحة 54
  39. ^ الطالبي 1995، صفحة 656
  40. ^ البكري، أبوعبدُ الله بن عبدُ العزيز (1911). المُغرِّب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب. باريس - فرنسا. صفحة 57.
  41. القاضي النعمان 1970، صفحة 57-58
  42. ^ القاضي النعمان 1970، صفحة 60
  43. ^ ابن خلدون، أبوزيد عبدُ الرحمٰن مُحمَّد بن مُحمَّد; تحقيق: خليل شحادة وسُهيل زكَّار (1408هـ - 1988م). كتاب العِبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (تاريخ ابن خلدون)، الجزء الرَّابع (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الفكر. صفحة 62 - 63.
  44. ^ المقريزي، تقيُّ الدين أحمد بن عليّ بن عبدُ القادر; تحقيق الدكتور جمالُ الدين الشيَّال (1416هـ - 1996م). اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، الجزء الأوَّل (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميَّة. صفحة 55.
  45. ^ ابن عذاري المُرَّاكشي، أبوعبدُ الله مُحمَّد بن مُحمَّد; تحقيق ومُراجعة: كولان وليڤي بروڤنسال (1995). البيان المُغرِّب في أخبار الأندلس والمغرب، الجزء الأوَّل (الطبعة الخامسة). بيروت - لُبنان: دار الثقافة. صفحة 125.
  46. القاضي النعمان 1970، صفحة 71-73
  47. ^ الدشراوي، فرحات; ترجمة: حمَّادي السَّاحليّ (1994). الخلافة الفاطميَّة بالمغرب 296-365هـ / 909-975م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الغرب الإسلامي. صفحة 92.
  48. ^ الطالبي 1995، صفحة 706
  49. ^ الدشراوي، فرحات; ترجمة: حمَّادي السَّاحليّ (1994). الخلافة الفاطميَّة بالمغرب 296-365هـ / 909-975م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الغرب الإسلامي. صفحة 99.
  50. ^ القاضي النعمان 1970، صفحة 137-138
  51. القاضي النعمان 1970، صفحة 154-156
  52. ^ القاضي النعمان 1970، صفحة 163-165
  53. ^ الحموي، شهابُ الدين أبوعبدُ الله ياقوت بن عبدُ الله الرومي; تحقيق فريد عبدُ العزيز الجُندي (2012). مُعجم البُلدان، الجزء الأوَّل (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 325. ISBN .
  54. ^ الدشراوي، فرحات; ترجمة حمَّادي الساحليّ (1994). الخلافة الفاطمية بالمغرب 296-365هـ / 909-975م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الغرب الإسلامي. صفحة 157.
  55. ^ ابن عذاري المُرَّاكشي، أبوعبدُ الله مُحمَّد بن مُحمَّد; تحقيق ومُراجعة: كولان وليڤي بروڤنسال (1995). البيان المُغرِّب في أخبار الأندلس والمغرب، الجزء الأوَّل (الطبعة الخامسة). بيروت - لُبنان: دار الثقافة. صفحة 149.
  56. ^ السرجاني 2005، صفحة 416-415
  57. ^ حسن، حسن إبراهيم (1981). تاريخ الدولة الفاطميَّة في المغرب، ومصر، وسورية، وبلاد العرب (الطبعة الرَّابعة). القاهرة - مصر: مخطة النهضة المصريَّة. صفحة 52.
  58. طقوش 2014، صفحة 74-75
  59. ^ ابن الأثير، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم مُحمَّد الشِّيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 597.
  60. ^ القاضي النعمان 1970، صفحة 239
  61. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد بن يحيى; تحقيق: عُمر عبد السَّلام تدمُريّ (1990). تاريخ الأنطاكي، المعروف بصلة تاريخ أوتيخا (الطبعة الأولى). طرابلس - لُبنان: جروس برس. صفحة 65.
  62. ^ القاضي النعمان 1970، صفحة 245-254
  63. السرجاني 2005، صفحة 416-417
  64. العش 1982، صفحة 210
  65. ^ العش 1982، صفحة 211
  66. ^ كيرة 2004، صفحة 44
  67. ^ كيرة 2004، صفحة 45
  68. ^ كيرة 2004، صفحة 47
  69. ^ العش 1982، صفحة 213
  70. العش 1982، صفحة 215
  71. ^ كيرة 2004، صفحة 48
  72. ^ كيرة 2004، صفحة 49
  73. ^ كيرة 2004، صفحة 50-51
  74. العش 1982، صفحة 216
  75. ^ كيرة 2004، صفحة 51
  76. ^ محمد كمال شبانة (1429 هـ - 2008م). الدويلات الإسلامية في المغرب: دراسة تاريخية حضارية (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: دار العالم العربي. صفحة 145.
  77. ^ كيرة 2004، صفحة 55
  78. العش 1982، صفحة 217
  79. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 32
  80. العش 1982، صفحة 221
  81. وفاة الخليفة الفاطمي العزيز بالله. مفكر الإسلام. تاريخ النشر 07-09-2010. تاريخ الولوج 18-07-2014. نسخة محفوظة 12 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  82. العش & 1982 p222
  83. ^ العش & 1982 p223
  84. ^ تراجم الأعلام - الحاكم بأمر الله. المخطة الإسلامية، إسلام ويب. تاريخ الولوج 18-07-2014. نسخة محفوظة 25 يوليو2014 على مسقط واي باك مشين.
  85. العش & 1982 p224
  86. ^ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لصاحبه ابن تغري. المجلد الأول، ص471. رابط إلكتروني. نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  87. ^ البداية والنهاية، لصاحبه ابن كثير. المجلد الثاني عشر، ص183. رابط إلكتروني. نسخة محفوظة 08 أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  88. وفاة الخليقة المستنصر. مفكر الإسلام. تاريخ النشر 14-11-2011. تاريخ الولوج 19-07-2014. نسخة محفوظة 08 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  89. العش & 1982 p225
  90. برجاوي & 1984 p163
  91. ^ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، لصاحبه ابن تغري. المجلد الأول، ص490. رابط إلكتروني. نسخة محفوظة 08 أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  92. ^ السرجاني 2005، صفحة 423
  93. السرجاني 2005، صفحة 424
  94. العش & 1982 p226
  95. برجاوي & 1984 p163-169
  96. ^ برجاوي & 1984 p171
  97. السرجاني 2005، صفحة 425
  98. ^ نصيب الحافظ لدين الله خليفة للعبيديين (الفاطميين) واستبداد الوزير بالأمر وحجره على الخليفة. الدرر السنيَّة. تاريخ الولوج 22-07-2014. نسخة محفوظة 14 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  99. الحافظ لديه الله - المخطة الإسلامية. إسلام ويب. تاريخ الولوج 22-07-2014. نسخة محفوظة 26 يوليو2014 على مسقط واي باك مشين.
  100. ^ السرجاني 2005، صفحة 426
  101. ^ السرجاني 2005، صفحة 428
  102. ^ السيِّد، أيمن فؤاد (2000). الدولة الفاطميَّة في مصر: تفسير جديد (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: الدار المصريَّة اللُبنانيَّة. صفحة 234 - 235.
  103. ^ ابن واصل، جمالُ الدين أبوعبدَ الله مُحمَّد بن سليم الشافعيّ; تحقيق: عُمر عبدُ السلام تدمُري (2004). مُفرج الكُروب في أخبار بني أيّوب، الجزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المخطة العصريَّة للطباعة والنشر. صفحة 174. ISBN .
  104. أبوشامة، شهابُ الدين عبدُ الرحمٰن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي; تحقيق: إبراهيم الزيبق (1997). كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النوريَّة والصلاحيَّة، الجزء الأوَّل (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: دار المعارف. صفحة 450 - 452.
  105. الصّوري، وِليم; ترجمة وتحقيق حسن حبشي (1991). الحروب الصليبيَّة، الجزء الثاني (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب. صفحة 938.
  106. ابن واصل، جمالُ الدين أبوعبدَ الله مُحمَّد بن سليم الشافعيّ; تحقيق: عُمر عبدُ السلام تدمُري (2004). مُفرج الكُروب في أخبار بني أيّوب، الجزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المخطة العصريَّة للطباعة والنشر. صفحة 175 - 177. ISBN .
  107. ^ ابن الأثير، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم مُحمَّد الشِّيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجزء التاسع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 350.
  108. ^ عمران، محمود سعيد (1998). معالم التاريخ الإسلامي الوسيط (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار النهضة العربيَّة. صفحة 166.
  109. ^ طقوش 2014، صفحة 517
  110. ^ ابن الأثير، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم مُحمَّد الشِّيباني; تحقيق: عبدُ القادر أحمد طليمات (1995). التاريخ الباهر في الدولة الأتابكيَّة (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: دار الكُتب الحديثة. صفحة 156.
  111. ابن الأثير، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم مُحمَّد الشِّيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجزء التاسع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 365.
  112. ^ ابن تغري بردي، أبوالمحاسن جمالُ الدين يُوسُف بن الأمير سيفُ الدين; قدَّم له وعلَّق عليه: مُحمَّد حُسين شمسُ الدين (1413هـ - 1992م). النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، الجزء الخامس (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الخط. صفحة 356.
  113. جريدة النبأ. العدد 38 - رجب 1420هـ: المزايا السياسيَّة والفكريَّة لنظام الدولة الفاطميَّة نسخة محفوظة 17 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  114. ^ جريدة الأهرام: الألقاب الفخريَّة في الدولة الإسلاميَّة. بقلم: شريفة عوض. تاريخ النشر: 2 أبريل 1991م نسخة محفوظةثمانية أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  115. مسقط نداءُ الإيمان؛ كتاب: اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء نسخة محفوظة 12 أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  116. ^ شبارو, عصام محمد (1995م). الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى (1-41هـ/623-661م) (الطبعة 3). بيروت-لبنان: دار النهضة العربيَّة. صفحة 375.
  117. ^ Old Roads: Cairo of the mind نسخة محفوظة 19 فبراير 2012 على مسقط واي باك مشين.
  118. ^ Brief History of Transfer of the Sacred Head of Husain ibn Ali, From Damascus to Ashkelon to Qahera By: Qazi Dr. Shaikh Abbas Borhany PhD (USA), NDI, Shahadat al A’alamiyyah (Najaf, Iraq), M.A., LLM (Shariah) Member, Ulama Council of Pakistan, Published in Daily News, Karachi, Pakistan on 03-1-2009.
  119. ^ المقريزي، تقيُّ الدين أحمد بن عليّ بن عبدُ القادر; تحقيق الدكتور جمالُ الدين الشيَّال (1416هـ - 1996م). اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، الجزء الأوَّل (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميَّة. صفحة 93.
  120. ^ "Brief history of Sicily". Archaeology.Stanford.edu. 24 November 2008. مؤرشف من الأصل (PDF) في 06 يوليو2013.
  121. ^ al Juyushi: A Vision of the Fatemiyeen. Graphico Printing Ltd.ستة Dec 2002. ISBN .
  122. ^ جريدة المصري اليوم؛ مصر الإسلاميَّة: من الفتح إلى حُكم المماليك. بقلم مُحمَّد السيِّد. تاريخ التحرير: الإثنين 30 يوليو2012 نسخة محفوظة 14 يوليو2017 على مسقط واي باك مشين.
  123. الرُكن الأخضر: الوزارة في الدولة الإسلامية.. النشأة والتطور. بقلم: الدكتور أشرف صالح مُحمَّد. تاريخ التحرير: الأحد 20 يوليو2014 نسخة محفوظة 27 يوليو2014 على مسقط واي باك مشين.
  124. ^ . Routledge. 31 Oct 2005. صفحة 90. ISBN . مؤرشف من الأصل فيسبعة يناير 2019.
  125. ^ مادة التاريخ، فصل تاريخ القضاء وأحكامه، القضاء في عهد الفاطميين.[وصلة مكسورة]نسخة محفوظة 21 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  126. ^ المخطة الإسلامية على شبكة إسلام ويب: محمد بن أبي حنيفة النعمان بن محمد نسخة محفوظة 21 مارس 2020 على مسقط واي باك مشين.
  127. ^ اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، لصاحبه تقي الدين المقريزي. ذكر طرف من ترتيب الدولة الفاطمية. رابط إلكتروني. نسخة محفوظة 12 أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  128. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 36
  129. أمين، محمود حُسين (1418هـ - 1998م). بنوملاعب في التاريخ (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الروضة. صفحة 26 - 27.
  130. ^ عبد الله جمال الدين 1991، صفحة 187
  131. ^ عبد الله جمال الدين 1991، صفحة 189
  132. ^ عبد الله جمال الدين 1991، صفحة 190-191
  133. ^ المقريزي ج2 1987، صفحة 12
  134. ^ أيمن فؤاد 1992، صفحة 281
  135. ^ المقريزي ج1 1987، صفحة 86
  136. ^ عبد الله جمال الدين 1991، صفحة 217-221
  137. ^ أيمن فؤاد 1992، صفحة 287-290
  138. ^ المقريزي ج1 1987، صفحة 401-402
  139. ^ مُصطفى، شاكر (1993). موسوعة دول العالم الإسلامي ورجالها - الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الفهم للملايين. صفحة 352.
  140. ^ ابن الأثير، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم مُحمَّد الشِّيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجزء السَّابع (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 333.
  141. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 27
  142. ^ طقوش 2014، صفحة 228
  143. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد بن يحيى; تحقيق: عُمر عبد السَّلام تدمُريّ (1990). تاريخ الأنطاكي، المعروف بصلة تاريخ أوتيخا (الطبعة الأولى). طرابلس - لُبنان: جروس برس. صفحة 326.
  144. ^ ابن العديم، الصَّاحب كمالُ الدين عُمر بن أحمد بن أبي جرادة العُقيلي; تحقيق سُهيل زكَّار (1997). زُبدة الحلب في تاريخ حلب، الجزء الأوَّل (الطبعة الأولى). دمشق - سوريا: دار الكتاب العربي. صفحة 192.
  145. ^ المسبحيّ، عزُّ المُلك مُحمَّد بن عُبيد الله بن أحمد; تحقيق وِليم ميلورد (1980). أخبار مصر في سنتين (414-415 هـ)، الجُزء الأربعون (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: الهيئة المصريَّة العامَّة للمحرر. صفحة 210.
  146. ^ ابن الفرضي ج1 1966، صفحة 61 سيرة رقم 201
  147. ^ دويدار 1994، صفحة 172
  148. ^ مسعد 2000، صفحة 80
  149. ^ ابن عذاري ج2 1980، صفحة 165
  150. ^ رسائل ابن حزم2 1987، صفحة 63
  151. ^ دويدار 1994، صفحة 171
  152. ^ مسعد 2000، صفحة 84
  153. ^ نعنعي 1986، صفحة 367
  154. ^ أزهار الرياض للمقري 1940، صفحة 257
  155. ^ عنان ج1 1997، صفحة 425-426
  156. ^ الدليمي 2005، صفحة 124-125
  157. ^ عنان ج1 1997، صفحة 427
  158. ^ مسعد 2000، صفحة 108
  159. ^ ابن عذاري ج2 1980، صفحة 281-282
  160. ^ نعنعي 1986، صفحة 461-462
  161. ^ العبادي -، صفحة 349
  162. ^ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - أحداث سنة 334 هـ نسخة محفوظة 26 يوليو2014 على مسقط واي باك مشين.
  163. ^ ابن تغري بردي ج4 1992، صفحة 165
  164. ^ العبادي -، صفحة 351
  165. ^ ابن تغري بردي ج4 1992، صفحة 225
  166. ^ ابن تغري بردي ج4 1992، صفحة 229-230
  167. ^ العبادي -، صفحة 352
  168. ^ شاكر، محمود (1421هـ - 2000م). موسوعة التاريخ الإسلامي، الجزء السَّادس (الطبعة الثامنة). القاهرة - مصر: المخط الإسلامي. صفحة 81 - 82.
  169. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج9 1999، صفحة 411
  170. ^ حسن، إبراهيم حسن; شرف، أحمد طٰه (1964). عُبيد الله المهدي إمام الشيعة الإسماعيليَّة ومؤسس الدولة الفاطميَّة في بلاد المغرب (الطبعة الثالثة). القاهرة - مصر: مخطة النهضة المصريَّة. صفحة 211.
  171. ^ ابن الأثير، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم مُحمَّد الشِّيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 614 - 615.
  172. ابن الأثير، عزُّ الدين أبي الحسن عليّ بن أبي الكرم مُحمَّد الشِّيباني; تحقيق: أبوالفداء عبدُ الله القاضي (1407هـ - 1987م). الكامل في التاريخ، الجزء السَّادس (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الكُتب الفهميَّة. صفحة 742.
  173. ^ Mecca's History, from موسوعة بريتانيكا. نسخة محفوظة 09 مايو2015 على مسقط واي باك مشين.
  174. الدشراوي، فرحات; ترجمة حمَّادي الساحليّ (1994). الخلافة الفاطمية بالمغرب 296-365هـ / 909-975م (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الغرب الإسلامي. صفحة 319.
  175. ^ الفُسطاط، المجلَّة التاريخيَّة: نظرة تاريخية عن الدولة العُبيديَّة. إعداد: عبدُ الرحمٰن كيلاني
  176. ^ ابن تغري بردي ج5 1992، صفحة 13
  177. ^ ابن تغري بردي ج5 1992، صفحة 9
  178. ^ العبادي -، صفحة 354-356
  179. ^ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - أحداث سنة 463 هـ (1) نسخة محفوظة 08 أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  180. ^ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - أحداث سنة 463 هـ (2) نسخة محفوظة 08 أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  181. ^ الكامل في التاريخ - ابن الأثير - أحداث سنة 468 هـ نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  182. العبادي -، صفحة 357
  183. ^ الحياري 1994، صفحة 25
  184. ^ تاريخ أفريقيا العام، المُجلَّدُ الثالث: أفريقيا من القرن السَّابع إلى القرن الحادي عشر. صفحة: 362 نسخة محفوظةعشرة أغسطس 2014 على مسقط واي باك مشين.
  185. ^ ابن تغري بردي ج4 1992، صفحة 122
  186. ^ ابن تغري بردي ج4 1992، صفحة 124-125
  187. ^ العبادي -، صفحة 330-331
  188. ^ المقريزي ج1 1987، صفحة 355
  189. ^ المقريزي ج1 1987، صفحة 335
  190. ^ العبادي -، صفحة 333
  191. ^ فوز الصليبيين في معركة عسقلان بفلسطين. صحيفة الجزيرة. تاريخ الولوج 26-07-2014. نسخة محفوظة 08 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  192. ^ د. سعيد عبد الفتاح عاشور، الحركة الصليبية. القاهرة - مصر (2002)، صفحة 55.
  193. ^ Jonathan Phillips, The Second Crusade: Extending the Frontiers of Christendom (Yale University Press, 2007), pp. 216–227.
  194. ^ عصر الوزراء العظام الفاطمي، تاريخ مصر، 12 آب 2011. نسخة محفوظة 16 سبتمبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  195. ^ إغاثة الأمة 2007، صفحة 147-150
  196. ^ أيمن فؤاد 1992، صفحة 365-366
  197. ^ أيمن فؤاد 1992، صفحة 369-370
  198. المقريزي ج1 1987، صفحة 490
  199. المقريزي ج1 1987، صفحة 492
  200. أيمن فؤاد 1992، صفحة 371
  201. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 34
  202. ^ جريدة الوفد: فانوس رمضان.. له تاريخ! بقلم: عبَّاس الطرابيلي. تاريخ النشر: 29 يونيو2014 نسخة محفوظة 08 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  203. جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 38-39
  204. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 259-294
  205. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 295
  206. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 298
  207. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 425-426
  208. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 451
  209. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 473
  210. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 503
  211. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 203-205
  212. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 207-209
  213. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 37
  214. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 10-16
  215. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 87
  216. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 97-123
  217. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 196
  218. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 125-157
  219. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 247
  220. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 328-341
  221. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 479
  222. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 45
  223. ^ زغلول سلام ج2 -، صفحة 391
  224. ^ المقريزي ج1 1987، صفحة 458-459
  225. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 163
  226. ^ المقريزي ج1 1987، صفحة 408-409
  227. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 164
  228. ^ مصر الفاطمية.. الجامعة الإسلامية الكبرى نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  229. ^ زغلول سلام ج1 -، صفحة 175
  230. ^ الفاطمية في مصر... دولة علوم ومعارف نسخة محفوظة 15 يونيو2017 على مسقط واي باك مشين.
  231. ^ الفهم والفهماء أيام الفاطميين نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  232. ^ أمين، محمود حُسين (1418هـ - 1998م). بنوملاعب في التاريخ (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الروضة. صفحة 40 - 41.
  233. جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 45
  234. المُسافر: الـحالـة الاقتصـادية في عهـد الفـاطمييـن نسخة محفوظة 27 مايو2017 على مسقط واي باك مشين.
  235. ^ صحيفة صوتُ الأُخدود: نظرة عن الدولة الفاطميَّة. بقلم مُحمَّد آل زيد. تاريخ النشر: أربعة كانون الثاني (يناير) 2006م نسخة محفوظة 12 أبريل 2017 على مسقط واي باك مشين.
  236. ^ أمين، محمود حُسين (1418هـ - 1998م). بنوملاعب في التاريخ (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الروضة. صفحة 46.
  237. ^ Samy S. Swayd (2006). . Volume ثلاثة of Historical dictionaries of people and cultures (الطبعة illustrated). Scarecrow Press. صفحة xli. ISBN . مؤرشف من الأصل في 20 مارس 2017. اطلع عليه بتاريخ April 4, 2012. The fifth caliph, al-'Aziz bi-Allah (r.975-996)... In his time, the Fatimi "Call" or "Mission" (Da'wa) reached as far east as India and northern China.
  238. ^ الكرماني، أحمد بن حميدُ الدّين بن عبدُ اللّه; تحقيق مُصطفى غالب (1983). راحة العقل (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 84.
  239. ^ الكرماني، أحمد بن حميدُ الدّين بن عبدُ اللّه; تحقيق مُصطفى غالب (1983). راحة العقل (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 138.
  240. ^ أمين، محمود حُسين (1418هـ - 1998م). بنوملاعب في التاريخ (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الروضة. صفحة 46 - 47.
  241. ^ المقريزي، أبوالعبَّاس تقيُّ الدين أحمد بن عليّ (1270هـ - 1853م). الخطط المقريزيَّة المُسماة بالمواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار، الجزء الثاني. القاهرة - مصر: دار الطباعة المصريَّة. صفحة 212.
  242. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 33-34
  243. ^ مجلَّة الراصد، العدد الأربعون شوَّال 1427هـ: العُبيديّون الفاطميّون يُعلون من شأن اليهود والنصارى. تاريخ التحرير: الأحد 22 أكتوبر 2006م نسخة محفوظة 11 نوفمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  244. المقريزي، تقيُّ الدين أحمد بن عليّ بن عبدُ القادر; تحقيق الدكتور جمالُ الدين الشيَّال (1416هـ - 1996م). اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، الجزء الرَّابع (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميَّة. صفحة 72.
  245. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد بن يحيى; تحقيق: عُمر عبد السَّلام تدمُريّ (1990). تاريخ الأنطاكي، المعروف بصلة تاريخ أوتيخا (الطبعة الأولى). طرابلس - لُبنان: جروس برس. صفحة 252.
  246. ^ ابن تغري بردي، أبوالمحاسن جمالُ الدين يُوسُف بن الأمير سيفُ الدين; قدَّم له وعلَّق عليه: مُحمَّد حُسين شمسُ الدين (1413هـ - 1992م). النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، الجزء الرَّابع (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الخط. صفحة 178.
  247. ^ الكِندي، أبوعمرومُحمَّد بن يُوسُف بن يعقوب; تحقيق: مُحمَّد حسن مُحمَّد حسن إسماعيل، وأحمد فريد المزيدي (1424 هـ - 2003 م). كتاب الولاة وكتاب القُضاة (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الخط الفهميَّة. صفحة 600.
  248. ^ الأنطاكي، يحيى بن سعيد بن يحيى; تحقيق: عُمر عبد السَّلام تدمُريّ (1990). تاريخ الأنطاكي، المعروف بصلة تاريخ أوتيخا (الطبعة الأولى). طرابلس - لُبنان: جروس برس. صفحة 256.
  249. ^ ابن تغري بردي، أبوالمحاسن جمالُ الدين يُوسُف بن الأمير سيفُ الدين; قدَّم له وعلَّق عليه: مُحمَّد حُسين شمسُ الدين (1413هـ - 1992م). النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، الجزء الرَّابع (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الخط. صفحة 163.
  250. ^ جحا/البعلبكي/عثمان ج6 1992، صفحة 47
  251. ^ زهرُ الدين، الدكتور صالح (2007). تاريخ المُسلمين المُوحدين «الدُروز» (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: المركز العربي للأبحاث والتوثيق. صفحة 27.
  252. ^ مميزات العمارة في العصر الفاطمي. المنظمة الدولية للتحقيق بالأنساب والقبائل العربية. تاريخ الولوج 25-07-2014. نسخة محفوظة 16 نوفمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  253. السرجاني 2005، صفحة 419
  254. ^ العمارة الإسلامية في مدينة القاهرة القديمة. محمد حسام الدين، مسقط أرض الحضارات. تاريخ الولوج 25-07-2014. نسخة محفوظة 26 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  255. ^ Bloom 2008، صفحة 231.
  256. ^ Behrens-Abouseif 1992، صفحة 9.
  257. ^ Fage 1975، صفحة 22.
  258. ^ Kuiper 2009، صفحة 165.
  259. ^ 15 Important Muslim Women in History, March 8, 2014 نسخة محفوظة 30 يناير 2018 على مسقط واي باك مشين.
  260. ^ فرهاد دفتري, فرهاد دفتري (2004). Ismaili Literature: A Bibliography Of Sources And Studies. Institute of Ismaili Studies. ISBN .
  261. ^ استرآبادي، سيِّد حسن بن مُرتضى حسني; باهتمام: حسن إشرافي (1358هـ. ش). أز شيخ صفي تا شاه صفا (باللغة الفارسيَّة). تهران - إيران: انتشارات فهمي. صفحة 36. صيانة CS1: لغة غير مدعومة (link)
  262. هيئة عُلماء بيروت: الفاطميون بين حقائق التاريخ وظلم المؤرخين؛ إعداد: الشيخ سمير رحّال نسخة محفوظة 04 ديسمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  263. ^ السيوطي، الإمام الحافظ جلالُ الدين عبدُ الرحمٰن بن الكمال أبي بكر بن مُحمَّد (1425هـ - 2003م). تاريخ الخُلفاء (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار ابن حزم. صفحة 406.
  264. ^ شبكة الكفيل العالميَّة، المخطة الإسلاميَّة؛ كتاب «رياض المسائل الجزء الاول» مؤلف «الفقيه المدقق السيد عليّ الطباطبائي». نبذة عن التاريخ السياسي للتشيُّع في بلاد الشام نسخة محفوظة 04 أبريل 2016 على مسقط واي باك مشين.
  265. ^ مركز الإشعاع الإسلامي للدراسات والبحوث الإسلاميَّة، منطق بعنوان: "حَذَفَ عمر «حَيَّ على خير العمل» وأثبتها الشيعة" نسخة محفوظة 17 مايو2016 على مسقط واي باك مشين.
  266. ^ الشيخ أبومُحمَّد الفضل بن شاذان الأزدي النَّيسابوريّ; تحقيق السيّد جلالُ الدين بن القاسم الحُسيني (1402هـ - 1982م). الإيضاح (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: مؤسسة الأفهمي للمطبوعات. صفحة 201.
  267. شبكة صيد الفوائد:قراءاتٌ تاريخيةٌ؛ اغتيالاتُ فهماءِ وأمراءِ أهلِ السنةِ والجماعةِ. بقلم عبد الله زُقَيْل. تاريخ التحرير: ثلاثة شوَّال 1424 هـ نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  268. ^ مسقط طريق الإسلام: الدولة الفاطميَّة: بين مواقف مالكيَّة الأمس ومواقف أدعياء المالكيَّة اليوم نسخة محفوظة 01 أبريل 2017 على مسقط واي باك مشين.
  269. ^ جريدة المصري اليوم: لجنة الإفتاء السعُوديَّة: مؤسس الدولة الفاطميَّة التي حكمت مصر مجوسي.. وانتسابها لآل البيت كذب. تاريخ التحرير: 11/ 4/ 2007 نسخة محفوظة 03 سبتمبر 2014 على مسقط واي باك مشين.
  270. ^ مسقط الدكتور صالح حسين الرقب: القذافي يريد إعادة الدولة العُبيديَّة الفاطميَّة بجنون العظمة وهوس التفكير. تاريخ التحرير: 25 / 2 / 2011 نسخة محفوظة 19 فبراير 2018 على مسقط واي باك مشين.
  271. ^ الدُرر السُنيَّة: موسوعة الفرق المُنتسبة للإسلام؛ أئمَّة الإسماعيليَّة نسخة محفوظة 28 يوليو2017 على مسقط واي باك مشين.
  272. ^ الشهرستاني، مُحمَّد عبدُ الكريم; تحقيق عبدُ العزيز مُحمَّد الوكيل (1968). الملل والنحل، الجزء الثاني. القاهرة - مصر: مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع. صفحة 179 - 180.
  273. ^ مؤسسة الإمام الخوئي الخيريَّة: كتاب مُعجم رجال الحديث ـ الجزء الخامس عشر ؛ قسم الرجال نسخة محفوظة 26 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  274. ^ ابن فهد، عُمر بن مُحمَّد المكّي; تقديم حُسين فيَّض الله الهمذاني (1958). نسب الخُلفاء الفاطميين. القاهرة - مصر: الجامعة الأمريكية بالقاهرة. صفحة 10 - 11.
  275. ^ المقريزي، تقيُّ الدين أحمد بن عليّ بن عبدُ القادر; تحقيق الدكتور جمالُ الدين الشيَّال (1416هـ - 1996م). اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، الجزء الأوَّل (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميَّة. صفحة 51.
  276. ^ الطبريّ، الإمام أبوجعفر مُحمَّد بن جُرير بن يزيد; تحقيق مُحمَّد أبوالفضل إبراهيم (1998). تاريخ الرسل والملوك، الجُزء العاشر (الطبعة السَّادسة). بيروت - لُبنان: دار المعارف. صفحة 23 - 25.
  277. ^ القاضي، أحمد عهدات (1993). الفكر السياسي عند الباطنيَّة وموقف الغزالي منه. القاهرة - مصر: الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب. صفحة 17.

قراءات إضافية

  • ابن الفرضي, أبوالوليد عبد الله بن محمد بن يوسف (1966). تاريخ فهماء الأندلس. الدار المصرية للتأليف والترجمة.
  • ابن عذاري, أبوالعباس أحمد بن محمد (1983). البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب. دار الثقافة، بيروت.
  • نعنعي, عبد المجيد (1986). تاريخ الدولة الأموية في الأندلس – التاريخ السياسي. دار النهضة العربية، بيروت.
  • ابن حزم, علي (1987). رسائل ابن حزم الأندلسي. المؤسسة العربية للدراسات والنشر - تحقيق إحسان عباس.
  • الدليمي, فوز محمد صالح (2005). التحديات الداخلية والخارجية التي قابلت الأندلس خلال الفترة (300-366 هـ / 912-976 م). جامعة الموصل.
  • المقري, أبوالعباس أحمد بن محمد بن أحمد (1940). أزهار الرياض في أخبار عياض. المعهد الخليفي للأبحاث المغربية، بيت المغرب، القاهرة.
  • عنان, محمد عبد الله (1997). دولة الإسلام في الأندلس. مخطة الخانجي، القاهرة. ISBN . صيانة CS1: تجاهل خطأ ردمك (link)
  • دويدار, حسن يوسف (1994). المجتمع الأندلسي في العصر الأموي. مطبعة الحسين الإسلامية، القاهرة.
  • مسعد, سامية مصطفى (2000). العلاقات بين المغرب والأندلس في عصر الخلافة الأموية. عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية. ISBN .
  • المقريزي, تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي (1987). المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزية. مخطة الثقافة الدينية، القاهرة.
  • سلام, محمد زغلول. الأدب في العصر الفاطمي. منشأة المعارف، الإسكندرية.
  • العبادي, أحمد مختار. في التاريخ العباسي والفاطمي. دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت.
  • ابن تغري بردي, جمال الدين أبي المحاسن يوسف (1992). النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة. دار الخط الفهمية، بيروت.
  • الحياري, مصطفى (1994). القدس في زمن الفاطميين والفرنجة. المعهد الملكي للدراسات الدينية، عمّان، الأردن.
  • المقريزي, تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي (2007). إغاثة الأمة بكشف الغمة. عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، القاهرة.
  • سيد, أيمن فؤاد (1992). الدولة الفاطمية في مصر، تفسير جديد. الدار المصرية اللبنانية. ISBN .
  • جمال الدين, عبد الله محمد (1991). الدولة الفاطمية، قيامها ببلاد المغرب وانتنطقها إلى مصر إلى نهاية القرن الرابع الهجري مع عناية خاصة بالجيش. دار الثقافة والنشر والتوزيع، القاهرة.
  • الطالبي، مُحمَّد; تعريب المنجي الصيَّادي (1985). الدولة الأغلبيَّة. بيروت - لُبنان: دار الغرب الإسلامي.
  • الطالبيّ، مُحمَّد; تعريب المُنجي الصيَّادي; مُراجعة حمَّادي الساحلي (1415هـ - 1995م). الدولة الأغلبيَّة - التاريخ السياسي: 184-296هـ \ 800-909م (الطبعة الثانية). بيروت - لُبنان: دار الغرب الإسلامي.
  • طقّوش، مُحمَّد سُهيل (1435هـ - 2014م). تاريخ الفاطميين في شمالي إفريقية ومصر وبلاد الشَّام: 297 - 567هـ \ 910 - 1171م (الطبعة الثالثة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. ISBN .
  • جحا، شفيق; البعلبكي، مُنير; عُثمان، بهيج (1992م). المُصوَّر في التاريخ (الطبعة التاسعة). بيروت، لُبنان: دار الفهم للملايين.
  • جحا، شفيق; البعلبكي، مُنير; عُثمان، بهيج (1999م). المُصوَّر في التاريخ (الطبعة التاسعة عشرة). بيروت، لُبنان: دار الفهم للملايين.
  • نجوى كمال كيرة (2004م). حياة العامة في مصر في العصر الفاطمي (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: مخطة زهراء الشرق. ISBN .
  • القاضي النُعمان بن مُحمَّد المغربيّ; تحقيق وداد القاضي (1970). رسالة افتتاح الدعوة: رسالة في ظهور الدعوة العُبيديَّة الفاطميَّة (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الثقافة.

وصلات خارجيَّة

  • . (بالإنجليزية)
  • مؤسسة الدراسات الإسماعيليَّة في لندن. (بالإنجليزية)
  • السُلالة الفاطميَّة الشيعيَّة في مصر. (بالإنجليزية)
  • تاريخ الحُكَّام والسُلالات الحاكمة: الفاطميّون \ العُبيديّون.
  • الدولة العُبيديَّة الفاطميَّة. من مسقط سيرة الإسلام.
  • شبكة الشيعة العالميَّة: خلفاء الدولة الفاطميَّة الشيعة في مصر.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:12:34
التصنيفات: دول وأقاليم تأسست في 909, دول وأقاليم انحلت في 1171, أنظمة ملكية سابقة في آسيا, أنظمة ملكية سابقة في أفريقيا, أنظمة ملكية سابقة في أوروبا, إسماعيلية, إفريقية تحت الدولة الفاطمية, الجزائر الوسيطة, الدولة الفاطمية, الشيعة في الجزائر, انحلالات سنة 1171, باطنية, تأسيسات سنة 909, تاريخ البحر الأبيض المتوسط, تاريخ الجزائر, تاريخ السعودية, تاريخ شمال أفريقيا, تاريخ فلسطين, تاريخ مالطا, تونس الوسيطة, دول تاريخية إسلامية, دول سابقة في آسيا, دول سابقة في أوروبا, دول سابقة في الشرق الأوسط, دول سابقة في العالم الإسلامي, دول وأقاليم انحلت في عقد 1170, دول وأقاليم تأسست في عقد 900, شيعة, صقلية الوسيطة, فاطميون, قادة دول, قرشيون, مصر الوسيطة, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, جميع المقالات ذات الوصلات الخارجية المكسورة, مقالات ذات وصلات خارجية مكسورة منذ يونيو 2019, CS1: long volume value, صيانة CS1: لغة غير مدعومة, مقالات بلدان سابقة تحتاج للصيانة, Pages using deprecated image syntax, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P138, صفحات تتجاهل قيم ويكي بيانات, صفحات تستخدم قالب:ص.م بلد سابق مع وسائط غير معروفة, صفحات لا تقبل التصنيف المعادل, صيانة CS1: تجاهل خطأ ردمك, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, صفحات بوصلات خارجية بالإنجليزية, صفحات بها وصلات إنترويكي, قالب ضبط استنادي دون معرفات, بوابة الدولة الفاطمية/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ الإسلامي/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة شيعة/مقالات متعلقة, بوابة تاريخ الشرق الأوسط/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة, الصفحات التي لا تقبل ربط البوابات المعادل

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الرئيس السيسى: كل كلمة تقال فى حقنا كذبًا صدقة جارية لنا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:20:57
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 59%

الرئيس السيسي: «اوعى تحط رجل على رجل وتتكلم وأنت متعرفش الموضوع»

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:20:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 53%

القبض على 3 تجار مخدرات بالدقهلية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:21:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

تشييع جثمان الفنان سمير صبري إلى مثواه الأخير ظهر اليوم - فن

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:20:41
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

وصول جثمان سمير صبرى مسجد الشرطة لأداء صلاة الجنازة عليه

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:20:56
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

الرئيس السيسى: كل إجراء لم تنفذه الدولة خلال 50 عاما تدفع ثمنه الآن

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:21:00
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 70%

الرئيس السيسي يفتتح اليوم مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:20:51
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

862 مليون جنيه حصيلة أموال المستريحين فى بعض المحافظات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:20:56
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

محافظ القاهرة يتفقد بدء امتحانات نهاية العام للشهادة الإعدادية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:21:05
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

الرئيس السيسى يوضح أسباب ارتفاع تكلفة استصلاح وزراعة الصحراء

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-21 12:20:57
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

تحميل تطبيق المنصة العربية