إجازة (حديث)

الإجازة في الحديث في الإسلام تعني حتى يجيز الشيخ لتلميذه رواية بعض الأحاديث عنه. فقد عنى المسلمون بفهم الحديث، وعظموه. ومن تعظيمهم إياه يتناقلونه كابرًا عن كابر، وتلميذًا عن أستاذ، فاصطلحوا ما يسمى بإجازة الحديث، أوإجازة الرواية، ولها فوائد متعددة، أهمها العناية باتصال أحاديث النبي بين الرجال.

تعريف

الإجازة مصدر من أجاز يجيز، والجمع إجازات. وأجازه: أنفذه، وأجزته: أنفذته. وتعني أيضًا الإذن والإباحة.

أما اصطلاحًا: فهي إذن المُحدِّثِ للطالب حتى يروي عنه كتابًا من خط الحديث أوغيرها.

واتى في تدريب الراوي: نطق أبوالحسين أحمد بن فارس اللغوي: الإجازة في كلام العرب مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث، ينطق منه استجزته فأجازني إذا أسقاك ماء لماشيتك وأرضك، نطق كذلك طالب الفهم يستجيز العالم أي يسأله حتى يجيزه فهمه، فيجيزه إياه.

وقد تُعطى الإجازة بعد سماع الشيخ من التلميذ، وقد تُعطى له لجبر ما لم يسمعه منه.

وهذه الإجازة قد تكون بالسماع وقد تكون مجردة فيقرأ الطالب على شيخه متنًا من المتون أوكتابًا من خط الحديث ولكنها قراءة رواية فهي كذلك لا تعني أنَّ الشيخ شهد لتلميذه بالفهم جلّ ما في الأمر السماع لهذا الكتاب.

ولهذا عد كثير من أهل الفهم أمثال هذه الإجازات فقط للبركة فهي لا تزيد ولا تنقص من الناحية الفهمية فكم من عالم كبير له وزنه في الفهم لا يحمل أي إجازة من هذه الإجازات وكم من إنسان لا يحسن بدهيات الفهم معه عشرات بل مئات الإجازات.

الغاية من الإجازة

من جملة فوائدها ما ذكره الدكتور ذياب الغامدي:

1- أنَّ الراوية بها تتم وتكمل.

2- استعجال الرواية عند الضرورات.

3- الاستكثار من المروي: نطق ابن خير الإشبيلي: (افهموا أنَّه في الإجازة فائدتان: إحداهما استعجال الرواية عند الضرورات، الثانية الاستكثار من المروي، حتى لا يكاد حتى يشذ عمن استكثر من المرويات حديثٌ عن النبي ، إلا وقد احتوت روايته عليه، فيتخلص بذلك من الحرج في حكياة كلامه من غير رواية).

4- حفظ جميع مصنفات أهل الإسلام، بدوام الأسانيد واتصال الرجال:

ذكر أبوطاهرٍ في كتابه الوجيز: (ولا يتصور حتى يبقى جميع مصنفٍ قد صنف كبيرٌ، ومؤلفٍ كذلك صغيرٌ على وجه السماع المتصل على قديم الدهر المنفصل، ولا ينبتر منه شيءٌ بموتِ الرواة وفقد الحفاظ الوعاة... فالوصول إذا إلى رايته بالإجازة فيه نفعٌ عظيم، ورِفدٌ جسيم، إذ المقصود به إحكام السنن المروية في الأحكام الشرعية، وإحياء الآثار على أتم الإيثار).

5- حفظ أسماء الكُتب ونسبتها لمؤلفيها:

فالمجاز له في كتابٍ ما يفصح عن إجازته في هذا الكتاب، أويروي منه الأحاديث، فيحفظ اسم الكتاب ولا يُنسى، مع تفاصيل مما فيه منها مؤلفه.

6- مصادر لتراجم الشيوخ، والتعهد على سيرهم ومسموعاتهم، لا سيما في اتصال أسانيدهم بخطِ معينة:

فعندما يروي المجاز له ما أجازه له شيخه، يُعهد الشيخ أكثر، وتُعهد سيرته، وما كان يحفظه ويدرسه من أحاديث وخط.

7- تقويةً وإظهارًا للعلاقة بين الطالب وشيخه.

فالغاية من الإجازة هي تتابع حفظ الحديث عند الشيوخ، والسعي لذلك، ووراثة الأمر من شيخٍ لتلميذه، فتستمر هذه السنة.

روي عن ابن سيرين رحمه الله قوله: (إن هذا الفهم دينٌ، فانظروا عمن تأخذون دينكم). وذكر السخاوي عن الإمام أحمد بن حنبل قوله: (إنها لوبطلت – الإجازة – لضاع الفهم).

وذكر الخطيب البغدادي قول الإمام محمد بن أسلم الطوسي: (قُربُ الإسناد قربةٌ إلى الله عز وجل).

نطق ابن جماعة في المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي: ليس المقصود بالسند في عصرنا إثبات الحديث المروي وتسليمه، إذ ليس يخلوفيه سند عمن لا يضبط حفظه أوكتابه، ضبطا لا يعتمد عليه فيه، بل المقصود بقاء سلسلة الإسناد المخصوص بهذه الأمة فيما نفهم، وقد كفانا السلف مؤونة ذلك، فاتصال أصل سليم بسند سليم إلى مصنفه كاف، وإن فقد الإتقان في كلهم أوبعضهم. .

اتى في كتاب الوجازة في الإثبات والإجازة: (هذه الإجازات التي ارتسمت في الدفاتر، وأخذت عن الأكابر، وتسلسلت برجال أهل الفهم والتثبت بعد تدوين خط السنة وغيرها؟! ما هي إلا تأكيدا لمنهج السلف الصالح في حفظ اتصال السند، والانتساب إلى رجاله، حتى يصل مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم).

أركان الإجازة

- المجيز: وهوالشيخ الذي يمنح تلميذه أوأحدًا ما الإجازة بنقل المرويات.

- المُجاز له: من تحصل الإجازة من الشيخ.

- المجاز به: وهي الخط والأحاديث التي أجاز المجيز للمجاز له روايتها.

- لفظ الإجازة: وهي ما يقوله المجيز للمجاز له.

الإجازة كتابةً

يتعارف على الإجازة حتى تكون لفظًا، فيتلفظها الشيخ لتلميذه فيجيزه. لكن تُقبل الإجازة كتابةً. ولذلك فوائد، حيث اتى في كتاب الوجيز: (ومن منافع الإجازة أيضًا: حتى ليس كُل طالبٍ، وباغٍ للفهم وراغبٍ يقدر على سفرٍ ورحلةٍ، وبالخصوص إا كان مرفوعًا إلى عِلةٍ أوقلةٍ، أوقد يكون الشيخ الذي يرحل إليه بعيدًا، وفي الوصول إليه يلقى تعبًا شديدًا، فالكتابة حينئذٍ أرفق، وفي حقه أوفق).

أنواع الإجازة وأحكامها

1- حتى يجيز شخصًا معينًا في كتابٍ معين:

مثل: أجزتك البخاري، أوما اشتملت عليه فهرستي. وهذه أعلى الإجازات المجردة، والسليم الذي نطقه الجمهور من الطوائف واستقر عليه العمل هوجواز العمل بها.

في حين لم يجزها البعض كالظاهرية.

2- حتى يجيز شخصًا معينًا في شيءٍ غير معين:

مثل حتى يقول: أجزتك جميع مروياتي، أوأجزتك جميع مسموعاتي. وهنا فيه خلاف أقوى، ولكن أخذ الجمهور بجوازه.

3- حتى يجيز شخصًا غير معين بوصف العموم:

مثل حتى يقول أجزت المسلمين، أوأجزت جميع أحدٍ، أوأجزت أهل مدينتي. وفيه خلافٌ كبير، فإن قيدها بوصفٍ حاصرٍ لأولئك الأشخاص، فهي أقرب للجواز.

4- الإجازة لشخص مجهول دون تحديده تمامًا، أوالإجازة بكتاب مجهول دون تحديده تمامًا:

كأن يقول لأحد تلامذته: "أجزتك كتاب السنن" والشيخ يروي عدة خطٍ في السنن، أويقول "أجزت محمد بن أحمد" وهنالك أشخاص متعددون بنفس الاسم. فهذه الإجازة باطلة.

5- الإجازة لمعلومٍ لم يولد بعد:

كأن يقول: "أجزت لفلانٍ ومن يولد له" أو"أجزت لك ولعَقِبِك ما تناسلوا". وجوز ذلك الكثير.

6- جواز المجيز ما لا يفهم ليرويه المجاز طالما فهمه:

والأصح هوبطلان هذا النوع من الإجازة. 7- إجازة المجاز:

أي يجيز له جميع ما أجيز سابقًا للمجاز. وكحال معظم أنواع الإجازة فقد قبله البعض وأبطله البعض، لكن السليم العمل بجوازه.

الإجازة أفضل أم السماع

نطق السخاوي: سماع الأحاديث أفضل بترًا من الإجازة بها. وخص بعضهم استواء الاثنين بالأزمان المتأخرة التي حصل التسامح فيها في السماع مقارنةً مع المتقدمين، ومع هذا يبقى السماع أولى من الإجازة، وذلك لما يتحصل للمستمع من فوائد عند الاستماع.

مراجع

^ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، الجوهري، الجزء 3، ص. 870. نسخة محفوظة أربعة سبتمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
^ الوجازة في الإثبات والإجازة، ص. 21.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية.
^ الوجازة في الإثبات والإجازة، ص. 32-35.
^ الوجيز في ذكر المجاز والوجيز، أبوطاهر السلفي، 54-55.
^ الوجازة في الإثبات والإجازة، ص. 29.
^ فتح المغيث، 2/222.
^ الجامع لأخلاق الراوي، 1/123، 184.
^ المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي، ص. 34.
^ الوجازة في الأثبات والإجازة، ذياب الغامدي، فصل فوائد الإجازة، ص. 41.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 467.
^ الوجيز في ذكر المجاز والوجيز، أبوطاهر السلفي، 57.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 448.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 451.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 452.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 454.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 457.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 461.
^ تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، جلال الدين السيوطي، الطبعة الثانية، ص. 462.
^ فتح المغيث، السخاوي، 391/2.