المدانون في أستراليا

عودة للموسوعة

بين عامي 1788 و1868 نُقل حوالي 162 ألف مُدان من بريطانيا وأيرلندا إلى المستعمرات الجزائية المتنوعة في أستراليا.

بدأت الحكومة البريطانية بنقل المدانين خارج الحدود إلى المستعمرات الأمريكية في بدايات القرن السابع عشر. عندما انتهى نقل المدانين مع بداية الثورة الأمريكية، ظهرت الحاجة لمسقط بديل لإزالة الاكتظاظ الزائد للسجناء وسفن نقل السجناء. بدايةً في عام 1770، رخص وادّعى جيمس كوك حتى الساحل الشرقي لأستراليا تعود ملكيته لبريطانيا. اختارت بريطانيا أستراليا بصفتها مستعمرة جزائية، ساعيةً لسبق الإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية في التوسع في المنطقة، وفي عام 1787، أبحر أول أسطول لسفن المدانين من خليج بوتاني ووصل في العشرين من يناير عام 1788 إلى سيدني في ولاية نيوساوث ويلز أول مستوطنة أوروبية في القارة. أسست مستعمرات جزائية أخرى لاحقًا في أرض فان ديمين (تاسمانيا) عام 1803 وفي كوينزلاند عام 1824 بينما أسست أستراليا الغربية عام 1829 بصفتها مستعمرة حرة وبدأت استقبال المدانين بدايةً من عام 1850. بقيت أستراليا الجنوبية وفيكتوريا التي أسست عامي 1836 و1850 على التوالي، مستعمرات حرة. بلغ النقل الجزائي إلى أستراليا ذروته في ثلاثينيات القرن التاسع وتراجع بشكل ملحوظ في العقد التالي بعد اندلاع المظاهرات ضد النظام الجزائي في جميع أنحاء المستعمرات. في عام 1868، وبعد ما يقارب العقدين من توقف النقل إلى الساحل الشرقي، وصلت آخر سفينة مدانين إلى أستراليا الغربية.

نُقل أغلبية المدانين لارتكابهم جُنحًا (جرائم صغيرة). أصبحت الجرائم الأكثر خطورة مثل الاغتصاب والقتل، جرائمًا تستدعي النقل في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، ولكن بما حتى عقاب تلك الجرائم كان الموت، وبشكل مقارن نجد حتى قلة من المدانين نُقلوا لارتكابهم تلك الجرائم. كان هناك امرأة واحدة بين جميع سبعة مدانين تقريبًا، وشكل السجناء السياسيون وهم مجموعة أقلية أغلب المدانين الأشهر. بمجرد الانعتاق من الإدانة، بقي معظم المدانين في أستراليا وانضموا إلى المستوطنين الأحرار وارتفع بعضهم إلى مستويات مميزة في المجتمع الأسترالي. ومع ذلك، حملت الإدانة وصمةً اجتماعية، وبالنسبة لبعض الأستراليين اللاحقين، طبعت أصول الأمة الإدانية حسًا بالعار وبعقدة الخواجة. أصبحت تلك السلوكيات مقبولةً أكثر في القرن العشرين وتُعتبر حاليًا من قبل الكثير من الأستراليين سببًا للاحتفال حتى يملكوا مُدانًا في شجرة العائلة. يتحدر حوالي 20% من الأستراليين المعاصرين، بالإضافة إلى 2 مليون بريتوني، من مُدانين منقولين. أثر عصر الإدانة على روايات وأفلام وأعمال ثقافية أخرى شهيرة، ودُرس الامتداد الذي شكل الشخصية الأسترالية الوطنية من قبل الكثير من الكتّاب والمؤرخين.

أسباب النقل

وفقًا لروبرت هيوز في كتابه «الشاطئ القاتل»، بدأ عدد سكان إنجلترا وويلز، الذي ظل ثابتًا عندستة ملايين من 1700 إلى 1740، بالارتفاع بشكل كبير بعد عام 1740. بحلول الثورة الأمريكية، كانت لندن مكتظة ومليئة بالعاطلين عن العمل، وانتشر الجن الرخيص في شوارعها. كان الفقر والظلم الاجتماعي وعمالة الأطفال والظروف المعيشية القاسية والقاسية وساعات العمل الطويلة سائدة في بريطانيا في القرن التاسع عشر. لعل روايات ديكنز ترسم أفضل صورة لذلك الواقع؛ حتى حتى بعض المسؤولين الحكوميين شعروا بالرعب مما رأوه. في عامي 1833 و1844، أصدرت أول القوانين العامة ضد عمالة الأطفال (قوانين المصنع) في المملكة المتحدة. أصبحت الجريمة مشكلةً متفاقمة، وفي عام 1784، أشار مراقب فرنسي إلى أنه من غروب الشمس حتى الفجر، أصبحت ضواحي لندن مرتعًا للعصابات بمحيط عشرين ميلًا.

كان لكل أبرشية حارس، لكن المدن البريطانية لم يكن لديها قوات شرطة بالمعنى الحديث. روج جيريمي بنتهام بشغف لفكرة السجن الدائري، لكن الكثير من المسؤولين الحكوميين اعتبروا السجن بمثابة مفهوم أمريكي غريب. قُبض على جميع المخالفين من قبل المخبرين أوقدم ضحاياهم شكاوى أمام المحاكم المحلية. وفقًا لما يسمى بالقانون الدموي، في سبعينيات القرن التاسع عشر، كانت هناك 222 جريمة في بريطانيا كانت تتوجب عقوبة الإعدام، وجميعها تقريباً كانت جرائم ضد الممتلكات. وتضم هذه الجرائم سرقة البضائع التي تزيد قيمتها عنخمسة شلن وبتر شجرة وسرقة حيوان وحتى سرقة أرنب من جحر تربية الأرانب.

أدت الثورة الصناعية إلى زيادة في الجرائم البسيطة بسبب النزوح الاقتصادي لكثير من السكان، ما زاد الضغط على الحكومة لإيجاد بديل للحبس في السجون المكتظة. كان الوضع مريعًا للغاية إذ استُخدمت سفن نقل المحبوسين التي خلفتها حرب السنوات السبع كسجون عائمة مؤقتة. كان أربعة من جميع خمسة سجناء محبوسين بتهمة السرقة. ألغي القانون الدموي تدريجياً في القرن التاسع عشر لأن القضاة والمحلفين اعتبروا عقوباته قاسيةً للغاية. بقي المشرعون مصرين على تطبيق عقوبات لردع المجرمين المحتملين، لذا طبقوا بشكل متزايد النقل كبديل أكثر إنسانية عن الإعدام. استُخدمت وسائل النقل كعقوبة لكل من الجرائم الكبرى والصغيرة منذ القرن السابع عشر. نُقل حوالي 60 ألف مُدان إلى المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية في القرنين السابع عشر والثامن عشر. توقف النقل إلى الأمريكيتين بعد هزيمة بريطانيا في الحرب الأمريكية الثورية. لم يتأكد أحد من عدد المدانين الذين نُقلوا إلى أمريكا الشمالية على الرغم من حتى جون دونمور لانج قدّر عددهم بنحو50 ألفًا بينما نطق توماس كينيلي ان عددهم حوالي 120 ألف. حصلت مستعمرة ميريلاند الأمريكية البريطانية على أكبر حصة من المدانين من أي مقاطعة أخرى.

المستوطنات الجزائية

نيوساوث ويلز

بُحث في بدائل للمستعمرات الأمريكية واقتُرح الساحل الشرقي لهولندا الجديدة المكتشفة والموضوعة على الخريطة حديثًا. جعلت التفاصيل التي قدمها جيمس كوك خلال رحلته إلى جنوب المحيط الهادئ في عام 1770 المنطقة المُكتشفة حديثًا الأنسب لنقل المدانين.

في 18 أغسطس 1786، اتُخذ قرار بإرسال مجموعة استعمارية من المدانين والعسكريين والمدنيين إلى خليج بوتاني تحت قيادة الأدميرال آرثر فيليب الذي كان من المقرر حتىقد يكون حاكم المستعمرة الجديدة. كان هناك 775 مدان على متن ست سفن نقل. كان برفقتهم مسؤولون وأعضاء من الطاقم ومشاة البحرية وعائلاتهم وأطفالهم الذين بلغ مجموعهم 645. في المجموع، أوفدت إحدى عشرة سفينة فيما أصبح يعهد باسم الأسطول الأول. بخلاف وسائل النقل المدانين، كان هناك سفينتين من البحرية مرافقة للأسطول وثلاثة سفن تخزين. تجمع الأسطول في بورتسموث وأبحر في 13 مايو1787.

وصل الأسطول إلى خليج بوتاني في 20 يناير 1788. أصبح من الواضح وبصورة سريعة أنه من غير المناسب إنشاء مستعمرة بسبب انفتاح هذا الخليج ورطوبة التربة والتي من المحتمل حتى تؤثر بشكل غير صحي على المنقولين لذا قرر فيليب فحص بورت جاكسون، وهوخليج ذكره الكابتن كوك، ويبعد حوالي ثلاثة فراسخ نحوالشمال. في 22 كانون الثاني، أبحرت بعثة صغيرة يقودها فيليبس إلى بورت جاكسون، ووصلت في وقت مبكر من بعد الظهر:

«ظهر هنا جميع الندم الناجم عن خيبات الأمل السابقة؛ وكان الحاكم فيليب يشعر بالرضا لإيجاد واحد من أرقى الموانئ في العالم، والتي قد تُبحر فيها ألف سفينة مصطفةً في أمان تام. فُحص جميع محيط هذا المرفأ بكل رحلة استكشافية ممكنة، وأعطيت الأفضلية لرحلة استكشافية اكتشفت أفضل ينابيع الماء، والتي يمكن حتى ترسوفيها السفن بالقرب من الشاطئ، بحيث يمكن بناء رصيف صغير للغاية التي قد تفرغ فيه السفن الأكبر حمولتها. يبلغ طول هذا الطوق حوالي 800 متر و400 متر عند المدخل. تكريما للورد سيدني، كرمه المحافظ بتسمية الطوق باسمه ليصبح طوق سيدني.»

المراجع

  1. ^ "Convicts and the British colonies in Australia". حكومة أستراليا. مؤرشف من الأصل في 01 يناير 2016. اطلع عليه بتاريخ 08 مايو2015.
  2. ^ "Crimes of Convicts transported to Australia". Convict Records. مؤرشف من الأصل في 16 أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 25 أكتوبر 2018.
  3. ^ "Online records highlight Australia's convict past", ABC News (25 July 2007). Retrieved 21 September 2016. نسخة محفوظة 25 مارس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ جون هيرست (July 2008). "An Oddity From the Start: Convicts and National Character", The Monthly. Retrieved أربعة May 2015. نسخة محفوظة 27 ديسمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ Highes, ibid, p. 28
  6. ^ Del Col, Laura (1988). "The Life of the Industrial Worker in Ninteenth-Century [كذا] England". The Victorian Web. مؤرشف من الأصل في 29 يونيو2019. اطلع عليه بتاريخ 19 مارس 2015.
  7. ^ "BBC News - Booze". بي بي سي. مؤرشف من الأصل فيتسعة يونيو2019.
  8. ^ Part I: History of the Death Penalty نسخة محفوظة 27 May 2009 على مسقط واي باك مشين.
  9. ^ "The Floating Prison: British Prison Hulks". Gould Genealogy & History. مؤرشف من الأصل في 29 ديسمبر 2007. اطلع عليه بتاريخ 22 يوليو2008.
  10. ^ By the Gallows نسخة محفوظة 28 September 2007 على مسقط واي باك مشين.
  11. ^ Butler, James Davie (1896). "British Convicts Shipped to American Colonies" (PDF). The American Historical Review. 2 (1): 12–33. doi:10.2307/1833611. JSTOR 1833611. مؤرشف من الأصل (PDF) في 19 يوليو2018.
  12. ^ Phillip, Arthur (1789). . مؤرشف من الأصل في 16 سبتمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 31 يناير 2015.
  13. ^ A free download of Memorandoms by James Martin, Edited by Tim Causer, UCL Press, (ردمك 978-1-911576-81-5). نسخة محفوظة 22 يوليو2018 على مسقط واي باك مشين.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:51:51
التصنيفات: تاريخ أستراليا (1788–1850), قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات يتيمة منذ يناير 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة أستراليا/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تونس: حسونة الناصفي: “نحن شعب لا يستحقّ الحياة”

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:33:13
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

اتحــاد بسكرة للتدارك

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:05
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 51%

بسبب انقطاع التيار الكهربائي.. إلغاء تمارين المنتخب الوطني

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:33:12
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

بعد توقف اضطراري لعدة أيـام: عودة ضخ المياه من سد عين زادة بالبـــرج

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:30:41
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

‫طلبة يقاطعون امتحانات السداسي الأول

المصدر: جوهرة أف أم - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:33:44
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 42%

التلفزيون السعودي: عملية قرصنة حوثية لسفينة شحن قبالة الحديد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:31
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 51%

إصابة وزير الدفاع الأمريكي بكوفيد-١٩

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:40
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

‫الكشف عن أول أيام رمضان 2022

المصدر: جوهرة أف أم - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:33:48
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 43%

تعزيزات جديدة في تربّص المنتخب الوطني التحضيري لل”كان”

المصدر: تونس الرقمية - تونس التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:33:10
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 60%

أضرار جسيمة في برلمان جنوب أفريقيا بعد الحريق

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:20
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

شخصان في عداد المفقودين بعد حرائق كولورادو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:35
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

طهران تعلق على سير الاستعدادات لزيارة رئيسها إلى موسكو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:09
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

إحباط هجوم كان يستهدف معسكرا يضم قوات أمريكية في مطار بغداد

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:27
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 61%

بونجاح مطروح مجددا في برشلونة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:30:58
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 61%

كوت ديفوار يحضر بـ 9 لاعبين !

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:08
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

الصراع في سوريا: قتلى وجرحى في صفوف الجيش السوري في هجوم بال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:24
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

الموت يغيب الناقد الرياضى إبراهيم حجازى.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:30:52
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 44%

مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادا على روح الراحل إبراهيم حجازى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:30:40
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 40%

هل تصد المناعة من "دلتا" متحور "أوميكرون"؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

بُطولة الرابطة المـحترفة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-03 11:31:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 61%

تحميل تطبيق المنصة العربية