بلوتوقراطية

البلوتوقراطية أوحكم الأثرياء هي أحد أشكال الحكم تكون فيها الطبقة الحاكمة مميزة بالثراء. في البلوتوقراطية، درجة التفاوت الاقتصادي تكون عالية بينما مستوى الحراك الاجتماعيقد يكون منخفضا. الحدثة "بلوتوقراطية" مشتقة من الحدثة اليونانية: πλουτοκρατία.

بشكل عام، المصطلح يُستخدم لوصف مفهومين اثنين: الأول ذودلالة تاريخية، والثاني ذودلالة سياسية معاصرة. المفهوم الأول يشير إلى الدول التي كانت خاضعة للسيطرة السياسية من قبل أوليغاركية ثرية. من الأمثلة على هذا المفهوم بعض المدن في اليونان القديمة، حضارة قرطاج، جمهوريات التجار الإيطالية مثل جمهورية جنوا وفلورنسا والبندقية، وجمهورية بورقراق، في المغرب في القرن 17، وزايباتسوالإمبراطورية اليابانية قبل الحرب العالمية الثانية.

أما الاستخدام الثاني للمصطلح -الاستخدام ذوالدلالة السياسية المعاصرة- فهواستخدام يحمل معنى ازدرائيا وانتقاصيا، ويُطلق على المجتمعات المعاصرة التي تكون فيها العملية السياسية خاضعة لتأثير المال بشكل كبير وغير متكافئ.

الاستعمال

يستخدم المصطلح «بلوتوقراطية» عمومًا كتحقير لوصف أوللتحذير من وضع غير مرغوب فيه. أدان مفكرون سياسيون على مر التاريخ مثل وينستون تشرشل، عالم الاجتماع الفرنسي والمؤرخ ألكسيس دي توكفيل، والمنظر الإسباني المؤيد للملكية في القرن التاسع عشر خوان دونوسوكورتيس، واليوم نعوم تشومسكي البلوتوقراطيين لتجاهلهم مسؤولياتهم الاجتماعية، واستخدامهم سلطتهم لصالح أهدافهم الخاصة وبالتالي زيادة الفقر وتغذية الصراع الطبقي، وإفسادهم للمجتمعات بسبب جشعهم واهتمامهم بمتعهم.

أمثلة

من الأمثلة على هذا المفهوم بعض المدن في اليونان القديمة، حضارة قرطاج، جمهوريات التجار الإيطالية مثل جمهورية جنوا وفلورنسا والبندقية، وجمهورية بورقراق، في المغرب في القرن 17، وزايباتسوالإمبراطورية اليابانية قبل الحرب العالمية الثانية. وفقًا لنعوم تشومسكي وجيمي كارتر فإن العصر الحديث للولايات المتحدة تشبه نظام بلوتوقراطي مع إضافة ديمقراطية. يعتقد الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي بول فولكر أيضًا حتى الولايات المتحدة في طريقها لتصبح بلوتوقراطية.

حي «مدينة لندن» هوأحد الأمثلة الحديثة والرسمية على الحكم البلوتوقراطي وفقًا لبعض النقاد. يتمتع الحي (الذي يسمى أيضًا the Square Mile للندن القديمة، وهواللقاء للحي المالي الحديث، وتبلغ مساحته حوالي 2.5 كيلومتر مربع) بنظام انتخابي فريد لإدارتها المحلية منفصل عن لندن. أكثر من ثلثي الناخبين ليسوا مواطنين مقيمين فيه، بل ممثلين عن الشركات والهيئات الأخرى التي لها مراكز في الحي، وتمتلك نسبة تصويتية تختلف تبعًا لعدد موظفيها. المبرر الرئيسي لهذا النظام هوحتى معظم الخدمات التي تقدمها شركة مدينة لندن تستخدمها الشركات في المدينة. في الواقع يشكل حوالي 450,000 إنسان غير مقيم بالمدينة عدد الموجودين فيها خلال الصباح، وهوما يفوق عدد سكان المدينة البالغ 7000 نسمة.

الولايات المتحدة الأمريكية

يجادل بعض المؤرخين والسياسيين والاقتصاديين المعاصرين بأن الولايات المتحدة كانت بلوتوقراطية عملية لجزء من فترات العصر الممضى والحقبة التقدمية بين نهاية الحرب الأهلية وحتى بداية الكساد العظيم. أصبح الرئيس ثيودور روزفلت معروفًا باسم «مفجر الاحتكارات» لاستخدامه العنيف لقانون مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة والذي تمكن من خلاله من تفكيك شركات رئيسية مثل أكبر شركة للسكك الحديدية و«ستاندرد أويل» أكبر شركة نفط. نطق ثيودور روزفلت في سيرته الذاتية عن كفاحه ضد الشركات الاحتكارية كرئيس:

«لقد وصلنا إلى الفترة التي كانت فيها احتياج كبير للديمقراطية من جانب شعبنا؛ ومن جميع أشكال الطغيان كان الأقل جاذبية والأكثر ابتذالًا هوطغيان الثروة الخالصة، أي طغيان البلوتوقراطية.»

صدر قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار في عام 1890 مع وصول الصناعات الكبيرة إلى مستويات احتكارية أوشبه احتكارية عالية لهجريز السوق وزيادة معدل دمج رأس مال الشركات، وبدأت مجموعة من رؤساء الشركات الكبرى الأثرياء للغاية بممارسة نفوذ متزايد على الصناعة والرأي العام والسياسة بعد الحرب الأهلية. كان المال هوالدفاع الأساسي عن هذا الصرح وفقًا للصحفي التقدمي والمعاصر والتر ويل، حيث تلاشت الاختلافات الأيديولوجية بين السياسيين وأصبح العالم السياسي مجرد فرع في شركة موحدة لا تزال تزداد حجمًا. وأصبحت الدولة واحدة من فروع هذه الشركة حيث كانت تبيع خدمات رسمية عن طريق الحزب للشركات الكبيرة.

بعد الحرب العالمية الثانية

يستخدم المصطلح في العصر الحديث بطريقة مزعجة أحيانًا للإشارة إلى المجتمعات المتجذرة في رأسمالية الدولة والشركات التي تعطي الأولوية لتراكم الثروات على حساب المصالح الأخرى. الولايات المتحدة وفقًا لكيفن فيليبس -وهومؤلف ومستشار استراتيجي سياسي لريتشارد نيكسون- هي بلوتوقراطية فيها اندماج بين المال والحكومة.

تقول كريستيا فريلاند مؤلفة كتاب «بلوتوقراطيين: صعود الأثرياء العالميين الجدد وسقوط جميع من دونهم» حتى الاتجاه الحالي نحوالبلوتوقراطية يحدث لأن الأغنياء يشعرون بأن مصالحهم مشهجرة من قبل المجتمع.

وتقول: «إنك لا تعمل هذا وأنت تغني، أووأنت تدخن السيجار الخاص بك، أوبكيفية تآمريه. أنت تعمل ذلك عن طريق إقناع نفسك بأن ما في مصلحتك الشخصية هوفي مصلحة الجميع. لذا فأنت تقنع نفسك حتى الخدمات الحكومية وخدمات مثل الإنفاق على التعليم -وهوما أوجد هذا الحراك الاجتماعي أساسًا- يجب حتى يُخفض حتى يتقلص العجز وبالتالي لا ترتفع فاتورة الضرائب الخاصة بك. وما يقلقني حقًا هوأنه يوجد الكثير من المال والقوة لدى هؤلاء الأثرياء على القمة، وأن الفجوة بينهم وبين غيرهم كبيرة للغاية بحيث سنرى حتى الحراك الاجتماعي قد اختنق وأن المجتمع قد تغير.»

عندما خط جوزيف ستيجليتز الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل منطقة في مجلة فانيتي فير بعنوان «من الـ 1%، عن طريق الـ 1%، ولأجل الـ 1%» أيد العنوان والمحتوى انادىء ستيجليتز بأن الولايات المتحدة يحكمها بشكل متزايد أغنى 1% فيها. نطق بعض الباحثين إذا الولايات المتحدة من الممكن تنجرف نحوشكل من أشكال حكم الأقلية، حيثقد يكون للمواطنين الأفراد تأثير أقل من النخب الاقتصادية ومجموعات المصالح المنظمة على السياسة العامة. ذكرت دراسة أجراها فهماء السياسة مارتن جيلينز (جامعة برينستون) وبنجامين بيج (جامعة نورث وسترن) والتي صدرت في أبريل 2014 حتى تحليلاتهم تشير إلى حتى أغلبية الجمهور الأمريكي ليس له تأثير يذكر على السياسات التي تتبناها الحكومة الأمريكية. لا يصف جيلنز وبيج الولايات المتحدة على أنها «أوليغاركية» أو«بلوتوقراطية» بحد ذاتها؛ ومع ذلك فإنهم يطبقون مفهوم «الأوليغاركية المدنية» كما استخدمه جيفري وينترز فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية.

المصطلح في النادىية

كان يُشار إلى الدول الديمقراطية الغربية على أنها بلوتوقراطيات في اللغة الاصطلاحية السياسية والنادىية الخاصة بإيطاليا الفاشية وألمانيا النازية والشيوعية الدولية، مع الإشارة إلى حتى عددًا صغيرًا من الأفراد الأثرياء للغاية يسيطرون تمامًا على هذه البلاد. حلت البلوتوقراطية محل مصطلحي الديمقراطية والرأسمالية كمصطلح فاشي رئيسي للولايات المتحدة وبريطانيا العظمى خلال الحرب العالمية الثانية. كان المصطلح يرمز غالبًا عند النازيين لليهود.

أسباب نشأة البلوتوقراطية

أسباب تطور البلوتوقراطية معقدة ومتشابكة. إذا عدم المساواة في الدخل في دولة تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا يفترض أن يزداد مع زيادة معدل العائد على الابتكار. قد تتطور البلوتوقراطية في سيناريوهات أخرى عندما ينهار بلد ما بسبب استنفاد الموارد حيث تحاول النخبة تخزين الثروة المتناسيرة أوزيادة الديون للحفاظ على الاستقرار، وهوما سيؤدي إلى إثراء الدائنين والممولين.

قد تصبح دولًا أخرى بلوتوقراطية من خلال السرقة الحكومية (الكليبتوقراطية) أوالبحث عن الريع.

انظر أيضًا

أوليغاركية
رأسمالية المحاسيب
تفضيل على أساس القرابة

مراجع

^ Les corsaires de Salé. روجي كواندرو. الصفحة 48 نسخة محفوظة 28 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
^ "Plutocracy". Merriam Webster. مؤرشف من الأصل في 1 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 02 يونيو2017.
^ Fiske, Edward B.; Mallison, Jane; Hatcher, David (2009). Fiske 250 words every high school freshman needs to know. نابرفيل.: Sourcebooks. صفحة 250. ISBN .
^ Coates, ed. by Colin M. (2006). Majesty in Canada: essays on the role of royalty. Toronto: Dundurn. صفحة 119. ISBN . صيانة CS1: نص إضافي: قائمة المؤلفون (link)
^ Viereck, Peter (2006). . New Brunswick, New Jersey: Transaction Publishers. صفحات 19–68. ISBN . مؤرشف من الأصل فيعشرة يناير 2020.
^ Toupin, Alexis de Tocqueville; edited by Roger Boesche; translated by James; Boesche, Roger (1985). Selected letters on politics and society. Berkeley: University of California Press. صفحات 197–198. ISBN .
^ Chomsky, Noam (6 October 2015). "America is a plutocracy masquerading as a democracy". Salon. مؤرشف من الأصل في 22 أكتوبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 13 فبراير 2015.
^ Carter, Jimmy (15 October 2015). ". supersoul.tv. مؤرشف من الأصل في 11 مارس 2017. اطلع عليه بتاريخ 13 فبراير 2015.
^ Sorkin, Andrew (23 October 2018). ". New York Times. مؤرشف من الأصل في 30 نوفمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 28 أكتوبر 2018.
^ Monbiot, George (31 October 2011). "The medieval, unaccountable Corporation of London is ripe for protest". The Guardian. مؤرشف من الأصل فيعشرة نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 01 نوفمبر 2011.
^ René Lavanchy (12 February 2009). "Labour runs in City of London poll against 'get-rich' bankers". Tribune. مؤرشف من الأصل في 15 يناير 2015. اطلع عليه بتاريخ 17 يناير 2015.
^ Pettigrew, Richard Franklin (2010). Triumphant Plutocracy: The Story of American Public Life from 1870 to 1920. Nabu Press. ISBN .
^ Calvin Reed, John (1903). The New Plutocracy. Kessinger Publishing, LLC (2010 reprint). ISBN .
^ Brinkmeyer, Robert H. (2009). The fourth ghost: white Southern writers and European fascism, 1930-1950. Baton Rouge: Louisiana State University Press. صفحة 331. ISBN .
^ Allitt, Patrick (2009). . New Haven: Yale University Press. صفحات 143. ISBN . مؤرشف من الأصل فيعشرة يناير 2020.
^ Ryan, foreword by Vincent P. De Santis; edited by Leonard Schlup, James G. (2003). Historical dictionary of the Gilded Age. Armonk, N.Y.: M.E. Sharpe. صفحة 145. ISBN .
^ Viereck, Peter (2006). . New Brunswick, New Jersey: Transaction Publishers. صفحات 103. ISBN . مؤرشف من الأصل فيعشرة يناير 2020.
^ Burton, David Henry (1997). . ISBN . مؤرشف من الأصل في 27 يناير 2020. اطلع عليه بتاريخ 28 أغسطس 2015.
^ Schweikart, Larry (2009). American Entrepreneur: The Fascinating Stories of the People Who Defined Business in the United States. هاربر كولنز Div American Mgmt Assn.
^ "Roosevelt, Theodore. 1913. An Autobiography: XII. The Big Stick and the Square Deal". bartleby.com. مؤرشف من الأصل في 30 مارس 2018. اطلع عليه بتاريخ 28 أغسطس 2015.
^ Bowman, Scott R. (1996). The modern corporation and American political thought: law, power, and ideology. University Park, Pa.: Pennsylvania State University Press. صفحات 92–103. ISBN .
^ Transcript. Bill Moyers Interviews Kevin Phillips. NOW with Bill Moyers 4.09.04 | PBS نسخة محفوظة 22 يوليو2019 على مسقط واي باك مشين.
^ Lind, Michael (Dec 2009). "T O-Word". The Baffler. doi:10.1162/bflr.2009.18.46.
^ Barker, Derek (2013). "Oligarchy or Elite Democracy? Aristotle and Modern Representative Government". New Political Science. 35 (4): 547–566. doi:10.1080/07393148.2013.848701.
^ Nichol, Gene (2012-03-13). "Citizens United and the Roberts Court's War on Democracy". Georgia State University Law Review. 27 (4): 1007–1018. مؤرشف من الأصل في 30 أبريل 2014. اطلع عليه بتاريخ 30 أبريل 2014.
^ Muller, A., Kinezuka, A., and Kerssen, T (Summer 2013). "The Trans-Pacific Partnership: A Threat to Democracy and Food Sovereignty" (PDF). Food First Backgrounder. مؤرشف من الأصل (PDF) فيخمسة فبراير 2019. اطلع عليه بتاريخ 30 أبريل 2014. صيانة CS1: أسماء متعددة: قائمة المؤلفون (link)
^ Etzioni, Amitai (Jan 2014). "Political Corruption in the United States: A Design Draft". Political Science & Politics. 47 (1): 141–144. doi:10.1017/S1049096513001492.
^ Winters, Jeffrey (March 2012). "Oligarchy". Perspectives on Politics. 10 (1): 137–139. doi:10.1017/S1537592711004294.
^ Westbrook, David (2011). "If Not a Commercial Republic - Political Economy in the United States after Citizens United" (PDF). Lousiville Law Review. 50 (1): 35–86. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2 مايو2014. اطلع عليه بتاريخ 30 أبريل 2014.
^ Liptak, Adam (21 January 2010). "Justices, 5-4, Reject Corporate Spending Limit". New York Times. مؤرشف من الأصل في 16 نوفمبر 2019. اطلع عليه بتاريخ 30 أبريل 2014.
^ Full Show: The Long, Dark Shadows of Plutocracy. Moyers & Company, 28 November 2014. نسخة محفوظةعشرة مايو2015 على مسقط واي باك مشين.
^ National Public Radio (15 October 2012) "A Startling Gap Between Us And Them In 'Plutocrats'" نسخة محفوظة 15 نوفمبر 2019 على مسقط واي باك مشين.
^ See also the Chrystia Freeland interview for the Moyers Book Club (12 October 2012) Full Show: Plutocracy Rising نسخة محفوظة 21 مارس 2015 على مسقط واي باك مشين.
^ Freeland, Chrystia (2012). . New York: Penguin. ISBN . OCLC 780480424. مؤرشف من الأصل فيعشرة يناير 2020.
^ Stiglitz Joseph E. "Of the 1%, by the 1%, for the 1%" فانيتي فير, May 2011; see also the الديمقراطية الآن! interview with Joseph Stiglitz: , Democracy Now! Archive, Thursday,سبعة April 2011 نسخة محفوظةستة فبراير 2015 على مسقط واي باك مشين.
^ طوما بيكيتي (2014). الرأسمال في القرن 21. Belknap Press. (ردمك 067443000X) p. 514: "the risk of a drift towards oligarchy is real and gives little reason for optimism about where the United States is headed."
^ Martin Gilens & Benjamin I. Page (2014). "Testing Theories of American Politics: Elites, Interest Groups, and Average Citizens" (PDF). Perspectives on Politics. 12 (3): 564–581. doi:10.1017/S1537592714001595. مؤرشف من الأصل (PDF) فيستة أبريل 2020.