الحرب السورية الرابعة

عودة للموسوعة

 

الحرب السورية الرابعة (باليونانية: Δ΄ Συριακός πόλεμος)‏ (بالإنجليزية: Fourth Syrian War)‏ وهي حرب دارت حوالي (219–217 ق.م)، بين السلوقيين والبطالمة.

عند تولي أنطيوخوس الثالث العرش السلوقي عام (223 ق.م)، وضع لنفسه مهمة استعادة الممتلكات الإمبراطورية المفقودة من عهد سلوقس الأول، التي امتدت من المملكة الإغريقية البخترية في الشرق وحتى مضيق الدردنيل في الشمال، إلى سوريا في الجنوب. وبحلول عام (221 ق.م)، كان قد أعاد السيطرة السلوقية على ميديا وبلاد فارس، التي تمردت في وقت سابق. عندئذ وجه الملك الطموح عينيه صوب سوريا ومصر.

حينئذ كان بطليموس الرابع وبطانة السوء الملتفِّين حوله قد وجَّهوا جهودهم في بادئ أمرهم للقضاء على جميع عدوٍّ يقف في وجه سيادتهم في داخل البلاد، وتخليص الملك من جميع شائبة أوعقبة تعترض نفوذهم، وكان من حسن حظ مصر في هذه الفترة حتى أنطيوخوس الثالث الذي كان يتحرق شوقًا إلى استرداد بلاد سوريا التي طالما حارب عائلة السلوقيين من أجلها، كانت قد تحولت أنظاره وقتئذٍ إلى جهة أخرى كان الخطر يطلُّ عليه منها؛ وذلك أنه عندما فهم أنتيغونوس الثاني ملك مقدونيا حتى بطليموس الثالث قد حضره الموت وكان غرضه حتى يقوم بحملة على شواطئ ميديا و«فارس». غير حتى موت بطليموس الثالث وما كان معروفًا عن خَلَفِه من خلاعة ومجون قد فتح أمام أنطيوخوس الثالث آفاقًا جديدة، وبخاصة عندما نفهم حتى هذا العاهل كان يتأثر عن طيب خاطر في هذه الفترة بنصائح وزيره المسن «هرمياس» الكاري المنبت؛ ولا غرابة في ذلك فإن سلوقس الثالث كان قد جعله شبه وصي على عرش الملك أثناء قيام الأخير بالحملة التي لاقى فيها حتفه، وقد عهد كيف من الممكن أن يجعل نفوذه يستمر في عهد الملك الجديد.

وقد وصف لنا المؤرخ بوليبيوس، شخصية «هرمياس» هذا الذي أصبح الوزير الأول للملك أنطيوخوس الثالث بعبارة تذكرنا بأخلاق سوسيبيوس وزير بطليموس الرابع؛ فقد وصفه بأنه حسود سيِّئ الظن قاسٍ معقد وغد إلى أقصى حدٍّ، فضلًا عن أنه كان يجهل فنون الحرب وسياستها، وقد أراد هذا الوزير كما يقص علينا بوليبيوس حتى يجعل الملك في قبضة يده، وأن يشغله بصورة لا تجعل عنده من الوقت ما يمكنه من حتى يشرف على ما يقوم به هذا الوزير من حركات وأعمال في خارج البلاد وداخلها؛ فنجد حتى هذا الوزير بدلًا من حتى يهجر سيده يسافر إلى بلاد الشرق للقضاء على الفتن ينصحه بألَّا يحطَّ من كرامة نفسه، ويعرض حياته للخطر باقتفاء الثائرين الذين خرجوا عليه، وذلك زعمًا منه حتى مِثْل هذا العمل من وظيفة قواده، وأن الأجدر به حتى يقوم بالحرب بنفسه بالهجوم على مدينة «بطوليمياس» في سوريا الجوفاء حيث يقابل بطليموس الرابع وجهًا لوجه، وقد زيَّن له «هرمياس» حتى هذه الحرب لا خطر فيها، وذلك بسبب خمول بطليموس الرابع وتراخيه وانصرافه عن ممتلكاته خارج حدود مصر. غير حتى ناصحًا آخر من قواده يُدعَى «أبيجين» شكَّكه في هذا المشروع برأي على النقيض؛ غير حتى «هرمياس» حبًّا في تطبيق مآربه قيل إنه زوَّر خطابًا قدمه للملك نطق عنه إنه وصل إليه من «آخاوس» يعده فيه بأنه سيساعده بقوة، وذلك بتزويده بالمال والسفن إذا أراد حتى يستولي على تاج هذه البلاد.

وبهذه الحيلة أفلح «هرمياس» الماكر في إثارة أنطيوخوس الثالث على بطليموس الرابع وفي حتى يجعل آخاوس موضع شكٍّ عند عمه، وعلى ذلك نرى حتى أنطيوخوس الثالث قد أوفد على حسب رأي «هرمياس» إلى الشرق جيشًا بقيادة إكزنون وثيودوتوس، وأخذ في الاستعداد لغزو«سوريا الجوفاء»، وكانت الفرصة سانحة أمام أنطيوخوس الثالث لأن أحوال الجيش البطلمي المصري كانت غاية في التدهور، وسوء النظام، وقلة التدريب، وعلى ذلك لم يتوان أنطيوخوس الثالث في الهجوم على سوريا إلا فترة قصيرة كان في خلالها يقترن بابنة الملك ميتراديس الثاني لاؤديس، وقد كان هذا التأخير القليل في الزحف على «سوريا» سببًا في حلول كوارث لقادته مما حفَّزه على الذهاب بنفسه لنجدتهم.

ومن أجل ذلك أخذ قيادة الجيش بنفسه عند «أباما» وزحف به على لاؤديسي لبنان في صيف عام (221 ق.م) ومن هناك ولج أنطيوخوس الثالث وادي «مارسيا» أحد روافد نهر العاصي (الأرنت)، وعند مدخل الوادي تصادم جيش أنطيوخوس الثالث بحِصنَيْ «بروخي» (بالإنجليزية: Brochi)‏ و«جرها» (بالإنجليزية: Gerrha)‏ وكان قد احتلهما عملًا حاكم «سوريا الجوفاء» تيودوتوس الأيتولي، ولما كان تيودوتوس الأيتولي محصَّنًا بالخنادق والمتاريس التي كانت تحيط مواقعه، فإنه جعل جنود الأعداء تترقب عبثًا في البِرَك والأوحال التي في هذه الجهة، ولما لم يجد أنطيوخوس الثالث في نهاية الأمر لنفسه منفذًا لاختراق الحصنين عاد أدراجه إلى أنطاكية؛ حيث كانت أخبار النحس قد وصلت إليه من الشرق، وكان الوقت قد أزِف ليأخذ أنطيوخوس الثالث حذره، وتفسير ذلك: حتى القائد الأعلى «أكزنوتاس» قد أهمل في تحركاته لدرجة أنه أُخذ على غرة على شاطئ نهر «دجلة»، وتفرَّق ضم جيشه، في حين حتى القائد «مولون» كان مسيطرًا على «سليوس» وزحف إلى قلب «مسوبوتاميا»، وفي تلك الأثناء جمع أنطيوخوس الثالث كلَّ ما لديه من جنود، وزحف بسرعة خاطفة لأجل حتى يسدَّ الطريق في وجهه في نهاية عام (221 ق.م) ومن ثَم بدأت سلسلة الحملات المظفرة التي هيَّأت له حتى يحمل لقب «الملك العظيم» وأن يحفظ اسمه في التاريخ بوصفه الملك «العظيم».

وعلى أية حال كان من حسن حظ بطليموس الرابع وبطانته حتى أنطيوخوس الثالث هذا قد شُغِل عن مهاجمة «سوريا الجوفاء»، وقد انتهز سوسيبيوس هذه الفرصة قبل الدخول مع أنطيوخوس الثالث في حرب فقضى على جميع عقبة كانت تعترض سبيل سيده في داخل البلاد، كما ذكرنا من قبل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد حتى مصر قد أصبحت وقتئذٍ في موقف شرعي للدفاع عن سوريا التي حاول أنطيوخوس الثالث حتى يستولي عليها عَنْوَة؛ ومن ثَم أخذ سوسيبيوس في حَبْك المؤامرات لتطبيق خطته، وكانت الطريق أمامه واضحة. هذا، وكان «هرمياس» نصيح أنطيوخوس الثالث قد تنبَّأ بها دون كبير عناء، وذلك أنه كان في الإمكان حتى ينقلب آخاوس مناهضًا للملك أنطيوخوس الثالث ويكون أكثر خطرًا عليه من الشطربين اللذين خرجا عليه في الشرق، ولكن مما يُؤسَف له جد الأسف حتى المصادر عن هذا البطل المخلص لم تسعفنا بمعلومات شافية عن الدسائس التي كانت تُحاك حوله، والتي انتهت بالتغلب عليه بسبب تردُّده.

والواقع حتى آخاوس هذا لم يكن رجلًا صاحب مطامع يتلاشى أمامها ضميره؛ كما أنه خدم «سلوقس الثالث» بإخلاص، وانتقم له من قاتله، وبعد فوزه على أعدائه رفض بإباء حتى يتسلم تاج الملك الذي قدمه له أجناده، بل فضَّل حتى يحفظه لأنطيوخوس الثالث عمه وشقيق الملك المتوفَّى، وعلى أية حال نجده عندما أصبح سيِّد جميع آسيا الصغرى، وبعد حتى قهر «أتالوس» الذي أصبح محصورًا في إقليم «برجام»، قد أظهر حتى الآن سموًّا في الروح وإباءً.

ولكن بعد ذلك نرى حتى نشوة الفوزات التي أحرزها قد أخذت تستولي على مشاعره وتجعله ينحرف عن مسلكه المثالي الذي نشأ عليه. هذا، ولم يقدم لنا المؤرخ بوليبيوس أيَّ سبب آخر عن انحرافه، ولم يحدثنا بأي شيء عن علاقات كانت بين آخاوس وحكومة الإسكندرية، وذلك لأنه كان معتقدًا حتى الخطاب الذي قدمه «هرمياس» إلى أنطيوخوس الثالث في العام السابق كان خطابًا مدسوسًا عليه، ومن المحتمل أنه كان في الأمر شيء من الصحة، وبخاصة عند نفهم حتى والد آخاوس المسمى «أندروماخوس» (بالإنجليزية: Andromachus)‏ كان سجينًا في الإسكندرية، وأن الأول كان يريد خلاص والده بكل ما لديه من قوة وسعة حيلة، ويقول بوليبيوس عند تحدُّثه عن المفاوضات التي كان يقوم بها عملًا بنجاح في هذا الصدد مع حكومة «رودس» بأنها لم تأت بنتائج سقمية، وكان من جرَّاء عدم نجاح هذه المفاوضات الأولى لخلاص «أندروماخوس» (بالإنجليزية: Andromachus)‏ أنْ دلَّت الأحوال على حتى حكومة بطليموس الرابع قد جعلت لقاء ذلك ثمنًا باهظًا، ومن أجل ذلك أبى آخاوس حتى يشتري خلاص والده بخيانة وطنه، ومهما يكن من أمر فإن «أندروماخوس» (بالإنجليزية: Andromachus)‏ كان لا يزال حيًّا في الإسكندرية عندما خضع آخاوس لإلحاح ناصحه «جارسيريس» (بالإنجليزية: Garsyris)‏ واتخذ المستوى الحاسمة، وكانت الفرصة مواتية، وذلك حتى أنطيوخوس الثالث كان وقتئذٍ في أتروباتين معرَّضًا لكل أخطار الحرب، وعلى أية حال كان بعيدًا جدًّا حتى يتدخل في الوقت المناسب.

انظر أيضا

  • الحرب السورية الأولى
  • الحرب السورية الثانية
  • الحرب السورية الثالثة
  • الحرب السورية الخامسة
  • الحرب السورية السادسة

مراجع

  1. ^ بيفان, E. R. (1902-11). ". مجلة الدراسات الهيلينية. 22: 241–244. doi:10.2307/623929. ISSN 0075-4269. مؤرشف من الأصل في 05 مارس 2020.
  2. ^ "تاريخ بوليبيوس — الكتاب 4". penelope.uchicago.edu. 48. اطلع عليه بتاريخ 05 مارس 2020.
  3. ^ "تاريخ بوليبيوس — الكتاب 4". penelope.uchicago.edu. 51. اطلع عليه بتاريخ 05 مارس 2020.
تاريخ النشر: 2020-06-01 20:28:00
التصنيفات: اليونان القديمة, إغريق, بطالمة, تاريخ سوريا القديم, تاريخ سوريا حسب الحقبة, تاريخ مصر القديمة, حروب سوريا, سلوقيون, مصر القديمة, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P361, صفحات تستخدم خاصية P276, صفحات تستخدم خاصية P155, صفحات تستخدم خاصية P156, مقالات تحتوي نصا باليونانية, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, بوابة مصر/مقالات متعلقة, بوابة التاريخ/مقالات متعلقة, بوابة سوريا/مقالات متعلقة, بوابة اليونان/مقالات متعلقة, بوابة اليونان القديم/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

لندن توافق على طلب تسليم جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:46
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 97%

وجهتها الأولى في إفريقيا..”إير بالتك” تربط ريغا بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:15:30
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 40%

وزير الدفاع التركي: ضبطنا قاذفات سويدية لدى "بي كي كي"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:46
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 92%

كأس العالم 2026: ما المدن التي ستستضيف المونديال المقام في 3 دول

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:35
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 94%

ريال مدريد لا يفكر في مزيد من التعاقدات بعد ضم روديغر وتشواميني

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:23
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 50%

الدفاع الروسية تعلن حصيلة اليوم الماضي من العملية في أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:48
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 91%

البيتكوين: قصة البلد الذي يمكنك أن تشتري فيه أي شيء بهذه العملة

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:36
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 90%

مبابي يزور المغرب رفقة حكيمي ويُبادر بلقاء الأيتام في إحدى القرى

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:21
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

عاجل.. عمليتي انتحار تهزان مراكش في ظرف اقل من ساعة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:15:27
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 50%

بوغبا ينتقد عرض مانشستر يونايتد لبقائه في فيلم وثائقي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:23
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 69%

مونديال السباحة 2022: دريسل وليديكي يضفيان بريقا ذهبيا في المجر

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:16:40
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 86%

مطالب بتعديل تاريخ اجراء امتحانات الكفاءة المهنية ب CHU مراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-17 12:15:28
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 40%

تحميل تطبيق المنصة العربية