انقسام إمبراطورية المغول

بدأ انقسام الإمبراطورية المنغولية بوفاة مونكوخان عام 1259 أثناء حصار قلعة دياويودون حتىقد يكون له أي وريث شرعي، ما أدى إلى نشوب صراع داخلي بين أفراد سلالة عائلة تولي خان على لقب الخاقان، وتفاقم الوضع حتى أفضى إلى حرب تولي الأهلية. أدت تلك الحرب الأهلية، إلى جانب حرب بركة-هولاكووحرب قيدو-قوبلاي التي تلتها، إلى ضعف سيطرة الخان الأكبر على الإمبراطورية المنغولية بأكملها، من ثم تحطمت الإمبراطورية إلى عدة خانات مغولية ذاتية الحكم: خانة القبيلة المضىية في شمال الغرب، وخانات جاغاطاي في المنتصف، والدولة الإلخانية في جنوب الغرب، ومملكة يوان في الشرق المتمركزة فيما يُعهد في العصر الحديث بمدينة بكين. إلا حتى أباطرة مملكة يوان كانوا يحملون لقب خاقانات الإمبراطورية. سعت جميع خانة من الخانات الأربعة وراء مصالحها وأهدافها الخاصة، وسقطت جميع خانة منها في أوقات مختلفة.

الصراع على الخلافة

أوقف هولاكوخان (أخومونكوخان) مسيرته العسكرية الناجحة داخل سوريا، وسحب معظم جيوشه واتجه بها إلى سهل مغان تاركًا فرقة عسكرية صغيرة تحت قيادة اللواء خطغا. انتهزت جيوش الصليبيين المسيحيين وجيوش المماليك المسلمين المعادية فرصة ضعف دولة الجيش المغولي بعد إدراكهم حتى المغول يشكلون خطرًا أدهى من حروبهم ضد بعضهم، وعقدوا هدنة سلمية استثنائية بينهم.

في عام 1260، تقدمت جيوش المماليك من مصر، وسمح لهم الصليبيون بأن ينصبوا خيامهم ويجددوا إمداداتهم داخل حصن عكا الصليبي، وتشابكوا مع جيوش خطغا شمال منطقة الجليل في معركة عين جالوت. انتهت المعركة بهزيمة المغول وإعدام خطغا. مثلت تلك المعركة المحورية نهاية التوسع الغربي للمغول، إذ لم تستطع حملات الجيوش المغولية بعدها حتى تتجاوز سوريا.

سمع أخوهولاكوومونكو، قوبلاي خان، نبأ هزيمة الخان الأكبر في نهر هواي في الصين. لم يعد قوبلاي أدراجه إلى العاصمة المغولية، بل واصل تقدمه داخل مقاطعة ووتشانغ في الصين بالقرب من نهر يانغتسي. انتهز الأخ الأصغر، أريق بوقا، فرصة غياب هولاكووقوبلاي، واستغل مسقطه داخل العاصمة للفوز بلقب الخان الأكبر (الخاقان)، واستطاع حتى يكسب تأييد ممثلي فروع عائلة خان الذين توجوه قائدًا للكورولتاي في العاصمة المغولية قراقورم. وعندما فهم قوبلاي بذلك، نادى إليه الكورولتاي الخاص به في مدينة كيانبينغ حيث أعرب جميع أمراء وسكان الصين الشمالية ومنشوريا عن دعمهم لقوبلاي ورفضهم حكم أريق بوقا.

الحرب الأهلية

توالت المعارك بين جيوش قوبلاي، وجيوش أخيه أريق بوقا بما فيها الجيوش التي كانت موالية لمونكوخان قبل وفاته. قضت جيوش قوبلاي على مؤيدي أريق بوقا بسهولة، وتمكن قوبلاي من السيطرة على الإدارة المدنية في منغوليا الجنوبية. ظهرت تحديات جديدة أمام قوبلاي من جانب أولاد عمه الجاغاطاويين. أوفد قوبلاي أبيشكا، أمير جاغاطاوي يخلص له الولاء، حتى يمسك زمام الأمور في مملكة جاغاطاي. ولكن أريق بوقا أمسك به وأعدمه، وأوفد ألغوخان حتى يُتوج أميرًا بدلًا منه. حاصر قوبلاي مملكة أريق بوقا في منغوليا حتى يبتر عنه إمدادات الطعام، ما أدى إلى مجاعة في منغوليا. وسرعان ما سقطت قراقورم أمام قوبلاي، ولكن أريق بوقا احتشد برجاله وتمكن من استعادة سيطرته على العاصمة من حديث في عام 1261.

أعرب هولاكو، زعيم الخانة الجنوبية الغربية، الولاء لأخيه قوبلاي؛ ولكنه ولج في صراع مع ابن عمه بركة خان، قائد القبيلة المضىية في الجانب الشمالي الغربي من المملكة، بدايةً من عام 1262. إذ إذا بركة خان كان حانقًا على هولاكوبسبب الموت المشبوه لأمراء جوجي خان وهم في خدمته، وتقسيمه غنائم الحرب بشكل غير عادل، ومذابحه ضد المسلمين. ولهذه الأسباب فكر بركة خان في دعم ثورة المملكة الجورجية ضد حكم هولاكوفي الفترة 1259–1260. تحالف بركة خان كذلك مع المماليك في مصر ضد هولاكو، وأيد حكم أريق بوقا، خصم قوبلاي.

مات هولاكوفيثمانية فبراير عام 1264. وعقب ذلك سعى بركة خان إلى استغلال الوضع لصالحه وباشر بغزومملكة هولاكو، ولكنه توفي وهوفي طريقه إلى هناك. وبعدها ببضعة أشهر توفي ألغوخان زعيم خانة جاغاطاي هوالآخر. عين قوبلاي ابن هولاكو، أباقا خان، زعيمًا لمملكة إلخان، وبعدها سعى أباقا إلى عقد عدة تحالفات أجنبية، مثل محاولته عقد تحالف منغولي فرنسي مع الأوروبيين ضد المماليك في مصر. عين قوبلاي حفيد باتوخان، مونكوتيمور، قائدًا للقبيلة المضىية. استسلم أريق بوقا أمام قوبلاي في شانغدوفي 21 أغسطس عام 1264.

تفكك المملكة المغولية إلى أربع خانات

عجلت هيمنة سلالة يوان الحاكمة (1271–1368) على المملكة المغولية على يد قوبلاي خان بتفكك الإمبراطورية المغولية. انقسمت الإمبراطورية المغولية إلى أربع خانات. حكمت عائلة تولي خان خانتين منهما: الملكة اليوانية والدولة الإلخانية. أسست عائلة جوجي خان مملكة القبيلة المضىية، بينما أسس جاغاطاي خان خانات جاغاطاي. في عام 1304، أبرمت الخانات الأربعة معاهدة سلام فيما بينها، ونالت سلالة يوان الحاكمة سيادة اسمية على الخانات الغربية. استمرت النزاعات في صورة مناوشات حدودية، مثل الحرب التي دارت بين إسن بوقا خان وأيورباروادا خان في الـ1310ـات. وبقيت الخانات الأربعة على حالها دولًا مستقلة، وسقطت جميع خانة منها في أوقات مختلفة.

سلالة يوان الحاكمة

عارض الكثير من المنغوليين قرار قوبلاي خان عام 1264 بنقل العاصمة المغولية من قراقورم إلى خان بالق (دادو، أوبكين كما تُعهد في العصر الحديث). كافح أريق بوقا من أجل إبقاء مركز الإمبراطورية داخل الوطن المغولي الأم، وتبعه من بعد وفاته قيدو، حفيد أوقطاي خان، ومن ثم الأمير نايان.

نجح قوبلاي خان في غزوالصين بأكملها بعد قضائه على سلالة سونغ الحاكمة. حاولت أساطيل أسرة يوان حتى تغزواليابان مرتين في عامي 1274 و1281 بلا جدوى، ودمر إعصار الكاميكازي (أي «الرياح الإلهية») عددًا كبيرًا من سفنهم في كلتا المحاولتين. قابل عامة الشعب عدة مصاعب في ظل حكم أسرة يوان. ولذا ثار المحاربون المغول على حكم قوبلاي عام 1289. توفي قوبلاي خان في عام 1294، وخلفه تيمور خان الذي واصل الحرب ضد قيدو، واستمرت تلك الحرب حتى موت قيدوعام 1301. تولى أيورباروادا خان الحكم عام 1312، وأسس نظام اختبارات الخدمة المدنية عام 1313.

نشبت ثورة تُدعى «ثورة العمامات الحمراء» في الصين في خمسينات القرن الرابع عشر، وتمكنت سلالة مينغ من الإطاحة بسلالة يوان في عام 1368. فر آخر إمبراطور من سلاسة يوان، توغون تيمور، شمالًا إلى مدينة يينغ تشانغ، ومات فيها عام 137. تقهقرت بقايا سلاسة يوان إلى الوطن المغولي الأم، وعُرفوا باسم سلالة يوان الشمالية، واستمروا في مقاومة الصين تحت حكم سلالة مينغ حتى تمكنت سلالة تشينغ الحاكمة من غزوأرض المغول بقيادة شعب المانشو، وهي سلالة تنحدر في أصلها من أحد إخوة جنكيز خان الثلاثة، خاسار.

المراجع

^ Morgan (1986). . Oxford: Blackwell. صفحة 138. ISBN . مؤرشف من الأصل فيعشرة أبريل 2020.
^ Wassaf. صفحة 12. مفقود أوفارغ |title= (مساعدة)
^ Jackson. Mongols and the West. صفحة 109.
^ Barthold. Turkestan. صفحة 488.
^ Gumilev, L. N.; Kruchki, A. Black Legend.
^ Barthold. Turkestan Down to the Mongol Invasion. صفحة 446.
^ Prawdin. Mongol Empire and Its Legacy. صفحة 302.
^ Weatherford. صفحة 120. مفقود أوفارغ |title= (مساعدة)
^ Amitai, Reuven; Morgan, David Orrin (1999). The Mongol Empire and Its Legacy. Leiden: Brill. صفحة 267. ISBN .
^ The Cambridge History of China. Volume 7. صفحة 42.